1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"داعش" يحول الموصل إلى قلعة حصينة مجهولة المستقبل

٢٢ يناير ٢٠١٥

بعد فرض سيطرته على مدينة الموصل العراقية، حول تنظيم "الدولة الإسلامية" المدينة إلى قلعة من التحصينات تحسباً لدخول الجيش العراقي، فارضاً تعليماته الدينية المتشددة، التي تضيق الخناق على سكان المدينة.

Grab des Propheten Jonahs in Mossul zerstört
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA

تجمع عدد قليل من المقاولين العراقيين في مبنى حكومي بالموصل للتنافس على عطاء الشهر الماضي. كانت الجلسة عادية مثلما يحدث في مدن أخرى غير أن الأشغال في العقد موضوع المناقصة كانت تحصينات أمر بها تنظيم "الدولة الإسلامية" الحاكم الجديد في المدينة.

وقال مصدر في المدينة مطلع على عملية المناقصات "بموجب وثيقة العطاء التي طرحتها الدولة الإسلامية سيتم حفر خندق بعمق مترين وعرض مترين حول الموصل"، وأضاف المصدر أن المقاول الفائز سيحصل على ما يعادل 4000 دولار لكل كيلومتر من الخندق.

وتوضح المناقصة عزم التنظيم المتطرف على الدفاع عن المدينة التي استولى عليها في يونيو/ حزيران الماضي عندما بسط المتطرفون سيطرتهم على مساحة كبيرة من الأراضي العراقية. وتقع الموصل ذات التاريخ الإسلامي الثري، في قلب هدف التنظيم، الذس اقتطع مساحات كبيرة من الأراضي السورية والعراقية لـ"دولة الخلافة" التي أعلنها. وتكشف مقابلات مع 11 من سكان الموصل الذين فر عدد منهم من المدينة هذا الشهر كيف أقام التنظيم دولة بوليسية قوية بما يكفي لتحمل الاستياء الشعبي والانتكاسات العسكرية بما في ذلك مقتل قادة كبار.

وإلى جانب الخندق المزمع حفره سد المتشددون المدخل الغربي للموصل بحوائط إسمنتية ضخمة. كما نسفوا جسراً يمكن أن يستخدمه الجيش العراقي والمقاتلون الأكراد في مهاجمة الموصل. وقال ضابط كبير متقاعد في الجيش يعيش في الموصل "سيقاتلون حتى آخر قطرة من دمائهم دفاعاً عن الموصل وهذه المعركة بالنسبة لهم قد تحدد مصير وجودهم؟ فخسارة الموصل تعني هزيمة نهائية للدولة الإسلامية في العراق".

الحياة في ظل الشريعة

في وسط مدينة الموصل وفي مبنى المجلس المحلي القديم تنعقد المحكمة الدينية. ومن الممكن أن تكون الأحكام في غاية القسوة. خلال الأسبوع الماضي نشر تنظيم "الدولة الإسلامية" على الإنترنت لقطات تبين تطبيق الشريعة تضمنت رجم امرأة اُتهمت بالزنا، وصلب رجلين اتهما بالسرقة تحت تهديد السلاح وإلقاء رجلين من فوق مبنى لاتهامهما بأنهما مثليان.

دوريات داعش تموشط الموصل بحثاً عن مخالفي الشريعة.صورة من: ap

وأجرت رويترز مقابلة مع امرأة مسيحية عمرها 71 سنة تدعى راحيل مثلت أمام المحكمة خلال شهور الخريف وأُجبرت على اعتناق الإسلام.

ونقلت راحيل من دار للمسنين في الموصل مع تسعة آخرين لتمثل أمام القاضي الملتحي. وكان حراس مسلحون يقفون في القاعة. وقالت راحيل لرويترز "بدأ القاضي خطبته بأسلوب ناعم منمق وكان يستشهد بآيات من القرآن وأحاديث للرسول محمد". وأضافت "قال إن الإسلام هو الدين الحق وإن علينا أن نعتنقه وإلا سنموت كفاراً". وحصلت راحيل على حريتها هذا الشهر بمقتضى ترتيب خاص بين تنظيم "الدولة الإسلامية" وممثلي الكنيسة الكلدانية.

شرطة ولصوص

يدير تنظيم "الدولة الإسلامية" أربع مؤسسات أمنية على الأقل في الموصل من بينها شرطة المرور وقوة لجمع الضرائب تتولى تحصيل العوائد من الشركات والأفراد. وأكثر ما يخشاه الناس من هذه المؤسسات لجنة أمنية خاصة تتولى القبض على المتهمين في حالات خاصة وجمع المعلومات والمخابرات و"شرطة الآداب" و"الأخلاق الإسلامية" أو الحسبة التي تتولى تطبيق الشريعة.

وألقت وحدتا الحسبة والمخابرات القبض على عشرات من الضباط السابقين واحتجازهم لمنع أي تمرد وسعت للاستفادة من خبراتهم العسكرية. وقال أحد قادة التنظيم المتطرف لرويترز هاتفياً "نحن نتحرى عنهم لمعرفة لماذا لا ينضمون للدولة الإسلامية."

ويتضمن القانون الذي تطبقه شرطة الحسبة حظراً على التدخين وعلى ارتداء القمصان التي تحمل كلمات باللغة الانجليزية. ويتعين على المتاجر والأعمال أن تغلق في مواعيد الصلاة وأن تغطي النساء والبنات وجوههن بارتداء النقاب كما تفصل المدارس بين الجنسين. وتوقف أب في الموصل عن إرسال ابنته ذات الثلاثة عشر عاما للمدرسة لأنها أجبرت على ارتداء النقاب. وقال الأب لرويترز "كانت تقول لي: بابا لا أستطيع التنفس. من الأفضل لها أن تكون حرة داخل بيتنا عن أن تكون سجينة في مدرسة هنا".

العمل من أجل لقمة العيش

كما أرغم الجهاديون من تبقى من الموظفين في الجهاز الحكومي بالموصل على العمل في "مكاتب الحكومة الجديدة للتنظيم المتطرف"، والتي تغطي الخدمات البلدية والطاقة والتعليم والدين والصحة. عن ذلك يقول أنور متى هداية، رئيس لجنة المالية في مجلس محافظة نينوى، الذي نزح عن المدينة، إن بغداد ترسل 130 مليون دولار شهرياً على الأقل لسداد رواتب الموظفين الحكوميين في الموصل سواء بقوا في المدينة أو غادروها. ويتسلم ممثل للإدارة المال في كركوك الخاضعة لسيطرة الأكراد لنقلها إلى الموصل.

معاناة أهل المدينة تزداد في ظل سيطرة تنظيم داعش على المدينةصورة من: Romina Peñate

وتقول بغداد إن المرتبات ستذكر الناس بأن الحكومة الوطنية لم تنس أمرهم. وليس من الواضح كم من المال يصل إلى الموظفين الباقين في الموصل لكنه ساعد في استمرار الحياة في المدينة. والغذاء متوفر. وتباع اللحوم والخضر والخبز والفاكهة بالأسعار التي كانت تباع بها من قبل كما أن بعض الأسعار أقل منها في بغداد.

أسعار الوقود وحدها هي المرتفعة كما أن الكهرباء لا تتوفر سوى ست ساعات يومياً. وتتوفر مياه الشرب من خلال نقلها بالصهاريج.

ويحصل تنظيم "الدولة الإسلامية" على مدفوعات من السكان بصفة يومية. فعلى الجزارين دفع حوالي أربعة دولارات يومياً لدخول مسلخ لشراء الماشية والماعز. كذلك يتعين على مستأجري المتاجر في المباني التي صادرها التنظيم دفع إيجار للمتشددين.

تنظيم ثري

ومع تزايد صعوبة تهريب النفط من سوريا بسبب الضربات الجوية، انتشرت حول الموصل عشرات من مصافي النفط المحلية الصنع التي تطلق دخانها الأسود في الهواء. وتتجاوز ثروة التنظيم تهريب النفط والابتزاز. ويقدر وزير المالية العراقي هوشيار زيباري أن التنظيم نهب 456 مليون دولار من بنوك الموصل وتكريت وبيجي منذ يونيو/ حزيران الماضي.

وأغلب الأموال السائلة جاء من الموصل. وتوقع زيباري، استناداً إلى تقارير مخابراتية، أن يطرح التنظيم عملته في الشهور المقبلة وهي الفكرة التي طرحها الجهاديون منذ يونيو/ حزيران الماضي.

وأمام كل هذا لم يتبق لسكان الموصل، الذين رحبوا في البدء بسيطرة التنظيم المتطرف، سوى أن ينتظروا مستقبلاً قاتماً.

ع.غ/ ع.ج.م (رويترز)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW