انتخابات البرلمان الأوروبي: اهتمام شعبي محدود رغم صلاحياته المتنامية
١ يونيو ٢٠٠٩تشهد أوروبا في الفترة الواقعة ما بين الرابع وحتى السابع من شهر يونيو/ حزيران الحالي حدثاً سياسياً هاما يتمثل بانتخاب نواب البرلمان الأوروبي، حيث يختار مواطنو 27 دولة أوروبية نواب هذا البرلمان الذين يبلغ عددهم 736 نائبا في هذه الدورة. ورغم أن البرلمان هو المؤسسة الأوروبية الوحيدة التي يتم اختيار أعضائها بالانتخاب المباشر، فإن صناديق الاقتراع لا تشهد إقبالا كبيرا من قبل الأوروبيين بسبب جهل معظمهم لوظائفه ولأهميته في صنع القرار على المستوى الأوروبي.
شعبية ضعيفة
رأت فكرة البرلمان الأوروبي النور في خمسينيات القرن الماضي كمنتدى لتبادل الآراء بين نواب البرلمان الوطنية في البداية. وفي بداية الستينيات تمت الإشارة إليه باسم البرلمان الأوروبي للمرة الأولى. غير أن انتخاب أول برلمان لم يتم حتى عام 1979، إذ بلغ عدد نوابه آنذاك 410 نائبا. وشهدت أول انتخابات مشاركة قوية من الأوروبيين بلغت نسبتها 63 بالمائة ممن يحق لهم الانتخاب، في حين بلغت نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي الماضية عام 2004 حوالي 43 بالمائة فقط. ولا ترجح الاستطلاعات حدوث زيادة ملحوظة في المشاركة في انتخابات هذا العام.
ويرجع محللون أسباب التراجع في الحماس الشعبي لانتخابات البرلمان الأوروبي إلى كون قراراته ضعيفة التأثير على الحياة اليومية للمواطنين الأوروبيين. كذلك لا تسهم الدول في توضيح صورته وإعطائه الاعتبار الذي يستحق اذ تتردد في إرسال شخصياتها البارزة الى مقاعده، بل تستخدمه أحيانا للتخلص من سياسيين غير مرغوب فيهم على الصعيد الوطني. وما يضعف عمله أيضا سلوك بعض النواب الاوروبيين الذين يتغيبون عن الاجتماعات او لا يشاركون كثيرا في نشاطاته اليومية في بروكسل، حيث يتم الجزء الأساسي من الأعمال التحضيرية ضمن لجان، او في ستراسبورغ حيث مقره الرسمي.
صلاحيات متنامية
وسينتخب نواب البرلمان رئيسا جديدا لهم في الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد التي ستعقد منتصف الشهر القادم. وترجح التوقعات فوز المحافظين في الانتخابات القادمة، مما يجعل من المؤكد تجديد ولاية رئيس المفوضية الأوروبية البرتغالي جوزيه باروزو الذي ينتمي إلى الفريق المحافظ. كما أن من المتوقع أن يتولى رئاسة البرلمان في حال فوز المحافظين البولندي جيرزي بوجيك أو الايطالي ماريو ماورو.
أما أول من شغل منصب رئاسة البرلمان الأوروبي فكانت السياسية الفرنسية سيمون فاييل. وتعد سيمون من أهم المدافعات عن حقوق المرأة في فرنسا، وصولها إلى البرلمان الأوروبي دفعها لمتابعة مسيرة عملها في مجال المدافعة عن حقوق المرأة في أوروبا. ولعل أبرز ما قامت به أثناء رئاستها للبرلمان الأوروبي رفضها بشكل واضح وبدون تردد الميزانية العامة التي قدمها مجلس الاتحاد الأوروبي آنذاك.
وشهد البرلمان على مدار الثلاثين عاما الماضية، هي عمر عملية الانتخابات به، تناميا لصلاحياته، حيث يقول الرئيس الحالي للبرلمان الألماني المخضرم هانز جيت بوترينغ "لم يحصل البرلمان الذي تم انتخابه عام 1979 على أي صلاحيات لسن قوانين، هذه الصلاحيات حاربنا من أجلها عاما بعد عام ومن اتفاقية إلى أخرى حتى حصلنا عليها". جدير بالذكر أن البرلمان حصل في عام 1987 على الحق في المشاركة في القرارات التشريعية، وظهرت هذه الصلاحيات بصورة جلية عام 1999 حين دفع البرلمان الأوروبي المفوضية الأوروبية برئاسة جاك سانتير إلى الاستقالة إثر فضيحة فساد طالت المفوضة الفرنسية أديت كريسون.
أبرز وظائف البرلمان الأوروبي
يضطلع البرلمان الأوروبي بثلاث وظائف رئيسية أولها العمل التشريعي على غرار البرلمانات الوطنية، حيث ينظر البرلمان في مشاريع القوانين الاوروبية بالاشتراك مع دول الاتحاد الاوروبي ضمن مجلس أوروبا، ووفقا لآلية تعرف بـآلية اتخاذ القرار بشكل مشتترك. وتشمل هذه الآلية حوالى 60 بالمائة من التشريعات الاوروبية مع توقع ارتفاعها الى 90 بالمائة في حال ابرام معاهدة لشبونة التي تنص على توسيع صلاحيات البرلمان الاوروبي. غير أن ملفات السياسة الخارجية والأمن ستبقى من صلاحية الحكومات الوطنية حصرا.
كذلك يتقاسم البرلمان الأوروبي مع الدول الأعضاء صلاحية الإشراف على ميزانية الاتحاد الأوروبي. وهو يكلف المفوضية تنفيذ الميزانية السنوية ويصادق على النفقات الأوروبية باستثناء النفقات "الالزامية" المتعلقة بالمساعدات الزراعية التي تمثل وحدها 40 بالمائة من الميزانية الإجمالية. وأخيرا يشرف البرلمان الأوروبي على عمل المؤسسات الهامة، لاسيما المفوضية الأوروبية.
(د ص/د ف/ا ف ب/د ب ا)
تحرير: هيثم عبد العظيم