بعد تصويت النواب لصالح كشفها.. هل تحرج ملفات إبستين ترامب؟
عباس الخشالي رويترز، د ب ا
١٨ نوفمبر ٢٠٢٥
صوت النواب الأمريكيون على مشروع قانون يُلزم بنشر سجلات حكومية متعلّقة بجيفري إبستين المدان بجرائم جنسية، في تحد لمحاولات الرئيس دونالد ترامب الإبقاء على أحد أكثر الملفات إثارة للجدل في البلاد طيّ الكتمان.
متظاهرون أمام مبنى ترامب في نيويورك يطالبون بالكشف عن ملفات إبستينصورة من: Melissa Bender/NurPhoto/IMAGO
إعلان
صوّت مجلس النواب الأمريكي اليوم الثلاثاء (18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025) بأغلبية كاسحة لصالح الإفراج عن ملفات رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية، وإحالة مشروع القانون، الذي سبق واعترض عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى مجلس الشيوخ.
وعندما قدمت مجموعة صغيرة من المشرعين من الحزبين في مجلس النواب التماسا في يوليو/ تموز الماضي للالتفاف على سيطرة رئيس مجلس النواب مايك جونسون على مشاريع القوانين التي تصل إلى قاعة مجلس النواب، بدا الأمر وكأنه جهد فرصته ضئيلة في النجاح - خاصة وأن ترامب حث مؤيديه على رفض المسألة باعتبارها "خدعة".
ترامب: "طردتُه من ناديَّ لأنني كنتُ أرى فيه منحرفا مريضا"
ونفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء أي علاقة له بجيفري إبستين. وقال للصحافيين في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض "في ما يتعلق بملفات إبستين... لا علاقة لي بجيفري إبستين. طردتُه من ناديَّ قبل سنوات طويلة لأنني كنتُ أرى فيه منحرفا مريضا".
رئيس مجلس النواب مايك جونسون صورة من: Tom Williams/CQ Roll Call/Sipa USA/picture alliance
ويرى نواب أن من حق العامة الحصول على إجابات في قضية يشتبه بأن عدد ضحاياها تجاوز الألف. ويقول ترامب إن الملفات ستكشف عن علاقات قوية بين ديموقراطيين وإبستين، لكنه يواجه تدقيقا محرجا بشأن صداقته التي استمرت لسنوات مع الرجل المتهم بأنه ساهم بتوفير فتيات قاصرات لاستغلالهن جنسيا من جانب رجال أثرياء ومؤثرين. لكن التوقعات بكشف حقائق جديدة دامغة قد تكون سابقة لأوانها.
وتتمتع وزارة العدل بسلطة واسعة في حجب أي معلومات إذا كان نشرها "يُعرّض تحقيقا فدراليا جاريا للخطر"، وقد أمر ترامب مسؤولين بالتحقيق في علاقات إبستين مع شخصيات ديموقراطية بارزة، في تدخل لاقى انتقادات واسعة الأسبوع الماضي.
وكشفت هذه القضية عن انقسامات نادرة من نوعها في دعم الرئيس الجمهوري الذي تعهّد خلال حملته الانتخابية بنشر الملفات قبل أن يتراجع بعد توليه السلطة، متّهما الديموقراطيين باختلاق "خدعة" إبستين.
وبعد محاولات متعددة من جانب زعماء الحزب الجمهوري لمنع التصويت، وقّع جميع الديموقراطيين وأربعة جمهوريين على "عريضة إعفاء" - في إجراء استثنائي يحتّم نقل مشروع القانون إلى مجلس النواب.
وقال ترامب على شبكات التواصل الاجتماعي ليل الأحد إن على مجلس النواب التصويت لصالح نشر الملفات مؤكدا "ليس لدينا ما نخفيه".
إعلان
تساؤلات حول دوافع ترامب
يمثّل هذا التحوّل تراجعا غير معتاد اضطر إليه ترامب تحت ضغط من حلفائه، فيما تساءلت ناجيات من إبستين خلال مؤتمر صحافي عُقد قبل التصويت عن دوافع الرئيس وراء هذه الخطوة. وقالت هالي روبسون، إحدى ضحايا إبستين التي وُظّفت كمدلّكة له عندما كانت قاصرا "لا يسعني إلا أن أشكك في أجندة الرئيس".
وعند وفاته التي خلص المحقق الطبي حينها إلى أنها تمّت انتحارا، كان إبستين يخضع لمحاكمة فدرالية لاتهامه بالإتجار بالجنس وباستغلال قاصرات، بعدما أدين عام 2008 بالتحريض على الدعارة، بما في ذلك من قاصر.
وأفادت وزارة العدل في تموز/ يوليو بأنه تم استكمال "مراجعة شاملة" لملف القضية وبناء عليه "لا يوجد أي أساس للعودة مجددا للحديث عن كشف" أي من الملفات المرتبطة بإبستين، ما أثار غضبا حتى في أوساط مؤيدي الرئيس الأمريكي.
تحرير: عبده جميل المخلافي
هل تعلم أين تبدأ سلطات الرئيس الأمريكي وأين تنتهي؟
يمثل سيد البيت الأبيض أعلى سلطة سياسية على المستوى العالمي، هذا ما يعتقده كثيرون. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فسلطات الرئيس الأمريكي ليست مطلقة، إذ هناك آخرون يشاركونه القرار.
صورة من: Klaus Aßmann
هذا ما ينص عليه الدستور
يُنتخب الرئيس لأربع سنوات يمكن تمديدها في أقصى حد لفترة ثانية. هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة. وبذلك فهو يقود أيضاً الجهاز الحكومي المكون من نحو أربعة ملايين شخص تقريباً، بمن فيهم أعضاء القوات المسلحة. ومن واجبات الرئيس أن ينفذ القوانين التي يسنها الكونغرس. وبصفته أعلى رتبة دبلوماسية في الدولة يمكنه أن يستقبل سفراء الدول وبالتالي الاعتراف بتلك الدول.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة من خلال " التحقق والتوازن"
تتداخل السلطات الثلاث فيما بينها، وهي بذلك تحد من صلاحيات بعضها البعض. ويحق للرئيس العفو عن محكوم عليهم بالإعدام، ويسمي قضاة المحكمة العليا شريطة موافقة مجلس الشيوخ. كما يضطلع بتسمية وزراء إدارته والسفراء ولكن أيضاً بعد التشاور مع مجلس الشيوخ وشريطة موافقته. وبهذا يتحقق للسلطة التشريعية أحد سبل مراقبة السلطة التنفيذية.
صورة من: Klaus Aßmann
القوة الكامنة في "دولة الاتحاد"
يجب على الرئيس أن يبلغ الكونغرس بشؤون الدولة. وهو ما يفعله مرة كل عام في ما يسمى بـ "خطاب حالة الأمة". لا يحق للرئيس أن يقدم مشاريع قوانين للكونغرس ولكن بوسعه أن يبرز أهم المواضيع كما يراها من خلال الخطاب. فيمارس نوعاً من الضغط على الكونغرس أمام الرأي العام. ولكن هذا أكثر ما يمكنه فعله.
صورة من: Klaus Aßmann
يمكنه أن يرفض
عندما يعيد الرئيس مشروع قانون إلى الكونغرس دون التوقيع عليه يكون قد مارس حقه باستخدام حق الفيتو لرفض المشروع. وليس من حق الكونغرس أن يبطل هذا الفيتو إلا بأكثرية الثلثين في مجلسيه. وحسب المعلومات المستقاة من مجلس الشيوخ حدث هذا في تاريخ الولايات المتحدة مئة وإحدى عشرة مرة في أكثر من ألف وخمسمائة مرة اُستخدم فيها حق النقض، أي بنسبة سبعة في المئة.
صورة من: Klaus Aßmann
مناطق رمادية في تحديد السلطة
لا يوضح الدستور ولا توضح قرارات المحكمة العليا مدى سلطة الرئيس بشكل نهائي، إذ يمكن للرئيس أن يستخدم حق الفيتو مرة ثانية من خلال خدعة، حيث يقوم الرئيس في ظروف معينة بـ "وضع مشروع القانون في جيبه"، ويعني بذلك أنه يستخدم ما يعرف بـ "فيتو الجيب" فيصبح المشروع بذلك لاغيا ولا يحق للكونغرس إسقاط هذا الفيتو وقد تم استخدام هذه الحيلة الدستورية أكثر من ألف مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
صورة من: Klaus Aßmann
إرشادات بطعم الأوامر
بإمكان الرئيس أن يرشد موظفي الحكومة إلى طريقة القيام بواجباتهم. وتعامل هذه الأوامر المسماة بـ "الأوامر التنفيذية" معاملة القوانين. وليس ضرورياً أن توافق عليها أي هيئة دستورية. ومع ذلك ليس بوسع الرئيس أن يفعل ما يحلو له، إذ بإمكان المحاكم أن تبطل مفعول هذه الأوامر أو بإمكان الكونغرس أن يسن قوانين تبطل مفعولها. وبإمكان الرئيس التالي أن يلغيها بكل بساطة.
صورة من: Klaus Aßmann
التحايل على الكونغرس...
من حق الرئيس التفاوض على اتفاقيات مع حكومات أخرى ويتوجب أن تحصل هذه على موافقة مجلس الشيوخ بثلثي أعضائه. ولتفويت الفرصة على مجلس الشيوخ لرفض الاتفاقيات يقوم الرئيس بإبرام اتفاق حكومي يُسمَى "اتفاقية تنفيذية" ولا تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ حينها. وتسري هذه الاتفاقيات ما دام الكونغرس لم يعترض عليها أو يسن قانوناً يبطل مفعولها.
صورة من: Klaus Aßmann
... حينها يجب التراجع
الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية ولكن قرار الحرب يعلنه الكونغرس. وليس من الواضح ما مدى إمكانية أن يزج الرئيس بالقوات في مواجهة مسلحة دون الحصول على موافقة الكونغرس. في حرب فيتنام رأى الكونغرس أنه قد تم تجاوز خط أحمر بدخول هذه الحرب وتدخل إثر ذلك قانونياً. هذا يعني أن الرئيس قادر على الاضطلاع بهذه الصلاحيات إلى أن يتدخل الكونغرس.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة النهائية
إذا ما استغل رئيس منصبه أو قام بعمل يعاقب عليه القانون، يمكن لمجلس النواب في هذه الحالة أن يشرع في إجراءات عزل الرئيس. وقد حدث ذلك حتى الآن ثلاث مرات دون أن تكلل أي منها بالنجاح. ولكن هناك إمكانية أقوى من ذلك لثني الرئيس عن قرار ما. الكونغرس هو المعني بالموافقة على الموازنة ويمكنه أيضاً أن يوقف تدفق المال. أوته شتاينفير/ و.أ