تستمر عمليات الإنقاذ بحثا عن المفقودين من طاقم سفينة يونانية هاجمتها جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، في حين تم الإعلان عن أن ستة من الأفراد صاروا محتجزين في اليمن.
تبنى الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم على سفينة الشحن "إتيرنيتي سي" قبالة سواحل اليمنصورة من: EPA
إعلان
أفادت مصادر أمنية بحرية اليوم الخميس (10 يوليو/ تموز 2025)، بأنه من المعتقد أن جماعة الحوثي اليمنية تحتجز ستة من أصل 22 فردا من طاقم سفينة يونانية هاجمتها وأغرقتها في البحر الأحمر في وقت سابق من الأسبوع. وأعلن الحوثيون أمس الأربعاء إنقاذ عدد من أفراد طاقم السفينة، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
كما أكدت المصادر الأمنية أن من جرى إنقاذهم حتى الآن، هم ثمانية فلبينيين من أفراد الطاقم وهندي واحد وحارس أمن يوناني. وقضى الأشخاص الذين تم العثور عليهم اليوم الخميس أكثرمن 48 ساعة في المياه.
ويعتقد أن أربعة أشخاص لقوا حتفهم، إذ قالت مصادر أمنية بحرية إنهم قتلوا في الهجمات. وفي حالة التحقق من الأمر، ستكون الوفيات الأربع المبلغ عنها أولى الوفيات جراء هجمات على سفن في البحر الأحمر منذ يونيو/ حزيران 2024، ويظل 11 شخصا في عداد المفقودين.
وقال نيكوس جورجوبولوس المسؤول في شركة ديابلوس للمخاطر البحرية ومقرها اليونان "هذا يمدنا بمزيد من الشجاعة لمواصلة البحث عن المفقودين، كما طلب مشغل السفينة اليوناني، ويظهر أن خطة البحث كانت صحيحة".
الحوثيون يتبنون الهجوم
إعلان
وتبنى الحوثيون أمس الأربعاء مسؤوليتهم عن الهجوم على سفينة الشحن "إتيرنيتي سي" قبالة سواحل اليمن، الذي بدأ الإثنين وتواصل الثلاثاء، في تصعيد جديد لهجماتهم على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في الممر البحري الحيوي.
وقالوا في بيان إنه تم "إنقاذ عدد من طاقم السفينة، وتقديم الرعاية الطبية لهم، ونقلهم إلى مكان آمن". وأعلن المتمردون المدعومون من إيران هذا الأسبوع مسؤوليتهم عن هجومين استهدفا في غضون 24 ساعة سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر.
كما نشر الحوثيون أمس الأربعاء فيديو دعائيا يُظهر مشاهد استهداف وإغراق "إتيرنيتي سي"، التي ترفع علم ليبيريا، وهي ثاني سفينة تجارية يستهدفها ويغرقها المتمردون اليمنيون بعد الهجوم على "ماجيك سيز" الأحد.
وقال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي في كلمة بثها التلفزيون إن قوات البحرية التابعة للجماعة أنقذت عددا من أفراد طاقم السفينة وقدمت لهم الرعاية الطبية ونقلتهم إلى مكان آمن.
"إتيرنيتي سي" هي ثاني سفينة تجارية يستهدفها ويغرقها المتمردون اليمنيون بعد الهجوم على "ماجيك سيز"صورة من: EPA
هجمات إنهاء الهدنة
وأنهت هذه الهجمات، التي يقول الحوثيون إنها تأتي تضامنا مع الفلسطينيين في حرب غزة، شهورا من الهدوء في المنطقة. واتهمت البعثة الأمريكية في اليمن الحوثيين باختطاف العديد من أفراد طاقم السفينة إترنيتي سي الناجين، ودعت إلى إطلاق سراحهم بشكل فوري وغير مشروط.
وغرقت السفينة أمس الأربعاء بعد أيام من استهداف الحوثيين للسفينة (ماجيك سيز) وإغراقها، ما جدد حملة بدأت في نوفمبر تشرين الثاني 2023 شهدت مهاجمة أكثر من 100 سفينة. واستهدفت السفينة (إترنيتي سي) لأول مرة بعد ظهر الاثنين بزوارق مسيرة وقذائف صاروخية أطلقتها زوارق سريعة.
كلتا السفينتين اللتين تعرضتا للهجوم هذا الأسبوع كانتا ترفعان علم ليبيريا وتديرهما شركات يونانية. وتم إنقاذ جميع أفراد طاقم (ماجيك سيز) قبل غرقها.
وفي أعقاب الهجوم الثاني الذي وقع صباح الثلاثاء، اضطر الطاقم إلى القفز في المياه. ويقوم رجال الإنقاذ بالبحث عنهم منذ صباح أمس الأربعاء.
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.