1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الهيدروجين الأخضر.. قطاع واعد للاقتصادات العربية

٦ يناير ٢٠٢٥

شهد عام 2024 قفزات كبيرة في استثمارات وإنتاج الهيدروجين الأخضر في عدد من الدول العربية. يرى خبراء أن مصدر الطاقة المنتج بوسائل صديقة للبيئة سيكون أحد محاور الاقتصاد الأساسية لهذه الدول خلال سنوات قليلة مقبلة.

مشروع تجريبي للهيدروجين الأخضر في البرازيل - 22.07.2024
بمرور الأيام يزداد الطلب عالمياً على الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة صورة من: Thomas Imo/BMZ/photothek.de/picture alliance

خلال السنوات القليلة الماضية، تصاعد الاهتمام الدولي بإنتاج الهيدروجين الأخضر.. مصطلح تردد كثيراً في وسائل الإعلام وبين الساسة ورجال الصناعة.

والهيدروجين هو عنصر كيميائي يوجد بوفرة في كوكبنا، لكنه يوجد مرتبطاً بعناصر أخرى. ويتم الحصول عليه في شكل نقي لاستخدامه في الكثير من العمليات الصناعية، لكن هذه العملية تحتاج إلى كم كبير للغاية من الطاقة تؤدي إلى انبعاثات كربونية ضخمة.

وتوجد عدة أنواع من الهيدروجين،  لعل أهمها الرمادي والأزرق والأخضر بحسب طريقة الإنتاج. أما الهيدروجين الأخضر فهو الهيدروجين الذي يتم إنتاجه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، من خلال عملية تسمى التحليل الكهربائي.

وفي هذه العملية، يتم استخدام الكهرباء من مصادر متجددة لتحليل الماء H2O إلى مكونيه الأساسيين: الهيدروجين والأكسجين، وهي عملية لا ينتج عنها أي انبعاثات كربونية في الجو.

أسباب الاهتمام المتزايد بإنتاج الهيدروجين الأخضر

يكمن وراء ذلك عدة أسباب وهي:

  • خطط إزالة او تقليل الكربون المنطلق في الجو: إذ تهدف العديد من الدول إلى تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي لمكافحة تغير المناخ. في هذا الإطار، يوفر الهيدروجين الأخضر مسارًا ممتازاً لتقليل الانبعاثات الكربونية من قطاعات مثل الصناعات الثقيلة والنقل.
  • التحول في مجال الطاقة: مع ابتعاد البلدان عن الوقود الأحفوري بشكل مستمر، يُنظر إلى الهيدروجين الأخضر على أنه عنصر أساسي في التحول في مجال الطاقة، حيث يوفر بديلاً نظيفًا لتخزين الطاقة ونقلها.
  • تعظيم الفرص الاقتصادية: يمكن أن يؤدي تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر إلى خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة المتجددة.
  • أمن الطاقة: يمكن أن يعزز إنتاج الهيدروجين من الموارد المتجددة المحلية في أمن الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد.
  • القدرة التنافسية العالمية: تحرص البلدان على ترسيخ الريادة في سوق الهيدروجين الأخضر، والذي من المتوقع أن ينمو بشكل كبير في السنوات القادمة، ما يمكن أن يؤدي إلى تقدم تكنولوجي وفرص تصدير.
  • دمج الطاقة المتجددة: يمكن أن يساعد الهيدروجين الأخضر في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الطاقة، وتخزين الطاقة المتجددة الزائدة لاستخدامها خلال فترات انخفاض الإنتاج.

الطريق الطويل للهيدروجين الأخضر

04:25

This browser does not support the video element.

سباق بين الدول العربية

وكان عام 2023 قد شهد تنافساً قوياً بين عدة دول عربية لإنتاج الهيدروجين الأخضر. ولعل أكثر ما تتميز به المنطقة العربية تلك الموارد الهائلة من الطاقة الشمسية والرياح، مما يوفر إمكانية كبيرة لتوليد الكهرباء النظيفة اللازمة لإجراء عملية التحليل الكهربي للمياه والحصول على الهيدروجين النقي.

أيضاً تقع الدول العربية في مواقع استراتيجية، مما يسهل تصدير الهيدروجين الأخضر الذي تنتجه إلى الأسواق العالمية، خاصة إلى أوروبا وآسيا.

وإضافة إلى أهداف تنويع الاقتصاد وتقليل الانبعاثات الكربونية والاستثمار في التطوير والبحوث الخاصة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، فإن كل هذه العوامل مجتمعة جعلت الكثير من الدول العربية تبرز كقادة في قطاع انتاج الهيدروجين الأخضر على المستوى الدولي.

 

أهم الدول العربية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر

  • المملكة العربية السعودية: سعت السعودية في عام 2024 إلى تحقيق أهداف طموحة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث تستهدف إنتاج 2.9 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 4 ملايين طن بحلول عام 2035.

ولدى السعودية 10 مشروعات متصلة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم في نيوم، باستثمارات تصل إلى 8.4 مليار دولار، وفق ما ذكر موقع "الطاقة".

  • الإمارات العربية المتحدة: تستثمر الإمارات العربية المتحدة بكثافة في الهيدروجين الأخضر، مع مشاريع مثل مشروع حديقة محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية. وتهدف الدولة إلى دمج الهيدروجين في استراتيجيتها للطاقة.

خلال عام 2024، خططت الإمارات لإنتاج 1.4 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2031، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 15 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050. تمتلك الإمارات 14 مشروعًا في مجال الهيدروجين، مع التركيز على تطوير واحات لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، كما تسعى الإمارات للاستحواذ على 25% من السوق العالمية للهيدروجين.

  • مصر: تركز مصر على الهيدروجين الأخضر كجزء من مبادراتها للطاقة المتجددة، وخاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تخطط لجذب الاستثمارات في إنتاج الهيدروجين.

وفي عام 2024، واصلت مصر تعزيز جهودها في إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث تستهدف إنتاج حوالي 1.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030. في هذا الإطار، تمتلك مصر 36 مشروعًا معلنًا، منها 31 مشروعًا مخصصًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.

وكانت مصر قد نجحت في تصدير أول شحنة أمونيا خضراء من مصنع في العين السخنة عام 2023. كما اعتمد المجلس الأعلى للطاقة في 2024 الاستراتيجية الوطنية لاقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، في مسعى لتعزيز التزام البلاد بتعزيز حصتها في السوق العالمية للهيدروجين، والتي تستهدف أن تصل إلى 5-8% بحلول عام 2024، بحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

  • سلطنة عمان: وضعت عمان خطة في عام 2024 تستهدف إنتاج 1.25 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 8.5 مليون طن بحلول عام 2050.

وتمتلك عمان 16 مشروعًا في هذا المجال، معظمها مخصص لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. وتسعى عمان لتصبح سادس أكبر مُصدّر للهيدروجين عالميًا.

  • الجزائر: سعت الجزائر في عام 2024 إلى تعزيز مكانتها في سوق الهيدروجين الأخضر، حيث تمتلك إمكانيات كبيرة بفضل مواردها الطبيعية الغنية والشمسية. وتهدف الجزائر إلى إنتاج حوالي 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، مع التركيز على تطوير مشروعات جديدة في هذا القطاع.

وتخطط الحكومة الجزائرية لإنشاء مراكز للهيدروجين في عدة مناطق، مع استثمار كبير في الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كما تسعى الجزائر إلى التعاون مع دول أخرى لجذب الاستثمارات في مشاريع الهيدروجين الأخضر.

كما تأمل الجزائر لأن تصبح لاعبًا رئيسيًا في سوق الهيدروجين العالمي، مستفيدة من موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية.

التحول إلى استخدمات الطاقة النظيفة

02:50

This browser does not support the video element.

وعن أسباب توسع الدول العربية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، يقول بشار الحلبي خبير أسواق النفط والطاقة إن دول الخليج تحديداً - بالإضافة لمصر والتي هي أيضا دولة مهمة للغاية في هذا المجال - آخذة في التوسع في الاستثمار في هذا المجال.

يرى بشار الحلبي خبير أسواق النفط والطاقة أن دول الخليج تستثمر في إنتاج الهيدروجين الأخضر ليكون واحداً من العوائد الاقتصادية الأساسية بحوار الوقود الأحفوريصورة من: Privat

وأضاف خلال حوار هاتفي مع DW عربية أن دول الخليج تستعد للتحولات المستقبلية في استخدام الطاقة خاصة وأنها تستفيد حالياً من المصادر الطبيعية للطاقة لديها كالنفط والغاز، ولكنها في الوقت نفسه عليها أن تستعد للمستقبل لهذا التحول ي مصادر الطاقة من أجل الحفاظ على مصادر الدخل للاقتصاد المحلي.

وكذلك لخلق فرص عمل كما أن الأمر بالطبع مرتبط بالواقع السياسي بأن تكون الدولة واحدة من منتجي الطاقة في العالم. 

اعتراضات وجيهة

لكن التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر يواجه انتقادات ليست بالقليلة. فعلى الرغم من انخفاض تكلفة الهيدروجين الأخضر بسرعة، لكنها لا تزال عمومًا أعلى من تكلفة الوقود الأحفوري بحسب تحليل أجرته كمالا شيلينغ ونشر بموقع شبكة بلومبيرغ. فاعتبارًا من عام 2023، تقدر تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بحوالي 3 إلى 6 دولارات للكيلوغرام ويتوقع أنها قد تنخفض إلى حوالي 1 إلى 2 دولار للكيلوغرام بحلول عام 2030.

بيد أنّ تكلفة إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري (الهيدروجين الرمادي) تتراوح عادةً من 1 إلى 2 دولار للكيلوغرام، اعتمادًا على أسعار الغاز الطبيعي وتقنيات احتجاز الكربون.

وبحسب تحليل أجرته شركة "مايكل إنرجي" المتخصصة في بحوث ودراسات الطاقة والتي تساعد الشركات في تقليل النفايات في البيئة فإن أسعار الكهرباء والبنية التحتية والتقدم التكنولوجي والسياسات الحكومية هي أهم العوامل المؤثرة على تكلفة إنتاج هذا الهيدروجين.

ويقول بشار الحلبي الخبير في اسواق الطاقة إن كلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بدول الخليج ومصر هي أرخص من غيرها لأسباب بيئية ومناخية متعددة، "وسيكون الهيدروجين الأخضر مصدر طاقة يتزايد عليه الطلب بشدة في المستقبل وتحديداً من أوروبا".

وأضاف أنه "بالنظر للاتفاق الذي تم في قمة G20 العام الماضي التوقيع على اتفاق (ممر الهند - الشرق الأوسط - أوروبا) وهي اتفاقية اقتصادية سياسية لربط الهند بأوروبا مروراً بالخليج، وأحد جوانب هذه الاتفاقية هو تصدير الهيدروجين من دول الخليج إلى أوروبا وإلى الهند أيضا، من هنا نرى مدى أهمية الموضوع ".

واختتم حديثه بالقول إن "المشكلة الحالية التي تواجه مسألة التحول في الطاقة هي ارتفاع تكلفة الإنتاج في مقابل الطاقة القادمة من النفط ومشتقاته، لكن مع التقدم العلمي والتطور الحادث بسرعة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة فإن هذه التكلفة آخذة في الانخفاض بالفعل وهذا هو الأمل حالياً والذي يسبق عملية التوسع في الاستخدام الاقتصادي لمصادر الطاقة هذه".

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW