المواقف السياسية في الملاعب.. تهديد لمبادئ اللعب النظيف؟
عادل الشروعات
١٨ أكتوبر ٢٠١٩
أعادت طريقة احتفال المنتخب التركي بإلقاء التحية العسكرية الجدل حول جدوى الخلط بين السياسة والرياضة. فهل من حق الرياضيين التعبير عن مواقفهم السياسية في الملاعب؟ وهل الملاعب الرياضية العربية في منأى عن ذلك؟
إعلان
يتواصل الجدل حول طريقة احتفال المنتخب التركي لكرة القدم بعد إحرازه هدفين أثناء مباراتي المنتخب أمام ألبانيا (1ـ0) وفرنسا (1ـ1) في تصفيات بطولة كأس أمم أوروبا 2020، حيث قام اللاعبون الأتراك بأداء "التحية العسكرية"، بالتزامن مع الهجوم العسكري على مواقع مسلحين أكراد شمال شرقي سوريا في خضم انتقادات حادة على الصعيد الدولي.
فقد أدان أمس الخميس (17 أكتوبر/تشرين الأول 2019) علي كمال أيدين، السفير التركي في ألمانيا،بشكل حاد، الانتقادات المتزايدة في ألمانيا ضد التحية العسكرية التي أداها منتخب بلاده في الملاعب. إذ اعتبر السفير التركي في برلين أن هذه الانتقادات "تقترب بالفعل من العداء للغرباء ومن التمييز والعنصرية"، مضيفاً أن الانتقادات تناقض حرية الرأي وتعد مثالاً على عودة "الأجواء المعادية لتركيا في ألمانيا".
الخوف من تكرار حادثة أوزيل
الانتقادات الذي يتحدث عنها السفير التركي كانت قد طالت أيضاً لاعبي المنتخب الألماني من أصول تركية، إيلكاي غوندوغان وإيمره جان، بعدما أبديا "إعجابهما" بالصورة التي نشرها الدولي التركي جينك توسون على موقع إنستغرام وهو يؤدي التحية العسكرية فرحاً بتسجيله هدف منتخب بلاده الوحيد في مرمى ألبانيا. لكن سرعان ما سحب الدوليان الألمانيان إعجابهما بالصورة "عمداً" عندما وجدا أن "لها دوافع سياسية".
"سحب الإعجاب" الذي قام به غوندوغان وجان لقي استحساناً من الاتحاد الألماني لكرة القدم الذي حاول بكل السبل تجنب سجال جديد مشابه لذلك الذي رافق المنتخب الألماني قبيل انطلاق بطولة كأس العالم الأخيرة التي احتضنتها روسيا العام الماضي وأثر على مسيرته في البطولة، عندما ظهر الدولي الألماني السابق مسعود أوزيل وإيلكاي غوندوغان في صورة جمعتهما بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما جر عليهما الكثير من الانتقادات الحادة.
سبب الجدل الذي يرافق مثل هذه "المواقف" التي تصدر عن رياضيين في ألمانيا يرجعه أنسغار تيل أستاذ علم الاجتماع الرياضي من جامعة توبينغين الألمانية إلى "غياب الطابع السياسي في الرياضة الألمانية"، حيث أرجع ذلك في مقابلة مع DWإلى أسباب تاريخية تعود إلى فترة الحكم النازي الذي كان يستخدم أحداث رياضية لأغراض دعائية.
رسائل سياسية في الملاعب العربية
بعض الملاعب الرياضية العربية لا تخلو بدورها من توجيه "رسائل سياسية"، كما أكد ذلك الخبير الرياضي اللبناني إلي نصار في مقابلة مع DW عربية، مستشهداً برفع "بعض الأعلام الطائفية في إحدى مباريات الدوري اللبناني لكرة السلة". وهو ما اعتبره نصار بالأمر "غير المقبول الذي يمكن أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه".
من جهته، يرى الخبير الرياضي المغربي يونس الخراشي أنه "لوتُرك الحبل على الغارب في هذا الجانب في العالم العربي، لشهدت الملاعب ليس فقط إشارات سياسة من اللاعبين، بل ربما حروبا بالوكالة".
بيد أن الخراشي يؤكد على أنه من حق "أي لاعب كمواطن حر أن يكون له مواقف سياسية من القضايا التي تخص بلده أو في الجوار أو في العالم"، غير أنه "من المستحسن التعبير عن هذه الآراء في فضاءات أخرى غير الملاعب، التي تحكمها قوانين خاصة تنظم اللعب فيها ويُفترض احترامها"، يؤكد الخبير الرياضي المغربي.
لكن عربيا يبقى أبرز احتفال بطريقة اعتبرت ذات أبعاد سياسية هو احتفال لاعب المنتخب المصري السابق محمد أبوتريكة بعد إحرازه الهدف الثاني لمنتخب بلادهفي مرمى السودان في بطولة كأس أمم إفريقيا التي أقيمت في غانا عام 2008، حيث رفع أبو تريكة قميصه ليظهر من تحته قميص آخر كتب عليه عبارة "تعاطفا مع غزة" باللغتين العربية والإنجليزية.
حينها أشهر حكم المباراة البنيني كوفي كودجا البطاقة الصفراء في وجه أبو تريكة، وحذر الاتحاد الأفريقي لكرة القدم المنتخبات بعدم ارتداء قمصان تحمل أي شعارات سياسية، والتي يعتبرها الفيفا إقحاماً للسياسة في مجال الرياضة.
وتنص المادة 16 من دليل الإجراءات التأديبية الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، على أن "استخدام الإيماءات أو الكلمات أو الأشياء أو أي وسيلة أخرى لنقل رسالة استفزازية لا تصلح لحدث رياضي، خصوصاً الرسائل الاستفزازية ذات الأهمية السياسية والأيديولوجية، أو الطبيعة الدينية أو الهجومية".
السياسة وكرة القدم .. زواج مستمر رغم دعوات الطلاق!
كثيراً ما يتداخل السياسي في الرياضي داخل المستطيل الأخضر.. هذه هي أبرز الأحداث التي امتزج فيها الاثنان رغم محاولات الفصل بينهما.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Llop
انفانتينو في سوتشي
خلال جولة مطلع الشهر الماضي في سوتشي للاطلاع على ما أنجزته روسيا استعداداً لكأس العالم، قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني انفانتينو للرئيس الروسي: "بإمكانكم أن تجعلوها النسخة الأفضل في تاريخ المونديال"، ورد بوتين بمطالبة اللاعبين أن يقدموا "كرة قدم خالصة". لم يتضح مقصد الرئيس المضيف إذا ما كان يخشى حضور السياسة في ملاعب بلاده أم لا. لكن إن كان ذلك ما يعنيه فهل هي مخاوف حقيقية؟
صورة من: picture-alliance/Russian Look/Kremlin Pool
الأرجنتين تعتذر عن لقاء إسرائيل في القدس
وجد النداء الذي وجهه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم استجابة، وألغيت المباراة الودية الأخيرة التي كانت مقررة بين الأرجنتين وإسرائيل. أن تكون القدس مكاناً للقاء على العشب الأخضر فهذا اعتراف جديد بكونها عاصمة وليست أرضاً محتلة، وفق ما تقول الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية، فيما يرد المسئولون الإسرائيليون بإعلان أسفهم لنجاح خطابات الكراهية في مسعاها.
صورة من: Getty Images/AFP/H. Bader
علم إسرائيل
أثار علم إسرائيل أزمة أيضاً، حين رفعه المدافع الغاني جون بيتسيل بعد انتصار منتخب بلاده على نظيره التشيكي. وأدت موجة الانتقادات للخطوة إلى اعتذار الاتحاد الغاني لكرة القدم عن الأمر.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
أبو تريكة.. يتعاطف مع غزة
أوجد لاعب النادي الأهلي المصري محمد أبو تريكة لنفسه مكاناً خاصاً في قلوب الكثير من العرب بعد لقطة رفع فيها قميص منتخب بلاده لتظهر تحته عبارة "تعاطفا مع غزة" خلال احتفاله بهدفه في مرمى السودان في بطولة الأمم الأفريقية عام 2008، نال حينها بطاقة صفراء لكنه حصد شعبية كبيرة لتعبيره عن تضامنه مع أهالي القطاع في مواجهة الحصار المفروض عليهم.
صورة من: Twitter/ Yasser Ashour
أزمة مباراة مصر والجزائر في أم درمان
دخلت الاشتباكات بين جمهوري مصر والجزائر في مباراة التأهل إلى كأس العالم بالبلدين إلى مرحلة غير مسبوقة من التوتر والتراشق الإعلامي. انتقل العنف والسباب من ملعب أم درمان إلى شاشات التلفاز وأمام مبنى السفارة الجزائرية في القاهرة، لاحقاً اتهم كثيرون الإعلام الحكومي المصري بالتخطيط للأمر.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Desouki
بي ان سبورت وأزمة بث المباريات
تيقن الجمهور السعودي من أنه لن يشاهد مباريات منتخب بلاده في المونديال بعد فشل مفاوضات إبرام صفقة مع شبكة بي ان سبورت القطرية، يحصل التلفزيون السعودي بمقتضاها على حق إذاعة مباريات منتخب المملكة، ونظراً للمقاطعة بين قطر والسعودية، توسطت فيفا بينهما، لكن المساعي فشلت في النهاية. السياسة تحرم الجمهور من التمتع بالساحرة المستديرة.
صورة من: picture alliance/sampics/C. Pahnke
صورة تميم في "خليجي 23 "
كانت الأزمة الخليجية فرصة أخرى لظهور السياسة في الملاعب، فبطولة خليجي 23 كانت مهددة بالإلغاء إن أُقيمت في قطر، لكن عودة النشاط الرياضي للكويت كان طوق نجاة فيما سيطر الشحن المتبادل على أجواء البطولة. انتشرت صورة للاعب حسن الهيدوسي يرتدي قميصاً رسم عليه وجه أمير قطر انتشار النار في الهشيم وتواترت أنباء وقتها عن انسحاب المنتخب السعودي نفاها لاحقاً رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ.
صورة من: Reuters/I. Al Omari
الألتراس في مصر.. ملاحقات لا تتوقف
وفي مصر أيضا تحولت رابطتا تشجيع الفريقين البارزين "الأهلي" و"الزمالك" إلى مجموعات تخشاها السلطة وتلقي القبض على المنتمين لها وتدخل في مفاوضات مع قياداتها. كانت أغنيات هذه المجموعات هتافات في ميدان التحرير إبان ثورة الخامس والعشرين من كانون ثان/يناير 2011، كما كانت تتردد في مدرجات الاستاد، لكن صوتها اختفى مع الإصرار على منع حضور الجماهير للمباريات "لأسباب أمنية".
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/A. Sayed
روكي أم جولن؟
بدت حينها مجرد لافتة. جمهور فريق جلطة سراي رسم وجه شخصية روكي للممثل سليفستر ستالون، وكلمة "انهض". لكن وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة ربطت بين تلك اللافتة وجزء من خطاب للمعارض التركي "فتح الله جولن". وتحدث مكتب رئيس الحكومة بن علي يلدريم عن فتح تحقيق في علاقة الأمر بمحاولة الانقلاب التي جرت في عام 2016.
صورة من: Twitter/Galatasaray
أزمة انفصال كاتالونيا تنتقل إلى مدرجات برشلونة
تحول ملعب كامب نو في برشلونة من مقصد لمحبي الفريق الكاتالوني إلى ساحة سياسية للتذكير بمواقف الإقليم الراغب في الانفصال عن إسبانيا. تتوقف أصوات الجماهير عن الهتاف للاعبين وتتجه الحناجر عند الدقيقتين الرابعة عشر والسابعة عشر بصراخات الرغبة في الفراق، والتذكير بما جرى في حصار المدينة عام 1714.