مفاجأة اليسار في فرنسا.. ما هي أحزاب الجبهة الشعبية الجديدة؟
١١ يوليو ٢٠٢٤
وحدت قوى وأحزاب اليسار نفسها في الجبهة الشعبية الجديدة بهدف منع فوز التجمع الوطني. واليوم بعد تصدرها بالانتخابات هل تستطيع الحكم؟ أم يبقى دورها محصوراً في صد اليمين المتطرف؟
إعلان
مباشرة بعد الانتخابات الأوروبية في التاسع من حزيران/يونيو، شهدت فرنسا مفاجأتين سياسيتين من العيار الثقيل: في مساء ذلك اليوم، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية وإجراء انتخابات مبكرة. وفي اليوم التالي، فاجأ اليسار الفرنسي، الموزع بين عدة أحزاب، الجميع بتشكيل تحالف مشترك: الجبهة الشعبية الجديدة. وحّد اليسار قواه من أجل وقف زحف حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي تتزعمه مارين لوبان.
وقد حقق التحالف اليساري هذا الهدف: أدهش الجميع بتصدره الجولة الثانية من الانتخابات التي جرت في السابع من يوليو/تموز ليطالب بالحكم. وقال رئيس حزب فرنسا الأبية، جان لوك ميلينشون، بعد تصدر الانتخابات: "الجبهة الشعبية الجديدة جاهزة للحكم". وقالت الأمينة العامة لحزب الخضر، مارين تونديلييه، التي تعتبر المبادرة الرئيسية وراء تشكيل الجبهة الشعبية الجديدة: "لقد انتصرنا والآن سنحكم".
وقال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور: "يجب على الجبهة الشعبية الجديدة أن تتولى مسؤولية هذه الصفحة الجديدة من تاريخنا"، معلناً رفضه التعاون مع معسكر ماكرون.
ألوان طيف متباينة
والحزب الاشتراكي هو الوحيد ضمن التحالف اليساري الذي مر بتجربة الحكم والسلطة. وقدم الحزب رئيسين قادا البلاد: فرانسوا ميتران (1981-1995) وفرانسوا هولاند (2012-2017). بالإضافة إلى ذلك، قدم الحزب ما يسمى "التعايش": من عام 1997 إلى عام 2002، تولى الاشتراكي ليونيل جوسبان رئاسة الوزراء في عهد الرئيس المحافظ جاك شيراك.
وتجدر الإشارة إلى أن الاشتراكيين هم ثاني أكبر قوة في التحالف اليساري: فقد ساهمت قلة شعبية هولاند في صعود زميله السابق في الحزب جان لوك ميلينشون في عام 2017، والذي يعتمد حزبه "فرنسا الأبية" (LFI) بشكل أكبر على الشعبوية اليسارية والتشكيك بالاتحاد الأوروبي. هذا بالإضافة إلى أن ميلينشون قد أدلى نفسه بتصريحات معادية للسامية في الماضي، وأعرب بانتظام عن تفهمه الكبير لوجهة نظر الكرملين بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، ويدعو حتى يومنا هذا فرنسا إلى ترك حلف شمال الأطلسي.
ثالث أكبر قوة في الجبهة الشعبية الجديدة هي حزب الخضر، واسمه الرسمي أوروبا إيكولوجيا - الخضر. وبالإضافة إلى القوى السابقة هناك الحزب الشيوعي الفرنسي ومجموعة من الأحزاب الصغيرة، على سبيل المثال تلك التي تدعو إلى الاستقلال في بولينيزيا الفرنسية الواقعة فيما وراء البحار.
أناقة باريس في دورة الألعاب الأولمبية 2024
03:59
تجارب فاشلة
ومرت أطياف اليسار الفرنسي بتجارب فاشلة في التعاون فيما بينها. عندما تواجه الرئيس إيمانويل ماكرون ومارين لوبان في انتخابات عام 2022، دعا ميلينشون اليسار الفرنسي إلى توحيد قواه تحت قيادته. وأصبح تحالفه "الجبهة الشعبية البيئية والاجتماعية الجديدة" في نهاية المطاف ثاني أقوى قوة في البرلمان، لكنه لم يتمكن من تحويل هذا النجاح الانتخابي إلى مكاسب سياسية؛ إذ فشلت محاولات تشكيل كتلة مشترك في الجمعية الوطنية لأن الاشتراكيين والشيوعيين والخضر لم يرغبوا في إضعاف صورتهم بوضع يدهم في يد ميلينشون المشكك بجدوى الاتحاد الأوروبي.
ولكن من الجبهة الشعبية البيئية والاجتماعية إلى الجبهة الشعبية الجديدة حدث تغيير مركزي: لم يعد ميلينشون الشخصية القيادية المركزية، ولكن هناك قيادة جماعية.
وتعتقد الخبيرة السياسية صوفي بورنشليغل من "مركز أبحاث أوروبا جاك ديلور" في بروكسل أن التحالف الجديد لديه فرصة أفضل للنجاح: "احتمالات صمود الجبهة وعدم انفراط عقدها والقدرة على تشكيل حكومة وممارسة السلطة التنفيذية جيدة. بالإضافة إلى ذلك، أصبح للاشتراكيين وزن أكبر داخل التحالف بعد الانتخابات الأخيرة، وهناك جيل جديد من السياسيين الأقل أنانية في أحزاب الجبهة".
من الجبهة إلى الائتلاف؟
يدور في الأوساط السياسية وأوساط الخبراء السؤال التالي: هل بمقدور الجبهة الشعبية الجديدة الآن أن تفتح فصلاً جديداً في السياسة الفرنسية مستفيدة من الأغلبية النسبية التي فازت بها بالانتخابات: في الفترة التي سبقت الانتخابات، أيد ممثلو بعض الأحزاب حكومة وحدة وطنية مع ماكرون وضد لوبان. ومع ذلك، يصر "حزب فرنسا الأبية" بقيادة ميلينشون على رفض التعاون مع ماكرون، والذي رفض هو الآخر التعاون مع ميلينشون.
تقول الخبيرة السياسية صوفي بورنشليغل من "مركز أبحاث أوروبا جاك ديلور" في بروكسل: "الأمر يتعلق بمن سيحصل على المناصب في الحكومة الجديدة. من غير المرجح أن يتعاون ماكرون مع أي مرشح لرئاسة الوزراء من حزب فرنسا الأبية".
وفي وقت لاحق من هذا الأسبوع، يعتزم التحالف اليساري التشاور للاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء. ولكن يبقى السؤال: كيف سيكون شكل سياسات أي حكومة من التحالف؟ سؤال برسم قادمات الأيام.
أعده للعربية: خالد سلامة
أبرز الشخصيات في المشهد السياسي الفرنسي بعد الانتخابات
فوز اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية المبكرة، شكل مفاجأة كبيرة بعد تصدر اليمين المتطرف في الجولة الأولى. في هذه الجولة المصورة نتعرف على أبرز الشخصيات التي ستلعب دورا في السياسة الفرنسية القادمة.
صورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images
إيمانويل ماكرون
إيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون (47 عاما) رئيس فرنسا منذ عام 2017. كان عضوا في الحزب الاشتراكي وتولى حقيبة وزارة الاقتصاد في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند. في نيسان 2016 ترك الحزب الاشتراكي وأسس حزب الجمهورية إلى الأمام، وهو حزب وسطي ليبرالي، في عام 2022 أصبح اسمه حزب النهضة.
صورة من: Eliot Blondet/abaca/picture alliance
غابريال أتال
تولى غابريال أتال (35 عاما) رئاسة وزراء فرنسا في يناير 2024 ويعتبر أصغر شخص في تاريخ البلاد يتولى هذا المنصب. كان بين عامي 2020 و2022 ناطقا باسم الحكومة، ثم تولى حقيبة وزارة التعليم الوطني والشباب من يوليو/ تموز 2023 حتى تعيينه رئيسا للوزراء. بعد الانتخابات التشريعية المبكرة 2024 التي حل فيها حزبه ثانيا قدم استقالته، لكن ماكرون رفض الاستقالة وطلب منه الاستمرار في منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة.
صورة من: Blondet Eliot/Abaca/IMAGO
جان لوك ميلانشون
زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف، جان لوك ميلانشون (73 عاما) يتمتع بخبرة سياسية طويلة ويعد واحدا من أكثر الساسة الفرنسيين إثارة للجدل. تزعم ميلانشون الجبهة الشعبية الجديدة لقوى اليسار التي احتلت المركز الأول في الانتخابات التشريعية المبكرة 2024. قبل تأسيس حزبه عام 2016 كان عضوا في الحزب الاشتراكي وكان وزيرا للتعليم وترشح للرئاسة في انتخابات 2012 و2017 و2022.
صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images
مارين لوبان
مارين لوبان (56 عاما) المحامية السابقة تعتبر زعيمة التيار اليميني المتطرف، تولت رئاسة حزب الجبهة الوطنية من والدها عام 2011 ثم غيرت اسم الحزب إلى التجمع الوطني عام 2018. ترشحت للانتخابات الرئاسية أعوام 2012 و2017 و2022 حيث حلت في المركز الثاني خلف ماكرون. تصدر حزبها الجولة الأولى للانتخابات التشريعية، لكنه أخفق في الجولة الثانية ليحتل المركز الثالث.
صورة من: Yves Herman/REUTERS
جوردان بارديلا
كان اسم الشاب جوردان بارديلا (28 عاما) رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الأكثر تداولا لتولي رئاسة وزراء فرنسا بعد الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المبكرة 2014، حيث تصدر حزبه نتائجها. لكن بعد هزيمة حزبه في الجولة الثانية لم يعد اسمه يذكر. لكن سيبقى لحزبه دور وتأثير كبير في البرلمان.
صورة من: Julien de Rosa/AFP
فرانسوا أولاند
الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند (70 عاما) الزعيم السابق للحزب الاشتراكي، عاد إلى واجهة المشهد السياسي بعد ترشحه للانتخابات التشريعية 2024 وفوزه ضمن قائمة الجبهة الشعبية الجديدة على مرشحي التجمع الوطني وحزب "الجمهوريون" في دائرته الانتخابية. صحيح أنه ليس مرشحا لرئاسة الحكومة، لكن من المتوقع أن يكون له دور في السياسة الفرنسية وخاصة الخارجية.
صورة من: Reuters/Laurent Dubrule
أوليفييه فور
زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور (55 عاما) كان له دور واضح في تأسيس الجبهة الشعبية الجديدة وأول شخص يتحدث باسمها في المناظرات الانتخابية. تولى قيادة الحزب عام 2018 ويتمتع بخبرة سياسية جيدة إذ تولى بعض المناصب السياسية. ويعد هذا المحامي السابق من مرشحي اليسار البارزين لرئاسة الحكومة القادمة.
صورة من: Aurelien Morissard/AP/picture alliance
مارين تونديلير
دعت زعيمة الخضر مارين تونديلير (37 عاما) في وقت مبكر إلى تأسيس جبهة يسارية وطنية ضد اليمين المتطرف. وبرزت كصوت قوي في حملة الجبهة الشعبية الجديدة خلال هذه الانتخابات التشريعية. وهي معروفة بانتقادها الحاد لتحالف ماكرون وتقول إنه شبيه باليمين المتطرف. تولت قيادة حزب الخضر في أواخر عام 2022.
صورة من: Abdul Saboor/REUTERS
فابيان روسيل
تولى فابيان روسيل (55 عاما) قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي عام 2018 بعد انتخابه نائب في البرلمان عام 2017. لكنه فقد مقعده في الانتخابات المبكرة 2024 لصالح مرشح من التجمع الوطني اليميني المتطرف. لم يكن حضوره لافتا خلال الحملات الانتخابية للجبهة الشعبية الجديدة، لكن هذا الصحافي السابق سيبقى على رأس الحزب الشيوعي الفرنسي.
صورة من: Andrea Savorani Neri/NurPhoto/picture alliance
إريك سيوتي
تولى إريك سيوتي (59 عاما) زعامة حزب "الجمهوريون" اليميني المحافظ آواخر عام 2022. وقد أثار جدلا في الحزب بدعوته إلى إقامة تحالف مع التجمع الوطني اليميني المتطرف، وهو ما أثار انقساما في الحزب وغضب المكتب السياسي الذي طرده من الحزب، لكن القضاء أبطل قرار الطرد.
صورة من: Eric Gaillard/REUTERS
رافائيل غلوكسمان
يرى بعض المراقبين أن رافائيل غلوكسمان (44 عاما) النائب في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي، من المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة الفرنسية القادمة بعد فوز الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية. وصرح قبل الانتخابات أن الشيء المهم هو "التغلب" على التجمع الوطني، وأن السبيل الوحيد إلى ذلك هو "وحدة اليسار". وهو صحافي سابق وكان مستشار للشؤون الخارجية والأوروبية للرئيس الجورجي السابق ميخائيل سكاشفيلي.
صورة من: Coust Laurent/ABACA/IMAGO
لوران بيرغر
الزعيم العمالي المعتدل لوران بيرغر (55 عاما) رئيس نقابة (سي أف تي دي CFDT) يعبر زعيما نقابيا بارزا وكان له دور بارز في توجيه الإضرابات التي شهدتها فرنسا بعد الإصلاحات في قطاع السكك الحديدية، وكان بيرغر من الداعين لإنهاء الإضرابات وقال "العمل النقابي ليس مجرد إضرابات". وهو معروف بمناهضته للتجمع الوطني اليميني المتطرف.