1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المغرب: قبلة على فيسبوك، تقود للسجن وتكسر التابوهات

سهام أشطو١١ أكتوبر ٢٠١٣

تحولت صورة شخصية لقاصرين مغربيين أو ما أصبح يطلق عليه في المغرب "قضية قبلة الفيسبوك" إلى موضوع جدل كبير. متابعة القاصرين بسبب الصورة خلف ردود أفعال مستنكرة و أخرى مرحبة بالقرار لزجر من يحاولون "الإخلال بالحياء العام".

صورة من الأرشيف لحملة في تركيا للاحتجاج على منع القبلاتصورة من: Getty Images/AFP

لم يكن يتوقع قاصران مغربيان أن قبلتهما التي نشرا لها صورة على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، ستتحول لقضية رأي عام في المغرب وموضوعا تتناوله وسائل الإعلام المحلية والدولية.

القصة بدأت عندما تلقى وكيل الملك (وكيل النيابة) في مدينة الناضور شمال المغرب شكاية من طرف شخص تفيد بوجود صورة منشورة على الفيسبوك لقاصرين من المدينة نفسها يتبادلان فيها قبلة. ليحرك متابعة في حقهما بالإضافة إلى الشخص الذي التقط الصورة، ويتم استدعاؤهم معا للتحقيق معهم في الموضوع. ويبلغ عمر الفتاة 15 عاما والفتى 14 عاما، ورغم الإفراج عنهما فإنهما سيمثلان أمام محكمة الأحداث.

القبلة كانت منشورة على حساب فيسبوك شخصي.صورة من: picture-alliance/dpa

قبلة تقود للسجن

الخبر تناولته باهتمام كبير وسائل الإعلام المغربية وانتشرت صورة القبلة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر كثير من وراد موقع فيسبوك ونشطاء مغاربة عن تضامنهم مع القاصرين وصل في بعض الحالات إلى نشر صور قُبل شخصية لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

القاصران تم اقتيادهما لمراكز لحماية الطفولة في مدينة الناظور(شمال البلاد)، ومنع بعض الحقوقيين الذين حاولوا التواصل معهما من ذلك، واستنكرت جمعيات حقوقية هذا القرار الذي تسبب في توقفهما عن الدراسة. الصحفي والكاتب المغربي المختار الغزيوي وصف السبب في ما حدث بأنه سوء تقدير من وكيل النيابة الذي فوجئ بموضوع القبلة في مدينة تعتبر محافِظة، واتخذ قرار المتابعة رغم أنه من المفروض أن القضاء لا علاقة له بموضوع كهذا أصلا.

ويذكر أن وكيل النيابة اتخذ قراره بناء على شكاية تقدمت بها جمعية غير معروفة تسمى "المنظمة المتحدة لحقوق الإنسان والحريات العامة في المغرب" بمدينة الناظور، تطلب فيها"فتح تحقيق ضد قاصرين أخلوا بالحياء العام". وحسب طلب هذه المنظمة، فإن "ما قام به المشتكى بهم يعتبر عملا خطيرا يضرب في العمق التربية والثقافة المغربية ويهز مشاعر المواطنين".

الحريات الفردية موضوع خلاف متواصل بين الإسلاميين والعلمانيين في المغربصورة من: Siham Ouchtou

"الإخلال بالحياء العام" هي التهمة التي وجهت للقاصرين، ويقول الغزيوي في مقابلة مع موقع DW عربية إن ما فعله القاصران يدخل في تصرفات المراهقين وهو أمر يحدث في كل أنحاء العالم، ولو طبق هذا القانون فيها فسيتم اعتقال كل القاصرين".

زجر و تأديب

أما حسن الكتاني الداعية السلفي المغربي فيعتبر أن متابعة القاصرين “تأديب” لهما لكي لا يتجرأ أحد بعد الآن على تكرار ما قاما به، و يضيف الكتاني في حوار مع DW عربية "هما ليسا طفلين، إنهما بالغان و يعلمان ماكانا يقومان به، و إن لم يكونا واعيين بذلك فهذا التأديب سيجعلهما واعيين بخطورة ما قاما به".

هذه الخطورة حسب الكتاني تتمثل في المجاهرة بأمر يتنافى مع الأخلاق و القيم الدينية للمجتمع المغربي والذي فيه نوع من "التطبيع" مع أفكار وتصرفات منافية لها. ويعتبر الشيخ المغربي أن هناك مفهومين للجريمة، المفهوم العلماني الذي يعتبر أن كل ما يقوم به المرء حرية شخصية ما لم تضر الآخرين بشكل مباشر، أما المفهوم الإسلامي للجريمة فيعتبر أن كل "ذنب مستور" يبقى العقاب عليه بين المرء و ربه و لكن المجاهرة به أمام الناس تستوجب العقاب أو التأديب.

الداعية المغربي، حسن الكتانيصورة من: DW/S. Bella

معلقون على فيسبوك اعتبروا أنه من غير المعقول تجاهل جرائم كبيرة تقع يوميا في المغرب، و التركيز على معاقبة طفلين قاصرين على نشر صورة لقبلة لهما على الفيسبوك، وهو رأي تبناه حتى بعض الشيوخ المنتمين للتيار السلفي، معتبرين أن تأديب القاصرين ينبغي أن يتم في فضاء الأسرة و المدرسة و ليس في مراكز الشرطة.

إلا أن الكتاني يعتبر أن ما قام به القاصر جريمة شأنها شأن جريمة السرقة أو الاعتداء على الغير و يستوجب ارتكابها العقاب وإن كان مرتكبها قاصرا.

عودة الجدل حول الحريات الفردية

وأعادت "قبلة الفيسبوك" الجدل مجددا حول الحريات الفردية في المغرب، و التي لطالما شكلت موضوع خلاف بين التيارين الإسلامي و الليبرالي في البلد. على غرار مسألة الإفطار في رمضان وتجريم الإجهاض والعلاقات الجنسية الرضائية بين الرجل والمرأة قبل الزواج.

الصحافي والكاتب المغرب المختار الغزيويصورة من: Elmokhtar Larhzioui

مختار الغزيوي الذي كان بدوره طرفا في قضية مشابهة عندما تم إهدار دمه من طرف شيخ مغربي عقب إعلانه في مقابلة تلفزيونية أنه لا يعارض حق نساء عائلته في ممارسة حريتهن الجنسية دون زواج، يعتبر أن قضية قبلة الفيسبوك والصدى الكبير الذي نالته سيكون له إيجابيات، ويضيف "مجرد التطرق لهذه المواضيع هو بحد ذاته انتصار للحريات الفردية في المغرب".

ويضيف الكاتب الصحفي المغربي: "الأكيد أن التطرق لهذه المواضيع الحساسة يسهِِل تقبلها أكثر مستقبلا، وقد يقود إلى صياغة قوانين تحترم كرامة الناس و إرادتهم".

وحول تعليقه على "تجاهل" قضايا أهم في المغرب و التركيز على قبلة القاصرين، قال الشيخ الكتاني إن موقفه لا يدافع عن سياسة الدولة، وإنما موقف الدين من الواقعة." لاشك أن الدولة تعتمد سياسة الكيل بمكيالين وتقزم أو تضخم الأمور كما تريد، ونحن في بلد لا هو يطبق الشريعة ولا قوانين وضعية. لكننا في النهاية مجتمع مسلم ولا يتقبل مثل هذه التصرفات".

وينص القانون الجنائي المغربي في مادته 483 على أن "من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم". وتضيف المادة "يعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم".

الجدل حول موضوع القبلة هدأ نسبيا بعد إطلاق سراح القاصرين وعودتهما لمقاعد الدراسة، لكن القلق حول تأثير ما وقع على نفسيتيهما يبقى قائما، يقول الغزيوي" الأكيد أنهما سيتأثران سلبيا بما وقع لأن المجتمع لا يرحم، و ستعاني الفتاة خصوصا من صعوبات بسبب نظرة المجتمع لها بعدما حدث".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW