اليمين المتطرف يتحد في مسيرة معادية للأجانب في كيمنتس
١ سبتمبر ٢٠١٨
معاداة الأجانب والكراهية دفعت ثلاث جماعات يمنية متطرفة للتوحد في مسيرة صامتة في مدينة كيمنتس، فيما تظاهر السبت أيضاً آلاف ضد اليمين المتطرف ومن أجل حماية الأجانب والتنوع الثقافي في المجتمع.
إعلان
انضم متظاهرون ينتمون لحركة "برو كيمنتس" الألمانية اليمينية المتطرفة فجأة لمتظاهرين من حزب "البديل من أجل ألمانيا" وتحالف "بيغيدا" الشعبويين المعاديين للأجانب، بعد ساعة من قيام الحركة بمظاهرة خاصة بها. وتوجه كثيرون من متظاهري الحركة، التي شارك فيها تقريبا 1500 شخص، وهم يرددون شعارات "نحن الشعب" و"على ميركل أن ترحل" إلى مكان تجمع المظاهرة الأخرى لحزب البديل وحركة بيغيدا. ورافقت قوة كبيرة من الشرطة المسيرة خلال انتقالها إلى مكان التجمع.
وعلى الجانب الآخر، وتحت شعار "قلب بدلاً من التحريض"، دعا تحالف يضم قوى سياسية ومجتمعية من التيارات الليبرالية واليسارية إلى تظاهرة سلمية ضد نشاطات اليمين المتطرف، الذي يسعى إلى تحديد وجه المدينة باتجاه رفض الأجانب واللاجئين عموماً. وشارك في المسيرة العديد من الشخصيات السياسية المعروفة، بينهم قيادات من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وحزب اليسار.
ومن أبرز المشاركين في مسيرة السلم وضد الكراهية والتحريض نائب رئيس الحزب الاشتراكي ورئيسة وزراء ولاية مكلينبورغ فوربومرن، إلى جانب رئيسة حزب الخضر آنالينا بيربوك وأحد رؤساء كتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني ديتمار بارش.
وفيما وصل عدد المشاركين في تلك المظاهرة إلى 5000 شخص تقريباً، بلغ عدد المتظاهرين من معسكر اليمين المتطرف مجتمعين نحو 6000 شخص، بحسب وكالات أنباء.
وقالت زعيمة حزب الخضر بيربوك إنها كانت تود لو رأت وزير الداخلية هورست زيهوفر في المظاهرات المناوئة لليمين المتطرف التي نُظِّمَتْ السبت في مدينة كمنيتس. وقالت إن "كمنيتس ليست حالة فردية، فالمسيرات اليمينية المتطرفة يتكرر وجودها في أماكن مختلفة". وأشارت بيربوك إلى الحاجة إلى تشكيل تحالف واسع النطاق من كل الأحزاب الديمقراطية والحكومة الاتحادية لمواجهة اليمين المتطرف ولتأييد الديمقراطية وعدم الاكتفاء بالبيانات التي تصدر لمرة واحدة.
وأضافت النائبة في البرلمان الألماني أن وزير الداخلية أجرى مناقشات مكثفة حول ما من شأنه المحافظة على تماسك المجتمع "وهنا واليوم، فإن هناك مطلباً لتماسك المجتمع، ولذا فإنه كان يتعين عليه أن يكون موجوداً في الصف الأول".
كيمنيتس .. هل تكبر كرة الثلج؟
01:42
من جانبه، صرح الرئيس السابق لحزب الخضر الألماني، جيم أوزدمير، بأن الائتلاف المسيحي الاشتراكي الحاكم في ولاية سكسونيا يتحمل المسؤولية عن أعمال الشغب التي وقعت في كيمنتس مؤخراً. وقال أوزدمير على هامش المظاهرات: "الموقف جاد للغاية، وهذا ما لا يتبلور أمامنا حين لا تقوم حكومة الولاية بدورها".
وأضاف أوزدمير أن فشل الماضي يجب أن يعالج "ولابد ألا نعفي الاتحاد المسيحي الديمقراطي من مسؤوليته عن ذلك". وأوضح السياسي الألماني أنه مما لا يمكن تحمله أن يسخّر اليمينيون المتطرفون الثورة السلمية التي قامت في في ألمانيا الشرقية سابقاً عام 1989 لصالحهم، مؤكداً أنها "كانت ثورة للحرية وليست للكراهية." وحث أوزدمير على وقوف جميع الأحزاب الآن معاً، مضيفا: "علينا أن نبني معاً حائطاً صلداً بوجه حزب البديل من أجل ألمانيا".
ح.ع.ح/ ي.أ (د.ب.أ/أ.ف.ب/رويترز)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.