1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المنطقة العازلة بشمال سوريا.. مشروع هش يضعفه تضارب المصالح

١٤ أغسطس ٢٠١٩

اتفاق واشنطن وأنقرة على إقامة منطقة آمنة بشمال سوريا يبقي الكثير من الأسئلة دون إجابة. ففيما يتحدث مراقبون عن كونها فرصة "لتخلص" تركيا من لاجئيها السوريين، يخشى الأكراد تبادلا سكانيا يغير مستقبل المنطقة على المدى الطويل.

Nordsyrien Panzer Leopard der türkischen Armee
صورة من: picture-alliance/dpa/XinHua

تم تجنب المواجهة، حتى الآن على الأقل: فمنذ شهور ما انقطعت تهديدات الحكومة التركية بإرسال قوات عبر الحدود في الجزء الشرقي من شمال سوريا. وبعد سابقتين في عامي 2016 و 2018 سيكون هذا هو الهجوم العسكري التركي الثالث في شمال سوريا على المنطقة التي يغلب على سكانها الأكراد. يأتي ذلك في وقت هددت فيه الولايات المتحدة بإجراءات انتقامية إذا ما أرادت الحكومة التركية القيام بخطوات أحادية الجانب.

في العاصمة أنقرة تمكن الممثلون الأتراك والأمريكيون من التوصل إلى توافق في الآراء الأسبوع الماضي، مفاده: إقامة "منطقة آمنة" تحت سيطرة الحكومة التركية على طول الحدود بين سوريا وتركيا. ومن أجل التنسيق لإقامة هذه المنطقة ينبغي إنشاء مركز للعمليات المشتركة بأسرع وقت ممكن بالقرب من مدينة سانليورفا التركية. ونقلت تقارير إعلامية عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قوله بأن المركز  سيباشر مهامه بالفعل خلال الأيام القليلة المقبلة.

بيد أن هذا الإعلان جاء غامضاً للغاية، فقد بقيت الكثير من التفاصيل الأخرى طي الكتمان. فتركيا تسعى في المقام الأول إلى إقامة منطقة عازلة شرق نهر الفرات وإفراغها من عناصر مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

وحدات حماية الشعب الكردية.. حلفاء لواشنطن.. وإرهابيون في نظر أنقرةصورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman

وفي هذا السياق قالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها: "سيُشرع الآن في تنظيف هذا الشريط على طول الحدود التركية". وتعتبر الحكومة التركية "وحدات حماية الشعب" الكردية التي باتت تسيطر على مناطق واسعة من شمال سوريا وتديرها، الفرع السوري لمنظمة إرهابية محظورة هي "حزب العمال الكردستاني"، ما يشكّل بالتالي تهديداً لأمن تركيا، حسب التفسير التركي.

ملف معقد

لكن بالنسبة لواشنطن، فإن هذه المليشيات الكردية هي حليف مهم في الحرب على تنظيم "داعش"، ولهذا فقد عملت الإدارة الأمريكية على تجهيز مقاتلي هذه الوحدات وتدريبها طوال السنوات الأخيرة. كما تعاونت القوات الأمريكية مع هذه المليشيات في قتال "داعش"، وتكلل الأمر بالنجاح، فقد هُزم "داعش" في شمال سوريا، الذي دمرته الحرب الأهلية إلى حد كبير. ثمة قلق يساور المسؤولين في واشنطن من نشوء فراغ في السلطة بفعل قتال تركيا لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية، ما يمكن أن يكون بمثابة بوابة لعودة الإرهابيين الإسلاميين. ويبقى من غير الواضح بعد كيف سيسهم هذا الاتفاق بين واشنطن وأنقرة في التغلب على تضارب المصالح الأساسية في هذا الملف المعقد.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن الجانبين لم يتفقا على مساحة المنطقة العازلة. فقد قال وزير الدفاع التركي أكار مطلع الأسبوع الجاري أن المنطقة يجب أن يتراوح عمقها بين 30 و40 كيلومتراً، وهو ضعف ما أعلنت عنه واشنطن.

مفاوضات من دون أكراد

وكذلك بالنسبة للأكراد في شمال سوريا تبقى هناك أسئلة كثيرة مفتوحة حول الاتفاق ومستقبل العمل به. وطرح الأكراد أن يكونوا جزءاً من المفاوضات بين واشنطن وأنقرة، إلا أن الأخيرة رفضت ذلك. وتعليقاً على ذلك يقول القيادي الكردي البارز في "حركة المجتمع الديمقراطي"، وهو أحد مهندسي الإدارة الذاتية في الشمال السوري ألدار خليل: "تفاصيل الاتفاق غامضة تماماً". ويضيف خليل بالقول: "أردنا أن نشارك في المحادثات لكن تركيا لم تكن مهتمة بمحادثات ثلاثية. الحل الأمثل يجب أن يكون بين السوريين أنفسهم". ويبدي القيادي الكردي تشككه في أن يكون هدف الحكومة التركية بالفعل هو الأمن والسلام. "تحاول تركيا توسيع حدودها واستغلال الحرب في سوريا لمصالحها الخاصة".

يخشى الأكراد في شمال سوريا وحكومة دمشق من أن هجوماً عسكرياً جديداً سيكون هدفه إعادة توطين سكان المنطقة. وما تزال ذكريات ما حدث في عفرين حاضرة في أذهان ساكنيّ الشمال السوري، وهو آخر هجوم عسكري تركي جرى في كانون الثاني/ يناير 2018 على المدينة الواقعة في الجزء الغربي من شمال سوريا. يتذكر محمد بكير، المحلل في مركز "روش آفا" للدراسات الاستراتيجية، الأثر المدمر لهذه العملية العسكرية بالقول: "بعد العملية العسكرية كانت هناك عمليات خطف وطلب فِدًى ونهب وسلب. طُرد الأكراد من مدينة عفرين واُستبدلوا بعائلات الجهاديين". ويوضح بكير أن هذا التبادل السكاني يمكن أن يدمر الاستقرار والأمن في المنطقة على المدى الطويل.

مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية في قتال "داعش"صورة من: Reuters/R. Said

"منطقة آمنة" للاجئين

تقول المعطيات الرسمية عن الاتفاق إن هذه "المنطقة الآمنة" التي اتفقت عليها واشنطن وأنقرة، ستتيح إمكانية إعادة توطين اللاجئين السوريين في شمال سوريا. إذ قال بيان صدر بالاشتراك بين واشنطن وأنقرة: "يجب إنشاء ممر آمن حتى يتمكن اللاجئون المشردون من العودة إلى وطنهم". العدد الأكبر من اللاجئين السوريين حول العالم يستقر في تركيا حالياً. بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية في تركيا الصيف الماضي وما يرتبط بها من ضغوط على سوق العمل التركي، يزداد رفض الأتراك لوجود اللاجئين السوريين من يوم إلى آخر. وبات عدد متزايد من المواطنين الأتراك يتمنون ترحيل اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو 3.6 مليون شخص، وبأسرع وقت ممكن.

بيد أن للأمريكيين مصالحهم الخاصة الواضحة أيضاً، إذ لا ترغب واشنطن في أن تغرق سوريا في الفوضى مرة أخرى بعد انسحاب القوات الأمريكية ولا تريد أن يستعيد تنظيم "داعش" قوته في المنطقة مجدداً. إذا قاتلت القوات التركية وحدات حماية الشعب الكردية، فقد تكون العواقب وخيمة على أنقرة نفسها. في 14 كانون الثاني/ يناير نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة كتب فيها: "سنبدأ انسحابنا المتأخر من سوريا وسندمر تركيا اقتصادياً إذا قامت بمهاجمة الأكراد".

هدية ليفينت/ دانييل بيلوت/ ع.غ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW