1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الوشم في العراق ـ تقليد أعمى أم تعبير عن الحرية المفقودة؟

٩ نوفمبر ٢٠١١

انتشرت وبشكل ملحوظ في السنوات القلية الماضية موضة الوشم في مناطق مختلفة من الجسد بين أوساط الشباب العراقي، حتى باتت هوساً يزداد الإقبال عليه من كلا الجنسين كدليل على الحرية ومواكبة الموضة، لكن المجتمع لم يتقبلها بعد.

أشكال وألوان وشخصيات ورموز مختفلةصورة من: DW/Munaf Al-saidy

تنتشر في بغداد صالونات ومراكز الوشامين الذين يمارسون مهنتهم بعيداً عن أجهزة الرقابة الصحية، وعلى الرغم من اتساع الظاهرة إلا أن المجتمع العراقي مازال يعتبرها من السلوكيات الدخيلة وغير المرغوب فيها. خلف كومبيوتره المحمول يجلس سرمد عماد جواد منشغلاً بعرض مختلف أنواع النقوش والزخارف والأشكال ذات الألوان الزاهية لأحد زبائنه الذي يرغب في أن يُرسم أحداها على جسده. جواد، صاحب أحد صالونات نقش الوشم "التاتو" في العاصمة بغداد، يفسر سبب تزايد الإقبال من كلا الجنسين على طلب الوشم خلال الآونة الأخيرة، إلى "تطلع المجتمع على ما تعرضه القنوات التلفزيونية من أفلام والأغاني التي يعتبرها الكثير من زبائني من مكملات الموضة لدى الشباب" على حد قوله.

إقبال كبير من قبل الشباب

الشابات لهن رغبات مختلفة عن الشباب؟صورة من: DW/Munaf Al-saidy

ويقول جواد (28عاماً)، الذي اكتسب مهنة نقش الوشم على الجلد بعد أن تدرب على يد أحد الوشامين الأمريكيين في العراق قبل خمسة أعوام، أن رغبات زبائنه في تحديد الشكل المراد وشمه، تختلف بحسب الجنس. ويشير في حديث مع دويتشه فيله إلى أن أبرز الأشكال التي يطلبها الذكور تتمثل بـ"التنين والأفاعي والجماجم البشرية والعقارب بالإضافة إلى الرموز الدينية وأن اغلبها ترسم على الذراع والكتف". وعن ما تفضله الإناث يكمل مستطرداً، إنهن "يفضلن نقوش الأزهار والفراشات فضلاً عن رموز الحب والأسماء واغلبها تكون في مناطق غير مكشوفة من الجسد أو على الذراع".

أما أسعار رسم الوشم على الجلد فتختلف باختلاف نوع الأصباغ المستخدمة وعدد الجلسات وطبيعة العمل، كما يقول جواد، ويضيف أن أسعارها تتراوح بين 120 ألف دينار عراقي (نحو 100 دولار أمريكي) و12 مليون دينار عراقي (نحو 10000 دولار أمريكي).

"موضة جميلة"

هل هي إشارة النصر على التقاليد؟صورة من: DW/Munaf Al-saidy

"لم أجيء إلى هذا المكان بدافع الفضول فقط، بل أرغب في أن يُوشم على جسدي، أرغب في ذلك كثيراً، فالوشم موضة جميلة ويعطي مظهراً رائع عند تزين الجسم بإشكاله المختلفة وألوانه الزاهية فضلاً عن اعتبارها وسيلة للتعبير عن الحرية المفقودة وأيضاً للتفرد والتعبير عن طموحاتي الشخصية"، هذا ما قاله عمار عبد الكريم، الذي جاء إلى إحدى صالونات الوشامين في بغداد لغرض نقش أحد الرسوم على جسده.

ويشير عبد الكريم (26 عاماً) إلى أنه اتجه إلى فكرة الوشم على ذراعه بفضل نصيحة قدمها له أحد أصدقائه بعد أن أعجب بفكرة رسم "رأس النمر" الذي يعتبره "رمزاً للقوة". ويضيف بالقول: "للوشم أهمية كبيرة في حياة الإنسان لأنه يجسد لوحة حياته الأبدية التي يرغب في أن يضعها على جسده، فهي تجسد سلوك الشخص وتطلعاته الداخلية"، بحسب قوله.

أما هاشم السراي فجاء برأي مخالف لعبد الكريم، والذي يرى بأن "فكرة الوشم ليست سوى تقليد أعمى لسلوكيات الغرب" على حد قوله. ويضيف السراي (31عاماً) في حوار مع دويتشه فيله: "أنا ضد فكرة الرسم على الجسد بكل أنواعه ومن الخاطئ القول بأن الوشم من مستحدثات الموضة، بل هي وسيلة للتعبير عن ذات جريحة لدى أغلب الشباب وتعبير عن رغباتهم في تقليد كل ما يروه". ويكمل السراي حديثه بالقول: "أنا شخصياً واثق من نفسي وقادر على تحقيق ما أسعى إليه ولا حاجة لي بالوشم".

انفتاح المجتمع سبب زيادة الإقبال

وتفسر الدكتورة فوزية العطية، أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد، سبب انتشار ظاهرة الوشم بين الشباب في العراق إلى "انفتاح المجتمع العراقي من خلال ثورة المعلومات الحديثة كالإنترنت وكثرة القنوات الفضائية، فضلاً عن السفر للخارج ومحاولة الشاب العراقي للارتقاء بالسلم الاجتماعي في تقليد أقرانه في تلك الدول بعد أن كان الشباب في العراق يعاني الحرمان قبل عام 2003".

وتعزو العطية سبب انتشار الوشم لدى الشباب من كلا الجنسين إلى جملة أسباب، أبرزها "التفكك في المنظومة القيمية والعائلية والاجتماعية"، وذلك بسبب الظروف الصعبة التي مر بها العراق، فضلاً عن "الانفتاح المفاجئ في ظل انعدام التوعية الإعلامية للأطفال والمراهقين في نبذ مثل هذه الأفكار الدخيلة على المجتمع العراقي للحفاظ على المنظومة القيمية والموروث الشعبي لدى المجتمع العراقي" وتنوه الأستاذة العراقية إلى ضرورة تدخل وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والجهات الرقابية خلال هذه الفترة "الحرجة للحد من الظاهرة والتصدي لها ومعالجتها".

وماذا يقول الدين؟

سرمد عماد جواد، صاحب صالون للوشم، يستعد لتلبية رغبة كل زبونصورة من: DW/Munaf Al-saidy

يشير رجل الدين حيدر الحلفي في حديث إلى دويتشه فيله إلى أن "الشريعة الإسلامية والسنة النبوية الشريفة حرمتا الوشم ونهت عنه سواء كان للرجل أو المرأة"، ويعلل الحلفي سبب تحريم الدين الإسلامي للوشم بـ"ما يلحق الجسد من أذى أثناء عملية الوشم، كما أن الجسد أمانة وهبها الله إلى الإنسان في الدنيا ويجب الحفاظ عليه".

وعلى الرغم من ذلك فظاهرة الوشم –لكن بأشكال أخرى- عرفها المجتمع العراقي سابقاً كوسيلة علاجية لبعض الحالات النفسية، فضلاً عن طرد الشر والنفس الخبيثة والحسد، وكان يُعرف آنذاك بـاسم "الدكه".

مناف الساعدي/ بغداد

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW