المغرب- جدل حول حرية الصحافة بعد تشديد العقوبات على بوعشرين
٢٦ أكتوبر ٢٠١٩
بعد أن كان حكم عليه بالسجن 12 عاماً، قضت محكمة مغربيّة بزيادة عقوبة الصحافي توفيق بوعشرين إلى 15 عاماً مع دفع تعويضات لثماني ضحايا بقيمة 250 ألف يورو بقضية "اعتداءات جنسيّة". دفاعه وصف الحكم بأنّه قاس ولم يكُن متوقّعًا.
إعلان
قضت محكمة مغربيّة ليل الجمعة/ السبت (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) بزيادة عقوبة الصحافي المغربي توفيق بوعشرين، المدان في قضية "اعتداءات جنسيّة" إلى 15 سنة سجنًا نافذًا، مع دفع تعويضات لثماني ضحايا بقيمة مليونين و500 ألف درهم (نحو 250 ألف يورو).
واعتُقل بوعشرين، مؤسّس جريدة أخبار اليوم، في شباط/ فبراير 2018 وحكِم عليه ابتدائيًا بالسجن 12 عامًا في تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد إدانته من قبل المحكمة "بارتكاب جنايات الاتجار بالبشر"، و"الاستغلال الجنسي"، و"هتك عرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب والتحرّش الجنسي"، و"استعمال وسائل للتصوير والتسجيل"، في حقّ 8 ضحايا، إضافة إلى دفع تعويضات لهنّ تتراوح بين 9000 و46 ألف يورو.
وظلّ بوعشرين (50 سنة) يؤكّد أنّ محاكمته في قضيّة الاعتداءات الجنسيّة "سياسيّة" ومرتبطة بافتتاحيّاته المنتقِدة، الأمر الذي يرفضه تمامًا محامو الطرف المدني والسلطات المغربية التي تؤكد سلامة الإجراءات القانونية في ملاحقته.
ووقف بوعشرين وحيدًا أمام المحكمة، في غياب دفاعه، الذي أعلن انسحابه بحجة وجود "خروقات قانونية" في اجراءات المحاكمة، بينما حضر محامو المطالبات بالحقّ المدني وصحافيّون كثر.
صدمة لدفاع بوعشرين
وأعرب المحامي عن الطرف المدني عبد الفتّاح زهراش عقب صدور الحكم عن "ارتياحه لإدانة" بوعشرين، لكنّه قال "إنّ مبلغ التعويضات التي قضت المحكمة بأدائها للضحايا لا يُناسب حجم الأضرار التي تكبَّدنَها"، مشيرًا إلى أنّ الطرف المدني سيلجأ إلى محكمة النقض (المحكمة العليا) لاستئناف الحكم أمامها.
وقال دفاع بوعشرين عبد المولى مروري عقب إعلان الحكم "إنّه قاس جدّاً ولم يكُن متوقّعًا بتاتًا، بالنظر لغياب أية معطيات تدينه"، معربًا عن أمله في "أن يجد هذا الملف مخرجًا سياسيًا". ويعتزم دفاع بوعشرين هو الآخَر الطعن في الحكم أمام محكمة النقض.
وقاطَع بوعشرين الجلسات الأخيرة من محاكمته أمام الاستئناف، احتجاجًا على ما اعتبره غياب ضمانات العدالة، بينما قال دفاع الطرف المدني إنّه "يهرب من مواجهة أدلّة إدانته".
وعاد بوعشرين ليطلب من المحكمة الإدلاء بكلمة أخيرة تلاها في وقت سابق مساء الجمعة، قائلاً "آمل أن يكون قراركم وثيقة مرجعية في الأحكام العادلة"، مؤكدا أنه "أدين بناء على إجراءات باطلة وتصريحات متناقضة وفي غياب أية أدلة دامغة".
وأضاف "إذا كنت قد أخطأت دون قصد في كتابةٍ أو قولٍ أو فعل، فإنّي أدّيتُ ثمنًا باهظًا من حرّيتي وصحّتي"، مشيرًا إلى أنّ المؤسسة الإعلامية التي كان يديرها "على حافة الإفلاس"، وتابع "سأكون مكابرًا إذا قلت إنّني لا أخاف العودة إلى السجن، لكنّ هذه القضية أكبر من شخصي. إنها قضية حرّية الرأي وحرّية الصحافة التي ضحّى جيل كامل من أجلها".
وخاطب المشتكيات اللواتي أكّدنَ تعرّضهنّ لاعتداءات جنسيّة من طرفه، قائلاً "آسف لما حصل لكنّ. قلتُ منذ البداية أنّكُن ضحايا حرب لا ناقة فيها ولا جمل"، بينما شكر اللواتي برّأنه "رغم ما لحق بهنّ من مضايقات".
واعتبر دفاع الطرف المدني محمد الهيني تعليقًا على ذلك أنّ "المتّهم كان شارداً وكأنّه يتحدث عن قضية أخرى. لقد أدين بناء على أدلة دامغة، في مقدّمها فيديوهات توثق جرائمه"، مضيفًا "لا يأسف لما حصل للضحايا، وإنّما لكونه لم يستطع إقناعهن بالتنازل عن الدعوى".
وكان ممثل النيابة العامة التمس رفع العقوبة الابتدائية في حق بوعشرين إلى 20 سنة سجنا والغرامة إلى مليون درهم (نحو 90 ألف يورو).
احتجاجات داعمة لهاجر الريسوني
02:54
وحاول دفاع بوعشرين إقناع المحكمة بإطلاق سراحه معتمدًا على تقرير لفريق العمل حول الاحتجاز التعسفي التابع لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اعتبر في كانون الثاني/ يناير أنّ اعتقاله "تعسّفي"، لكنّ المحكمة رفضت هذا الطلب.
في كانون الأوّل/ديسمبر، أكّد القضاء المغربي إدانة بوعشرين في قضيّة أخرى بـ"التشهير" في حقّ وزيرين، مع رفع التعويض الذي حكم عليه بتسديده ابتدائيًا من 40 ألفاً إلى حوالي 130 ألف يورو.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد انتقدت سابقاً إدارة السجن الذي يحتجز فيه بوعشرين واصفة إياه بأنه "نظام عزلة تعسفي"، وقالت إنه منذ احتجاز بوعشرين في سجن عين البرجة بالدار البيضاء في فبراير/ شباط 2018، لم تسمح له السلطات بلقاء السجناء الآخرين وتبادل الحديث مع موظفي السجن، وقالت المنظمة إن "هذا الإجراء قاسٍ ولا إنساني بموجب قواعد الأمم المتحدة.
قالت سارة ليا ويتسن، مُديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مهما كانت الجريمة المزعومة، لكل مُحتجز الحق في معاملة إنسانية. نظام العزلة القاسي المفروض على توفيق بوعشرين غير مبرر ويجب رفعه".
ع.ح./ص.ش. (أ ف ب)
ما هو حال الدول العربية في سجلات حرية الصحافة؟
يحتفل العالم منذ عام 1993 باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الثالث من أيار/مايو. فما هي حال حرية الصحافة في الدول العربية؟ في صور، ترتيب بعض الدول العربية في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com/A. Sayed
تونس: الأولى عربياً
وفقاً لمؤشر حرية الصحافة لعالم 2019 القائم على التصنيف السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، تتصدر تونس قائمة الدول العربية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة. وحققت تونس هذا العام قفزة ملحوظة إذ تقدمت بخمسة وعشرين مركزاً لتحتل المركز الـ 72.
صورة من: picture-alliance/dpa
لبنان: تسييس واستقطاب
رغم أن وسائل الإعلام اللبنانية تعمل في جو من الحرية، كما تقول مراسلون بلا حدود، إلا أنها "تتميز بالتسييس وبحدة الاستقطاب". وقد تراجعت لبنان مرتبة واحدة في التقرير السنوي لحرية الصحافة لتصبح في المرتبة 101. وبحسب التقرير فإنه "غالباً ما يحكم على الصحفيين بدفع غرامات أو بالسجن الغيابي".
صورة من: DW/A.Vohra
قطر: ترسانة قانونية قمعية
تراجعت قطر في مؤشر حرية الصحافة في عام 2019 ثلاث مراتب لتصبح في المركز 128. وتقول مراسلون بلا حدود إن الصحفيين المحليين يواجهون "ترسانة قانونية قمعية إضافة إلى نظام رقابة صارم". وتضيف بأن الصحفيين الذين يقتربون من "الخطوط الحمراء لدول الخليج (الحكومة والعائلة الحاكمة والدين) يكون مصيرهم السجن".
صورة من: picture-alliance/dpa
المغرب: عرقلة عمل الإعلام
بقيت المغرب في المرتبة 135 في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، كما كانت في عام 2018. وتقول مراسون بلا حدود إن "السلطات المغربية تتعمد عرقلة عمل وسائل الإعلام الوطنيّة والأجنبية التي عملت على ملف حراك الريف أو ملف الهجرة الذي يُعتبر ممنوعًا".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Murat
الجزائر: حرية الإعلام مهددة
تراجعت الجزائر خمسة مراكز في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 لتحتل المرتبة 141. وتقول مراسلون بلا حدود إن حرية الإعلام في الجزائر "مهددة"، مضيفة أن "السلطات تواصل تضييق الساحة الإعلامية من خلال دعاوى قضائية ضد الصحفيين". وبحسب المنظمة "لا شيء يؤشر إلى تحسن وضع حرية الإعلام (في الجزائر) خلال سنة 2019".
صورة من: Reuters/Z. Bensemra
العراق: اعتقالات وتخويف في مناخ مسيّس
رغم تقدم العراق أربعة مراكز في المؤشر السنوي لحرية الصحافة ليصبح في المرتبة 156، إلا أن الصحفيين "مازالوا ضحايا الهجمات المسلحة والاعتقالات والتخويف من طرف ميليشيات مقربة من الحكومة أو حتى من قوات نظامية"، كما تقول صحفيون بلا حدود، مشيرة إلى أن التحقيقات حول الفساد أو الاختلاس "خطيرة" على الصحفيين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Messara
مصر: محاكمات جائرة للصحفيين
تقول منظمة مراسلون بلا حدود إن مصر "أصبحت أحد أكبر سجون الصحفيين في العالم" في عام 2018، مضيفة أن بعضهم "يقضي سنوات في الإيقاف التحفظي دون توجيه أي تهمة ودون محاكمة، وتصدر في حق آخرين أحكام ثقيلة بالسجن تصل إلى المؤبد في إطار محاكمات جائرة". وتراجعت مصر في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة نقطتين لتحتل المرتبة 163.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com/A. Sayed
اليمن: تهديدات بشكل يومي
تراجع اليمن في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 مرتبة واحدة ليصبح في المرتبة 168. ويتعرض الصحفيون في اليمن للاعتداءات وعمليات الاختطاف والتهديدات "بشكل يومي، هذا إذا لم يكونوا ضحية المواجهات التي يقومون بتغطيتها"، كما تقول مراسلون بلا حدود. وتشير المنظمة إلى أن الإعلام المستقل حول الصراع نادر، ووسائل الإعلام مراقبة من قبل كل الأطراف المتدخلة في الصراع.
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Arhab
السعودية في المرتبة 172 بعد مقتل خاشقجي
تراجعت مرتبة السعودية بحسب تقرير مؤشر حرية الصحافة في العالم العربي ثلاثة مراكز أخرى لتحل هذا العام في المرتبة 172، وقد أثر على ذلك بشكل خاص مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي. وجاء في التقرير أنه "لا وجود لوسائل إعلام حرة في السعودية"، كما أشار إلى أن الصحفيين "يخضعون إلى مراقبة مشددة حتى لو كانوا في الخارج".
صورة من: imago/Depo Photos
سوريا: ظروف عمل لا تحتمل
احتلت سوريا المركز 174 في المؤشر السنوي لحرية الصحافة في عام 2019. وبحسب المؤشر فإن الاعتقالات والاختطافات والاغتيالات المتواصلة تجعل العمل الصحفي في سوريا خطيراً وصعباً. وتقول مراسلون بلا حدود إن الصحفيين يعانون من "الترهيب سواء من القوات السورية أو باقي المجموعات المسلحة بما في ذلك المتطرفون كالدولة الإسلامية وهيئة تحرير الشام أو القوات التي تدعمها القوات التركية أو الكردية".
صورة من: picture alliance/abaca
السودان: مضايقات ورقابة
خلال عهد الرئيس عمر البشير، الذي أطاح به الجيش مؤخرا "أصبحت السودان من أكثر دول العالم قمعاً لحرية الصحافة"، كما يقول تقرير مراسلون بلا حدود، مشيراً إلى أن قطاع الإعلام في السودان "يرزح تحت وطأة المضايقات والرقابة ومصادرة الصحف وإغلاق وسائل الإعلام وقطع خدمة الإنترنت". وقد تراجعت السودان مرتبة واحدة في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة لتحتل المركز 175.
إعداد: م.ع.ح/أ.ح