انتقادات نسائية واسعة لمنح رئيس "الفيفا" الجنسية اللبنانية
خالد سلامة أ ف ب، د ب أ، أ ب
٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥
قرر الرئيس اللبناني جوزاف عون منح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني إنفانتينو الجنسية اللبنانية، ما أثار موجة انتقادات واسعة من قبل نساء لبنان والمدافعين عن حقوق المرأة. فما مسوغات القرار؟ ولماذا هذا الغضب النسائي؟
يحمل جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيف) الجنسيتين السويسرية والإيطالية (أرشيف)صورة من: Jae C. Hong/AP/picture alliance
إعلان
أثار قرار الرئيس اللبناني جوزاف عون منح جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على الجنسية اللبنانية، انتقادات واسعة في البلاد، خاصة بين نشطاء حقوق المرأة.
وذكرت منظمة "شريكة ولكن" لحقوق المرأة أنه في الوقت الذي تكرم لبنان الشخصيات الدولية، تبقى آلاف النساء اللبنانيات غير قادرات على منح الجنسية لأطفالهن. وأضافت المنظمة الحقوقية في بيان "حتى يومنا هذا، لا تستطيع المرأة اللبنانية منح جنسيتها لزوجها أو لأطفالها".
وقالت المنظمة "هذه الخطوة الرمزية تأتي في ظل تضييق مستمر على حقوق النساء، وتكشف ازدواجية المعايير بين العلاقات الدولية وحقوق المواطنات/ين في بلدهن/م".
وكتب أحد المنتقدين للقرار على إنستغرام: "يحصل أشخاص لا تربطهم أي صلة ببلدنا على الجنسية في لمح البصر، بينما لا يزال حق الأم في منح أطفالها جنسية بلدها، أمر محرم بدون منطق".
وتساءلت ناشطة أخرى: "هل تعلمون كم تعاني النساء في ظل هذا القانون؟"، وأضافت ثالثة "ألا يستحق أطفال اللبنانيات الجنسية أكثر؟".
وكشف رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم هاشم حيدر أن عون أبلغ إنفانتينو الموافقة على منحه الجنسية اللبنانية، خلال استقباله مع زوجته أمس الثلاثاء. وقال حيدر، الذي كان حاضرا خلال الاجتماع في قصر بعبدا، "أبلغه الرئيس بالمرسوم وبمتطلبات الملف ليستكمل تنفيذه.. جاء مرسوم منح الجنسية لإنفانتينو كونه شخصية عامة تقدم خدمات للبنان". وأكد مصدر رسمي رفض الكشف عن هويته الخبر لوكالة فرانس برس.
إنفانتينو يتعهد ببناء ملعب من طراز حديث في لبنان
ولد إنفانتينو، رئيس الفيفا منذ عام 2016 في سويسرا لأبوين مهاجرين إيطاليين، أي أنه يحمل جنسية البلدين، وهو متزوج من اللبنانية لينا الأشقر الموظفة السابقة في الاتحاد اللبناني لكرة القدم.
إعلان
وعن شعوره حيال إمكانية نيله الجنسية، قال إنفانتينو لقناة "أل بي سي" اللبنانية: "لا أملكها بعد، لكن قريباً. أشعر بأنني في غاية السعادة والفخر، أشعر بسعادة كبيرة. أشعر بأني لبناني منذ سنوات طويلة، لذا من الجيد أن نضفي الطابع الرسمي على ذلك".
وفيما وعد عون بتأمين أرض مُخصّصة للاتحاد اللبناني لإنشاء ملعب تدريبي ومقر حديث للاتحاد، قال إنفانتينو: "ما نحتاج إليه هنا في لبنان هو ملعب كرة قدم من طراز حديث، ملعب يحتضن مباريات المنتخب الوطني تفتخر به الجماهير". وتابع: "نستكشف احتمالات بناء ملعب جديد في بيروت.. بسعة بين 20 و30 ألف متفرج. ملاعب اليوم ليست فقط لاستضافة مباريات كرة القدم بل هي رمز للبلاد ولبنان يحتاج لرمز للرياضة ولكرة القدم يظهر أنه راغب بالسير نحو المستقبل في بيئة حديثة للجيل الشاب".
وقال هاشم حيدر، رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم لفرانس برس: "تعهد إنفانتينو بدفع كافة تكاليف الملعب الجديد في لبنان. علينا تأمين أرض الملعب وهم يتكفلون بباقي عملية البناء، وقد أصروا أن يكون الملعب في (العاصمة) بيروت".
ويُعدّ ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت الأكبر في لبنان ويتسع لنحو 50 ألف متفرج. افتتح عام 1957 وخضع للتجديد قبل استضافة الألعاب العربية عام 1997، لكنه عانى من الإهمال في السنوات الأخيرة.
تحرير: عبده جميل المخلافي
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام