تتولى الهولندية سيغريد كاغ مهمة صعبة. إنها مكلفة بضمان وصول المساعدات الإنسانية الدولية بسرعة أكبر إلى أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة. فمن هي هذه المرأة القريبة لفلسطينيين؟
إعلان
إنها دبلوماسية لديها خبرة وشغلت العديد من المناصب الرفيعة في الأمم المتحدة. ومع ذلك، فمن المرجح أن يشكل هذا المنصب تحديًا كبيرًا أيضا للخبيرة سيغريد كاغ، فاعتبارًا من 8 يناير/ كانون الثاني 2024، ستقوم الهولندية البالغة من العمر 62 عامًا بتنسيق المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وإعادة الإعمار نيابة عن الأمم المتحدة.
المهمة التي تواجه كاغ وفريقها مهمة هائلة. وحتى قبل أن تهاجم حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وتصنف حماس كمنظمة إرهابية من قبل إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى.
غزة تعتمد على المساعدات الإنسانية
وفي تلك الأثناء، أدت القصف والهجوم البري الذي يشنه الجيش الإسرائيلي، المستمر منذ أكثر شهرين، إلى تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية في قطاع غزة. وقد أدى القتال الدائر في المنطقة، التي تبلغ مساحتها 360 كيلومتراً مربعاً فقط، إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص داخلياً.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي أن يستمر القتال لعدة أشهر، مما يعني أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة سيعتمدون على المساعدات الإنسانية خلال العام المقبل.
وفي الوقت نفسه، هناك قلق في إسرائيل من أن المساعدات الدولية يمكن أن تجلب أيضًا الأسلحة والذخيرة والوقود لمقاتلي حماس إلى قطاع غزة.
في هذه البيئة الصعبة، تم تكليف سيغريد كاغ بتنسيق ومراقبة المساعدات الدولية الطارئة الآن وإنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لتسريع عمليات تسليم المساعدات عبر الدول غير المشاركة في الصراع.
ولطالما كافح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل إصدار قرار يدعو إلى "التوصيل الآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع" إلى غزة. وقبل وقت قصير من عيد الميلاد، تم إقراره، ومعه تم إنشاء منصب كاغ الجديد.
العودة إلى الأمم المتحدة
سيغريد كاغ هي واحدة من السياسيين البارزين في هولندا. وهي تنتمي إلى حزب "D66" اليساري الليبرالي وشغلت العديد من المناصب السياسية العليا كنائبة لرئيس الحكومة ووزيرة سابقة للمالية والخارجية في عهد رئيس الوزراء مارك روته.
ومع ذلك، بعد انهيار الائتلاف الحكومي والدعوة لانتخابات جديدة في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أعلنت الأم لأربعة أطفال انسحابها من السياسة الهولندية. وسبق أن تعرضت كاغ وعائلتها للتهديد عدة مرات، بما في ذلك من قبل منكري كورونا.
وزيرة هولندية تبهر التونسيين بإتقانها لغة الضاد
01:01
الاستراحة لم تدم طويلا. فعندما تتسلم سيغريد كاغ منصبها في الأمم المتحدة في الثامن من يناير/ كانون الثاني، ستكون قد عادت إلى مكان عملها القديم. فكاغ هي مستعربة درست اللغة العربية، وعملت في الأمم المتحدة لعقود من الزمن وشغلت عدة مناصب رفيعة في المنظمة الدولية.
من عام 1994 إلى عام 1997 كانت سيغريد كاغ رئيسة قسم علاقات المانحين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في القدس؛ وبعدها، من بين أمور أخرى، كانت رئيسة الإدارة الإقليمية لليونيسف بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عمّان.
وفي 2013/2014، قادت المهمة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتدمير الأسلحة الكيماوية السورية، وبعد ذلك أصبحت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان.
سيغريد كاغ - امرأة "لا تنام أبدًا"
سيغريد كاغ هي خبيرة موثوقة بشؤون الشرق الأوسط. وتتحدث السيدة البالغة من العمر 62 عامًا ست لغات بطلاقة، بما في ذلك اللغة العربية. وهي متزوجة من الطبيب الفلسطيني أنيس القاق منذ عقود، والذي عمل في عهد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات نائبا لوزير التعاون الدولي في السلطة الفلسطينية.
وفي وقت لاحق، أسس القاق المنتدى الدولي للسلام، الذي يهدف إلى تعزيز الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين والأوروبيين ودول البحر الأبيض المتوسط، وتنفيذ مشاريع التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
وقد أشاد الدبلوماسيون الدوليون بكاغ بشكل خاص لعملها في تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية في سوريا، مما أكسبها لقب "المرأة الحديدية". ويقال إن دبلوماسياً سورياً قال ذات مرة إن سيغريد كاغ هي "امرأة لا تتوقف أبداً عن العمل وفعليا لا تنام".
انتقادات للمستوطنين الإسرائيليين
لكن رغم ذلك، لم يتم استقبال تعيينها بشكل إيجابي في إسرائيل. وذكرت وسائل إعلام مختلفة في إسرائيل أن كاغ انتقدت السياسة الإسرائيلية مرارا وتكرارا في الماضي. وبصفتها نائبة لرئيس وزراء هولندا، يقال إنها اصطدمت مرارًا وتكرارًا مع رئيسها مارك روته بشأن سياساته، التي يُزعَم أنها مؤيدة لإسرائيل.
وفي التسعينيات، اتهمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستخدام "نبرات عنصرية وديماغوجية تجاه الشركاء الفلسطينيين" في محادثات السلام. ويقال إنها وصفت المستوطنين الإسرائيليين ذات مرة بأنهم "مستعمرون غير شرعيين على الأراضي المصادرة".
علاقة إسرائيل مع الأمم المتحدة تعتبر متوترة، وليس فقط منذ خطاب مثير للجدل، ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. في وتنظر إسرائيل للأمم المتحدة بشكل انتقادي بسبب الأغلبية المستقرة المؤيدة للفلسطينيين، من قبل دول الجنوب العالمي، في الجمعية العامة للمنظمة الدولية.
سيتعين على سيغريد كاغ بذل الكثير من العمل الدبلوماسي المقنع من أجل بدء تقديم المساعدات الطارئة للناس في غزة. وربما لن يكون لديها وقت للنوم كثيرا في وظيفتها الجديدة.
أعده للعربية: صلاح شرارة
معبر رفح.. تحديات كبيرة تواجه شريان الحياة الوحيد لسكان غزة
الوضع الإنساني في غزة كارثي حسب تأكيدات منظمات مستقلة. المساعدات الإنسانية بدأت بالتدفق أخيراً عبر معبر رفح، لكن حجمها يبقى "ضعيفا" بسبب الحاجيات الكبيرة، خاصة مع خروج عدة مستشفيات عن الخدمة وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
بدء تدفق المساعدات لقطاع محاصر
عشرات الشاحنات، المحملة بالمساعدات الإنسانية، دخلت إلى غزة عبر معبر رفح قادمة من مصر. الشاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية وكميات من الأغذية. الأمم المتحدة تقول إن 100 شاحنة على الأقل يجب أن تدخل غزة بشكل يومي لتغطية الاحتياجات الطارئة، وسط تأكيدات أن ما دخل بعد فتح المعبر يبقى قليلاً للغاية، بينما تؤكد مصادر مصرية وجود العشرات من الشاحنات التي تنتظر دورها للعبور.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
شريان الحياة الوحيد في زمن الحرب
معبر رفح هو المعبر الرئيسي لدخول غزة والخروج منها في الفترة الحالية، بعد فرض إسرائيل "حصاراً مطبقاً" على القطاع، وقطع الكهرباء والماء والتوقف عن تزويده بالغذاء والوقود، في ظل الحرب الدائرة مع حركة حماس. لا تسيطر إسرائيل على المعبر لكنه توقف عن العمل جراء القصف على الجانب الفلسطيني منه. وبتنسيق أمريكي، تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر لدخول المساعدات، بشروط إسرائيلية منها تفتيش المساعدات.
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
"ليست مجرد شاحنات"
الخلافات على تفتيش الشاحنات أخذت وقتاً كبيرا، ما أثر على وصول سريع للمساعدات. الأمم المتحدة أكدت أن العمل جارِ لتطوير نظام تفتيش "مبسط" يمكن من خلاله لإسرائيل فحص الشحنات بسرعة. أنطونيو غوتيريش صرح من أمام معبر رفح: "هذه ليست مجرد شاحنات، إنها شريان حياة، وهي تمثل الفارق بين الحياة والموت لكثير من الناس في غزة"، واصفاً تأخر دخول المساعدات (لم تبدأ إلّا بعد أسبوعين على بدء الصراع) بـ"المفجع".
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
إجراءات مشددة منذ زمن
تشدد مصر بدورها القيود على معبر رفح منذ مدة، ويحتاج المسافرون عبره إلى تصريح أمني والخضوع لعمليات تفتيش مطولة ولا يوجد انتقال للأشخاص على نطاق واسع، خصوصاً في فترات التصعيد داخل غزة. دعت القاهرة مؤخراً جميع الراغبين في تقديم المساعدات إلى إيصالها إلى مطار العريش الدولي، لكنها رفضت "تهجير" الفلسطينيين إلى أراضيها ودخولهم عبر معبر رفح، واقترحت صحراء النقب.
صورة من: Majdi Fathi/apaimages/IMAGO
توافق أمريكي - إسرائيلي على معبر رفح
بعد أيام على الحرب، توافق جو بايدن وبنيامين نتانياهو على استمرار التدفق للمساعدات إلى غزة . بايدن قال إن "المساعدات الإنسانية حاجة ملحة وعاجلة ينبغي إيصالها"، وصرح مكتب نتياهو أن "المساعدات لن تدخل من إسرائيل إلى غزة دون عودة الرهائن"، لكنها "لن تمنع دخول المساعدات من مصر" بتوافق أمريكي - إسرائيلي على عدم استفادة حماس منها، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كحركة إرهابية.
صورة من: Evelyn Hockstein/REUTERS
غزة بحاجة إلى وقود
رفضت إسرائيل أن تشمل المساعدات الوقود، وهو ما انتقدته وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة، قائلة إن القرار "سيُبقي أرواح المرضى والمصابين في غزة في خطر". وكالة الأونروا أكدت أن الوقود المتوفر لديها في القطاع غزة "سينفد قريباً، ودونه لن يكون هناك ماء ولا مستشفيات ولا مخابز ولا وصول للمساعدات". لكن مدير إعلام معبر رفح البري قال إن ستة صهاريج وقود دخلت يوم الأحد (22 تشرين الأول/ أكتوبر).
صورة من: Said Khatib/AFP
دعم أوروبي لإسرائيل مع ضمان المساعدات لغزة
بعد جدل حول تجميدها للمساعدات، ضاعفت المفوضية الأوروبية مساعداتها الإنسانية لغزة ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 75 مليون يورو، مع "تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إرهابيي حماس". الاتحاد الأوروبي أكد أنه يدرس فرض "هدنة إنسانية للسماح بتوزيع المساعدات". ألمانيا علقت المساعدات التنموية للفلسطينيين لكنها أبقت على الإنسانية منها، وأولاف شولتس رحب ببدء إرسال المساعدات، قائلا: "لن نتركهم وحدهم".
صورة من: FREDERICK FLORIN/AFP
مطالب عربية بوقف إطلاق النار
ربطت عدة دول عربية بين دخول المساعدات وبين وقف إطلاق النار. وأعلنت دول الخليج دعماً فورياً لقطاع غزة بقيمة 100 مليون دولار، فضلاًَ عن مبادرات منفردة لعدة دول في المنطقة. الدول العربية التي شاركت في "قمة القاهرة للسلام" دعمت بيان مصر، الذي دعا إلى "وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
صورة من: Khaled Desouki/AFP/Getty Images
"عدم التخلي عن المدنيين الفلسطينيين"
وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه بعثت بخطاب إلى كتل أحزاب الائتلاف الحاكم قالت فيه إن احتياجات ومعاناة الناس في غزة وفي أماكن أخرى يمكن أن تزداد. وأدانت هجوم حماس ووصفته بأنه هجوم وحشي وغادر. وقالت :" نحن لا نواجه حركات نزوح كبيرة ووضع إمدادات منهارا وحسب بل إننا نواجه أيضا أعمالا حربية نشطة وكان من بينها التدمير الأخير للمستشفى الأهلي في غزة الذي كانت تشارك وزارة التنمية الألمانية في دعمه".
صورة من: Leon Kuegeler/photothek.de/picture alliance
ضريبة إنسانية باهظة للحرب
بدأت الحرب بهجوم دموي لحماس في السابع من أكتوبر، خلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين، فضلاً عن اختطاف أكثر من مئتين. ردت إسرائيل بقصف متواصل للقطاع، ما أوقع أكثر من خمسة آلاف قتيل وتدمير بنى تحتية وتضرّر 50 بالمئة من إجمالي الوحدات السكنية في القطاع، بينما نزح أكثر 1,4 مليون شخص داخل غزة حسب الأمم المتحدة، فضلا عن مقتل العشرات في الضفة الغربية وسط مخاوف من تمدد الصراع إقليمياً.
صورة من: YAHYA HASSOUNA/AFP/Getty Images
هجوم حماس الإرهابي
مشهد يبدو فيه رد فعل فلسطينيين أمام مركبة عسكرية إسرائيلية بعد أن هاجمها مسلحون تسللوا إلى مناطق في جنوب إسرائيل، ضمن هجوم إرهابي واسع نفذته حماس يوم 07.10.2023، وخلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين واختطاف أكثر من مائتين. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. إ.ع/ ع.خ / م.س.