1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتخابات المجلس التأسيسي قد تحمل انتكاسة للتونسيات

١٦ أكتوبر ٢٠١١

تتخوف نشاطات تونسيات من حدوث انتكاسة للمرأة في انتخابات المجلس الـتأسيسي التي تجري بعد أسبوع في البلاد. القانون الانتخابي يقتضي أن يكون الترشُح مناصفة بين النساء والرجال، لكن حظوظ الفوز قد لا تكون متساوية بين الجنسين.

تونسيات يتظاهرن إثر الثورة لإبداء مخاوفهن من التراجع عن مكتسبات المرأة في البلادصورة من: DW/S.Mersch

يعتقد كثيرون أن قاعدة المناصفة بين الرجل و المرأة التي صادقت عليها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس، ستمنح المرأة التونسية الفرصة التي لم يسبقها إليها أي بلد عربي لتكريس المساواة في الدستور الجديد للبلاد، وتجسيد المعايير العالمية لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل لمشاركة من موقع متقدم في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي يجري انتخابه يوم 23 اكتوبر/تشرين الأول الحالي. بيد أن المؤشرات الأولية تبعث على القلق، بالنسبة للناشطات التونسية، فقد أظهرت معطيات المرشحين أن نسبة رئيسات القوائم الانتخابية لم تتجاوز 5 بالمائة. ويبدو ذلك مقدمة لحدوث انتكاسة كبيرة بالنسبة للتونسيات في نتائج الانتخابات.

"المواطن العادي أكثر انفتاحا من النخب السياسية"

حملة إحدى المرشحاتصورة من: DW/Michael Gessat

وضع المرأة التونسية كمرشحة للانتخابات يبدو متفاوتا بين المناطق، ويعيب الكثيرون على الأحزاب السياسية بأنها اختارت ابعاد اغلب رئيسات القوائم من النساء عن العاصمة وإعطائهن مناطق بعيدة عن المركز ما سيجعل حضورهن باهتا، لكن يبدو أن ردود فعل المواطنين ايجابية على حملة المرشحات للانتخابات.

انس لفجح مرشحة عن حزب الوحدة الشعبية في مدينة تطاوين في أقصى الجنوب التونسي وهي تقول لموقع دويتشه فيله عن تجربتها الأولى في الترشح للانتخابات:"ليست مهمة سهلة في مدن الجنوب التونسي التي مازالت محافظة و لم تتعود على حضور المرأة في السياسة. لكن عموما هناك تقبل و فرحة من قبل المواطنين دون أن ننسى أن عامل القرابة ساعدني كثيرا في العمل في مدينة تطاوين.."

أما سعيدة قراش المرشحة عن حزب حركة الوطنيون الديمقراطيون(يسار) فقد فوجئت "بشكل ايجابي جدا" عندما قامت بحملتها الانتخابية في أرياف مدينة المهدية التي تبعد عن العاصمة تونس بحوالي 250 كيلومترا. تتحدث سعيدة قراش عن هذه التجربة لموقع دويتشه فيله: "لم أواجه أي رد فعل سلبي ولم ينظر إلي كامرأة رغم أني قمت بحملتي في مجتمع يغلب عليه المزارعون. لقد دخلت مقاهي رجالية بامتياز و لم ألاحظ استغرابا من أي كان". وتضيف سعيدة: "اكتشفت حقا أن المواطن التونسي العادي أكثر تطورا من النخبة السياسية. ان عقلية المساواة عنده أعمق من النخب السياسية التي بقيت تناقش مسألة المناصفة شهورا طويلة لاتخاذ قرار قانوني بشأنها..."

و لئن لم تكن سعيدة قراش راضية عن نسبة حضور النساء في القوائم الانتخابية إلا انها تلاحظ: "لحسن الحظ أننا أوجدنا قانون المناصفة لو لم نضع هذا الشرط لكانت كل القوائم المترشحة رجالية. لكن في كل الحالات سيكون وجود المرأة في المجلس التأسيسي ضعيفا جدا لقلة رئيسات القوائم والمقترعون كثيرا ما ينظرون لرئيس القائمة فحسب...".

رأي النساء في دورهن السياسي

نادرة ورغي مرشحة تقوم بحملتها الانتخابية في أحد شوارع مدينة سوسةصورة من: DW/Mabrouka Khedir

اقر القانون الانتخابي قاعدة المناصفة بين الرجل والمرأة في الترشيحات، لكنه ترك للأحزاب والمستقلين(المرشحين) للانتخابات إمكانية اختيار رؤساء القائمات. وما حدث في الواقع هو أن أي حزب من الأحزاب لم يختر مسألة المناصفة في رئاسة القائمة بل مزج بين الرجال والنساء لتبقى الغلبة للرجال في رئاسة القوائم.

المحامية نادرة الورغي مرشحة حزب حركة الشعب الوحدوية التقدمية (قومي) وهي الثانية في قائمة مدينة سوسة الساحلية(شرق البلاد) وقد صرحت لموقع دويتشه فيله أن حزبها اعتمد آلية التصويت بشكل ديمقراطي لتعطى رئاسة القائمة لرجل حسب الأصوات. وتضيف الورغي: "مازالت المرأة غير حاضرة بقوة في الحياة السياسية". وأبدت أسفها لأن"هناك أحزاب وضعت نساء في قوائمها لمجرد إقحام المرأة لاعلى أساس الكفاءة وهو ما نسميه التمييز الايجابي، مثلما يحدث مع المعاق الذي يتم وضعه في مقدمة المتسابقين رأفة بحاله وأخذا بعين الاعتبار بإعاقته. وهو ما حصل في بعض القوائم لذلك أنادي أن تكون الكفاءة دائما هي المعيار...".

لم تجد المرشحة نادرة ورغي أي صعوبة في حملتها الانتخابية فقد شجعها الجميع، كما تقول. ففي سلك المحاماة ليس هناك أي فرق بين الرجل والمرأة، لكن في الحياة اليومية هناك فرق بين الرجل والمرأة في الممارسة السياسية، ففي الوقت الذي تعود فيه المرأة للمنزل بعد العمل للقيام بشؤون المنزل و تربية الأطفال يجد الرجل مجالا للتثقف السياسي ومتابعة الأخبار لذلك تكون مشاركته وترشحه للانتخابات أكثر ترجيحا من المرأة.

و في ذات السياق تدافع يامينة بن براهيم عضو حزب حركة النهضة الإسلامي عن حضور المرأة في الحزب فتقول :"في العمل الميداني ليس هناك أي فرق بين الرجل والمرأة، وليس مهمَّا أن تكون المرأة رئيسة قائمة مرشحي "النهضة" المهم أنها موجودة في القواعد وهي تنشط مثل الرجل ....". وتؤكد عضو الحزب الاسلامي المعتدل، في هذا السياق أن الخوف على مكاسب المرأة التونسية من الحركات الإسلامية غير مبرر وأن حزبها لن يتراجع عن مكتسبات المرأة والحريات المنصوص عليها في مجلة الأحوال الشخصية (قانون الأحول الشخصية).

مبادرات لرفع حظوظ المرأة في الانتخابات

رغم انطلاق الحملة الانتخابية فإن اللوحات المخصصة لها ما تزال شاغرةصورة من: DW/Mabrouka Khedir

منذ تم الكشف عن رؤساء القوائم الانتخابية أدركت مؤسسات المجتمع المدني أن حضور المرأة سيكون باهتا في مقاعد المجلس التأسيسي . لذلك عملت "رابطة الناخبات التونسيات" التي انشأت بعد الثورة التونسية على خلق نشاطات وتدريب نساء لتشجيع النساء على التصويت للمرأة. تقول بسمة السوداني بلحاج رئيسة رابطة الناخبات التونسيات في حوار مع موقع دويتشه فيله :"لقد اكتشفنا للأسف أن نظام الكوتا الذي كان معمولا به اخف ضررا من قاعدة المناصفة بالنسبة للمرأة التونسية. لقد اعتمدت الأحزاب مبدأ المناصفة عموديا فقط لا أفقيا. وسنسعى أن نغير هذا القانون في المستقبل ليقع اعتماد المناصفة لعدد المرشحين والمساواة بين الرجل والمرأة في رئاسة القوائم أيضا..."

ويعتقد كثيرون من نشطاء المجتمع المدني أن المناصفة في القوائم كان شكليا ولا يرتبط بالواقع بصلة، وبدلا من المناصفة في القوائم، كان من الواجب المناصفة بصورة آلية في مقاعد المجلس التأسيسي. ومن هنا يعبر الكثير من الحقوقيين عن خوفهم على مكاسب المرأة التونسية قائلين إن المجلس التأسيسي سيكون منقوصا من العنصر النسائي الذي يمكنه أن يدافع عن حقوق المرأة.

إثر الثورة التونسية خرجت مظاهرة نسائية في العاصمة تنادي بالحفاظ على مكتسبات المرأةصورة من: Lina Ben Mhenni

و تضيف رئيسة رابطة الناخبات التونسيات أن بعض الأحزاب التي تعتبر نفسها تقدمية لم تلتزم بإقحام المرأة في رئاسة القوائم. فالحزب الديمقراطي التقدمي(يسار) الذي تتزعمه امرأة ليس لديه سوى ثلاث رئيسات قوائم على مجموع 33 قائمة شأنه في ذلك شان حزب حركة النهضة الإسلامي. أما حزب التكتل من اجل العمل والحريات( ليبرالي) فلديه 4 قوائم تترأسها نساء من جملة 33 قائمة. أما حزب آفاق فقد رشح 5 قوائم على رأسها نساء مقابل 33 قائمة يترأسها رجال.

لكن من جملة القوائم التي سيطرت عليها القوائم التي يترأسها رجال تميز القطب الديمقراطي الحداثي (تحالف لأحزاب يسارية تدافع عن تحديث المجتمع) الذي يضم بالخصوص "حركة التجديد"(الشيوعي سابقا) و"الحزب الاشتراكي اليساري" وحزب "الوفاق الجمهوري" وحزب "الطليعة العربي الديمقراطي" و"حركة المواطنة والعدالة" إلى جانب عدد من الشخصيات المستقلة ونشطاء من المجتمع المدني، تميز باعتماد المناصفة في رئاسة القوائم الانتخابية فقد اختار هذا التحالف 16 قائمة تترأسها نساء مقابل 17 قائمة يترأسها رجال.

والجدير بالذكر، أن حضور المرأة في الحياة السياسية ضعيف منذ البداية، فمن بين 111 حزبا لا يوجد سوى 3 نساء رئيسات أحزاب سياسية.

مبروكة خذير – تونس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW