1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"المنطقة العازلة" الإسرائيلية - كيف تقوض معيشة سكان غزة؟

١٧ أبريل ٢٠٢٥

أنشأت إسرائيل ما يسمى بـ "المنطقة العازلة" في جنوب قطاع غزة، والتي تشمل أيضًا مدينة رفح. مساحة القطاع تصبح أصغر فأصغر والسكان يزدادون يأساً من الوضع. فما الذي يعنيه ذلك؟

حي الشجاعية شرق مدينة غزة بعد الهجوم الإسرائيلي في 9 إبريل/ نيسان 2025
حي الشجاعية شرق مدينة غزة بعد الهجوم الإسرائيلي في 9 إبريل/ نيسان 2025 صورة من: Khames Alrefi/Anadolu/picture alliance

عززت إسرائيل سيطرتها على غزة، فيما يضطر سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى تحمل العيش في مساحات تغدو أصغر فأصغر، بينما يتواصل الهجوم العسكري على الشريط الساحلي الصغير للقطاع.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، السبت (12 أبريل/ نيسان 2025)، أن قوات الجيش الإسرائيلي سيطرت على أجزاء واسعة من الأراضي في جنوب قطاع غزة. وقال كاتس في بيان: "أكمل جيش الدفاع الإسرائيلي الآن السيطرة على محور موراج، الذي يعبر قطاع غزة بين رفح وخان يونس. وهذا يجعل المنطقة بأكملها بين محور فيلادلفيا ومحور موراج جزءًا من المنطقة العازلة  الإسرائيلية". 

وتصف قوات الدفاع الإسرائيلية محور فيلادلفيا بأنه منطقة عازلة بطول 14 كيلومتراً بين غزة والحدود المصرية. ويمتد محور موراج الذي تم إنشاؤه حديثا لمسافة حوالي اثني عشر كيلومترا من الشرق إلى الغرب، وهو بذلك يقطع رفح عن مدينة خان يونس المجاورة وبقية غزة عن المعبر الحدودي مع مصر.

وأضاف الوزير في منشور على موقع "اكس"، أن "قطاع غزة أصبح أصغر وأكثر عزلة، وسيضطر المزيد من السكان إلى إخلاء مناطق القتال". ودعا كاتس الفلسطينيين إلى "إضعاف حماس" من أجل "إنهاء الحرب".

وأكدت الحكومة الإسرائيلية بشكل متكرر أنها تستخدم الهجوم العسكري كوسيلة للضغط على حماس، وأن هدف سياسة "استخدام أقصى قدر من القوة" هو "ضمان لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الـ 59 المتبقين، والذين يعتقد أن 24 منهم ما زالوا على قيد الحياة، وقبول حماس لصفقة جديدة".

يذكر أن حماس تحكم قطاع غزة منذ عام 2007. وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

المدنيون يدفعون الثمن

قبل الحرب الحالية، كان يعيش في مدينة رفح والمناطق المحيطة بها في أقصى جنوب قطاع غزة نحو 200 ألف شخص. رفح هي أيضًا مسقط رأس عبد الرحمن أبو طه، الذي عاد بعد وقت قصير من بدء وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني. وفي اتصال هاتفي قال إن جزءًا صغيرًا فقط من المنزل لم يدمر. ومع ذلك بقيت العائلة تعيش بين الأنقاض. وفي أوائل شهر أبريل/نيسان، وبعد أيام من بدء الهجوم الإسرائيلي الجديد، أصدر الجيش أوامر إخلاء جديدة، واضطرت العائلة إلى الفرار مرة أخرى.

الأزمة الإنسانية في رفح تعد الأسوأ بحسب الأمم المتحدة. في الصورة الناس يصطفون أمام مطبخ مفتوح للحصول على وجبة طعام (2/1/2025) صورة من: Abed Rahim Khatib/dpa/picture alliance

"رفح دُمِّرت بالكامل تقريباً. لم يتبق منها سوى عدد قليل جدا من المنازل التي لم تتضرر بشكل أو بآخر. الشوارع مُدمَّرة وتحتاج إلى إعادة بناء"، كما يروي أبو طه، الذي يعيش الآن في خيمة في خان يونس مجددًا. "والآن سوف يكملون مهمتهم على الأرجح ويدمرون ما تبقى"، يضيف أبو طه.

"إراقة الدماء مستمرة"

بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أوائل شهر مارس/آذار، أوقفت الحكومة الإسرائيلية جميع شحنات السلع التجارية والإنسانيةإلى غزة. وحذرت الأمم المتحدة يوم الإثنين (14 أبريل/ نيسان) من أن "الوضع الإنساني هو الأسوأ منذ 18 شهرا منذ بدء الأعمال القتالية".

"عندما ظننا أن الحرب انتهت، عادت بكل قوتها. وتستمر إراقة الدماء على مدار 24 ساعة يومياً"، بحسب ما يقول أبو طه. ويتابع: "هناك المزيد من الفوضى. الوضع الأمني ​​بدأ يتدهور. إنه شعور مخيف".

ويشعر الفلسطيني البالغ من العمر 51 عاماً بالقلق من أن مدينته أصبحت الآن على ما يبدو جزءاً من "منطقة عازلة". بالنسبة له، بات لا يستطيع تصور أنه قد لا يتمكن من العودة إلى المنزل.

ولا يزال أبو طه يأمل أن تكون إسرائيل "تفعل هذا الآن لممارسة الضغط السياسي" فحب، لكن المشكلة تكمن في أن "مستقبل قطاع غزة بأكمله لم يعد واضحا"، على حد قوله.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته لقواته في شمال قطاع غزة. (15 أبريل/ نيسان 2025)صورة من: Handout/GPO/AFP

ويستخدم الجيش الإسرائيلي نقاط التفتيش للسيطرة على الحركة بين الممرات الأمنية أو لإغلاق المناطق. وقد سمي محور موراج، الذي تم إنشاؤه حديثاً على اسم مستوطنة إسرائيلية سابقة تم تفكيكها في عام 2005، كما هو الحال مع محور نتساريم في وسط قطاع غزة.

وذكرت تقارير إعلامية أنه تم تدمير مئات المنازل لبناء الممر الذي سيشكل منطقة عازلة بعرض عدة كيلومترات، مجهزة بعدة قواعد عسكرية ونظام مراقبة شامل.

سيطرة عسكرية طويلة الأمد؟

ولم تعلن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية حتى الآن عن أي خطط ملموسة لفترة ما بعد حرب غزة. وفي المقابل يتم الحديث بالأساس عن استراتيجية "الضغط الأقصى" على حماس. لكن منظمات حقوقية تقول إن الحكومة الإسرائيلية تبدو وكأنها تضع الأساس للسيطرة العسكرية الدائمة وطويلة الأمد من خلال تقسيم قطاع غزة إلى مناطق مختلفة عبر ممرات ومحاور وتوسيع المنطقة العازلة القائمة على طول الحدود مع إسرائيل بشكل كبير. وقال وزير الدفاع كاتس، الأربعاء، حتما لن ينسحب الجيش من مناطق معينة، مضيفا: "حتى الآن تم إجلاء مئات الآلاف من السكان وتمت إضافة عشرات بالمائة من الأراضي إلى المناطق الأمنية".

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء (16 أبريل/ نيسان) أنه حوّل نحو 30 بالمئة من مساحة غزة إلى منطقة عازلة. 

تهجير للسكان من جديد

وتشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن 400 ألف شخص نزحوا مرة أخرى بسبب الهجوم الأخير. وخلال فترة وقف إطلاق النار، تمكن مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في الجنوب من العودة إلى الشمال. لكن الآن يطلب الجيش الإسرائيلي من العديد منهم مرة أخرى التحرك غربا. وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على موقع إكس: "ما يقرب من 70 في المائة من قطاع غزة يخضع الآن لأوامر الطرد الإسرائيلية أو يُصنف كمناطق "محظورة". أشعر بقلق بالغ إزاء استمرار منع وصول المساعدات، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة".

من جانبه، زعم الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر أن عمليات "الإخلاء" كانت تهدف إلى إبقاء السكان المدنيين بعيداً عن منطقة الخطر. وشمل الإخلاء أيضا مناطق أطلق منها مسلحون فلسطينيون صواريخ على إسرائيل. من جانبه أكد وزير الدفاع كاتس خلال عطلة نهاية الأسبوع أن إسرائيل ستسمح "بالمغادرة الطوعية" إلى دول أخرى "لكل من يرغب في ذلك". وكان يشير إلى خطة "إعادة التوطين" المثيرة للجدل، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسكان قطاع غزة، وهي الخطة التي تعتبرها الأمم المتحدة بمثابة "تهجير قسري".

توسع على حساب القرى والأراضي الزراعية

على موقع "إكس" ذكرت منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية، التي تجمع شهادات جنود سابقين في جيش الدفاع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن ما "يُطلقون عليها اسم "منطقة عازلة" للأمن، تغطي بالفعل 36 في المائة من مساحة قطاع غزة بأكمله". وأضافت المنظمة الأربعاء (16 أبريل/نيسان) إن "جعلها منطقة دائمة يعني شيئًا واحدًا فقط: تطهير عرقي على نطاق واسع. الأمر لم يكن يتعلق بالأمن قط، بل بالسيطرة. التهجير والتدمير لا يخلقان الأمن".

ونشرت المنظمة الأسبوع الماضي تقريراً وصفت فيه التدمير الممنهج للمنازل والبنية التحتية والأراضي الزراعية في المنطقة العازلة. وبحسب التقرير، أصبحت المنطقة الآن محظورة إلى حد كبير على الفلسطينيين. "لقد دمرنا كل شيء هناك: الحقول الزراعية، المقابر، المناطق الصناعية، والمنازل، بالطبع. يفترض جيش الدفاع الإسرائيلي أن هذا سيعزز أمننا. ولماذا؟ لأنه حينها يمكننا رؤية متى تقترب حماس أو الجهاد الإسلامي"، كما قال ناداف فايمان، مدير منظمة "كسر الصمت".

جزء كبير من المنطقة التي أصبحت الآن جزءًا من المنطقة العازلة، كان يستخدم في السابق للزراعة. وهذا يثير تساؤلات حول التأثير الطويل الأمد. على سبيل المثال، حول ما إذا كانت غزة ستتمكن من إنتاج بعض احتياجاتها الغذائية مرة أخرى.

فلسطينيون في طريقهم للفرار من منازلهم، بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لعدد من الأحياء، في أعقاب الغارات الإسرائيلية العنيفة، في شمال قطاع غزة 18 مارس/ آذار 2025.صورة من: Mahmoud Issa/REUTERS

 

"لا يوجد مفرّ"

في الأسبوع الماضي، غادرت لمياء بحطيطي حي الشجاعية، الذي تعيش فيه شرقي مدينة غزة، تحت نيران كثيفة. "جميع المناطق القريبة من الحدود، شمالاً وجنوباً وشرقاً، محتلة وتتعرض لقصف مدفعي. جميع المناطق داخل قطاع غزة تتعرض للقصف الجوي. لا يوجد مفرّ". هذا ما قالته السيدة البالغة من العمر 43 عاماً لـ DW، عبر الهاتف من غرب مدينة غزة، حيث تقيم وعائلتها الآن لدى أقاربهم.

كفاحها اليومي من أجل توفير احتياجات أسرتها أصبح صعباً بشكل متزايد. "لا توجد منتجات تنظيف في السوق، ولا يوجد مياه شرب نظيفة تقريبًا، ولا يوجد ما يكفي من الطعام، ولا يوجد غاز للطهي، ووضع الرعاية الصحية كارثي"، كما تقول. وتابعت لمياء: "غزة لم تعد غزة كما كانت. نحن نحاول البقاء على قيد الحياة من أجل أطفالنا وعلى أمل مستقبل أفضل".

أعدته للعربية: إيمان ملوك/ تحرير صلاح شرارة

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW