اليمن: الانتصارات العسكرية لن تعوض الحل السياسي
٦ أغسطس ٢٠١٥تواصل القوات اليمنية الموالية للرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي المدعوم من قبل التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، ضغطها على المتمردين الحوثيين وحلفائهم. كما تمكنت هذه القوات من تحقيق مكاسب ميدانية منها استعادة السيطرة على مدينة عدن وقاعدة العند الجوية الأكبر في البلاد. القوات الموالية لهادي تواصل تقدمها إذ سيطرت على أجزاء واسعة من محافظة تعز، فيما يرى مراقبون أن محافظة أبين الواقعة شرق عدن ستكون الهدف المقبل لها.
وليس من الواضح ما إذا كانت هذه التطورات الميدانية ستسرع في حسم مجرى الصراع أم أنها ستزيد من تعميقه. بيد أن بعض المراقبين يرون أن قوات هادي ستواصل استعادة المناطق التي سيطر عليها الحوثيون في عموم اليمن. وبهذا الصدد أوضح المحلل السياسي اليمني معاذ الأذهل في تصريح لصحيفة "العرب" التي تصدر في لندن (عدد الخميس السادس من آب/ أغسطس 2015) أنه "تم إدماج المقاومة الشعبية مع الجيش الوطني تحت قيادة الأخير لتجنيب اليمن السيناريو الليبي، حيث أن الهدف هو تحرير كامل اليمن وليس شطره الجنوبي فقط".
ولا يخفى على أحد أن اليمن ساحة لمواجهة إقليمية مفتوحة تلعب فيها السعودية وإيران دورا رئيسيا. ورغم أن أنباء تواجد قوات برية من البلدين لم تتأكد بعد إلا أن "هناك تواجدا للقوى المتصارعة بشكل من الأشكال، هناك مثلا تواجد إيراني ودعم استخباراتي ودعم بالأسلحة"، على حد تعبير المحلل السياسي اليمني محمد الصبري. ويضيف الصبري في حوار مع DW عربية أن "الجانب العربي لا توجد لديه دواع لإخفاء وجوده العسكري سواء كان بريا أو جويا، لأنه يعتبر أن ما يقوم به رد على التدخل الإيراني".
انتهاكات القانون الدولي
الحروب بطبيعتها تخلق مآسٍ إنسانية وحقوقية لا عد لها ولا حصر. فالحرب تعد تحديا للحق في الحياة والحق في العيش الكريم. ويرى الصبري أن "الأعمال المحرمة المرتكبة في اليمن سواء من قبل الميليشيات أو من قبل التدخل العسكري الخارجي تحتاج لتحقيق شامل وكامل من أجل محاسبة الذين انتهكوا حقوق الإنسان في وخالفوا القانون الإنساني الدولي الذي يحرم قتل المدنيين أثناء الحروب، كما يحرم الاختطاف القسري".
وسبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن اتهمت التحالف العربي الذي تقوده السعودية باستخدام أسلحة عنقودية تعرض حياة أعداد كبيرة من المدنيين ولاسيما الأطفال للخطر. وتحظر الاتفاقية الدولية للأسلحة العنقودية استعمال هذه الأسلحة، وهي اتفاقية تمت المصادقة عليها عام 2008 من قبل 116 بلدا ليس من بينها السعودية واليمن.
ويذكر أن القنابل العنقودية حين لا تنفجر على الفور، تصبح ألغاما قادرة على قتل مدنيين أو تشويههم. إلا أن الصبري يعتبر أن السلاح الذي استعملته ميليشيات صالح والحوثيين هو الذي أوصل اليمن إلى ما وصل إليه اليوم من الناحية الحقوقية والإنسانية، مؤكدا في الوقت ذاته أن "التدخل العسكري العربي لديه العديد من الأخطاء".
وضع إنساني كارثي
وبالموازاة مع هذه التطورات العسكرية أفادت تقارير دولية بأن حصيلة قتلى الصراع في اليمن تجاوزت أربعة آلاف شخص، فيما بلغ عدد الجرحى حوالي عشرين ألف ناهيك عن مئات الآلاف من النازحين والتدهور المهول للوضع الإنساني، وفق محمد الأسعدي المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونسيف) في اليمن. ويتزامن ذلك في وقت تتضارب فيه المعلومات بشأن تدخل، أو احتمال قوات أجنبية مباشرة لحسم المعركة على الأرض.
ويعاني سكان العاصمة اليمنية صنعاء، كما باقي مناطق البلاد، نقصا في إمدادات الغذاء والوقود الشحيحة، خصوصا بعد ما قررت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تحويل مسار سفن المساعدات من المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون إلى المناطق الموالية لها في الجنوب.
ويضيف الأسعدي في حوار مع DW عربية أن "الوضع الإنساني في اليمن سيئ للغاية، وضع كارثي. هناك ما يزيد عن 21 مليون مواطن يمني بحاجة لمساعدات إنسانية بشكل أو بآخر، منهم عشرون مليون لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب. أضف إلى ذلك انقطاع التيار الكهربائي وشح الوقود، ثم إن اليمن يعاني من الجفاف ويعتبر من أكثر سبع دول في العالم تعاني من شح المياه".
ويقول الأسعدي إن هناك حوالي مليون ونصف مليون لاجئ نزحوا إلى القرى والأرياف والمناطق الأكثر أمنا، وشكلوا ضغطا إضافيا على الموارد المحدودة أصلا في تلك المناطق، الأمر الذي فاقم الوضع الإنساني بشكل عام. ودق المتحدث باسم اليونسيف ناقوس الخطر بسبب الانهيار شبه كلي للمنظومة الصحية في اليمن. وبالإضافة إلى "التحديات التي تعترض عمل المنظمات الإنسانية، هناك الانفلات الأمني والمسألة اللوجستية، والنقص في الوقود ومشاكل النقل"، يقول الأسعدي.