قوبلت تصريحات وزير المالية الألماني بانتقادات واسعة، بعدما شبه التدفق غير المسبوق للاجئين إلى ألمانيا بـ "الانهيار الثلجي"، فيما دعا الرئيس الألماني بأخذ مخاوف المواطنين الألمان جراء أزمة اللاجئين على محمل الجد.
صورة من: picture-alliance/dpa/B.v.Jutrczenka
إعلان
قوبلت تصريحات وزير المالية الألماني بانتقادات واسعة، بعدما شبه التدفق غير المسبوق للاجئين إلى ألمانيا بـ "الانهيار الثلجي"، فيما دعا الرئيس الألماني بأخذ مخاوف المواطنين الألمان جراء أزمة اللاجئين على محمل الجد.
أثار وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله موجة من الغضب الخميس (12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) بسبب تصريحاته التي شبه فيها تدفق اللاجئين القياسي إلى بلاده بـ"الانهيار الثلجي"، ما صب الزيت على نار النقاش المحتدم في البلاد حول المهاجرين. فقد صرح شويبله في مؤتمر في برلين الأربعاء أمام نحو 200 شخص "لا ادري ما إذا كنا في مرحلة وصل فيها الانهيار الثلجي إلى الوادي أم أننا لا زلنا في مرحلة لا يزال فيها الانهيار الثلجي في اعلي قمة السفح".
وأضاف "يمكن أن يكون السبب في الانهيار الثلجي متزلج مهمل على السفوح يحرك قليلا من الثلج" في إشارة مبطنة على ما يبدو للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وأثارت تصريحات الوزير المحافظ غضبا، ودانها وزير العدل هيكو ماس من الحزب الاجتماعي الديمقراطي. وكتب ماس في تغريدة على تويتر "إن الأشخاص المحتاجين ليسوا كارثة طبيعية (..) يجب أن نحكم المنطق في النقاش حول اللاجئين وأن لا نصب الزيت على النار".
بدوره قال نائب المستشارة سيغمار غابرييل من الحزب الاجتماعي الديمقراطي "كان يجب تجنب مثل هذه المقارنة". ووصفت صحيفة شبيغل على موقعها على الانترنت تصريح شويبله بأنه "تشبيه خاطئ وخطير".
وقالت إن هذا هو "خطاب الغوغائيين وكارهي الأجانب (...) وزلة لسان". وأشارت الصحيفة في مقالها كذلك إلى أن شويبله استهدف ميركل في تصريحاته.
وقالت إن "شويبله يقوض سلطة ميركل. إما إنه يريدها أن تغير نهجها وسياستها بشان اللاجئين، أو إنه يريد أن يأخذ مكانها". وينتمي شويبله إلى الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ الذي تتزعمه ميركل، ويعد شويبله في الواقع من أقوى حلفائها. إلا أن ميركل تتعرض للانتقادات من داخل تحالفها المحافظ بسبب سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها بشأن اللاجئين السوريين، فيما تواجه ألمانيا أعدادا قياسية من القادمين الجدد يتوقع أن يصل عددهم إلى المليون هذا العام.
من ناحيته، حذر الرئيس الألماني يواخيم غاوك من ترك الأسئلة والمخاوف التي يشعر بها المواطنون في الجدل القائم حول استقبال اللاجئين للمحرضين اليمينيين. ودعا غاوك الخميس خلال زيارته لمدينة برغيش غلادباخ التي تأوي حاليا نحو 1500 لاجئ، لمناقشة المشكلات التي يعاني منها المواطنون وسط الأطراف الفاعلة والمتضامنة. وناشد الرئيس الألماني المواطنين الإفصاح عن مخاوفهم.
اللاجئون والخوف من قدوم فصل الشتاء
رغم تزايد انخفاض درجات الحرارة، فإن سيل اللاجئين القادمين إلى أوروبا عبر طريق البلقان لم ينقطع. في غضون ذلك تعمل السلطات في ألمانيا والنمسا جاهدة على توفير مآوٍ مجهزة بالتدفئة لتقيهم البرد والمطر خلال فصل الشتاء.
صورة من: picture-alliance/AP/Hussein Malla
على الرغم من أن فصل الشتاء لم يحل بعد في أوروبا، إلا أن الكثير من اللاجئين يشكون بعد رحلة طويلة وشاقة عبر البلقان من البرد والصقيع. فمثلا على الحدود النمساوية-الألمانية لا تنزل درجات الحرارة في النهار عن 10 درجات مئوية، إلا أنها سرعان ما تتدحرج ليلا إلى ما دون الصفر.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Weigel
لاجئون يتدفؤون على نار أضرموها في حطب جمعوه من غابة قريبة. وبعكس الـ60 ألف لاجئ الذين قدموا طلبات اللجوء في النمسا، يريد هؤلاء مواصلة السفر إلى المانيا. ولضمان فرص إقامة تتوفر فيها التدفئة العادية، من المقرر إقامة 100 ألف مآوى على طول طريق البلقان، 5000 منها في النمسا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Weigel
على طول الحدود النمساوية الألمانية أصبح يسمح فقط لخمسين لاجئاً في الساعة بالعبور عبر المعابر الحدودية، لتسهيل عملية تسجيلهم. في الأثناء بإمكان بقية اللاجئين، الذين ينتظرون عبور الحدود، الإقامة في خيام تحتوي على أرضية وأجهزة تدفئة. وتصل الطاقة الاستيعابية لكل خيمة إلى ألف شخص.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Scharinger
بيد أن الخيام على الحدود النمساوية الألمانية ممتلئة إلى درجة أن الكثيرين لم يجدوا مكانا يقيمون فيه ولم يجدوا سوى الأرض يفترشونها والسماء يلتحفونها. في الصورة البعض من أكثر من ألف لاجئ ينتظرون في بلدتي كوفشتاين وكولرشلاغ السماح لهم بمواصلة السفر إلى ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Stache
لكن الوضع يختلف في الكثير من الدول الواقعة على طريق البلقان، فمثلا خلال الأيام الماضية وجد العديد من اللاجئين أنفسهم في بلدة ريغونس في سلوفينيا مجبرين على الإقامة في العراء دون حماية من البرد والمطر. ولا يختلف الوضع كثيرا في دول البلقان الأخرى.
صورة من: picture-alliance/AA/S. Mayic
تعد جزيرة ليسبوس اليونانية وجهة الكثير من اللاجئين. وللوصول إليها يركب هؤلاء البحر قادمين من السواحل التركية. وفي فصل الشتاء تنخفض درجات حرارة المياه إلى 17 درجة مئوية. وفي سياق متصل تقول مراسلة DW جيل أومايرا: "عندما تسوء الأحوال الجوية، يخفض المهربون من أسعارهم. وبالتالي يأتي عدد أكبر من اللاجئين."
صورة من: Reuters/G. Moutafis
اعتبر الكثير من السياسيين والمصالح الألمانية إقامة اللاجئين في خيام بأنها "حل مؤقت". كان ذلك في فصل الصيف. ولكن الأمر أصبح الآن شبه مؤكد: سيضطر العديد من اللاجئين للإقامة في خيام حتى خلال فصل الشتاء القارس. كما أن الخيام المدفأة – كما هو الحال في مخيم للاجئين في ولاية سكسونيا السفلى – يكاد يكون أمرا نادرا.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Steffen
ولكن، ليس في أوروبا فقط يخشى اللاجئون من قدوم فصل الشتاء ومن موجات البرد والصقيع، ففي لبنان يعيش نحو 200 ألف شخص في منطقة البقاع الجبلية تحت خيام من البلاستيك. وفي العام الماضي عانى هؤلاء الأمرّين مع سقوط الثلج وموجات الصقيع. لكن إقامة خيام تقي من البرد والمطر والثلج قوبل برفض من قبل الكثير من أصحاب الأرض لأنهم لا يريدون أن يبقى السوريون هناك بشكل دائم.
صورة من: picture-alliance/AP/Hussein Malla
8 صورة1 | 8
يذكر أن الرئيس الألماني زار نزلي لاجئين بالمدينة المتاخمة لكولونيا وتحدث مع المساعدين هناك. واستقبل لاجئون الرئيس الألماني صباح اليوم في مدينة بيرغيش غلادباخ بالتصفيق والورود. ووصل غاوك صباح اليوم إلى نزل لاجئين بالمدينة كان دار نشر سابقا ويعيش به حاليا نحو 140 لاجئا. وذكر مكتب الرئاسة في وقت سابق اليوم أن غاوك يعتزم بهذه الزيارة معرفة التحديات التي يتعين على مدن ألمانية، مثل مدينة برغيش غلادباخ، مواجهتها في ظل الوضع الحالي.
يشار إلى أن عدد اللاجئين ارتفع مؤخرا هناك بشكل كبير. وقال عمدة المدينة لوتس أورباخ: "لقد شهدنا هذه الزيادة الكبيرة بشكل مفاجئ تماما".