قلق الاقتصاد الألماني بشأن العلاقات التجارية مع إيران
٥ مايو ٢٠١٨
في حال تخلي الرئيس الأمريكي ترامب عن الاتفاق النووي مع إيران، فإن ألمانيا ستشعر بانعكاسات ذلك اقتصاديا، رغم أن التجارة الألمانية مع إيران لم تسترجع بعد حيوتها القديمة، وذلك ليس فقط بسبب تهديدات واشنطن.
إعلان
بوفد رفيع المستوى من رجال الاقتصاد والصناعة روج زيغمار غابرييل، وزير الخارجية الألماني السابق بأيام قليلة بعد التفاهم على الاتفاقية النووية لبداية جديدة في العلاقات الاقتصادية الألمانية الإيرانية. ونوه وزراء النفط والطاقة والصناعة في صيف 2015 بآفاق المشاريع الاقتصادية المشتركة. وتمكنوا من الاعتماد في ذلك على تحليلات الخبراء: فالخبراء أكدوا أن الحاجة إلى الاستثمارات في الصناعة الإيرانية ستصل إلى بليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة. وكان الأمل أن يحصل قطاع صناعة الآلات وصناعة السيارات وكذلك قطاع الصيدلة والطب على قطعة كبيرة من الكعكة الإيرانية.
الانتعاش الكبير لم يحصل
لكن بعد مرور ثلاث سنوات حلت خيبة الأمل. وصحيح أن التجارة الألمانية الإيرانية انتعشت بقوة، لكن على مستوى متواضع. ففي 2015 تنبأ رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية، إريك شفايتسير بحجم تجارة سنوي يصل إلى عشرة مليارات يورو. لكن في الواقع تحقق في 2017 فقط 3.5 مليار يورو بعد 2.7 مليار في سنة العقوبات 2014. وهذا رغم أن التجارة مع الشعب الذي يصل عدد سكانه إلى 80 مليون نسمة تراجع بشكل ملحوظ بعد الاتفاقية النووية.
وبإمكان إيران مجددا تصدير النفط والغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل شراء طائرات أوروبية ومنتجات أخرى. ويمكن للبنوك الألمانية تمويل صفقات تجارية ثنائية بقروض. وألغى الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد 300 شخص. وعلى الرغم من ذلك يبقى التعامل مع إيران أرضية ملغومة. ولاسيما تمويل المشاريع الكبرى يتسبب في قلق كبير للصناعة. ويشكو ميشاييل توكوس، مدير أعمال غرفة التجارة الألمانية الإيرانية من أن "البنوك الكبرى ماتزال غير مستعدة للخوض في التعامل مع إيران". وهذا له علاقة بالعقوبات التجارية للولايات المتحدة الأمريكية التي لم تُلغى أيضا تحت سلف ترامب باراك أوباما. وتبقى التعاملات مع الحرس الثوري الإيراني مستهدفة. "فحراس الثورة الإسلامية" يسيطرون على ثلث الاقتصاد الإيراني ولهم بالتالي تأثير على كثير من الشركات.
خوف من الإدارة الأمريكية
وبالنسبة إلى البنوك الألمانية التي تعمل أيضا في السوق الأمريكية يبقى تمويل الصفقات مع إيران شائكا بحيث يجب عليها توقع عقوبات مؤلمة. وعلى هذا النحو كان مصرف Commerzbank مجبرا في 2014 على دفع 1.45 مليار دولار للدولة الأمريكية بسبب خروقات ضد العقوبات المفروضة على إيران ـ ومصرف Paribas الفرنسي دفع تسعة مليارات دولار. ولا عجب أن تفزع البنوك الألمانية الكبرى من الدخول في مثل هذه الصفقات. وعلى هذا الأساس فإن غرفة الصناعة والتجارة الألمانية تجزم أن " الحيوية الكبيرة لم تحصل".
الاقتصاد الألماني في الخلف
لكن ليس فقط الخوف من حصول متاعب مع الإدارة الأمريكية هو الذي يشل التجارة الثنائية مع إيران التي كانت في السبعينات ثاني أكبر شريك لألمانيا خارج أوروبا. وقبل الحصار كانت ألمانيا أهم شريك تجاري لإيران. وفي الأثناء تغيرت أيضا النظرة الإيرانية. وأن تشتري الصين خلال العقوبات النفط من طهران بكميات كبيرة، فهذا كان له تأثيره. فالإيرانيون كثفوا خلال فترة العقوبات تعاونهم مع الصين بحيث تم تجاوز ألمانيا كأكبر مورد. بل حتى على المستوى الأوروبي تراجع الاقتصاد الألماني: صحيح أن منتجي السيارات الألمان تمكنوا من تقوية وجودهم في إيران بعد نهاية العقوبات، لكن الصفقات الكبرى يديرها آخرون. فنحو نصف أكثر من 1.5 مليون سيارة منتجة في إيران كانت السنة الماضية من إنتاج بيوجو ورينو. فالشركتان الفرنسيتان تنتجان لدى شركات سيارات إيرانية، لأن الحكومة في باريس أبرمت اتفاقية مع إيران.
ما هي تبعات قرار ترامب؟
إذا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الـ 12 من مايو عن قراره بخصوص إيران، فإنه سيتغير في حال قرار سلبي بالنسبة إلى الاقتصاد الألماني القليل، لأنه أولا الرئيس الأمريكي لا يقرر بشأن البرنامج النووي، بل فقط بشأن العقوبات في إطار صفقات النفط. والبنوك الأجنبية والشركات التي تشتري النفط عبر البنك المركزي في طهران، ستُعاقب في المستقبل مجددا من الولايات المتحدة الأمريكية ـ وهذا القانون ينطبق منذ الآن على البنوك الأمريكية. وستكون صادرات النفط الإيرانية إلى الاتحاد الأوروبي بوجه خاص مهددة. ولكن حتى بعد توثيق العلاقات التجارية هي لا تمثل سوى الربع ـ والجزء الأكبر يذهب إلى الصين والهند. وقانون أمريكي مشدد ينطوي على عدد من الاستثناءات لن يلغي فورا الاتفاقية النووية، ولن يؤثر دفعة واحدة على التعاون الاقتصادي الألماني الإيراني المتنامي ببطء. لكن عدم الأمان في التجارة مع إيران سيزداد. وعدم الأمان هو بمثابة سم بالنسبة إلى الانفراج الاقتصادي. فالطفرة الاقتصادية الكبيرة مع إيران ستبقى بالنسبة إلى الصناعة الألمانية فقط حلما.
أندرياس نول/ م.أ.م
محطات في تاريخ النووي الإيراني وكيف خرج من يد واشنطن
مدى رفض الغرب لبرنامج إيران النووي معروف للجميع، لكن تاريخ نشوء هذا البرنامج النووي قد يفاجئ الكثيرين، سيما إذا ما عرفنا أنه بدأ غربيا وأمريكيا بالذات. تعرف في هذه الجولة المصورة على أبرز محطات هذا البرنامج المثير للجدل.
صورة من: ISNA
نتانياهو: "إيران خدعت العالم".
قبل أيام من اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار متوقع بشأن الاتفاق النووي مع إيران، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن حيازته لوثائق تثبت أن "إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية".
صورة من: Reuters/A. Cohen
الاتحاد الأوروبي حريص على الاتفاق
ردود الفعل الغربية على تصريحات نتنياهو جاءت متضاربة، فقد تحفظ الأوروبيون إلى حد كبير في مواقفهم مؤكدين على أهمية الاتفاق مع طهران، فيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن الوثائق التي كُشف عنها "حقيقية".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Vidal
البداية أمريكية مع آيزنهاور
بدأت قصة البرنامج النووي الإيراني في خمسينات القرن الماضي في إطار برنامج الرئيس الأمريكي آيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي عام 1967 تم التوقيع على اتفاقية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وإيران لتوريد اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم. وفي العام نفسه تأسس مركز طهران للبحوث النووية بدعم أمريكي.
صورة من: gemeinfrei
التوقيع على المعاهدة
في الأول من يونيو/ حزيران عام 1968 وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
صورة من: UN Photo/Eric Kanalstein
بداية الطموحات النووية
في السبعينات أعلن شاه إيران محمد رضا بهلوي عن خططه لبناء 23 مفاعلاً نووياً حتى نهاية التسعينات، معللاً ذلك بالتهيؤ لفترة ما بعد النفط، ومؤكداً أن بلاده لا تسعى لبناء أسلحة نووية، ولكنه أضاف "في حال بدأت دول صغيرة في المنطقة ببناء ترسانة نووية، فستعيد إيران النظر في سياستها."
صورة من: AP
الدور الألماني في البرنامج الإيراني
في عام 1975 كرافت فيرك أونيون التابعة لشركة سيمنز الألمانية العملاقة توقع اتفاقية مع إيران لبناء مفاعل بوشهر النووي. وفي 1977 وافقت الحكومة الألمانية لكرافت فيرك أونيون على بناء 4 مفاعلات إضافية في إيران.
صورة من: dpa
الثورة الإيرانية وتحول سياسة الغرب
1979 اندلعت الثورة الإسلامية في إيران والتي أزاحت نظام الشاه الحليف الغربي والمدعوم تحديدا من الولايات المتحدة، ما شكل منعطفاً في التعاطي الغربي مع الطموح النووي الإيراني. الولايات المتحدة أوقفت إمداداتها من اليورانيوم المخصب لإيران. أما كرافت فيرك أونيون الألمانية فعلقت أعمال بناء مفاعلي بوشهر قبل إتمامها.
صورة من: bachehayeghalam.ir
دخول روسيا على الخط
بعد انقطاع الدعم الغربي للبرنامج النووي الإيراني، بدأ في مطلع التسعينات تعاون إيراني روسي توج بتأسيس منظمة بحثية مشتركة مع إيران باسم "برسيبوليس" وأمدت روسيا إيران على زمن الرئيس بوريس يلتسن بخبراء الطاقة النووية الروسية، والمعلومات التقنية. وفي منتصف التسعينات تم توقيع اتفاق روسي إيراني لاستكمال العمل في مفاعل بوشهر غير المنتهي.
صورة من: AP
مفاعل آراك النووي أثار مخاوف الغرب
بدأت المخاوف الدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني في مطلع الألفية الثالثة عند حصول الولايات المتحدة الأمريكية على معلومات من مصادر من المعارضة الإيرانية مفادها قيام إيران ببناء مفاعل لإنتاج الماء الثقيل في مدينة آراك، وهو نوع من المفاعلات يمكنه إنتاج مادة البلوتونيوم اللازمة لإنتاج السلاح النووي.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
بداية سياسة العصا والجزة الغربية
مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية والسياسية خافيير سولانا قام بزيارة إلى طهران وأعلن أن إيران ستسمع "أخبارا سيئة" إذا لم توقع على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية "دون قيد أو شرط".
صورة من: AP
الأخبار السيئة كانت..
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصدر قراراً في سبتمبر 2003 يلزم إيران بـ"الوقف الفوري الكامل" لكافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Schlager
الإيرانيون لم يستجيبوا للضغوط
لكن إيران لم تستجب للضغوط واستأنفت تخصيب اليورانيوم معلنة في أبريل/نيسان 2006 النجاح في عمليات التخصيب بنسبة 3.5% الصالحة لأغراض سلمية، والبعيدة عن الأغراض العسكرية التي تتطلب نسبة تخصيب تزيد على 90%.
صورة من: AP
بداية العقوبات على إيران
رد فعل مجلس الأمن الدولي جاء سريعاً حيث أصدر في ديسمبر 2006 قراره رقم 1737 الذي يمنع أي دولة من تسليم إيران أو بيعها أي معدات أو تجهيزات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في نشاطات نووية وبالستية، بالإضافة إلى تجميد أصول عشر شركات و12 شخصا لهم علاقة بالبرامج.
صورة من: AP
التوصل للاتفاقية بعد سنوات من الأزمة
بعد سنوات طويلة من المفاوضات الماراثونية ومبادرات عدة، توصلت طهران في 2 أبريل 2015 مع الدول الست الكبرى في مدينة لوزان السويسرية إلى "اتفاق إطار" يقود إلى حل نهائي لملف البرنامج النووي الإيراني. الإتفاق نص على تخلي إيران عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. ودخل حيز التنفيذ في 15 يناير 2016. إعداد: ميسون ملحم