انتقادات أوروبية متواصلة للرقابة الألمانية على الحدود
١٥ سبتمبر ٢٠٢٤
تعالت مزيد من الأصوات الأوروبية المنتقدة لقرار الحكومة الألمانية فرض الرقابة على الحدود بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية، فيما شكك غيرهالد كناوس، الباحث الألماني في شؤون الهجرة في جدوى هذه الإجراءات.
إعلان
انتقد رئيس المفوضية الأوروبية السابق، جان-كلود يونكر، الرقابة الموسعة على الحدود التي تعتزم ألمانيا تطبيقها اعتبارا من يوم الاثنين (16 سبتمبر/ أيلول 2024). وقال يونكر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في لوكسمبورغ: "أنا لست من محبي الرقابة الحدودية لأنها تسبب إزعاجا كبيرا للمتنقلين بصفة دورية". ويرى يونكر أن نقاط التفتيش الثابتة على الحدود تمثل مشكلة خاصة، وقال في إشارة إلى الحدود الألمانية مع لوكسمبورغ: "إذا كان لا بد من فرض رقابة، فإن الرقابة المتنقلة بدلا من الثابتة في المناطق النائية وليس على الحدود ستكون أقل عسرا بالنسبة للمتضررين"، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 50 ألف ألماني يعبرون الحدود إلى لوكسمبورغ من أجل العمل.
وأمرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر بفرض رقابة مؤقتة على جميع الحدود البرية الألمانية للحد من حالات الدخول غير المصرح به. ومن المقرر أن تستمر عمليات الرقابة الإضافية مبدئيا ستة أشهر. وتم بالفعل فرض رقابة ثابتة على الحدود مع بولندا والتشيك وسويسرا منذ تشرين الأول / أكتوبر 2023، وتم تمديدها مرارا، وستستمر الآن حتى 15 كانون الأول / ديسمبر المقبل.
"من غير المناسب فرض رقابة ثابتة ودائمة"
وتطبق ألمانيا تدابير مماثلة للحد من الهجرة غير النظامية على الحدود البرية الألمانية-النمساوية منذ أيلول / سبتمبر 2015. وتتعلق الضوابط الحدودية الجديدة بالحدود البرية مع فرنسا والدنمارك وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. وقال يونكر إنه كان يتفهم سبب تنفيذ رقابة حدودية ثابتة أثناء استضافة ألمانيا بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، وأضاف: "الآن لا يبدو من المناسب بالنسبة لي فرض رقابة حدودية ثابتة لفترة طويلة في ضوء قضية اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين".
ماذا تعني اتفاقية شينغن؟
02:04
يذكر أن يونكر تولى رئاسة المفوضية الأوروبية خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2019 وفي منطقة الانتقال الحر "شينغن" أعادت دول أخرى أيضا فرض رقابة مؤقتة على حدودها. وقال يونكر: "أنظر إلى هذا بقلق... حقيقة أن إنجازات الاندماج الأوروبي أصبحت الآن بمنتهى البساطة موضع تشكيك تجعلني أشعر بالقلق"، مضيفا أنه لا ينبغي السماح "بأن تنشأ حدود مجددا في عقول الناس وقلوبهم". وفي عام 2025 سيكون قد مر 40 عاما على توقيع اتفاقية شينغن.
من جهته، شكك غيرهالد كناوس الباحث الألماني في مجال الهجرة في أن يحقق توسيع الرقابة على الحدود الهدف المنشود من قبل الحكومة الألمانية المتمثل في خفض عدد طالبي اللجوء. وتابع الباحث في مقابلة مع إذاعة ألمانيا (دويتشلاندفونك) أن "من يتوقع أن تؤدي الرقابة على الحدود إلى انخفاض في الهجرة غير الشرعية، فهو يرفع توقعات غير قابلة للتحقيق".
إعلان
"الرقابة الحدودية لا تمنع الإرهاب الإسلاماوي"
يشار إلى أن ألمانيا عضو في منطقة شنغن، التي تتيح لحوالي 420 مليون شخص في 29 دولة أوروبية السفر بحرية دون الخضوع لإجراءات الرقابة على الحدود. غير أن الإجراءات الألمانية الجديدة "لم تقلل من عدد طلبات اللجوء على الإطلاق" وفق كناوس الذي أضاف أن الرقابة الحدودية ليست وسيلة لمنع الإرهاب الإسلاماوي، حيث أن العديد من الجناة أصبحوا متطرفين وهم داخل ألمانيا. وأوضح كناوس أن إيقاف الهجرة غير الشرعية سيكون ممكنا فقط من خلال تدابير جذرية مثل إنهاء كامل لحركة السفر والسلع بين أعضاء منطقة شينغن. وقال: "إذا كانت الفكرة هي إيقاف أي هجرة غير شرعية عند الحدود الألمانية: فهذا لا يمكن تحقيقه بشكل دائم إلا بإنهاء شنيغن. ولتحقيق ذلك، ستكون هناك حاجة أيضا إلى سياج على الحدود الخضراء".
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.
صورة من: Jörg Carstensen/dpa/picture alliance
17 صورة1 | 17
كما أعرب كناوس عن أمله في تسريع عمليات ترحيل المهاجرين الذين وصلوا بالفعل وتم تسجيلهم في بلد آخر داخل الاتحاد الأوروبي، وفقا لما تخطط له الحكومة الألمانية. وبحسب قوانين الهجرة في الاتحاد الأوروبي، يجب تقديم طلبات اللجوء في أول بلد يدخل فيه المهاجر من بين دول التكتل، وهو ما يعرف بمعاهدة ديبلن. وأكد كناوس على الحاجة إلى نهج شامل على مستوى الاتحاد الأوروبي. وقال "نحتاج إلى تقليل الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، ونحتاج إلى مناقشة حول ذلك".