1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

النقاب والحجاب- لباس التونسيات بعد الثورة

خالد بن بلقاسم١٣ نوفمبر ٢٠١٢

بدأ المشهد العام في الشارع التونسي يتغير بعد الثورة. إذ يلاحظ المرء في شوارع تونس وخصوصا داخل أحيائها الشعبية أن بعض النساء تركن الألوان الزاهية وأصبحن يلتحفن السواد ويلبسن الألوان الرمادية والداكنة.

Young students in school of fashion, Tunis (6. Oktober 2012); Copyright: DW/Khaled ben Belgacem
صورة من: DW

يرى العديد من المراقبين أن المرأة التونسية أصبحت اليوم تمثل محور التغيير المجتمعي لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة بعد ثورة 14 يناير / كانون الثاني. وقد نمت بعد الثورة ظاهرة ارتداء الموظفات في الإدارات العمومية للحجاب. ففي عهد الرئيس السابق كان من النادر أن تجد امرأة محجبة في مكاتب الإدارات، أما اليوم فقد ازدادت أعداد المحجبات في دوائر الدولة بشكل لافت.

ويرجح الكثير من المهتمين بالشأن الاجتماعي أن النساء التونسيات وجدن هامشا كبيرا من الحرية في اختيار لباسهن، وأن السلطة الجديدة تشجع على لبس الحجاب وتدافع عن النقاب وتعتبرهما من الحريات الأساسية. فقد أكدت كتلة حركة النهضة الإسلامية داخل المجلس التأسيسي إبان تداعيات قضية دخول الطالبات المنقبات لجامعة منوبة، دعمها لارتداء النقاب مؤكدة أن "منع النقاب في الجامعة مرفوض لأنه يمس الحرية الشخصية".

وفي بداية السنة الجامعية الحالية، حاول وزير التعليم العالي والقيادي بحركة النهضة الإسلامية المنصف بن سالم تمرير مشاريع ثلاثة قوانين، يمنع أولها ارتداء النقاب بالجامعات منعا تاما ويسمح ثانيها بارتدائه دون شروط ويسمح المشروع الثالث بارتدائه بطريقة مقيدة ككشف الوجه عند اجتياز الامتحانات وبقاعات الدرس.

ولكن المجلس العلمي للجامعات التونسية رفض إصدار أي قانون يتعلق بـ"ارتداء النقاب داخل المؤسسات الجامعية"، مشددا على أن "ارتداء النقاب ظاهرة لا تليق بصورة تونس وجامعتها". واعتبر شكري المبخوت رئيس جامعة منوبة في تصريحات إعلامية أن إصدار أي من مشاريع القوانين الثلاث "أمرا غير مطروح للنقاش لأنه ليس بالظاهرة المنتشرة" وأن التعامل مع المسألة متروك للأنظمة الداخلية للمؤسسات الجامعية وليس للحكومة أو المجلس التأسيسي.

انتشار بسطات الملابس في الشوارع والاقبال على شرائهاصورة من: DW

حرب غير معلنة حول اللباس

وحذرت المجالس العلمية للجامعات من خطورة الظاهرة على اعتبار أنها تزج بالجامعة في "حالة من الاحتقان الديني" و"تنتهك عملية التواصل التربوي" بين الأستاذ والطالبة المنقبة. وقالت المجالس العلمية إن مسألة ارتداء النقاب من مهامها وصلاحياتها وليس الحكومة أو المجلس التأسيسي.

وأمام الضغط الذي تمارسه حركة النهضة الإسلامية وأنصارها على المجتمع عبر الجمعيات الخيرية ذات المرجعيات الدينية التي انتشرت في كل الأحياء واعتمادها لخطاب يعتبر المرأة "قاصرا" و"عورة" يجب حمايتها ظهرت بوادر ضغط مجتمعي مضاد من قبل مؤسسات الدولة، وإن كان بشكل خجول إلى جانب الجمعيات الحقوقية والنسائية.

وقد شكلت مكونات المجتمع المدني "الضغط المضاد" الفعلي الوحيد لمحاولات تغيير النمط المجتمعي لتونس ما بعد الثورة. فقد حذرت أحلام بلحاج رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات خلال مؤتمر صحفي عقدته مؤخرا من أن الشرطة التونسية تقوم بحملات غير معلنة ضد النساء المتحررات بدعوى الحفاظ على الأخلاق الحميدة.

وقالت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات خلال هذا المؤتمر إن بعض الأطراف السياسية تسعى لفرض سلوك معين على النساء بدعم من مؤسسات الدولة وإأن الشرطة أصبحت تمارس "تضييقات" على النساء في الأماكن العامة.

ويرى مراقبون أن حركة النهضة الإسلامية شرعت في إطلاق حملات منظمة من حين لآخر لتغيير نمط المجتمع التونسي المتحرر وفرض نمطه المحافظ على مستوى السلوك واللباس. وهي تمارس ضغطها على وسائل الإعلام العامة لبث برامج توعية تتماشى وأهدافها.

المرأة التونسية تتحدى وتدافع عن حريتها في اختيار ملابسهاصورة من: DW

اللباس عنصر هوية وعنوان للانتماء السياسي

ويعتبر اللباس اليوم كما كان في عهد بن علي عنواناً للانتماء السياسي وللهوية المجتمعية للفرد، فلكل تيار سياسي في تونس بعد الثورة لباسه، فالمنقبات اللواتي يلتحفن السواد يعبرن عن التزام سياسي بالمنهج "السلفي" في حين أن بعض المحجبات يعبرن عبر لباسهن عن إلتزام أخلاقي أو انتماء سياسي للتيار الاسلامي، في حين أن غير المحجبات يعبرن عبر نمط لباسهن على مشروع مجتمعي عصري وعن انتماء سياسي علماني. وتقول منال (اسم مستعار)، طالبة منقبة بجامعة صفاقس، في حديث لـ DW عربية أن زميلاتها في الجامعة شجعنها على لبس النقاب، وقد قدم لهن نادي "الكلمة الطيبة" بالجامعة عباءات "شرعية" لتشجيعهن على ارتداء اللباس "الشرعي".

وتؤكد منال أن لبس النقاب بالنسبة لها تعبير عن الهوية، وهو يعد قبل ذلك "واجبا شرعيا" و "التزاما أخلاقيا ودينيا". وترى أن المجتمع التونسي يرفض المنقبات، إذ يتعرضن للمضايقات وللصد بالأماكن العامة وبالإدارات. وأكبر تحد لها كما تقول، هو إقناع عائلتها باختيارها لارتداء النقاب، إذ ترفض عائلتها ذلك كما أن مستقبلها المهني غامض إذا أصرت على لبس النقاب، فأصحاب الأعمال الخاصة يرفضون المنقبات.

وتواجه المنقبات والمحجبات اللواتي يرتدين "اللباس الشرعي" رفضا متزايدا من قبل المجتمع وخصوصا في سوق العمل الذي يعتبر هذا النمط من اللباس دخيلا على المجتمع التونسي وغير ملائم للعمل.

صناعة الذوق العام

وأمام محاولات "التنميط المجتمعي" الذي تمارسه أطراف سياسية عديدة محسوبة على التيار الإسلامي المعتدل والمتشدد على حد السواء، تبقى صناعة الذوق العام من مهام المعاهد المختصة ومصممي الأزياء. وتواصل معاهد الموضة وتصميم الأزياء بعد الثورة نشاطها بنفس الوتيرة وحسب نفس البرامج العصرية. "لا شيء تغير في مجال الموضة يقول مهنيو معاهد الموضة"، إذ تقول السيد فوزية منيرة رصاص، مديرة معهد "أسمود تونس" " نحن نعمل بنفس الروح وعلى نفس المنوال كالسنوات الماضية، لا شيء تغير في مهنتنا غير هامش الحرية الأكبر الذي أصبح يتمتع به الطلبة والمصممون الشباب. وتضيف، خلال معارضنا السنوية، يقدم طلبتنا "موديلات" تعتمد على رؤى جديدة للباس استلهمت مفرداتها من ثورة 14 يناير".

سليمة أنجلار: المصممون الشباب يقدمون تصميمات مبتكرة وأعمالاً تتحدى الذوق السائدصورة من: DW

وتوافقها سليمة أنجلار، أستاذة التصميم في أن المصممين الشبان استلهموا كثيرا من الثورة ويقدمون اليوم تصميمات مبتكرة وأعمالاً تتحدى الذوق السائد والمألوف وتنأى بالتصميم عن التعبيرات الرائجة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW