المياه الجوفية.. لا تعرف الحدود وأهميتها أكثر مما نتصور؟
٢٧ أغسطس ٢٠٢٤
المياه الجوفية ليست ضرورية للزراعة وحسب، فهي تلعب أيضا دورًا حاسمًا في حياتنا اليومية. عندما يكون هطول الأمطار في الصيف غير كافٍ، يمكن أن ينخفض منسوب المياه الجوفية. لكن ما هي المياه الجوفية بالضبط؟ وما مدى أهميتها لنا؟
إعلان
المياه الجوفية هي المياه الموجودة تحت سطح الأرض، وهي تقريبًا موجودة في كل مكان، لكنها في الغالب غير مرئية. الأنهار والبحيرات السطحية تمثل فقط جزءًا صغيرًا من المياه العذبة، في حين أن الجزء الأكبر منها يوجد كمياه جوفية تحت الأرض. حيث تشكل الأخيرة 99 بالمائة من جميع مصادر المياه العذبة على كوكبنا.
تتدفق المياه الجوفية عبر الفراغات في الصخور ومن خلال الشقوق الصخرية وتتسرب عبر التربة، وهي تتواجد كأحواض ضخمة بين الجبال والسهول المنخفضة والمحيطات وكأنها تربط بينها. بعض طبقات المياه الجوفية تقع على عمق بضعة أمتار فقط تحت السطح، بينما توجد مياه جوفية أخرى مخزنة منذ ملايين السنين على أعماق تصل إلى كيلومترين في خزانات مائية ضخمة وشبكات تحت الأرض قد تمتد عبر عدة دول وتغطي مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة.
والمياه الجوفية هي الرابط السائل بين مجموعة متنوعة من النظم البيئية مثل الأنهار، والبحيرات، والبحيرات المالحة، والينابيع الطبيعية، وبين المناطق الرطبة والجافة. ولها دور أساسي في دورة المياه، وبالتالي فهي مهمة لكل أشكال الحياة على الكوكب. بشكل عام، توجد كمية كبيرة من المياه الجوفية تكفي لتغطية سطح الأرض بالكامل بطبقة من الماء بسماكة 180 مترًا.
أهمية المياه لجوفية؟
وغالبًا ما يقارن الخبراء المياه الجوفية بحساب توفير احتياطي للبشرية. حيث أن حوالي نصف مياه الشرب العالمية، و40 بالمائة من احتياجات الزراعة، و30 بالمائة من استهلاك الصناعة يتم توفيرها من خلال المياه الجوفية. وفي المناطق الجافة، تكون المياه الجوفية في كثير من الأحيان المصدر الوحيد للمياه. فالواحات والمناطق المحيطة بها والينابيع الطبيعية هناك تعتمد بالكامل على المياه الجوفية أيضا. وفي بعض مناطق العالم، يعاني الناس من نقص حاد في المياه، لأنهم يستهلكون المياه الجوفية بسرعة أكبر من سرعة تجددها بشكل طبيعي. ويُعد التلوث والإفراط في الاستخدام أكبر التهديدات لمصادر المياه الجوفية والنظم المرتبطة بها وكذلك للمليارات من البشر. ويحدث التلوث عندما تتسرب المواد الكيميائية، والنفايات الصناعية، وبقايا الأسمدة الزراعية، ومياه الصرف الصحي وغيرها إلى باطن الأرض. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن المياه الجوفية حول العالم لا تزال في حالة جيدة بشكل عام ويمكن استخدامها دون قلق. ومع ذلك، يختلف الوضع إقليميًا بشكل كبير.
فعلى سبيل المثال، في إسبانيا، وإيران، والصين، والولايات المتحدة تتناقص مستويات المياه الجوفية بمعدل يصل إلى مترين سنويًا، ويُضطر هناك إلى حفر آبار أعمق باستمرار. في المقابل، لا يزال هناك الكثير من المياه تحت الأرض في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ففي تلك المناطق التي تعاني من الجفاف المتكرر، لا يزال هناك إمكانيات هائلة لاستخدام احتياطيات المياه الجوفية الضخمة لتوفير المياه للناس والزراعة.
كيف يتم إعادة تعبئة خزانات المياه الجوفية؟
يعاد تعبئة المياه الجوفية بشكل أساسي من خلال الأمطار أو ذوبان الثلوج. وبفضل الجاذبية يتسرب الماء إلى التربة ويستغل الشقوق والفراغات ويتجمع في خزانات جوفية. وفيما إذا كان هطول الأمطار فعليا يعيد تعبئة خزانات المياه الجوفية، فإن ذلك يعتمد على كمية وزمن الهطول ونوع التربة. ففي أوروبا على سبيل المثال قد يكون الهطول أكثر في بعض المناطق خلال فصل الصيف. لكن بسبب ارتفاع درجات الحرارة يتبخر قسم كبير من الماء على سطح التربة، بالإضافة إلى أن النباتات تكون أكثر عطشًا في الصيف، وبالتالي لايصل سوى القليل من الماء إلى الطبقات السفلية. أما في فصل الشتاء فتحتاج النباتات إلى ماء أقل ويقل التبخر، وعلى أساس ذلك تتجدد المياه في خزانات المياه الجوفية بشكل أسرع بالاعتماد على الأمطار.
أعده للعربية: ع.خ
الجفاف في حوض البحر المتوسط - واقع مرير وخسائر فادحة
يسود جفاف شتوي كبير في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وتعم مخاوف من استفحال الجفاف مع بداية قدوم الربيع وارتفاع درجات الحرارة ما سيؤثر سلبا على السكان هناك وحتى على الحيوانات.
صورة من: PAU BARRENA/AFP/Getty Images
تأثير الجفاف على المحاصيل
البرتقال في صقلية هذا العام أصغر بكثير من المعتاد. بعض الثمار تجف حتى قبل أن تنضج . السبب هو نقص المياه في الجزيرة الواقعة جنوب إيطاليا: فقد أعلنت السلطات حالة الطوارئ بسبب الجفاف في بداية فبراير/شباط.
صورة من: ALBERTO PIZZOLI/AFP
جفاف في المغرب
ليست أوروبا هي المتأثرة فقط. فالنباتات في المغرب تواجه جفافا ونقصا في مناسيب المياه أيضا.
وفقًا لبيانات برنامج المراقبة الأوروبي Copernicus، تعاني مناطق من أوروبا وشمال أفريقيا من الجفاف. ويظهر هذا الجفاف في أجزاء واسعة من منطقة البحر الأبيض المتوسط. وبعد موجات الحر الهائلة في صيف 2023، لم تهطل كميات الأمطار الشتوية المأمولة في معظم الأماكن.
صورة من: FADEL SENNA/AFP/Getty Images
البحث عن طعام
بقرة تبحث عن قش في صقلية. يعاني المزارعون بسبب نقص الطعام المتوفر للماشية. في ربيع عام 2023، اجتاحت العواصف الجزيرة ودمرت أجزاء كبيرة من محصول القش. منذ ذلك الحين، شهدت الجزيرة قلة في هطول الأمطار. السبب يعود إلى التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري.
صورة من: ALBERTO PIZZOLI/AFP/Getty Images
مواجهة الجفاف
مزارع يمد أنابيب الري في حقل لزرع البطاطا في برشيد، إحدى المناطق الزراعية الرئيسية في المغرب. الجفاف هناك له تأثيرات سيئة جدا، كما هو الحال في جنوب إيطاليا وإسبانيا والجزائر وتونس. في العام الماضي، كانت الخسائر في المحاصيل كبيرة. في عام 2023، تأثر 31.3% من منطقة البحر الأبيض المتوسط بالجفاف.
صورة من: FADEL SENNA/AFP/Getty Images
المناطق الخضراء اختفت بفعل الجفاف
النظرة من الفضاء توضح الأمور أكثر: في الشهور الشتوية الممطرة تكون المناطق حول الدار البيضاء في المغرب عادة خضراء وخصبة بدلاً من أن تكون جافة وبنية اللون. بالإضافة إلى الجفاف ترتفع درجات الحرارة وتتجاوز بكثير المعدل المتوسط. في شهر فبراير/ شباط، ارتفعت الحرارة إلى 37 درجة مئوية. ويعيش المغرب الجفاف للعام السادس على التوالي.
صورة من: NASA Earth/Zumapress/picture alliance
قطف ما هو صالح من الثمار
في تونس، الوضع صعب أيضًا: يمكن لهذه الفلاحة قطف بعض الزيتون الصالح فقط. 2023 تراجع إنتاج الزيتون، وهو أحد القطاعات الزراعية الرئيسية في البلاد، بنسبة تقدر بحوالي 30 في المائة. الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة هي أيضًا سبب في هذا الانخفاض. كان يناير الماضي وفقًا لبرنامج Copernicus، أدفأ شهر يناير على مستوى العالم منذ بداية السجلات.
صورة من: Yassine Gaidi/Andalou/picture alliance
شتاء دافئ
حمام الشمس في الشتاء: عاشت إسبانيا أيضًا في عام 2024 أدفأ شهر يناير في تاريخ البلاد. في بعض المناطق مثل مالقة، ارتفعت درجة الحرارة إلى ما يقرب من 30 درجة مئوية - درجات حرارة مثل هذه هذ يتم تسجيلها فقط ابتداء من يونيو/ حزيران.
صورة من: Europa Press/abaca/picture alliance
الجفاف يمتد
كاتالونيا في إسبانيا أيضًا تعاني من نقص المياه: في بحيرة فيلانوفا دي ساو ربطت القوارب على اليابسة. بعد ثلاث سنوات من الجفاف انخفضت مستويات مياه إحدى أهم السدود لتوفير مياه إقليم برشلونة الكبير إلى أقل من أربعة في المئة. إنه أدنى مستوى في تاريخ البحيرة. تم الإعلان عن حالة الطوارئ في كاتالونيا أيضًا، وتم تقييد استهلاك المياه.
صورة من: PAU BARRENA/AFP/Getty Images
لا يوجد ماء في الأفق
في بداية فبراير، جف مجرى نهر أغلي (Agly) في جبال البيرينيه الفرنسية تقريبًا تمامًا. ولا توجد آمال كبيرة لهطول الأمطار. يتوقع الخبراء ارتفاع درجات الحرارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط خلال ربيع 2024، مع توقعات بكمية ثلوج قليلة في الجبال والتي يمكن أن يؤدي ذوبانه إلى زيادة في مستوى الأنهار. (اعداد: نيلي غينش ـ أعده للعربية: علاء جمعة)