توافق بين "بيغيدا" والنازيون الجدد؟
٢٦ يناير ٢٠١٥ مظهر "أندريه"، من النازيين الجدد، مثير جدا. فآثار حلي الأذن الكبيرة (الحلَق) لازالت بادية على أذنيه المرتخيتين، ويديه موشومتين عن آخرهما. لأول وهلة ينتاب الخوف كل من يرى "أندريه". أما بالنسبة للأشخاص الذين يعرفونه فهو مصدر خطر كبير. فمنذ عام 2013 و"أندريه" يقف أمام القضاء بتهمة مساندة خلية النازيين الجدد في ألمانيا (إن إس يو)، أو ما بات يعرف أيضا بخلية تسفيكاو، وهو متهم أيضا بتقديم الدعم ل بآته تشيبه، المتهمة الأولى، في سلسلة جرائم القتل التي لحقت بمهاجرين في ألمانيا، وبرفع شعارات الكراهية ضدهم وضد المسلمين.
ولازال "أندريه" يصرح بمواقف الكراهية هذه علنا. ففي منتصف شهر يناير/كانون الثاني 2015 ومباشرة بعد جلسة المحاكمة في مدينة ميونيخ كمُتهم في قضية خلية تسفيكاو، خرج "أندريه" ليشارك في مظاهرة مع حركة "بيغيدا"، المعادية للاجئين وللإسلام، جنبا إلى جنب مع رفاقه النازيين الجدد في ولاية بافاريا.
منذ عدة أسابيع تتواصل مسيرات ـ"بيغيدا" كل يوم إثنين، حيث تضم في صفوفها العديد من المتطرفين النازيين الجدد وناشطين في أحزاب يمينية متطرفة وإرهابيين يمينيين سابقين كالمتطرف "كارل-هاينز شتاتسبيرغر" الذي خطط عام 2003 لتفجير كنيس يهودي بمدينة ميونيخ
عداء للأجانب وللإسلام
النازيون الجدد يستغلون مظاهرات حركة "بيغيدا" للتعبير عن كراهيتهم للإسلام ولإطلاق شعارات معادية للأجانب مثل "من لا يحب ألمانيا فعليه أن يغادرها". ويشارك في تلك المظاهرات العديد من المواطنين "العاديين" الذين يندفعون بحماس خلف شعارات الكراهية ضد الأجانب، دون الانزعاج من الحضور القوي لليمنيين المتطرفين في تلك المسيرات.
مشهد مسيرات حركة "بيغيدا" تكرر في العديد من المدن، ففي شمال ألمانيا شارك الحزب اليميني المتطرف في مظاهرات ببرلين والتي سادها طابع نازي. أما في دريسدن، معقل مظاهرات حركة "بيغيدا"، فقد غلبت عليها أيضا صبغة المواقف النازية. وليست هناك من مظاهرات أخرى لليمينين المتطرفين والهوليغانس (مثيرو الشغب في الملاعب) شهدت مشاركة قوية لهم بهذا الحجم. غير أن الرأي العام لا يولي اهتماما كبيرا لهذا التواجد الكبير من اليمينيين المتطرفين في المسيرات المناهضة للاجئين وللإسلام.
السؤال المطروح هو: لماذا نجحت هذه المجموعات اليمينية المتطرفة في اختراق مسيرات حركة "بيغيدا" والمشاركة بشكل كبير فيها؟ وأوضحت دراسة حديثة أجرتها الجامعة التقنية في دريسدن بأن عددا كبيرا من المواطنين الغاضبين على الأوضاع في ألمانيا يلتقون في مواقفهم مع بعض مواقف النازيين الجدد والتي تتمثل في عدم الرضى عن السياسات المنتهجة وفي وجود مشاعر الكراهية ضد الأجانب أو في رفض الوجود الإسلامي في ألمانيا.
ويحاول اليمين المتطرف استغلال مسيرات حركة "بيغيدا" لأهدافه. وحتى الآن تم ذلك بنجاح. ورغم أن العديد من أتباع حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام لا يحبذون استخدام العنف، فإن اليمين المتطرف من بين النازيين ينطلق أساسا من مواقف أعمال العنف كأداة سياسية لتحقيق أهداف عنصرية.