1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةشمال أمريكا

الناتو على شفا الهاوية ـ كيف يعبث ترامب بأعصاب الأوروبيين؟

حسن زنيند
١٧ فبراير ٢٠٢٤

تزامناً مع تهديد ترامب لدول حلف الناتو التي لا تفي بالتزاماتها المالية، يبدو أن بوتين بصدد تطوير سلاح نووي فضائي، ما يضع الحلفاء الأطلسيين، بمن فيهم ألمانيا أمام مفترق طرق استراتيجي بشأن سياستهم الأمنية.

Trump beim NATO Gipfel in Brüssel
صورة من: Reuters/R. Krause

تحول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مرة أخرى، إلى موضوع جدل جيوسياسي بعد أن أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن انتقاداته لدول الحلف التي لا تلتزم بدفع ما عليها من استحقاقات مالية، بل وتهديده بتشجيع روسيا على مهاجمتها.

ولا يثير هذا الجدل تساؤلات حول مصداقية أكبر تحالف عسكري في العالم فحسب، بل أدخل بعض الدول الأعضاء مثل ألمانيا في دوامة من الحيرة واستكشاف عدد من الخيارات في حال أعيد انتخاب ترامب مرة أخرى. ومن هذه الخيارات مظلة نووية أوروبية بديلة، في وقت يبدو فيه أن روسيا تعمل على "نشر سلاح نووي في الفضاء"، ما يعني القدرة على تمير الاتصالات والمراقبة المدنية والعسكرية، وفق ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" ووسائل إعلام اخرى نقلاً عن معلومات استخباراتية أمريكية.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية (15 شباط/فبراير 2024) معلقة: "المشكلة الحقيقية هي أن تصريحات ترامب (..) تأتي في سياق دقيق تماماً لم تعد فيه الحرب مجرد فرضية. لقد أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عنان الحرب ضد أوكرانيا، والعديد من الحلفاء الأطلسيين في بولندا وحتى في ألمانيا، مقتنعون بأنه في غضون سنوات قليلة يمكنه أن يفعل الشيء نفسه ضد إحدى دول الناتو. بالطبع، يمكننا مواصلة الأمل بأن يفعل الناخبون الأمريكيون الشيء الصحيح في النهاية، وأن يُهزم ترامب ونزعته اللاعقلانية".

"المدافع الصامد".. أكبر مناورة لـ"الناتو" منذ الحرب الباردة

02:14

This browser does not support the video element.

برلين قلقة من نسف مصداقية لناتو

في زخم الجدل الذي أثارته تصريحات ترامب كشفت وكالة الأنباء الألمانية (14 شباط/فبراير 2024) أن برلين تمكنت عمليا من الوصول لهدف حلف الناتو من حيث الانفاق الدفاعي، والوصول بالتالي إلى عتبة اثنين بالمئة من الناتج الإجمالي الخام وذلك لأول مرة منذ عام 1992، وهذه النسبة تعادل حوالي 73 مليون دولار أمريكي.

برلين جددت تأكيدها، على لسان المستشارأولاف شولتس، على أهمية العلاقات الأطلسية وبالتالي التزامها تجاه حلف الناتو، بينما رد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس على تصريحات ترامب (13 شباط/فبراير 2024) بالقول إن ترامب يخاطر بإفساد علاقات الولايات المتحدة مع باقي دول الحلف معتبراً أن "أمريكا ستلحق الضرر بنفسها في نهاية المطاف". شولتس اعتبر أيضا (12 شباط/فبراير) أن أي إضعاف لبند الدفاع المشترك في الناتو أمر "خطير" ولا يخدم إلا روسيا، موضحاً أن "أي تشكيك في ضمان المساعدة التي يقدمها أمر غير مسؤول وخطير... ويجب ألا يتلاعب أحد بأمن أوروبا أو يتاجر به".

وأثار ترامب الذي يسعى لإعادة انتخابه، غضبا بين الشركاء الغربيين مطلع الأسبوع بعد أن أشار إلى أن الولايات المتحدة قد لا تحمي أعضاء الحلف الذين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع من غزو روسي محتمل.

صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية (13 شباط/فبراير 2024) علقت بشأن قدرات الجيش الألماني القيام بمهامه كاملة ولمواجهة التحديات الاستراتيجية، معتبرة أنه سيحتاج إلى مزيد من وقت قبل أن يتمكن من تحقيق هذا الهدف: "من دون الدرع الواقي الذي توفره أمريكا، فإن أي وسيلة ردع  أخرى لن تحظى إلا بقدر ضئيل من المصداقية. ومن دون دعم الرئيس الأمريكي المستقبلي ــ بغض النظر عما إذا كان اسمه جو بايدن أو دونالد ترامب ــ فمن غير المرجح أن يأخذ فلاديمير بوتن المستشار (أولاف شولتس) في الحسبان".

صاروخ نووي أمريكي صورة من: Erich Schmidt/imageBROKER/picture alliance

مظلة نووية أوروبية بديلة؟

بعد عامين من التحول الجذري الذي أجرته ألمانيا في سياستها الدفاعية كرد على الغزو الروسي لأوكرانيا، بات السياسيون الألمان كما الخبراء العسكريون يناقشون في العلن موضوعاً كان من المحرمات منذ الحرب العالمية الثانية: إنشاء مظلة نووية أوروبية. وذلك لمواجهة احتمال إعادة انتخاب دونالد ترامب. فإذا سعت واشنطن مستقبلا، لتغيير دورها في المنظومة الأمنية الأوروبية، فقد يتعين على ألمانيا التفكير في الكيفية التي قد تتمكن بها القوتان النوويتان الأوروبيتان (بريطانيا وفرنسا) من تعزيز توفير الحماية لكامل أوروبا. ومن الممكن أن يتم ذلك من خلال زيادة القدرات العسكرية غير التقليدية للبلدين، وتملك فرنسا نحو 300 رأس نووي، معظمها مخصص للصواريخ الباليستية المحمولة على الغواصات. أما العنصر الثاني الذي يتم إطلاقه من الجو فيتكون من صواريخ كروز يمكن إطلاقها من طائرات رافال الحربية. ويذكر أيضا أنه تم تصميم نظام الطائرات المقاتلة الألمانية الفرنسية الإسبانية FCAS ليحل محل طائرات رافال المقاتلة في فرنسا، والتي تعتبر ضرورية للردع النووي.

صحيفة "فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ" الألمانية (15 شباط/فبراير 2024) استشهدت برأي الخبير الأمني ماكسيميليان ترهالي، الأستاذ والباحث في كلية لندن للاقتصاد، الذي يرى أنه يتعين على ألمانيا التنسيق بشكل مكثف مع فرنسا وبريطانيا وبولندا والتحقق مما إذا كان بإمكانهم شراء "1000 رأس حربي نووي استراتيجي مع قاذفات" من الرئيس الأمريكي جون بايدن قبل الانتخابات. واعتبر ترهالي أنه سواء كان بايدن أو ترامب، يجب حماية أوروبا بقوة نووية استراتيجية شاملة.

صورة من الأرشيف لزعماء ألمانيا وفرنسا وهولنداصورة من: Deml Ondøej/CTK/dpa/picture alliance

الأوروبيون حائرون

تدافع بعض الدول الأوروبية عن حلف الناتو، مؤكدة على أهميته بالنسبة للأمن الجماعي، في حين يشجع آخرون البحث في سبل سياسة دفاعية أوروبية أكثر استقلالية. ويثير هذا التنوع في الآراء داخل الاتحاد الأوروبي تساؤلات حول الوحدة فيما يتصل بالقضايا الأمنية، ويظهر عدم وجود وجهة نظر واحدة. صحيفة واشنطن بوست الأمريكية (السادس من شباط/فبراير 2024) اعتبرت أنه إذا واجه بايدن ترامب بعضهما البعض بالفعل في تشرين الثاني/نوفمبر، فسوف يكون الناخبون على خيار صعب: "فالأول يدعم شبكة التحالفات والمؤسسات الدولية التي ساعدت الولايات المتحدة في بنائها بعد الحرب العالمية الثانية، والثاني يدعم نهج "أمريكا أولاً". وبهذا المعنى فإن الناخبين الأميركيين سوف يقررون الاتجاه ليس فقط بالنسبة لبلادهم، بل وأيضاً بالنسبة للعالم ككل. (...) لا يظهر (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين أي علامات على التراجع في أوكرانيا أو التفاوض بشأن السلام، ويبدو أنه يأمل في الحصول على عرض أفضل من ترامب. ومن ناحية أخرى، يتحدث كبار الديمقراطيين في أوروبا بتوتر عن حماية أنفسهم من فترة رئاسية ثانية لترامب. وسواء فاز أم لا، فقد خلق ترامب بالفعل عالماً أكثر خطورة حيث لا يُنظر إلى القوة والمبادئ الأمريكية على أنها ثوابت بل كمتغيرات".

من جهتها حللت صحيفة "هوسبودارسكي نوفيني" الليبرالية من جمهورية التشيك،(السادس من شباط/فبراير 2024) تصريحات ترامب من وجهة نظر أوروبية وكتبت "ينبغي للساسة الأوروبيين أن يعترفوا لأنفسهم ولناخبيهم بأنهم غير مستعدين لولاية ثانية محتملة لدونالد ترامب في البيت الأبيض، والتي من المرجح أن يكون لها تأثير أكثر دراماتيكية على القدرة الدفاعية والأمنية في أوروبا مقارنة بالولاية الأولى. لأن ترامب يعد بالانسحاب من الناتو وإنهاء المساعدات لأوكرانيا على الفور. وهذا يعني أن أوروبا سوف تضطر إلى تحمل مسؤولية أكبر في الدفاع عن نفسها في المستقبل. وهذا لا يتطلب زيادة الإنفاق فحسب، بل يتطلب أيضاً وجود إرادة لدى الساسة الأوروبيين للاتفاق على نهج مشترك".

انطلقت الجمعة (16 شباط/فبراير 2024) أعمال مؤتمر ميونخ للأمنصورة من: picture alliance / photothek

ظل ترامب يُخيم على مؤتمر ميونيخ للأمن

فرضت تصريحات ترامب من بين ملفات أخرى نفسها على أكبر مؤتمر أمني في العالم حيث يجتمع سياسيون ومسؤولون عسكريون ودبلوماسيون بارزون على المستوى الدولي في ميونيخ الألمانية، ابتداء من (الجمعة 16 شباط/فبراير 2024)، بحضور المستشار الألماني أولاف شولتس وشخصيات أخرى مثل كاملا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. المؤتمر يتزامن مع شكوك أعضاء الناتو بشأن التزام واشنطن بالدفاع عن حلفائها على نطاق أوسع مع احتمال إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب.

صحيفة "دي تسايت" الألمانية (16 شباط/فبرير 2024) علقت بأن دونالد ترامب فتح أبواب الجحيم بضعة سنتيمترات بتصريحاته: "هذه الدعوة للغزو أزعجت العديد من الأوروبيين (..) على الرغم من أنه ليس بعد المرشح الجمهوري الرسمي، فهو الذي يحدد بالفعل السياسة الخارجية للولايات المتحدة بحكم الأمر الواقع. تدمير الهيبة الأمريكية في العالم، يدمر قوة الردع لدى الناتو. إنه يدمر مصداقية الالتزام بأن جميع أعضاء الناتو سيدافعون عن بعضهم البعض. وقال إنه "سيجبر" أوكرانيا على صنع السلام، إذا أعيد انتخابة رئيساً للولايات الأمريكية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW