1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
حقوق الإنسانجنوب أفريقيا

اليهودية الأمريكية روت فايس: حياة في خدمة الإنسانية

٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥

روت فايس صحفية وكاتبة وناشطة حقوقية أمريكية من أصل ألماني، عاشت تجربة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والمنفى. وكانت تكتب من دون كلل أو ملل ضد الكراهية والعنصرية. نعي للصحفية روت فايس.

روت فايس ناشطة وكاتبة
روت فايس في آخر حوار لها مع DW قبل وقت قصير من عيد ميلادها المائةصورة من: DW

"صاغت روت فايس طوال حياتها مهمة تعليمية خالدة لنا جميعًا من معاناتها غير المحدودة بسبب المحرقة وتجاربها في ظل نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا: لم تكن تقسّم العالم إلى 'نحن‘ و'أنتم‘، بل كانت تعمل من أجل 'نحن الإنسانية‘". هكذا وصفها وزير الثقافة الألماني فولفرام فايمر.

توفيت الصحفية والكاتبة والناشطة الحقوقية اليهودية في 5 أيلول/سبتمبر في الدنمارك وسط عائلتها عن عمر ناهز 101 عام. وفي حوار مع DW قالت آني كروف من جمعية روت فايس، وهي جمعية تحمل اسمها وتضم أصدقاءً وأشخاصًا متشابهين في الفكر، إنَّها عملت في حياتها على نشر رسالة التسامح والإنسانية. وأضافت: "لقد عرفناها لفترات مختلفة، ولكنها أسرَّت الجميع مباشرة من أول لقاء بأسلوبها الودود. وكانت تثير دهشتنا دائمًا بذاكرتها الخالية من الثغرات وتحليلاتها الدقيقة جدًا. وكانت دعابتها اللطيفة تفاجئ الكثيرين".

وحتى النهاية كانت روت فايس شاهدة معاصرة مطلوبة ونقلت تجاربها - وكانت حياتها غنية بالتجارب.

وُلدت روت فايس باسم روت لوفنتال لأبوين يهوديين في 26 تموز/يوليو 1924 في مدينة فورت بمنطقة فرنكونيا الألمانية. وأشاد بها رئيس بلدية فورت، توماس يونغ، بوصفها "واحدة من أهم النساء والشخصيات في تاريخ فورت".

روت فايس: شاهدة على القرن

09:07

This browser does not support the video element.

وكانت عائلتها تعيش في نورنبرغ عندما استولى النازيون على السلطة. وبسرعة شعروا بكراهية كل ما هو يهودي، وخسر الأب عمله وهاجر في عام 1933 إلى أقاربه في جنوب أفريقيا. وتبعته الأم مع ابنتيهما في عام 1936.

هروب إلى المنفى 

وكانت روت فتاة في الثانية عشرة من عمرها، حين لاحظت بسرعة أنَّها غير مرحب بها أيضًا في حيّ الطبقة العاملة البيضاء في جوهانسبرغ. وواجهت منذ البداية معاداة السامية لدى الفاشيين البيض في جنوب أفريقيا والعنصرية الوحشية ضد السود. وحول ذلك قالت روت فايس لـDW عام 2024: في هذا البلد الذي يهيمن عليه البيض "كان لدينا لون البشرة الصحيح، ولكن كان لدينا الدين الخاطأ". ومنذ ذلك الحين حددت تجارب حياتها مع نظامين ديكتاتوريين التزامها بحقوق الإنسان.

روت فايس وشقيقتها مارغوت في جوهانسبرغ عام 1936صورة من: Basel Afrika Bibliographien/Ruth Weiss Gesellschaft

وبعد تخرجها من المدرسة الثانوية، عملت روت فايس في البداية كموظفة في مكتب محاماة. وكان الفصل العنصري غير مقبول بالنسبة لهذه الشابة اليهودية. وبدأت تلتقي في جمعية ثقافية أشخاصًا قريبين منها في الفكر. وهنا تعرّفت أيضًا على زوجها المستقبلي الصحفي هانس فايس. وبدأت الكتابة باسمه لوسائل الإعلام الأوروبية حول فظائع نظام الفصل العنصري.

الحفاظ على نظرة ناقدة

تقول روت فايس: "لا يمكنك العمل صحفيًا إن لم تكن لديك فكرة عن كيف يجب للعالم أن يكون. ونصيحتها هي: الحافظ دائمًا على نظرة ناقدة". وضمن هذا السياق قالت كاترينا فايس، من منظمة مراسلون بلا حدود لـDW: "نأمل أن يأخذ الإعلاميون في جميع أنحاء العالم قدوةً لهم من شجاعة روت فايس ونزاهتها الصحفية. وبصفتها شاهدة معاصرة فقد لفتت الانتباه إلى العنصرية والفصل العنصري ومعاداة السامية، وتركت إرثًا صحفيًا غنيًا للغاية ركّز دائمًا على العدالة وحقوق الإنسان".

وعندما فشل زواجها بدأت مسيرتها الصحفية الحقيقية في ستينيات القرن العشرين. لقد تميّزت فايس كصحفية مالية مشهورة، ولكن أيضًا كمراسلة سياسية أظهرت تعاطفًا كبيرًا مع حركات الاستقلال في زامبيا وزيمبابوي الحالية، وكذلك مع جهود مكافحة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

واستغلت فايس مكانتها كصحفية معترف بها للاحتجاج على ظلم سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وأقامت اتصالات مع الكثير من شخصيات حركات الاستقلال الأفريقية، بمن فيهم ديكتاتور زيمبابوي اللاحق روبرت موغابي، وكذلك رئيس زامبيا السابق كينيث كاوندا، وبطل تحرير جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا، الذي أجرت معه مقابلة قبل اعتقاله في عام 1963.

"مواطنة عالمية ذات كاريزما كبيرة"

كانت روت فايس منذ عام 2020 رئيسة فخرية لمركز قلم للمؤلفين الناطقين بالألمانية في الخارج. وكانت "خبيرة في شؤون أفريقيا، ومصدرًا للمعرفة بالنسبة لغيرها من الصحفيين والناشطين"، كما قالت لـDW هيلغا دروكس، الأمينة العامة لمركز قلم. وأضافت أنَّ فايس "كانت مواطنة عالمية ذات كاريزما كبيرة. وتميّزت بفضولها وإقبالها على الناس، وبصدقها وروحها المرحة، وأخيرًا وليس آخرًا بتواضعها".

وكذلك كانت غير أنانية ومستعدة للمساعدة، كما أكدت لـDW ديبورا فيتور-إنغلاندر، وهي أيضًا عضوة في مركز القلم ورئيسة مؤسسة ألفريد كير. وأضافت أنَّ روت فايس ستبقى في الذاكرة "كمقاتلة لم تحل مشاكلها الخاصة فقط، بل حاولت أيضًا الكفاح إلى جانب السود في جنوب أفريقيا". وبينما كان معظم اليهود في جنوب أفريقيا خائفين ومتردّدين، روت فايس لم تكن كذلك.

نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا كان يقمع أغلبية السكان السود. في الصورة احتجاجات قبل انتخابات عام 1994، التي فاز بها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بزعامة نيلسون مانديلاصورة من: ALEXANDER JOE/AFP/Getty Images

وفي عام 1966، غادرت روت فايس أفريقيا إلى لندن، وكانت تكتب هناك لصحف من بينها صحيفة الغارديان. ومن عام 1975 حتى عام 1978، عملت في هيئة تحرير قسم أفريقيا في DW بمدينة كولونيا الألمانية. وانتقلت في عام 1980 إلى هراري، حيث تابعت الاستقلال في زيمبابوي. وفي هذا الصدد قالت فايس لـDW: "كثير من الأوروبيين ما يزالون يعتقدون أنَّهم يعيشون في ظروف استعمارية وأنَّ الدول الأفريقية ليس سوى مصادر للثروة. وهذا يجب أن يتغير".

وفي عام 2005، تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام كواحدة من "ألف امرأة سلام في العالم". وفي مدينة أشافنبورغ الألمانية تمت في عام 2010، تسمية مدرسة ثانوية باسمها. وقد كرَّمها المتحف اليهودي في كيب تاون بمعرض في عام 2014. وكما أنَّ كتابها "أختي سارة"، الذي يعرض الفصل العنصري للمراهقين، يُعد من الكتب المقررة في البرنامج التعليمي في كثير من المدارس. وقد حصلت في عام 2014 على وسام الاستحقاق الاتحادي الألماني من الدرجة الأولى، وفي عام 2023 على وسام جنوب أفريقيا الوطني، وفي عام 2024 على وسام استحقاق جمهورية ألمانيا الاتحادية.

روت فايس كانت تقوم بزيارات كثيرة للمدارس - كزيارتها هنا لمدرسة في مدينة بوخوم الألمانية - من أجل التحذير من معاداة الساميةصورة من: Andreas Keuchel/dpa/picture alliance

الصراع في الشرق الأوسط

وعاشت روت فايس آخر أيامها لدى أسرة ابنها في الدنمارك. وحتى في سنها المتقدمة، واصلت كتابة الكتب الموضوعية والروايات. وصدر مؤخرًا في آب/أغسطس 2025 آخر أعمالها بعنوان "التذكير يعني العمل". وفي هذا الكتاب تعبّر عن رأيها بوضوح لا لبس فيه حول التصعيد في الشرق الأوسط. وتكتب أنَّ "كلا الشعبين اليهودي والعربي الفلسطيني لديهما الحق في العيش في فلسطين!". وتضيف أنَّ "الكراهية التي تزداد مع كل ضحية جديدة لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد المأساة لكلا الشعبين".

ولكن روت فايس لم تكن أبدًا من دون أمل: فقد كتبت أنَّها تؤمن بأنَّ الصراع سيُحل في يوم ما. 

وفي عام 2023 قالت روت فايس بمناسبة ذكرى الهولوكوست في برلمان ولاية شمال الراين-وستفاليا الأمانية: "تعلمتُ أنَّ العنصرية ومعاداة السامية وكراهية البشر لا تعرف حدودًا، وأنَّ هذا ظلم يجب محاربته في كل مكان". وبعد وفاتها قال وزير الثقافة الألماني فولفرام فايمر: "أرجو أن يستمر نقل إرثها الدولي للأجيال القادمة - مع إدراك أنَّ كل كلمة شهادة هي جسر إلى الإنسانية".

بالتعاون مع: جوزفين ماهاتشي

أعده للعربية: رائد الباش


 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW