"الهجمات الجوية لن تؤثر كثيرا على الحوثيين"
٢٧ مارس ٢٠١٥بدأت السعودية ودول أخرى -بينها قطر والكويت والبحرين والإمارات- شن هجمات جوية على اليمن بعد منتصف ليلة الخميس (26 مارس/آذار)، وفي هذا الصدد أجرت إذاعة "دويتشلاند فونك"، إحدى شركاء مؤسسة DW، مقابلة مع الباحثة في الشؤون اليمنية، مارايكه ترانسفيلد، من المعهد الألماني للسياسية الدولية والأمنية في برلين، وجاءت المقابلة كما يلي:
هل فشلت اليمن كدولة بشكل نهائي؟
مارايكه ترانسفيلد: هياكل الدولة ضعفت بشكل كبير بسبب استيلاء الحوثيين على السلطة، وسيطرتهم تقريبا عليها (هياكل الدولة). أما بالنسبة لوحدة الأراضي اليمنية والمؤسسات فإن الدولة في اليمن قد فشلت بالفعل. وسيكون من الصعب جدا إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وسيكون الأمر بالتأكيد أكثر صعوبة بسبب الهجمات التي شنتها السعودية، فأنا لا يمكنني أن أتصور أنه من خلال ذلك سيكون هناك تحجيم لقوة الحوثيين بأي شكل من الأشكال، أو أنه سيمكن إعادة العملية السياسية إلى مسارها.
كثيرون ممن لا يعرفون الأمر جيدا سيصابون بالدهشة (من قولك). فإذا كانت السعودية تنفذ هجمات بالاشتراك مع دول خليجية أخرى، أي أن هناك على ما يبدو ست أو سبع دول تهاجم من الجو بهذا المدد وأنظمة الأسلحة هذه، ثم تقولين أنت أنه رغم ذلك فإن الهجمات لن تؤثر كثيرا؟
لا أستطيع أن أتخيل أن الهجمات ستؤثر كثيرا. هذه الهجمات وجهت إلى أهداف إستراتيجية. فقد تمت مهاجمة أجزاء من المطار، لأنه يستخدم أيضا من قبل الجيش، والآن يستخدم من قبل الحوثيين القابضين على الجيش اليمني. وبالإضافة إلى ذلك، هناك مزاعم بأنه تمت أيضا مهاجمة القصر الرئاسي، لأنه هو أيضا تحت سيطرة الحوثيين. وهناك أيضا هدف آخر ربما يكون الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لأنه سهل مع الحوثيين الزحف العسكري الذي وقع في الأشهر الماضية، والذي وصل في الأيام الأخيرة إلى مدينة عدن بجنوب اليمن، مستهدفا تنحية الرئيس المنتخب هادي عن المشهد. والآن يحاول السعوديون، جنبا إلى جنب مع التحالف العربي، وقف هذا الزحف الحوثي؛ لكي يتعزز موقف هادي في تركيبة السلطة من جديد.
نحن نتحدث عن العاصمة صنعاء، وعن مدينة عدن، وهما أكبر مدينتين. ثم هناك الرئيس الحالي هادي، وهناك أيضا المتمردون الحوثيون الشيعة، وهناك كذلك الرئيس السابق صالح، أي أن الوضع معقد بشدة. ثم هناك تنظيم القاعدة، وهناك أيضا القبائل، التي لديها مصالح كبيرة. فهل نحن نتحدث أيضا عن شرعية سياسية لمجموعة معينة، أم أن الأمر يتعلق فقط بسياسة القوة؟
بالنسبة للوقت الراهن فإن حديثنا له صلة كبيرة بالشرعية، وخصوصا الشرعية نحو الخارج. والمشكلة كانت أن الرئيس هادي انتخب من قبل الشعب في عام 2012. ومع أنه لم يكن هناك مرشح منافس له، تم انتخابه رئيسا من خلال استفتاء شعبي، وحصل على دعم من المجتمع الدولي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، من أجل تنفيذ العملية الانتقالية، التي دعمتها أيضا الأمم المتحدة.
وتقريبا منذ يناير/ كانون الأول 2014 تمكن الحوثيون من التقدم من صعدة التي تقع على الحدود مع السعودية، وفي النهاية استطاعوا في سبتمبر/ أيلول 2014 الاستيلاء على العاصمة. وفي فبراير/ شباط 2015، فرّ هادي من صنعاء وتوجه إلى عدن، وحاول أن يأخذ معه هذه الشرعية الدولية، ولذلك حاول أيضا من بعد أن يأخذ معه إلى عدن كل الأموال التي وضعها المجتمع الدولي في هذه العملية السياسية. وهذا لم لم ينل رضا الحوثيين، الذين يحاولون الآن بالضبط توطيد السلطة في صنعاء وبناء دولة. وهنا هم أيضا بحاجة إلى شرعية الخارج، التي حرمهم منها هادي. وهذا تماما هو هدف ذهابهم إلى عدن، كي يبعدوا هادي عن المشهد، بينما تحاول السعودية منعهم من ذلك.
ما زلنا نتحدث عن القوى التي تلعب الدور الحاسم في اليمن، ولنبدأ بإيران. إيران تدعم الحوثيين الشيعة ضد السنة. فهل يمكننا أن نشبه ذلك بالوضع في العراق؟
في الواقع لا، وهذا هو الأمر الأشد تعقيدا هنا. الآن يتم في كثير من الأحيان استخدام مصطلحات مثل الشيعة والسنة، وهكذا تنشأ تقريبا صورة، كما لو كان الوضع مثلما عليه في العراق. لكن في الواقع، فإن الحوثيين أولا زيديون، بمعنى أنه رغم انتمائهم عموما للإسلام الشيعي، إلا أنهم قريبين جدا في ممارساتهم من الإسلام السني. وفي اليمن هناك تقليد ديني قديم جدا، يتمثل في الاختلافات هذه بين الزيدية والسنة، أو في هذه الحالة، أتباع المذهب الشافعي.
هل إيران تدعم هذه المجموعة (الحوثيين) دون قيد أو شرط؟
هناك روابط بين إيران والحوثيين، لكني أود أن أرفض القول أن إيران تقف وراء صعود قوة الحوثيين هذه. فهذا (قول) لا أؤيده بهذا الشكل.
هل مازالت واشنطن تلعب دورا هنا؟
في اللحظة الراهنة، لا. باستيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء، تراجع نفوذ واشنطن في اليمن بشكل درامي، وبالتالي فإن الولايات المتحدة تدعم بالتأكيد الهجمات التي تقوم بها السعودية.
هذا يعني أن واشنطن لم تصل بعد لمرحلة الحياد، وأنها لا تزال تدعم المكان الذي يستطيع الرئيس أن يتواجد فيه؟
بالضبط، ولهذا دعمت أيضا هجمات الليلة الماضية (ليلة الخميس). والقوات الأمريكية التي كانت حتى وقت قريب متمركزة في اليمن جرى سحبها أيضا قبل وقت قصير من الهجمات، ويقال الآن إن الحوثيين توصلوا إلى وثائق سرية تتعلق بالحرب على الإرهاب في اليمن. وطبعا يحاول الأمريكيون تعطيل ذلك أيضا، فهم بحاجة إلى شريك يمكن الاعتماد عليه لكي يتمكنوا من مواصلة القتال ضد تنظيم القاعدة.