اليمن- حكومة الوفاق الوطني بين ترحيب ورفض القوى السياسية والشباب
١٣ ديسمبر ٢٠١١بعد خلافات عاصفة كادت أن تؤدي إلى فشل الجهود المبذولة لحل المشكلة اليمنية، وبعد تمكن الرئيس اليمني بالإنابة عبد ربه منصور هادي، من تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية المناط بها إعادة تطبيع الوضع الأمني والعسكري في البلاد، نجحت الأحزاب السياسية اليمنية في السلطة والمعارضة بالتوافق على إعلان تشكيلة حكومة الوفاق الوطني التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، برئاسة الشخصية المعارضة محمد سالم باسندوة، رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية. وتكونت الحكومة من 34 حقيبة وزارية توزعت بالمناصفة بين المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) وتكتل اللقاء المشترك المعارض.
يعبر الاتجاه العام للشارع اليمني عن عدم ثقته بحكومة يشارك فيها رموز من نظام الرئيس علي عبد الله صالح، ويبرز ذلك في المخاوف من الفشل لعدم تجانس التشكيلة الوزارية كما قال لـ دويتشة فيله، السياسي اليمني عبدا لله محمد أحمد. وهناك من يتوجس من هذه الحكومة واعتبار هذه الخطوة مؤامرة تستهدف احتواء الثورة وحرفها عن مسارها الصحيح، كما يرى ذلك الشاب حمدي محمد أحمد،المسؤول الأول في الاتحاد العام لشباب الثورة بساحة التغيير بصنعاء، في حديثة للدويتشة فيله.
تحديات كبيرة أمام الحكومة
لكن عارف الشيباني رئيس التنظيم الشبابي الشعبي الحر بساحة التغيير يرى أن تشكيلة الحكومة بتلك الصورة وإن لم كانت غير معبرة عن كامل أهداف الثورة إلا أنها "ثمرة لنضال الشباب وتضحياتهم في ساحات الحرية والتغيير" ويبدي الشاب مهيوب عبده سعيد تفاؤلا كبيرا بتشكيل الحكومة الجديدة باعتبار "الطريقة المتبعة في التشكيل قد غايرت الطرق المعهودة في تشكيل الحكومات السابقة".
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء د. عادل الشرجبي، فيرى أن تحديات كبيرة ستواجه حكومة الوفاق الوطني أولها "إعادة البنية التحتية للوزارات التي كانت من نصيب فريق المعارضة، بالإضافة إلى المشكلات المتراكمة الناتجة عن سنوات من حكم الفساد لمنظومة نظام الفرد العائلي". ويدعو الشرجبي، أعضاء المؤتمر الشعبي العام إلى "الاصطفاف مع حكومة الوفاق الوطني لتغيير منظومة العلاقات القائمة على الولاءات الحزبية والشخصية التي اعتمدها نظام صالح طوال فترة حكمه، لتحل محلها قيم المواطنة المتساوية والعمل المؤسساتي، حتى لا يصبحون هم الضحية القادمة".
رحب السيد حسن محمد زيد الأمين العام لحزب الحق اليمني ذي القاعدة الدينية (الزبدية) بإعلان تشكيل الحكومة، باعتبارها خيار اللحظة الراهنة، كما صرح لـ دويتشة فيله، "نحن جزء من العملية السياسية " ويرى زيد أن حكومة الوفاق الوطني التي يشارك فيها حزبه بوزير"هي الخيار المتاح في اللحظة الراهنة" مؤكدا العمل على دعم الحكومة للتغلب على الصعوبات والتحديات التي قد تعترضها.
الحوثيون: رفض التسوية مع النظام
أما حركة الحوثيين فقد عبرت عن رفضها لحكومة الوفاق الوطني انسجاما مع رفضها للتسوية السياسية مع النظام الذي تصفه في بيان صاد رعن المكتب الإعلامي للسيد عبد الملك الحوثي، بـ "المجرم" تارة وبـ "الظالم" تارة أخرى، وتعتبر أن أي اتفاق معه "خيانة لدماء الشهداء والجرحى، واستخفافا بتضحيات الشعب اليمني وطعنة موجعة للثوار .." وكانت الحركة قد حددت رؤيتها للمرحلة الانتقالية بـ "تشكيل مجلس رئاسي يمثل كل القوى الوطنية يشرف على حكومة وحدة وطنية لمرحلة انتقالية يتم فيها تشكيل لجنة انتخابات جديدة " ويعقب ذلك "انتخابات حرة ونزيهة".
وقد عبر ضيف الله الصولاني وهو أحد كوادر الحراك الجنوبي المتواجدين في الخارج، عن موقف الحراك من الحكومة الجديدة في صنعاء بالقول أن إعلان "ما سمي بحكومة الوفاق الوطني هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على جسد الثورة الشبابية السلمية في الشمال" ويصفها الصولاني بعملية تقاسم بين الثنائي الذي حكم الشمال قبل الوحدة (المؤتمر والإصلاح) واستولى على الجنوب بعد حرب 1994، داعيا الشعب في الجنوب إلى رص صفوفه لمواجهة ما وصفها بـ "حكومة المناصفة بين الشماليين". أما الأسماء الجنوبية في الحكومة فهي برأيه لا تمثل الجنوب، ولكنه ينصحهم بالابتعاد عما قال أنها "حكومة الاحتلال" وقد حاولت دويتشة فيله الاتصال بعدد من قيادات الحراك المتواجدة بالداخل لمعرفة الموقف من تشكيل حكومة الوفاق الوطني، إلا أنه تعذر الاتصال بأي منهم.
سعيد محمد الصوفي - صنعاء
مراجعة: عارف جابو