الموضة في ألمانيا الشرقية: محاولة لمواكبة ركب الأناقة
١٣ مايو ٢٠٠٦يسود تصور خاطئ لدى غالبية الألمان عن سكان جمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشرقية سابقا)، فهم يعتقدون أن كل ألماني شرقي كان يرتدي ثيابا كئيبة وبائسة ومظهره مأساوي مما يعطي دلالة على الملل وقلة الذوق. ولكن كيز هيلدبراند، رئيسة معرض عن الموضة في ألمانيا الشرقية تنفي ذلك، قائلة إن الواقع يشير إلى عكس ذلك وإلى وجود ازدهار في صناعة الموضة في ألمانيا الشرقية وإلى أن الواقع غير الذي رسمه الناس في عقولهم. وتوضح أنتي لوند، وهي طالبة في الكلية التقنية لتصميم الأزياء في برلين الشرقية، أن كل الأشخاص بدوا متشابهين، لذلك إذا أراد بعض الناس ارتداء ألبسة مميزة، فإنهم صمموها غالبا بأنفسهم. وعزت الطالبة ذلك بالقول إن المنسوجات والأقمشة كانت رخيصة جدا وإن كل شخص كان بإمكانه أن يجرب صنع ملابسه بنفسه. وأضافت أنه إذا حالفهم الحظ، فإنهم استطاعوا العمل في مجال صناعة ملابس الأطفال، إذ أن هذه الصناعات كانت مدعومة من الحكومة.
الرغبة الحقيقية في الإبداع
التقط الصور المعروضة المصور جونتر روبيتزش الذي كان يعمل في مجلة (برامو) المختصة في مجال الموضة. كما عمل المصور في مجلات كانت متخصصة في ابتكار أساليب جديدة للخياطة وتعرف من خلال عمله على موديلات نسائية رغبت في صناعة ثيابها بنفسها. ويقول روبيتزش عن المعرض:" هذه المحاولة تعتبر اعترافا بجودة عملي. أنا فخور بأنني استطعت من خلال عملي أن أُظهر جوانبا مختلفة لألمانيا الشرقية. وهذا النجاح يُثبت أننا استطعنا أن نُبدع على الرغم من كل الصعوبات التي كانت تعترضنا". وكان روبيتزش قد باع حقوق نشر تلك الصور للوكالة العالمية للصور ولم يخطر بباله أنها ستعرض ذات يوم وتلاقى إقبالا كبيرا. ويضيف روبيتزش:" لقد عملت في لايبزغ، وكانت هذه المدينة متطورة صناعيا، وهذا هو السبب في أن العديد من الصور أُلتقطت أمام المصانع. أما في أيامنا هذه فلقد أصبحت موضة الصور في الغرب مرتبطة بالأماكن الجميلة والمثيرة مثل جزر الكاريبي والمناظر الخلابة، أما نحن فقد اضطررنا إلى التعامل مع الوضع الذي نعيشه كما هو، وهذا يؤكد أننا كنا مبدعين رغم قلة الإمكانيات المتوفرة لدينا."
الحاجة أم الاختراع
وفي هذا الخصوص، توافق دوروتا محررة مجلة (سيبيل) المصور روبيتزش الرأي، وتضيف:"الحاجة هي أم الاختراع، وهذا ما أثبتته نساء ألمانيا الشرقية. ولكن كل شخص يريد أن يتخيل نساء من جمهورية ألمانيا الشرقية، فإنه يتخيلهن وهن يرتدين ملابس المطبخ وحذاء بسيط أثناء قيامهن بالأعمال المنزلية. فالنساء سابقا كن أكثر إبداعا من نساء اليوم. لقد كن يستعملن القطن الذي نحصل عليه من أمكان معينة مثل أوزباكستان، ويقمن بصبغه بألوان متعددة وتزيينه حتى يبدو بمظهر كلاسيكي." وترفض دوروثا الفكرة السائدة حول أن صناعة الألبسة في ألمانيا الشرقية كانت صناعة خاسرة. وتقول:" كنا في السابق نملك مسؤولا واحدا فقط وعارضتي أزياء ومصورا واحد. وكان علينا أن نعمل كل شيء بأنفسنا، فلم يكن هناك طاقم ضخم مقارنة مع أيامنا هذه. كان المسؤول يعمل بنفسه ماكياج العارضة والمصور كان سائقا في نفس الوقت. لقد كانت تجربة غنية بالفعل، ولكنها صعبة في نفس الوقت."
لا للتقليد الأعمى
في فترة من الفترات عمد الناس إلى التقليد الأعمى للموضة والصناعة الغربية، ولكن سكان ألمانيا الشرقية اعتمدوا على ذاتهم رغم الإمكانيات البسيطة التي كانت تتوفر لديهم. وتؤكد أنتي لوند بين أنه:" لا يوجد هناك تصور واضح لتصميم فعلي، فإذا أردت أن تضع غرزتين إضافيتين، فإنه توجب عليك إضافة زوج من الأزرار أيضا أو استخدام تصميم آخر مختلف. ولكن هذه التصميمات تعتبر باهظة الثمن بالنسبة لسكان ألمانيا الشرقية، فقد جرت العادة على أن يتم تصديرها لألمانيا الغربية." وتضيف لوند بين:"في النهاية ومن ناحية جوهرية، لا يوجد هناك ما يسمى بصناعة الموضة، بل يوجد ملابس فقط لا أكثر".