حسب آخر الإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة، فإنه من بين أكثر من 17 مليون شخص يواجهون الجوع في اليمن، وأكثر من مليون طفل دون سن الخامسة صارت حياتهم مهددة بسبب سوء التغذية.
امرأة تحمل طفلا رضيعا في مخيم للنازحين تضرر جراء الأمطار الغزيرة في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة غرب اليمن يوم 19 أغسطس 2022.صورة من: Khaled Ziad/AFP/Getty Images
إعلان
قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر، الأربعاء (العاشر من يوليو/تموز 2025)، إن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يعانون من الجوع، بينهم أكثر من مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من "سوء تغذية حاد يهدد حياتهم".
وأضاف فليتشر، في إفادته أمام مجلس الأمن الدولي أن أزمة الأمن الغذائي في أفقر دول العالم العربي تتفاقم منذ أواخر عام 2023، وحذر من أن عدد الجوعى قد يرتفع إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، في حين قد يزداد عدد الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد إلى 2,1 مليون مطلع العام المقبل، "ما يعرض الكثيرين منهم لخطر ضرر دائم في القدرات الجسدية والذهنية".
وبحسب الخبراء الذين يضعون "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، وهو من أبرز المراجع الدولية في تقييم مستويات الجوع، فإن أكثر من 17 ألف يمني يصنفون ضمن أسوأ ثلاث مراحل من انعدام الأمن الغذائي، مرحلة الأزمة أو ما هو أسوأ.
ووفقا للأمم المتحدة، لم تتلق خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2024، والتي تبلغ قيمتها 5,2 مليار دولار، سوى 222 مليون دولار فقط حتى منتصف مايو/أيار، أي نحو 9% فقط من التمويل المطلوب.
ويشهد اليمن حربا أهلية منذ عام 2014، حين سيطر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء، مما أجبر الحكومة المعترف بها دوليا على الفرار إلى المنفى في السعودية.
وبعد ذلك بعدة أشهر، تدخل تحالف عسكري تقوده السعودية في عام 2015 لمحاربة الحوثيين ومحاولة إعادة الحكومة إلى السلطة. لقد دمرت الحرب اليمن، وخلّفت واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وحوّلت الصراع إلى صراع بالوكالة متوقف.
إعلان
أكثر من 150 ألف قتيل
وصرح هانز جروندبرج، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، للمجلس في إحاطة مصورة بأن هجومين للحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر هذا الأسبوع - الأول منذ أكثر من سبعة أشهر - والغارات الجوية الإسرائيلية على العاصمة والموانئ الرئيسية، تُصعّد الصراع.
يتجمع الناس على أنقاض منزل تضرر بغارة جوية أمريكية في صعدة باليمن يوم 16 مارس 2025صورة من: Naif Rahma/REUTERS
وتعهد الحوثيون بمواصلة استهداف السفن في الممر المائي الرئيسي حتى انتهاء الحرب في غزة. وقال جروندبرج إنه يجب حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، وشدد على أنه "يجب ألا يُجرّ اليمن إلى أزمات إقليمية أعمق تُهدد بتفكيك الوضع الهش للغاية في البلاد".
وقال: "إن المخاطر على اليمن عالية للغاية". "يعتمد مستقبل اليمن على عزمنا الجماعي على حمايته من المزيد من المعاناة، ومنح شعبه الأمل والكرامة التي يستحقها بشدة."
حذّر جروندبرج من أن الحل العسكري للحرب الأهلية "يظل وهمًا خطيرًا يُنذر بتعميق معاناة اليمن." وقال إن المفاوضات تُمثل أفضل أمل لمعالجة الصراع المُعقد، وكلما طال أمده "زاد خطر تفاقم الانقسامات."
وقال جروندبرج إنه يجب على الجانبين إظهار استعدادهما لاستكشاف السبل السلمية، وستكون إحدى الإشارات المهمة هي إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية النزاع. وأضاف أن الطرفين اتفقا على إطلاق سراح الجميع مقابل الجميع، لكن العملية راكدة منذ أكثر من عام.
جدلية الحرب والحياة.. مشاهد من صراع اليمنيين من أجل البقاء
من وسط المأساة يتعطش اليمنيون لحياة طبيعية، فلا تكاد وطأة الحرب تخِفّ حتى تبدأ الحياة بالانتعاش فتفتح أسواق وحدائق ويعود كثيرون إلى بيوتهم بعد نزوحهم عنها. جولة مصورة تعكس إصرار اليمنيين على الحياة وصراعهم من أجل البقاء.
صورة من: Essa Ahmed/AFP/Getty Images
يعاني سكان اليمن عموما ليس فقط من شح المياه ولكن أيضا من صعوبة الوصول إليها. مصدر الماء الآبار والأمطار الصيفية، وضاعفت الحرب من معاناة الحصول عليها...
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
والحصول على المياه النظيفة، في بعض الأحيان، صار هما من هموم اليمنيين الكثيرة. ويضطر السكان لشراء المياه، أو الاعتماد على فاعلي الخير الذين يوزعون المياه في حاويات موزعة في شوارع المدينة.
صورة من: Farouk Moqbel
خلّف النزاع في اليمن عشرات آلاف من القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح نحو 3.3 ملايين شخص. والمأساة ما تزال مستمرة..
صورة من: Farouk Moqbel
أطفال اليمن هم أكثر الفئات تضررا من الحرب وتداعياتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقدرت اليونيسيف أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في اليمن قد يصل إلى 2.4 مليون بنهاية عام 2020.
صورة من: Reuters/K. Abdullah
من أسباب الوضع الكارثي على سكان اليمن انهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ووجود إصدارين من العملة الوطنية (قديم وجديد)، وما نجم عن ذلك من ارتفاع جنوني في أسعار السلع المستوردة. وزاد الوضع المعيشي تعقيدا عدم صرف مرتبات موظفي الدولة منذ سنوات، وفقد الآلاف لمصادر دخلهم.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
الحصول على الاحتياجات الأساسية بات مهمة شاقة في الكثير من الأحيان. أزمات إسطوانات الغاز المنزلي المتكررة شاهد على تردي الخدمات.
صورة من: Farouk Moqbel
عادت بعض الأسر اليمنية إلى استخدام الأدوات التقليدية كالحطب بسبب أزمات الخدمات المتكررة والأوضاع الاقتصادية الصعبة
صورة من: Farouk Moqbel
يطل اليمن على البحرين الأحمر والعربي الغنيين بالثروة السمكية، لكن غلاء الأسعار والمعارك وارتفاع تكاليف الصيد والنقل والمخاطر الأمنية جعلت الحصول على السمك رفاهية لا يستطيع المعدم أن يحلم بها (الصورة من عدن)
صورة من: Getty Images/AFP/S. Al-Obeidi
حتى تصل الأسماك إلى "سوق الصيد" في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن) تكون أسعارها قد تضاعفت.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
ترتفع أسعار المواد الخضار والفواكه خصوصا في المدن التي تدور داخلها أو حولها المعارك، مثل مدينة تعز (الصورة). وفي هذه الحالة يلجأ الباعة إلى إدخال المواد الغذائية من خلال طُرُق بديلة وعرة ملتفة وهو ما ينعكس على ارتفاع أسعارها.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
المقابر في اليمن تحولت إلى مزارات تشبه الحدائق، لكنها ليست للفسحة، بقدر ما هي تعبير عن زيادة أعداد قتلى الحرب أو موتى الأمراض والأوبئة.
صورة من: Farouk Moqbel
على الجانب الموازي هنا الفرح فوق ركام الحرب! شباب يحتفلون في عرس في الشارع. الموسيقى تصدح وتطغي أحيانا على صوت الرصاص. لكن في اليمن إطلاق الرصاص ليس فقط بسبب الحرب، ففي الأعراس يطلق الرصاص عادة في الجو للتعبير عن الفرح، إلأ أن ذلك اصبح يثير الرعب لدى البعض بسبب الحرب.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
رغم الحرب والأوضاع الصعبة، وقيود العادات والتقاليد الاجتماعية والتضييق على الحريات، إلا أن الحياة تستمر. شباب وشابات قرروا أن يعزفوا للحب وللحياة ولمستقبل أفضل..