عنف ومخدرات وإهمال حكومي.. يوميات اللاجئين في خيوس باليونان
١٠ يوليو ٢٠١٧
يعيش آلاف اللاجئين في ظروف معيشية غير محتملة وعنف ومستقبل مجهول على جزيرة خيوس اليونانية، إذ تمنعهم السلطات من مغادرة الجزيرة ولا يرغب معظمهم في العودة طواعية لتركيا. تحقيق صحفي يرصد المعاناة من قلب الحدث.
صورة من: DW/D. Tosidis
إعلان
للوهلة الأولى تبدو منطقة سودا على جزيرة خيوس اليونانية، مثل المنتجعات السياحية التي نراها في كتيبات وإعلانات مكاتب السفر السياحية، فالشاطئ مكتظ بأناس يستمتعون بوقتهم بين السباحة والصيد والاسترخاء، لكن هذا الانطباع خادع للغاية فسودا تحولت لمخيم ضخم للاجئين.
يكتظ المكان هنا بالسكان لدرجة أن البعض نصبوا خيامهم الصغيرة على الشاطئ، فليس من المبالغة القول إن هذا المكان هو أحد أسوأ مخيمات اللاجئين في اليونان كلها. جزيرة خيوس التي تبعد سبعة كيلومترات فقط عن السواحل التركية والتي سبق ورحبت باللاجئين، تحولت اليوم إلى ما يشبه السجن المفتوح الذي يقبع فيه نحو أربعة آلاف شخص. الظروف المعيشية هنا كارثية وتسوء كل يوم ولا تكاد السلطات المحلية ولا الحكومة اليونانية تقدم مساعدات تذكر، كما لم نحصل على أي رد على الاستفسارات التي تقدمنا بها للسلطات المحلية ولوزارة الهجرة اليونانية.
خيمة بجانب وحدة الصرف الصحي
في إحدى الخيام المنصوبة على شاطئ البحر الذي تنتهي فيه مياه الصرف، التقينا بوليد وزوجته فرح المنحدرين من دمشق واللذين قدما إلى خيوس في قارب مكتظ بالبشر. فرح البالغة من العمر 20 عاما في شهور حملها الأخيرة، أما وليد/ 31 عاما/ فقد عمل كمرشد سياحي في دمشق وساعده في ذلك إجادته للغة اليونانية. عاش وليد وفرح فترة في مخيم فيال الذي تديره الحكومة والجيش اليوناني.
ينتظر وليد وفرح طفلهما الأول في ظروف صعبة على جزيرة خيوسصورة من: DW/D. Tosidis
ويتذكر وليد هذه الفترة قائلا: "غادرنا هذا المخيم نظرا للتدهور الحاد في الظروف الحياتية فيه، خاصة بعد أن دخلت فرح للمستشفى نتيجة إصابتها بتسمم غذائي". وبعد مغادرة المخيم عاش الزوجان في حاوية مع ثمانية أشخاص آخرين وأخيرا نصبا هذه الخيمة بالقرب من إحدى وحدات الصرف الصحي.
ويضيف وليد: "يصادف المرء هنا الثعابين والفئران بشكل يومي". وبالرغم من صعوبات الحياة هنا، لا يمانع وليد من العيش في اليونان خاصة مع إجادته اللغة اليونانية، لكنه لا يرغب في البقاء في خيوس.
تعتزم الحكومة اليونانية تولي عمليات التنسيق بشأن أزمة اللاجئين، بشكل كامل بحلول نهاية تموز/يوليو المقبل، ما يعني أن العديد من منظمات الإغاثة غير الحكومية ستوقف عملها على الجزيرة.
وفي هذا السياق تقول آريانا ميغن، الناشطة في مؤسسة نرويجية معنية باللاجئين على جزيرة خيوس، في حوار مع DW: "الوضع على الجزيرة حرج للغاية، لكننا لا نعلم ما الذي سيحدث عندما ينتقل الأمر ليد الحكومة".
عنف ومخدرات وإجراءات معقدة
العنف من الأمور اليومية هنا تماما مثل تجارة المخدرات، إذ يمكن شراء الماريجوانا هنا مقابل 15 يورو. يتحدث الجميع عن هذه المشكلات، لكن لا يحاول أي طرف حل المشكلة.
تحولت جزيرة خيوس التي تبعد سبعة كيلومترات فقط عن السواحل التركية، إلى ما يشبه السجن المفتوح للاجئينصورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Giannakouris
ويقول فتحي/ 30 عاما/ المنحدر من الجزائر: "يجب أن يعيش المرء هنا لمدة أسبوع على الأقل ليعرف مدى تدهور ظروف الحياة هنا". لم يجد فتحي ومجموعة من أصدقائه، المال المطلوب دفعه للمهرب، لذا لم يجدا وسيلة أخرى سوى السباحة من السواحل التركية في اتجاه خيوس¨وقبل أن يصلوا للجزيرة ألقت سلطات خفر السواحل اليونانية، القبض عليهم. نجح أصدقاء فتحي في مغادرة الجزيرة سرا بعد ذلك، أما محاولات الشاب الثلاثيني فباءت بالفشل ثلاث مرات.
أجمع كل من تحدثنا إليهم على الشكوى من طول فترة البت في طلبات اللجوء علاوة على رفضها في معظم الأحيان. السوريون تحديدا اشتكوا من سوء معاملة الموظفين القائمين على بحث طلبات اللجوء. حكايات عديدة يحكيها الناس هنا عن تجاربهم مع مكاتب الأجانب، ففي إحدى الحالات تم قبول طلب من أحد اللاجئين في حين تم ترحيل شقيقه التوأم إلى تركيا، رغم أن كليهما تقدم بنفس الطلب ولنفس الأسباب.
ملاحظة: تم تغيير كافة الأسماء الواردة في المقال.
ماريانا كاراكولاكي/ ديميتريس توسيديس/ ابتسام فوزي
لاجئون في اليونان- أحلامٌ معلقةٌ بالقطارات
يعيش العديد من اللاجئين باليونان في عربات مهجورة بالقرب من سكة القطار في جزيرة تيسالونيكي، ويعمد العديدون للتسلل إلى القطارات العابرة لأجل الهرب من اليونان الى غرب اوروبا. مصور DW ديميتري توسيديس التقاهم فكان ملف صور.
صورة من: DW/D. Tosidis
لا حياة من دون مجازفة
محمد، 18 عاماً، من الجزائر، ابتسم عند سؤاله: ما مدى خطورة محاولة الاختباء ومن ثم التسلل ليلاً إلى إحدى القطارات العابرة؟ ليجيب DW: "لا حباة من دون مجازفة".
صورة من: DW/D. Tosidis
إلى أي مدى قد يذهب بك المال؟
أنور.م وأحمد.أ من الجزائر ينتظران داخل عربة مهجورة القطار التالي ليتسللا إلى داخله. يقول أحمد "حاولت الاختباء داخل القطار ثلاث مرات، لكنهم تمكنوا من إلقاء القبض علي مرتين في مقدونيا، ومرة في اليونان". ويضيف أنور "جواز السفر المزور يكلّف حوالي 1500 يورو، وأجرة المهرب من ميناء باتراس إلى ليبيا يتقاضى حوالي 600 يورو، وأنا أملك منها 25 يورو فقط، لذا أحاول توفيرهم حتى أصل صربيا".
صورة من: DW/D. Tosidis
المصير الأخير؟
زكي، 29 سنة، من الجزائر، يأخذ استراحة داخل أحد عربات القطار المهجورة، وصل زكي إلى اليونان منذ حوالي 9 أشهر، وعمل في حقل زيتون لمدة شهر. حاول ست مراتٍ الوصول إلى ألمانيا، محاولته الأخيرة نجحت بشكل جزئي، إذ تمكن من الوصول إلى إحدى دول البلقان وعاد منها الى اليونان.
صورة من: DW/D. Tosidis
قطار إلى اللا مكان..
مهاجر مغربي يجلس في غرفته المؤقتة داخل أحدى العربات المهجورة يخطط لهروبه، يقول إنه قد تم الإمساك به ثلاث مرات عندما كان يختبئ في قطار متوجه من اليونان إلى مقدونيا. كما أنه حاول مرةً أن يسافر عبر ميناء باتراس مختبئاً داخل شاحنة.
صورة من: DW/D. Tosidis
وقت الاختباء
في الصورة يساعد جلوان، 16 عاماً، عبد الرحمن، 23 عاماً، على الانحشار في قاع عربة قطار توقف في المحطة لتغيير ماكنة القطر. ووفق حراس الأمن فإن قاع العربات هو المكان الأول الذي يبحث فيه رجال الشرطة المقدونية عن مهاجرين غير شرعيين.
صورة من: DW/D. Tosidis
الوجهة غير معروفة
على اعتبار أن الجدول الزمني للقطار غير معروف بالنسبة للاجئين فإنهم يستقلون أي قطار دون تمييز، وغالباً هم لا يعرفون وجهة القطار الذي يستقلونه، لذا يحدث أحيانا أنه بدلا أن يصل اللاجئون إلى وجهتهم في شمال أوروبا، يجدون أنفسهم في أثينا مثلاً.
صورة من: DW/D. Tosidis
التعليمات الأخيرة
باحث عن اللجوء يعطي صديقه التعليمات الأخيرة لكيفية الاختباء في عربة قطار تحمل معادن. ويعتبر الاختناق والجفاف أبرز المخاطر العديدة التي يواجهها المهاجرون في رحلاتهم.
صورة من: DW/D. Tosidis
مهرب سريع
يعمد المهاجرون الشباب إلى رمي أنفسهم من القطار في محاولة للاختباء من رجال الأمن الذين يقومون بدوريات مفاجئة في المنطقة.
صورة من: DW/D. Tosidis
تحضير اللوازم
يحمل محمد الغذاء والماء من مخيم "سوفتكس" لأصدقائه المختبئين بانتظار التسلل على أحد القطارات.
صورة من: DW/D. Tosidis
غض الطرف
بعض عمال السكك الحديدة اليونانية يلعبون الورق خلال استراحة بعد الظهر. باناغيوتيس (إلى اليمين) عمل في المحطة لمدة 33 عاماً، يقول " كان التسلل أمراً يحدث على الأغلب مرة في السنة، لكن منذ الصيف الماضي أصبح يحدث يومياً، حيث يغادر المهاجرون وبعد أيام يعودون. ومرة شاهدت امرأة سورية مع طفلها تحاول التسلل إلى عربة لتخزين النفط".
صورة من: DW/D. Tosidis
لافتة تحذير
السلطات اليونانية نصبت لافتة مكتوبٌ عليها بالعربية تحذير من شريط مكهرب، لكن في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي تعرض مهاجر جزائري لصعقة كهربائية، توفي إثرها، بسبب محاولته القفز الى قطار عبر الشريط المكهرب. ديميتري توسيديس/ راما الجرمقاني