التطورات الأخيرة في أفغانستان رفعت حدّة الأصوات المطالبة في أوروبا بتطوير قوة عسكرية مشتركة، تكون قادرة على التصرف بسرعة في وقت الأزمات. فكيف تخطط دول الاتحاد الأوروبي لبناء قواعد قوة دفاع موحدة؟
إعلان
قال المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم الخميس (الثاني من أيلول/ سبتمبر 2021)، إن النهاية الكارثية للتدخل الغربي في أفغانستان الناتجة عن انسحاب القوات الأمريكية والقوات المتحالفة تؤكد على حاجة أوروبا إلى تطوير قدرات دفاعية مستقلة.
وأضاف بوريل للصحفيين في محادثات مع وزراء دفاع التكتل في سلوفينيا أن "الحاجة إلى نظام دفاع أوروبي قوي أصبحت واضحة اليوم أكثر من ذي قبل". وأطلقت واشنطن عملية انسحاب القوات الأجنبية من الدولة الواقعة بوسط آسيا في وقت سابق من العام الجاري، وحذا حذوها حلفاء منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو). وفي ظل انسحاب أغلب القوات الأجنبية، استولت حركة طالبان المتشددة على السلطة بوتيرة مذهلة قبل أسبوعين.
وعقب النهاية الفوضوية للمهمة التي استمرت عشرين عاما، تفكر الدول الأعضاء بجدية أكبر في إنشاء قوة أوروبية دائمة للاستجابة السريعة ليتم نشرها في الأزمات. وكانت الفكرة الأولى عن قوة من نحو خمسة آلاف فرد. ولكن وزير الدفاع السلوفيني ماتيغ تونين قال إن الوحدة يمكن أن تضم ما يصل إلى 20 ألف جندي. وتتولى ليوبليانا حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور إن الاتحاد الأوروبي كان "معتمدا على الأمريكيين". وظل التكتل يحاول التنسيق عن كثب بصورة أكبر بشأن الأمن في السنوات الأخيرة. والهدف الأساسي هو أن يصبح التكتل فاعلا بصورة أكثر استقلالية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة على ما يبدو من المسرح العالمي.
من تمّ تعمل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على "بوصلة إستراتيجية" جديدة، أي مبادئ دفاع مشترك من شأنها مساعدة الكتل الأوروبي على العمل بشكل منسق خلال الأزمات. وفي ظل 27 جيشا وحكومة، غالبا ما تعيق الحاجة لإجماع سريع في الآراء بين الدول الأعضاء.
وقال بوريل إن المسودة النهائية لهذه الوثيقة يجب أن تكون جاهزة في تشرين أول/أكتوبر أو تشرين ثان/نوفمبر. وأضاف أنه يأمل أن تعجِّل عودة طالبان إلى السلطة الاندماج الدفاعي الأوروبي، مشيرا إلى أنه "أحيانا ما تقع أحداث تحفّز التاريخ". وشددت كرامب-كارنباور على أن الاستقلال الأوروبي الأكبر لا يعني أن يحل محل الناتو أو الروابط الوثيقة مع الولايات المتحدة ولكن يعني "جعل الغرب أقوى بشكل عام".
ا.ف/ و.ب (د.ب.أ، أ.ف.ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP