الهجرة واللاجئون.. محور خلافات عميقة بين ميركل وحلفائها
١١ يونيو ٢٠١٨
الخلاف بشأن الهجرة واللاجئين بين محافظي الائتلاف الحاكم بزعامة ميركل يزداد اتساعاً بعد أن أجبر وزير الداخلية هورست زيهوفر على تأجيل تقديم خطة جديدة بهذا الشأن. هل بات الخلاف بين ميركل وحلفائها يهدد الائتلاف الحاكم برمته؟
إعلان
خلف الكواليس يجري الحديث في الحزب البافاري الاجتماعي المسيحي عن خلافات جدية مع المستشارة ميركل، زعيمة الحليف الكبير الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فيما لا يختلف الوضع في حزب ميركل في الأجواء تشير إلى غليان كبير في موضوع الهجرة واللجوء.
أخذت هذه الخلافات الجديدة بين صفوف المحافظين نطاقاً أوسع حين ألغى وزير الداخلية المحافظ هورست زيهوفر الاثنين (11 حزيران/ يونيو 2018) عرضاً عبر مؤتمر صحفي لمجموعة من السياسات، تتضمن قواعد أكثر صرامة لتنظيم الهجرة واللجوء، والذي كان مقرراً ليوم غد الثلاثاء.
وقالت وزارة الداخلية في بيان الاثنين "تم تأجيل الموعد المقرر لعرض الخطة الرئيسية... بعض النقاط لا تزال بحاجة للاتفاق عليها. لم يتحدد موعد جديد بعد". من جانبها ذكرت صحيفة "بيلد" الواسعة الانتشار أن زيهوفر، زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري حليف حزب الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل، اضطر لإلغاء العرض بسبب خلافات مع المستشارة الألمانية.
ويريد زيهوفر السماح لسلطات الحدود بأن ترفض على الفور دخول طالبي اللجوء الذين حصلوا بالفعل على حق اللجوء في دولة أخرى بالاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى ذلك، يريد منح شرطة الحدود سلطة الرفض الفوري لطالبي اللجوء الذين سبق ترحيلهم من ألمانيا.
ويتجه حزب زيهوفر إلى انتخابات إقليمية صعبة في ولاية بافاريا في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل عندما يواجه منافسة شرسة من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي والمعادي للاجئين. ويسعى حزب زيهوفر إلى الحفاظ على أغلبيته المريحة في البرلمان المحلي والتي تبدو مهددة في حال حقق الحزب الأكثر يمينية منه مكاسب كبيرة على حسابه.
من جانبها، رفضت المستشارة ميركل التعليق على الخلافات الجديدة مع حلفائها المسيحيين، لكنها شددت مساء الأحد مجدداً في حوار أجرته ببرنامج حواري على القناة الأولى للتلفزيون الألماني العام على سياستها التي انتهجتها منذ البداية فيما يخص أزمة اللجوء واللاجئين. وحاولت ميركل التقليل من شأن الخلافات المندلعة مع حلفائها في المعسكر المحافظ.
ورغم أن مواقف ميركل في ملف اللجوء تثير جدلاً واسعاً لدى الحلفاء من المحافظين، إلا انها تصر على مواقفها المعلنة، خصوصاً فيما يتعلق برؤيتها لهذا الملف، حيث تعتبر ميركل أن القانون الأوروبي في هذا المجال يقف فوق القانون الوطني. كما تسعى ميركل إلى كسب ود المستشار النمساوي كورتس الذي ستتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام الجاري.
ويدعو المحافظون الذين تنتمي إليهم ميركل إلى تطبيق قواعد أكثر صرامة للهجرة وإلى تسريع عملية ترحيل طالبي اللجوء الذين لم تقبل طلباتهم بعد حالة الغضب الشعبي الناتجة عن جريمة اغتصاب وقتل فتاة ألمانية الشهر الماضي، والمتهم بارتكابها طالب لجوء عراقي.
وعزز قرار ميركل باستقبال أكثر من مليون لاجئ في 2015 من شعبية حزب "البديل من أجل ألمانيا" المعادي للهجرة. وخصصت الحكومة أكثر من 20 مليار يورو (23.61 مليار دولار) لدمج طالبي اللجوء في المجتمع ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة.
ح.ع.ح/ ع.غ (رويترز/أ.ف.ب)
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش