1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتخابات تونس- ظواهر مدهشة ومشهد مفتوح على كل الاحتمالات

٤ سبتمبر ٢٠١٩

يسعى 26 مرشحاً للفوز بكرسي الرئاسة في قصر قرطاج، في مشهد سياسي يحفه الكثير من الغموض والضبابية إلى جانب عدد من المفارقات والأحداث التي لم تشهدها تونس من قبل، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام الكثير من المفاجآت.

Tunesien Präsidentschaftswahl
صورة من الأرشيفصورة من: F. Belaid/AFP/Getty Images

تنطلق الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس وسط مشهد تشوبه "الضبابية"، وتحدٍّ يتمثل في ضرورة نجاح الدولة التي تكاد تكون الوحيدة التي نجت من مآلات "الربيع العربي" ويسعى شعبها إلى تمتين مكتسباته الديموقراطية.

ويحفل مشهد الانتخابات الرئاسية بعدد من الظواهر التي لم يعهدها التونسيون، فهناك مرشح في السجن متهم "بغسل الأموال والتهرب من الضرائب" فيما تدير زوجته حملته الانتخابية، وهناك 26 شخصاً قبل ترشحهم للانتخابات وهو رقم كبير للغاية لم يعتده الناخب، ما يجعل التونسيون لا يملكون فكرة عمن سيكون الرئيس الأمر الذي يفتح الباب أمام الكثير من الاحتمالات والمفاجآت غير المتوقعة.

مواقع التواصل الاجتماعي.. تأثير متعاظم

ويرى الجمعي القاسمي الكاتب والباحث السياسي التونسي أنه منذ انتخابات 2014 بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تحظى بأهمية بالغة بسبب تأثيرها المباشر على الرأي العام، لكن "هذه المرة يبدو أن المرشحين وفرق الاتصال المحيطة بهم تنبهت لأهميتها وباتت تركز بشكل كبير على التواصل مع الناخبين من خلالها، سواء في سياق التعريف بالبرامج أو في سياق التعهدات الانتخابية، على أمل كسب ود أو إقناع فئة من جموع الناخبين بمرشح معين، ما جعل لها صدى كبيرا وتأثيرا مباشرا على الحياة العامة، وعلى مستوى الفاعلين السياسيين" بحسب ما قال القاسمي خلال مقابلة مع DW عربية.

في السياق نفسه، يرى صلاح الدين الجورشي الكاتب والإعلامي التونسي البارز أن تعاظم دور مواقع التواصل الاجتماعي في الانتخابات وضع عبئاً كبيراً على الهيئة المسؤولة عن الإدارة والإشراف على الجانب الإعلامي من الانتخابات وكذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نظراً لما تسببه من تعقد في المشهد السياسي والانتخابي"، محذراً في مقابلة له مع DW عربية من "خطورة الأخبار الزائفة التي تنشر بين وقت وآخر خاصة في هذا التوقيت الحرج" وشدد على ضرورة وجود آلية لتصفية تلك الأخبار .

لكنه لا ينكر، من جهة أخرى، أن هذه النافذة الإعلامية ساهمت في انخراط التونسيين في نقاشات أكثر عمقاً وانفتاحاً مع جدية في الطرح على حساب وسائل الإعلام المعروفة والتقليدية، منتقداً في الوقت نفسه "تدني أسلوب الحوار والنقاش بين بعض مستخمي تلك المواقع في بعض الأحيان"، مشيراً إلى أن "المؤكد في كل هذا أن مواقع التواصل الاجتماعي من أهم العوامل التي ستخدم هذا الطرف أو ذاك ما يجعل المعركة حادة للغاية بين المشاركين والتي ستزداد حدتها بالاقتراب من الموعد النهائي للانتخابات".

وربما يكون الدليل على صحة ما أشار إليه الجورشي والقاسمي بشأن أهمية مواقع التواصل الاجتماعي، ذلك النقاش الدائر بين أحد مرشحي الرئاسة وأحد المغردين:

شخصيات مثيرة للجدل

مع فتح باب الترشح للانتخابات، ظهرت على الساحة السياسية التونسية عدة شخصيات أثارت الكثير من الجدل. إحدى هذه الشخصيات هو نبيل القروي إمبراطور الإعلام ومالك قناة نسمة الفضائية والمسجون منذ 12 يوماً على ذمة التحقيقات في قضايا غسيل أموال وتهرب ضريبي، والذي رفضت محكمة استئناف تونسية الإفراج عنه مؤخراً، وسط تشكيك من مناصريه بأن توقيف الرجل شابه الكثير من الاختلالات، وأن الأمر مقصود نظراً لتصدره استطلاعات الرأي قبل القبض عليه.

نبيل القروي إمبراطور الإعلام ومالك قناة نسمة الفضائيةصورة من: Getty Images/AFP/Hasna

ومن تلك الشخصيات أيضاً عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر والتي يعتبرها البعض أحد وجوه نظام بن علي. موسى تلقت مؤخراً تهديدات بالاغتيال، ما جعل الداخلية التونسية توصيها بتغيير محل سكنها بصفة دائمة. وعبير هي أحد أشد خصوم حركة النهضة وقد تعهدت مراراً وتكراراً بأنها حال فوزها، فإنها لن تقدم مطلقاً على التعاون أو العمل مع الحزب.

ويرى منصور عيوني المحلل السياسي التونسي أن تونس "أمام عرض انتخابي متضخم، فقد تقدم مئة مترشح حضر أحدهم يحملة (قٌفة) بها مبلغ التأمين المطلوب للتقدم للترشح، بل إن كثيرين منهم لم تتوفر فيهم المواصفات المطلوبة لشخص رئيس الجمهورية وامتلأ المشهد بحالات سيريالية".

ويعتقد عيوني أن ما حدث "لم يكن عفوياً أبداً وإنما يقف خلفه من يريد أن يحدث حالة من التعمية أو الفوضى في المشهد التونسي، ما يجعل الناخب التونسي يرى مشهداً مليئاً بالفوضى، فيحجم عن المشاركة وهنا سيشارك في التصويت فقط أعضاء الأحزاب الكبرى، وبالتالي تتم إعادة إنتاج المشهد السياسي نفسه". ويعتقد عيوني أن "الـ 26 شخص الذين تمت الموافقة على ترشحهم سنجد أن من بينهم مرشحون جادون وهناك أيضا ترشحات غير جدية".

أحمد القديدي السفير التونسي السابق كان قد أشار إلى الشخصيات التي يحفل بها مشهد الانتخابات دون تأثير أو رؤية واضحة واصفاً إياها "بطحالب الديمقراطية، والتي يعد وجودها ضرورة في المشهد، لكنها ستختفي لتبقى الأشجار المثمرة".

خطاب شعبوي ومرشحون مزدوجي الجنسية

ويشير الجمعي القاسمي الكاتب والباحث السياسي إلى أن هناك عدداً لا بأس به من المرشحين الرئاسيين يحملون جنسية دول أخرى، مؤكداً على أن "هذه مسالة في غاية الأهمية ولها تداعيات كبيرة على مجمل مستقبل العملية السياسية في تونس".

أكثر من سبعة ملايين ناخب على موعد مع الاقتراع يوم 15 أيلول/سبتمبر لانتخاب رئيس جديد لتونسصورة من: F. Senna/AFP/Getty Images

على جانب آخر، وجهت عدة اتهامات لبعض المرشحين بانتهاج "خطاب شعبوي" خلال حملاتهم الانتخابية، لكن منصور عيوني المحلل السياسي التونسي نفى وجود مثل هذا الخطاب، وأوضح أن "هناك خطاب تسويق انتخابي بمعنى أن من يتبنون هذا الخطاب يخاطبون الشعب بأحلام وطموحات من المستحيل أن تنفذ كأن يتعهد أحدهم بتوفير وسائل النقل للمواطنين بالمجان إن هو تم انتخابه رئيساً، لكنه يعرف والكل يعرف أن هذا أمرا مستحيلا إلا أن ذلك يدخل في إطار تقنيات التأثير في الناخبين، فالكل يتحرك نحو الفقراء والمهمشين ويعدونهم بمسائل غير ممكنة لأنهم اكتشفوا أن هذا الأسلوب مجزي ويجذب الناخبين".

كانت وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في 25 تموز/ يوليو عن سن 92 عاما قبل وقت قصير من انتهاء عهده، قد دفعت إلى إعلان انتخابات رئاسية مبكرة كان يفترض أن تجري في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد الانتخابات النيابية المحددة في تشرين الأول/أكتوبر. وقد تم تسجيل أكثر من سبعة ملايين ناخب ستتم دعوتهم إلى الاقتراع يوم 15 أيلول/سبتمبر، وذلك بعد نسبة عزوف انتخابي لافتة في الانتخابات البلدية عام 2018، خاصة فئة الشباب.

عماد حسن

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW