اليونان ـ غضب إثر زيارة وزير الخارجية التركي للجالية المسلمة
٣٠ مايو ٢٠٢١
بدأت زيارة وزير الخارجية التركي إلى اليونان بجدل حاد بعد لقائه بأقلية مسلمة هناك. وتستمر الزيارة يومين، في إطار الجهود المتواصلة لإبقاء قنوات الحوار بين الجارتين، رغم استمرار الخلافات بينهما حول عدة قضايا.
إعلان
بدأ وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو اليوم (الأحد 30 مايو/ أيار 2021) زيارة الى اليونان بالتوجه للقاء الأقلية المسلمة في تراقيا، ما أثار سريعا غضب اثينا بتصريحاته.
وكتب تشاوش أوغلو في تغريدة عند هبوطه في مطار ألكسندروبوليس في شمال شرق اليونان قرب الحدود التركية "في اليونان للقاء أفراد من الأقلية التركية في تراقيا الغربية ومناقشة علاقاتنا الثنائية".
وقام تشاوش أوغلو بزيارة مدرسة ثم قرية والقنصلية التركية حيث التقى ممثلين للأقلية المسلمة. وكتب في تغريدة أخرى "لقد أكدت أننا سنقف على الدوام بثبات إلى جانب الأقلية التركية في نضالها من أجل حقوقها، وأكدت مرة أخرى دعمنا الحازم".
كما قام تشاوش أوغلو بزيارة إلى قبر صادق أحمد، وهو برلماني يوناني سابق لقي حتفه في حادث سيارة عام 1995. وكتب وزير الخارجية التركية على تويتر أن صادق أحمد "حارب حتى أنفاسه الأخيرة من أجل حماية حقوق الأقلية التركية".
وتصف أثينا هذه الأقلية بأنها تضم مسلمين متعددي الاتنيات، وأثار وصف تشاوش أوغلو لهم بانهم "أتراك" ردا غاضبا من وزارة الخارجية اليونانية. وقالت الوزارة في بيان إن "الأقلية المسلمة في تراقيا تعد حوالى 120 ألف شخص يونانيين" وأضافت أن "المحاولات المستمرة من تركيا لتحريف هذه الحقيقة وكذلك مزاعم عدم حماية حقوق هؤلاء المواطنين أو التمييز، لا أساس لها من الصحة ومرفوضة بالكامل". وتابعت الوزارة "اليونان ترغب في تحسين علاقاتها مع تركيا لكن مع احترام القانون الدولي كشرط مسبق".
وتضم منطقة تراقيا الغربية اليونانية ما يصل إلى 150 ألف مسلم نالوا وضع أقلية بعد معاهدة لوزان عام 1923 عند نهاية الحرب بين تركياواليونان والتي أذنت بسقوط السلطنة العثمانية.
وتقول تركيا باستمرار ان اليونان لا تحمي بشكل جيد حقوق هذه الأقلية التي يتحدر الكثير من أفرادها من أصول تركية أو هم ناطقون بالتركية.
مسائيةDW : النزاع البحري بين أثينا وأنقرة: نذر تصعيد جديد؟
24:42
وأثار تشاوش أوغلو هذه المسألة ذاتها في منتصف نيسان / أبريل خلال مؤتمر صحافي عاصف مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس. وقال تشاوش أوغلو آنذاك "أنتم لا تسمحون للأقلية التركية بأن تطلق على نفسها تسمية تركية. أنتم تسمونهم مسلمين".
وأضاف متوجها إلى دندياس الذي نقل من جانبه استياء اليونان العميق من تحويل تركيا العام الماضي كاتدرائية آيا صوفيا من متحف إلى مسجد، "إذا كانوا يعتبرون أنفسهم أتراكا فهم أتراك - عليكم أن تعترفوا بذلك".
ومن المقرر أن يلتقي تشاوش أوغلو الاثنين في أثينا رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ونظيره ديندياس في محاولة للحفاظ على الحوار بعد تدهور العلاقات بين البلدين إثر إرسال أنقرة العام الماضي سفينة للتنقيب عن الغاز بمواكبة أسطول بحري إلى المياه القريبة من الساحل التركي والتي تطالب بها اليونان.
وكان تشاوش أوغلو أعلن في وقت سابق أن هدف زيارته هو التحضير للقاء ثنائي بين ميتسوتاكيس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل في 14 حزيران / يونيو.
من جهتها، اعتبرت وسائل الإعلام اليونانية أن زيارة تشاوش أوغلو تشكل "اختبارا" قبل لقاءاته في أثينا. بينما حاولت الحكومة اليونانية التقليل من أهمية هذه الزيارة إلى تراقيا قبل وصوله إلى اثينا. وقالت الناطقة باسم الحكومة اليونانية اريستوتيليا بيلوني الخميس إن "زيارة تراقيا هي زيارة خاصة. اليونان بلد منفتح وديموقراطي لا يحظر الزيارات الخاصة. وفي ما يتعلق بالأقلية (في تراقيا)، فآنها تستفيد من وضع مساواة".
جذير بالذكر أن وضع الأقلية المسلمة في تراقيا يشكل أحد مواضيع الخلاف الكثيرة بين تركيا واليونان.
ح.ز / ص. ش (أ. ف.ب / د.ب.أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP