اليمن- هل تراجعت حرية المرأة وانتهى دورها بعد انتصار الثورة؟
١٤ يوليو ٢٠١٢ لم يمنع النقاب والثقافة التقليدية المرأة اليمنية من المشاركة في فعاليات الثورة الشبابية السلمية ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والتي انطلقت في النصف الأول من شباط / فبراير من عام 2011؛ وتعرضت خلالها النساء لضروب من القمع والتعريض بالاخلاق وتشويه السمعة كوسيلة للحد من مشاركتهن في فعاليات الثورة السلمية التي أبهرت العالم، لكونها تتم في مجتمع تقليدي عرف عنه عدم الاقرار بأي دور اجتماعي أو سياسي للمرأة. لكن مالم يكن متوقعا هو أن يعمد الشيخ حميد الأحمر إلى النيل من سمعة الناشطات في الثورة السلمية في سياق رده على سؤال مراسلة نيويورك تايمز الأمريكية عن النساء في الساحة حينما قال: "وجد سلوك سيء أحال الساحة إلى مكان للرقص! هؤلاء النسوة أردن أن يذهبن إلى هناك مع أصدقائهن الرجال وعشاقهن واليد باليد في المظاهرات .. وهذا غير لائق كما أنه ضد ديننا!". والأحمر هو قيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين في اليمن) والشخصية القبلية التي اقتحمت عالم التجارة والأعمال، ودأب خلال السنوات الأخيرة من حكم صالح على تقديم نفسه بوصفه رجل أعمال وسياسي ليبرالي معارض استبدل ولاءه للقبيلة بولائه للوطن، مفضلا الدولة المدنية. بيد أن تصريحاته التي حاول مرارا نفيها مدعيا أن لديه تسجيلا صوتيا يناقضها، ساهمت في نشر ظلال من الشك والريبة حول الهدف منها وتوقيت نشرها، ونوهت الصحفية التي أجرت المقابلة إلى "أن الصورة التي وصفها الأحمر تم تحديها من قبل الكثيرين في الساحة، الذين يخشون أن يصعد الإصلاح قيادته للقمع ضد حقوق الإنسان والمرأة في الحوار الوطني القادم حول الدستور والعقد الاجتماعي الجديدين". إقصاء المرأة انقلاب على الثورة ويبدو أن ما كان يخشى منه قد غدا حقيقة عبر عنهاالمبعوث الأممي لليمن السيد جمال بن عمر: حين قال "إن القوى السياسية اليمنية اختلفت في كل شيء لكنها اتفقت في عملية إقصائها للمرأة " جاء ذلك عند لقائه الأسبوع الماضي في صنعاء برئيسة اللجنة الوطنية للمرأة والنساء اللواتي تم اختيارهن للمشاركة في الحوار الوطني. وفي سياق الرفض لما رأين فيه مخططا لإقصاء النساء عن المشاركة في العملية السياسية رفعت ناشطات شاركن في الثورة والنزول إلى الساحة، دعوى قضائية ضد الأحمر. غير أن الناشطة اليمنية أروى عبده عثمان، اشتكت من مماطلة القضاء وقالت لــ DWعربية إن قضيتهن بعد طول انتظار "تم إحالتها إلى نيابة الصحافة والمطبوعات، في حين أنها قضية قذف وليست قضية نشر" وعبرت عن أسفها لاعتذار بعض القضاة مقدما عن النظر بالدعوى المرفوعة من الناشطات اليمنيات، في دلالة على "خشية القضاة من انتقام الأحمر في حالة قبولهم الدعوى". غياب المرأة غياب للدولة المدنية أما الشاعرة والناشطة سماح الشغدري، فصرحت لــ DWعربية، فأشارت، كما أروى عثمان، إلى عدم ثقتها "بنزاهة القضاء اليمني فيما يتعلق بقضايا المرأة، ومع الشيخ الأحمر بالذات الذي يستند لنفوذه القوي ويرفض المثول أمام القضاء" لكنها وكما زميلاتها "مصرة على الاستمرار في متابعة القضية حتى النهاية ومهما كانت النتيجة " وأكدت في تصريحها لـ DWعربية "أن الخلاف ليس مع شخص حميد الأحمر ولكنه مع منظومة القيم التقليدية التي تتعامل مع المرأة بنظرة دونية، دون اعتبار لكرامتها كإنسان أو تقدير لما قدمته من تضحيات في سبيل انتصار الثورة ". ومن جانبها أكدت الإعلامية والناشطة اليسارية، سامية الأغبري، التي نزلت مع غيرها من النساء إلى ساحة الثورة، وقوفها المطلق إفى جانب زميلاتها الناشطات اللواتي رفعن القضية أمام القضاء الوطني اليمني، باسم كل حرائر وأحرار اليمن. ودعت الأغبري كل المدافعين عن الحقوق والحريات الإنسانية إلى التضامن مع نساء اليمن اللواتي يتعرضن للإقصاء والتهميش، رغم التضحيات الجسام التي قدمتها المرأة اليمنية لانتصار الثورة. مؤكدة في حديثها مع DWعربية استمرارها في الدفاع عن نهج الثورة والتغيير. ولكن سماح الشغدري، ترى إن تغييب المرأة عن الساحة معناه اختطاف الثورة وتغييب الدولة المدنية. سعيد الصوفي – صنعاء مراجعة: عارف جابو