الموت جوعا..الخطر الأكبر في السودان وغزة!
١١ أكتوبر ٢٠٢٥
فرصة إنهاء حرب غزة تبعث الأمل لدى منظمة الإغاثة الألمانية لمكافحة الجوع (Welthungerhilfe) ومقرها برلين. رئيستها مارلين ثيمي شددت على جهوزية المنظمة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، مشيرة إلى وجود كميات كبيرة من المساعدات المخزنة في الأردن المجاور وجاهزة للتسليم فورا شريطة فتح الحدود. غزة تحولت إلى "فضاء لأكبر كارثة إنسانية" في الوقت الحاضر بعد السودان، تقول رئيسة المنظمة الإغاثية.
على المستوى العالمي، تشير ثيمي إلى أن عدد الأشخاص المعرضين لخطر الموت جوعا تضاعف خلال عام واحد ليصل إلى "مليوني شخص". وفي العام المنصرم تسببت الحروب والصراعات في "20 أزمة غذائية عانى منها 140 مليون شخص".
يعتبر مؤشر الجوع العالمي دليلا على التقدم والتراجع. ويتم رصد وضع 136 دولة على هذا المؤشر وفق مقياس يتراوح بين "منخفض" و"خطير". تندرج سبع دول في فئة "خطير جدا" و35 دولة في فئة "خطير" و36 دولة في فئة "متوسط" و52 دولة في فئة "منخفض". وهناك أربعة عوامل حاسمة للتقييم، بدء من معدل سوء التغذية والهزال وتأخر النمو لدى الأطفال دون سن الخامسة، وصولا إلى معدل الوفيات بين الأطفال.
انخفاض الجياع حول العالم
حسب المنظمة الألمانية لم يكن من الممكن تصنيف الأراضي الفلسطينية بدقة بسبب صعوبة الحصول على البيانات. وإذا نظرنا إلى الأرقام المتاحة عالميا على مدى فترة زمنية أطول، نجد بها جوانب إيجابية وسلبية. الجانب الإيجابي يكمن في تحسن المؤشر المحدد منذ عام 2005 بشكل ملحوظ خلال عقدين من الزمن. ومنذ بداية التقييم كان هناك 788 مليون شخص يعانون من الجوع أي 12 في المائة من سكان العالم. حاليا يبلغ عدد الجياع حول العالم 673 مليون شخص أي ما يعادل 8 في المائة.
ومع ذلك فإن منظمة Welthungerhilfe تشعر بالقلق من توقف هذا الانخفاض منذ عام 2016. الأسباب عدة وأبرزها تغير المناخ. في هذا السياق تقول مارلين ثيمي إنه "لم يعد الجفاف والفيضانات والعواصف أحداثا فريدة، بل أصبحت تهديدات مستمرة لوجود ملايين البشر". وقد شهدت باكستان مؤخرا واحدة من أسوأ الفيضانات.
تراجع الدعم رغم تزايد الاحتياجات
تنتقد رئيسة منظمة Welthungerhilfe أن الولايات المتحدة وألمانيا ودول أوروبية أخرى بصدد خفض دعمها للدول الفقيرة بشكل كبير على الرغم من تزايد الاحتياجات. ولهذا السبب ناشدت الحكومة الألمانية رفع الدعم المالي للتعاون الإنمائي والمساعدات الإنسانية. لكن الائتلاف الحاكم المكون من أحزاب الاتحاد المسيحي والاشتراكيين الديمقراطيين يريد مواصلة خفض الميزانيات في عام 2026 بعد أن تم تقليصها بالفعل بمليارات اليورو في السنوات الماضية.
مع ذلك تبدو ثيمي متفائلة وتأمل في تغيير طريقة تفكير المسؤولين السياسيين. وهي لا تمل من "مناشدة الأمم المتحدة بدعم من الحكومة الألمانية للتحرك من أجل إنهاء الموت والجوع" في العديد من المناطق حول العالم.
"لا يجوز استخدام الجوع كسلاح!"
زميل ثيمي، ماتياس موغ، الأمين العام لمنظمة Welthungerhilfe يصف الوضع في السودان بـ"الكارثي"، ويضيف أنه "لا يجوز استخدام الجوع كسلاح!"، لا في السودان و لا في الشرق الأوسط. كما أن "25 مليون شخص متضررون من المجاعة وعشرة ملايين في حالة نزوح. الوضع سيئ أيضا في الكونغو حيث لا يحصل ما يقرب من 40 في المائة من السكان على ما يكفيهم من الغذاء"، يتابع موغ. على الرغم من ذلك، "تمكنت المنظمة من تقديم المساعدة" في قطاع غزة. ويقول: "واصلنا توزيع مياه الشرب وقمنا مع شركائنا بتوزيع أغذية خاصة في مراكز التغذية خاصة على النساء والأطفال". لكن موغ يشكو من أن ذلك كان "غير كافيا" على الإطلاق، و"كان يجب فعل المزيد".
نماذج ناجحة
موازاة لذلك سجلت نجاحات في مكافحة سوء التغذية في بعض الدول الإفريقية على غرار سيراليون، حيث تم اعتماد برامج تغذية داخل المدارس وبرامج ري وتوزيع أكثر عدالة للأراضي. رواندا وتوغو وأوغندا كانت بدورها أمثلة ناجحة في المجال بفضل مزيج من البرامج الاجتماعية وتوفير القروض الصغرى في المناطق الريفية.
وفي آسيا وتحديدا في نيبال أصبح الغذاء حقا دستوريا. كما أن البلاد اعتمدت تدابير لمساعدة النساء والأطفال، وقامت بتحسين برنامج الرعاية الصحية. وتقول ثمي: "تُظهر هذه الأمثلة بأن التغيير ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية وإذا كانت الاستراتيجيات طويلة المدى ومنسقة بشكل جيد" مؤكدة على شرط إضافي يتجلى في إشراك المجتمعات المحلية ودعمها.
أعده للعربية: م.أ.م