اتفاق إيراني أوروبي على موعد استئناف المحادثات النووية
محي الدين حسين د ب أ، أ ف ب، رويترز
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
اتفقت إيران مع الاتحاد الأوروبي ودول "الترويكة الأوروبية"؛ ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، على استئناف المحادثات النووية الأسبوع المقبل. ويحذر الأوروبيون من إعادة تفعيل العقوبات على طهران في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
اجتماع بين إيران والقوى الأوروبية الثلاث في جنيف ي جنيف في 20 حزيران/يونيو 2025صورة من: Thomas Trutschel/AA/IMAGO
إعلان
أعلنت إيران اليوم الجمعة (22 آب/أغسطس 2025) عن لقاء مرتقب الأسبوع المقبل بين دبلوماسييها ونظرائهم من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وفرنسا لمحادثات بشأن برنامجها النووي، فيما تهدّد هذه البلدان الأوروبية الثلاثة بإعادة تفعيل العقوبات على طهران.
وجاء في بيان صدر عن الخارجية الإيرانية بعد اتصال هاتفي بين الوزير عباس عراقجي ومسؤولي السياسة الخارجية للدول الثلاث والاتحاد الأوروبي: "تمّ الاتفاق على مواصلة المحادثات مع البلدان الأوروبية الثلاثة والاتحاد الأوروبي الثلاثاء المقبل على مستوى وزراء الخارجية". وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأنه تم الاتفاق بأن يواصل نواب وزراء الخارجية المحادثات يوم الثلاثاء.
وهددت القوى الأوروبية الثلاث بتفعيل آلية تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا لم تعد طهران إلى المفاوضات بشأن اتفاق لكبح برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إجراء محادثات الأسبوع المقبل، وحذر إيران من إعادة فرض العقوبات ما لم يتم التوصل إلى اتفاق قابل للتحقق ومستدام لتهدئة المخاوف بشأن طموحاتها النووية. وأشار مجددًا إلى أن الوقت ضيق للغاية، وأن إيران بحاجة إلى الانخراط في المحادثات بشكل جدي.
على الجانب الآخر قالت وسائل الإعلام الإيرانية إن عراقجي "أكد خلال المكالمة عدم أهلية هذه الدول قانونيًا وأخلاقيًا للجوء إلى آلية (العودة السريعة للعقوبات)، وحذر من عواقب مثل هذا الإجراء".
لكن وزير الخارجية الفرنسي قال إن "الوقت يداهمنا" للتوصّل إلى حلّ متفاوض عليه. وفي منشور على "إكس"، كتب جان-نويل بارو أنه أجرى مع نظيره الألماني يوهان فاديفول والإنجليزي ديفيد لامي ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس "اتصالًا مهمًّا جدًّا بنظيرنا الإيراني بشأن البرنامج النووي والعقوبات على إيران التي نتحضّر لإعادة تفعيلها"، مشيرًا "الوقت يداهمنا. وسيعقد لقاء جديد حول المسألة الأسبوع المقبل"، مؤكّدًا بذلك الإعلان الصادر عن طهران في هذا الخصوص.
وتقول القوى الأوروبية الثلاث، إلى جانب الولايات المتحدة، إن إيران تستغل البرنامج النووي ربما لتطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن إيران بعيدة كل البعد عن تطوير قنبلة نووية. وذكرت تولسي غابارد مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية في مارس آذار أن مسؤولي المخابرات لم يعثروا على أدلة على تحرك إيران نحو امتلاك سلاح نووي.
وعلقت إيران المفاوضات مع الولايات المتحدة، والتي كانت تهدف إلى كبح طموحات طهران النووية، بعد أن ضربت الولايات المتحدة وإسرائيل مواقعها النووية في يونيو حزيران. ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول المنشآت النووية الإيرانية رغم تأكيد مدير الوكالة رافائيل غروسي أن عمليات التفتيش لا تزال ضرورية. ووفقًا للإعلام الرسمي الإيراني فإن وفدًا إيرانيًا سيتوجه إلى فيينا اليوم الجمعة للقاء مسؤولين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وأعاد الأوروبيون التفاوض مع طهران بشأن برنامجها النووي في أواخر تموز/يوليو خلال اجتماع في إسطنبول. وقبل ذلك عقد اجتماع بين إيران والقوى الأوروبية الثلاث في جنيف في 20 حزيران/يونيو، بينما كانت الحرب لا تزال محتدمة، ولم تكن هناك مؤشرات تذكر على إحراز تقدم. وفي غياب التوصّل إلى أيّ حل متّفق عليه، تستعدّ فرنسا وبريطانيا وألمانيا لتفعيل آلية إعادة العمل بالعقوبات المنصوص عليها في اتفاق العام 2015 تحت اسم "آلية الزناد" (سناباك).
عراقجي حذر الأوروبيين من عواقب إعادة فرض العقوبات على طهرانصورة من: Iranian Foreign Ministry/ZUMA Press Wire/picture alliance
وينصّ الاتفاق المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" على تقييد برنامج إيران النووي على نحو واسع في مقابل رفع العقوبات الأممية تدريجيًا. وانسحبت منه الولايات المتحدة سنة 2018 بقرار أحادي وأعادت فرض عقوباتها، لكن البلدان الأوروبية الثلاثة المعروفة بمختصر "إي 3" أكّدت التزامها بالاتفاق ونيّتها مواصلة المبادلات التجارية مع طهران. ولم يُعد فرض عقوبات أممية وأوروبية على الجمهورية الإسلامية.
واقترح الأوروبيون على إيران تمديد مهلة تشرين الأول/أكتوبر لتفعيل الآلية إذا ما استأنفت طهران المفاوضات مع واشنطن والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكّدت طهران من جانبها أنها تتعاون مع الصين وروسيا وجهات أخرى موقّعة على الاتفاق لتجنّب إعادة تفعيل العقوبات.
تحرير: عبده جميل المخلافي
الضربة الإسرائيلية.. محطة كبرى في التصعيد بين إسرائيل وإيران حول الملف النووي
تطورت لعبة القط والفأر حول البرنامج النووي الإيراني، حيث قررت إسرائيل اليوم التدخل لوقف تطوره. منذ نهاية خمسينات القرن الماضي انطلق، ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب بين الغرب وطهران.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
ضربات إسرائيلية في قلب إيران لوقف تطور برنامجها النووي
يثير البرنامج النووي الإيراني منذ عقود قلقاً كبيراً لدى عدد من الدول الغربية ودول المنطقة، وعلى رأس هذه الدول إسرائيل، التي استهدفت مؤخراً عدة منشآت نووية إيرانية للحد من النمو المتسارع للبرنامج الإيراني، ومنع طهران من حيازة سلاح نووي رغم نفي الأخيرة طوال عقود أن يكون هذا هو هدفها، وتأكيدها المستمر أن أغراض برنامجها سلمية.
صورة من: Don Emmert/AFP/Getty Images
استهداف منشآت لتخصيب اليورانيوم وتصفية القادة
الضربة الإسرائيلية شملت منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، كما تم تنفيذ عمليات اغتيال لعدد من كبار القادة العسكريين أدت لمقتل قائد أركان القوات المسلحة محمد باقري، فضلا عن قائد الحرس الثوري حسين سلامي والقيادي البارز في الحرس غلام علي رشيد، كما قتل ستة من العلماء الإيرانيين، بينهم محمد مهدي طهرانجي وفريدون عباسي.
صورة من: Atomic Energy Organization of Iran/AP/picture alliance
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة