اليمن: انفراج بشأن مطار صنعاء واستمرار عقدتي تعز والحديدة
١٢ ديسمبر ٢٠١٨
أنباء عن اتفاق بين الأطراف المتحاربة في اليمن على فتح مطار صنعاء أمام الطيران الدولي، فيما تواصل الأمم المتحدة جهودها للتوصل إلى تهدئة قبل ساعات من اختتام جولة محادثات السلام الحالية التي تستضيفها السويد منذ نحو أسبوع.
إعلان
تسلم وفد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ووفد جماعة أنصار الله الحوثية، مساء اليوم الأربعاء (12 كانون أول/ديسمبر 2018)، مسودات تتضمن الإطار السياسي لمشاورات السلام. وقالت مسؤولة في مكتب الأمم المتحدة، إن الطرفين تسلما بشكل رسمي حزمة الاتفاقات التي تتضمن الإطار السياسي، وإعادة فتح مطار صنعاء والملف الاقتصادي وملف الحديدة.
وأشارت إلى أن هذه الحزمة، هي نتيجة المشاورات التي جرت خلال السبعة الأيام الماضية في السويد. وقالت إنهم يأملون أن يتم الإعلان عن تفاصيل الاتفاقات يوم غد الخميس، مشيرة إلى أنهم ما زالوا ينتظرون ردود الطرفين على تلك الحزمة. وتابعت "نأمل أن تكون ردود الفعل إيجابية من كلا الطرفين".
وكان المبعوث الأممي مارتن غريفيث اقترح إطارا سياسيا لمستقبل اليمن ومشروع اتفاق حول إعادة فتح مطار صنعاء ووثيقة حول معالجة الأوضاع الاقتصادية ومشروع اتفاق حول الحديدة، بحسب ما أعلنت المتحدّثة باسمه. وقالت حنان بدوي، المتحدّثة باسم المبعوث الأممي، إن "الطرفين تسلّما رسميا المقترحات ونحن بانتظار الرد عليها".
عقدة تعز ومعضلة الحديدة
وأوضحت المسؤولة، أن اليوم شهد عقد اجتماع حول ملف تعز، دون أن تشير إلى تفاصيل الاجتماع. وكان ملف التهدئة في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة والمحاصرة من قبل الحوثيين قد سحب من التداول في المحادثات التي تختتم الخميس. وشهدت المدينة الواقعة في جنوب غرب اليمن معارك تعد من الأعنف في النزاع.
وكان ملف التهدئة في المدينة مطروحا إلى جانب التهدئة في الحديدة، كما أن الطرفين يجريان أيضا محادثات حول مطار صنعاء المغلق منذ التدخل العسكري السعودي. ويتبادل وفد الحكومة اليمنية ووفد الحوثيين الاتهامات حول عدم الجدية في التوصل إلى حلول، خصوصا في ما يتعلق بمصير مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ 2014 والتي يعتبر ميناؤها شريان حياة تمر عبره غالبية الإمدادات الغذائية إلى اليمن.
وعن مصير الحديدة قال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك لفرانس برس في عدن إنه "مع ضيق الوقت يبدو أن التوصل إلى جميع التفاصيل قد لا يكون ممكنا في هذه الجولة". وتابع رئيس الوزراء اليمني أن "الأهم الآن هو حلحلة جميع القضايا العالقة في ما يتعلق بإجراءات بناء الثقة ثم الانتقال إلى ملف الحديدة والملفات الأخرى التي طرحت خلال هذه المحادثات".
وأكد العضو في وفد الحوثيين عبد الملك العجري "هناك تقدم وإن كان بصعوبة. تقدم بطيء". لكنه أضاف "هناك تعنت من الطرف الآخر"، مشيرا أن الأمور قد تصبح أكثر وضوحا اليوم.
هل سيفتح مطار صنعاء؟
في الأثناء قالت مصادر إن طرفي الحرب في اليمن اتفقا اليوم على إعادة فتح مطار العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، وقال مصدران مطلعان على المحادثات إن الطرفين اتفقا على أن تهبط الرحلات الدولية في مطار تسيطر عليه الحكومة للتفتيش قبل أن تدخل صنعاء أو تخرج منها. وأضاف المصدران أن الطرفين لم يتفقا بعد على ما إذا كانت عمليات التفتيش ستجرى في مطار عدن أم مطار سيئون.
وتأتي هذه التطورات قبل يوم من اختتام المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة في السويد، إذ من المتوقع أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس في أعمال اليوم الختامي لجولة المشاورات السياسية اليمنية في ريمبو، من أجل إعطاء دفع لوفدي الحكومة المعترف بها والحوثيين لمواصلة المحادثات.
ي.ب/ أ.ح (ا ف ب، رويترز، د ب أ)
اليمن في صور.. حكاية الحرب والانقسام وفرص السلام الصعبة
شهد تاريخ اليمن الحديث الكثير من التحولات والحروب والتحالفات وحتى العداوات دفعت هذا البلد الفقير إلى الانزلاق إلى دوامة العنف. وأمام التدهور المتزايد للوضع الإنساني، تعالت الأصوات مؤخرا بضرورة وقف الحرب في اليمن.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo/H. Mohammed
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش توصل طرفي النزاع إلى اتفاق لإطلاق النار في الحديدة باليمن. وقبل محادثات السويد بشهر كان غوتيريش قد دعا منذ شهر لوقف فوري "لأعمال العنف" في اليمن والدفع باتّجاه محادثات سلام تضع حداً للحرب، مؤكدا أنه في غياب تحرّك، يمكن أن يواجه ما يصل إلى 14 مليون شخص، أي نصف عدد سكان اليمن، خطر المجاعة في الأشهر المقبلة، مقارنة بتسعة ملايين يواجهون المجاعة حالياً.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Senosi
مدينة الحديدة التي تم التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار فيها، تعتبر مدينة استراتيجية في اليمن. وتقع على ساحل البحر الأحمر على مسافة 226 كيلومترا من العاصمة صنعاء، ويشكل ميناؤها شريان الحياة لملايين اليمنيين في المدينة والمناطق القريبة منها. وشهدت في الأشهر الأخيرة معارك طاحنة بين قوات الحوثيين المتمردة وقوات الحكومة الشرعية مدعومة بقوات التحالف العربي.
صورة من: picture-alliance/afk-images/H. Chapollion
وجاء تحرك الأمم المتحدة الجديد في الأسابيع الأخيرة في ضوء تغير ملحوظ في موقف الولايات المتحدة من الأزمة في اليمن، حيث أظهرت واشنطن إشارات ضغط على حليفتها السعودية لإنهاء الحرب وإجراء محادثات سلام. فقد دعا وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أطراف الصراع في اليمن إلى الانضمام إلى "طاولة مفاوضات على أساس وقف لإطلاق النار".
صورة من: Getty Images/AFP
بعد عقود من تقسيمه إلى جنوب وشمال واعتناق إيديولوجيتين مختلفتين تماماً، جاء توحيد شطري اليمن عام 1990 إثر انهيار دول المعسكر الاشتراكي، حيث قامت دولة واحدة تحت قيادة الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.
صورة من: picture-alliance/dpa
لكن بعد نحو أربعة أعوام اندلعت حرب أهلية، ففي أبريل/ نيسان 1994 وقع تبادل لإطلاق النار في معسكر تابع لليمن الجنوبي قرب صنعاء، وسرعان ما تطورت لحرب كاملة في 20 مايو/ أيار وقامت حرب 1994 الأهلية في اليمن بعد ثلاثة أسابيع من تساقط صواريخ سكود على صنعاء، وأعلن علي سالم البيض نفسه رئيساً على دولة جديدة سماها جمهورية اليمن الديمقراطية من عدن.
صورة من: picture-alliance/dpa
ولم يعترف أحد بالدولة الجديدة التي أعلنها البيض، لكن السعودية، اللاعب الإقليمي الرئيس في الساحة اليمنية، عملت على إخراج اعتراف من مجلس التعاون الخليجي بالدولة الجديدة، لكن صالح أفشل الجهود السعودية وحال دون انفصال الجنوب عن الشمال مجدداً.
صورة من: AFP/Getty Images/F. Nureldine
بعد سلام لسنوات قليلة، سرعان ما عادت الحرب إلى ربوع اليمن، حين احتج الحوثيون على تهميشهم، وخاضوا من عام 2003 حتى 2009 ست حروب مع قوات صالح ومن ثم حرباً مع السعودية.
صورة من: AFP/Getty Images
في خضم احتجاجات ما يُسمى بـ"الربيع العربي" عام 2011 ضعف حكم الرئيس صالح، لكنها قادت إلى انقسامات في الجيش، ما سمح لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالسيطرة على مساحات كبيرة في شرق البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد عام من الاحتجاجات والاعتصامات والكثير من الضحايا تنحى الرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2012 في إطار خطة للانتقال السياسي تدعمها دول خليجية. وضمن الاتفاق أيضاً أصبح عبد ربه منصور هادي رئيساً مؤقتاً ليشرف على "حوار وطني" لوضع دستور شامل على أساس اتحادي.
صورة من: AFP/Getty Images/M. Huwais
في خضم ذلك ومحاولات الرئيس صالح وحلفائه تقويض عملية الانتقال السياسي في البلاد وفق المبادرة الخليجية، ازداد انتشار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عام 2013، رغم الهجمات العسكرية عليه والضربات بطائرات دون طيار، وبات يشن هجمات في مختلف أنحاء البلاد.
صورة من: Reuters
ولم يمض عام حتى تقدم الحوثيون بسرعة انطلاقاً من معقلهم في صعدة وسيطروا على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 بمساعدة صالح والقوات المتحالفة معه، وطالبوا بالمشاركة في السلطة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Hani Mohammed
عام 2015 حاول هادي إعلان دستور اتحادي جديد يعارضه الحوثيون وصالح، ورغم أنه فشل في ذلك لكنه نجح في الهروب من مطاردة الحوثيين له ولجأ إلى السعودية. وبدء التدخل السعودي العسكري في مارس/ آذار بتحالف عسكري عربي تم تجميعه على عجل. بعد شهور يدفع التحالف الحوثيين والموالين لصالح إلى الخروج من عدن في جنوب اليمن وفي مأرب إلى الشمال الشرقي من صنعاء لكن الخطوط الأمامية تستقر لتبدأ فترة جمود.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo//Yemen's Defense Ministry
عام 2016 استغل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الفوضى من جديد وأعلن عن إقامة دويلة حول المكلا في شرق اليمن الأمر الذي أثار مخاوف من أن الحرب ستؤدي إلى تصاعد نشاط المتشددين من جديد. الإمارات عملت على مساندة القوات المحلية في معركة لوضع نهاية لوجود التنظيم هناك.
صورة من: AFP/Getty Images
لكن هذه الحروب تركت آثارها على اليمن، فقد انتشر الجوع مع فرض التحالف السعودي حصاراً جزئياً على اليمن واتهامه إيران بتهريب الصواريخ للحوثيين عن طريق ميناء الحديدة مع الواردات الغذائية. وإيران تنفي هذا الاتهام.
كما تسببت الغارات جوية التي شنها التحالف في مقتل مئات المدنيين، ما دفع منظمات حقوقية إلى إطلاق تحذيرات، غير أن الدعم الغربي للسعودية وحلفائها لم ينقطع.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Hyder
عام 2017 يمكن تسميته بعام حرب الصواريخ، فقد بات الحوثيون يطلقون عدداً متزايداً من الصواريخ على عمق الأراضي السعودية بما في ذلك الرياض.
صورة من: Reuters/Houthi Military Media Unit
وفي خضم هذه التطورات المستعرة ظهرت خلافات بين صالح وحلفائه الحوثيين، فرأى صالح فرصة لاستعادة أسرته للسلطة من خلال الانقلاب على حلفائه الحوثيين لكنهم قتلوه أثناء محاولة الهرب منهم نحو عدو الأمس السعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Yahya Arhab
أطلقت القوات التي يدعمها التحالف السعودي بما فيها بعض القوات التي ترفع علم الانفصاليين في الجنوب عملية على ساحل البحر الأحمر في مواجهة الحوثيين بهدف انتزاع السيطرة على ميناء الحديدة آخر نقاط الإمداد الرئيسية لشمال اليمن، حيث تدور معارك شرسة.