انفجار بيروت ـ دعوى ضد كبير المحققين تُجمد التحقيق
٢٧ سبتمبر ٢٠٢١
أكد مصدر قضائي تجميد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بعد ما رفع وزير سابق مطلوب للاستجواب كمدع عليه، دعوى ضد كبير المحققين في القضية على أساس "الارتياب المشروع" في حياده. وتصدت أحزاب قوية للتحقيق وشككت في حياد المحققين.
إعلان
قال مصدر قضائي اليوم (الاثنين 27 سبتمبر/ أيلول 2021) إنه تم تجميد التحقيق فيانفجار مرفأ بيروت عندما رفع وزير سابق مطلوب للاستجواب كمدع عليه دعوى ضد كبير المحققين في القضية على أساس "الارتياب المشروع" في حياده. وأدى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس / آب العام الماضي إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف وتدمير مساحات شاسعة من العاصمة بيروت. وانفجرت كمية كبيرة من المواد الكيمائية المخزنة في المستودعات بشكل غير آمن منذ سنوات.
ولم يحرز التحقيق القضائي في الانفجار، وهو من أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على مستوى العالم، أي تقدم مما أثار غضب العديد من اللبنانيين ومنهم أسر الضحايا التي أزعجها عدم محاسبة أي من المسؤولين على ما حدث. وتم تعيين القاضي طارق بيطار محققا رئيسيا في القضية بعد عزل سلفه في فبراير/ شباط الماضي لأسباب مماثلة.
وقال المصدر القضائي إن بيطار أُخطر اليوم بالدعوى القضائية التي رفعها ضده وزير الداخلية السابق وعضو البرلمان نهاد المشنوق. وقال المصدر إن جلسات التحقيق ستعلق وإن القاضي بيطار لن ينظر في الملفات لحين بت محكمة النقض فيما إذا كانت ستقبل الدعوى أم ترفضها.
ولم يصدر أي تعليق فوري من بيطار الذي لا يسمح له بالتحدث لوسائل الإعلام طالما هو يقوم بمهام التحقيق. وتصدت أحزاب قوية للتحقيق وشككت في حياد المحققين. وأصدرت محكمة النقض في فبراير شباط الماضي قرارا باستبعاد قاضي التحقيق السابق فادي الصوان من القضية بناء على طلب من وزيرين سابقين وجه لهما اتهامات هما علي حسن خليل وغازي زعيتر.
وكان بيطار قد قدم طلبا في يوليو تموز باستجواب رئيس الوزراء حسان دياب وغيره من كبار المسؤولين اتهمهم الادعاء بالإهمال فيما يتعلق بالانفجار. ونفى الجميع ارتكاب أي مخالفة. وأصدر بيطار يوم 16 سبتمبر/ أيلول أمر اعتقال لوزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس، بعد أن تغيب عن استدعاء للاستجواب، وكان هذا أول أمر اعتقال لمسؤول في القضية.
ووجّه كتاباً الى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال) وغازي زعيتر (الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة حركة أمل المتحالفة مع حزب الله، ونهاد المشنوق (الداخلية)، وكان ينتمي الى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، "تمهيداً للادعاء عليهم".
وتتهم قوى سياسية رئيسية على رأسها حزب الله، وتجمّع رؤساء الحكومات السابقين بينهم الحريري، بيطار بـ"تسييس" التحقيق. وكان المشنوق تقدم الأسبوع الماضي أمام محكمة الاستئناف في بيروت بدعوى لتعيين محقق عدلي آخر. ويأتي تعليق التحقيق اليوم الإثنين في بداية أسبوع كان يفترض أن يشهد جلسات استجواب عدة لمسؤولين عسكريين بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي. كما كان بيطار حدد الخميس موعداً لاستجواب المشنوق والجمعة لاستجواب زعيتر وخليل. ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي مذكرات تبليغ أرسلها بيطار لاستجواب النواب الثلاثة.
وغادر دياب الشهر الحالي إلى الولايات المتحدة برغم صدور مذكرة إحضار بحقّه وتحديد موعد استجوابه. ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندّد منظمات حقوقية وعائلات الضحايا والناجون من الانفجار بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات.
وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون لبنان في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب إن ما يحصل "يظهر بوضوح أن الطبقة السياسية اللبنانية ستفعل ما بوسعها لتقويض وعرقلة التحقيق.. وللإفلات من العدالة مجدداً في أحد أكبر الجرائم في تاريخ لبنان الحديث".
ح.ز/ ع.ج.م (د.ب.أ / رويترز/ أ.ف.ب)
في صور.. عام على جراح لم تندمل لدى اللبنانيين!
تحل الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت المروع وجراح اللبنانيين لم تندمل. انهيار اقتصادي متسارع فاقمته تداعيات مأساة المرفأ وتفشي فيروس كورونا، فيما تعجز القوى السياسية على التوافق وتشكيل حكومة تضمد جراح لبنان.
صورة من: Reuters/A. Taher
شرارة الاحتجاجات
إعلان الحكومة اللبنانية أواخر عام 2019 عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات المراسلة الإلكترونية مثل واتساب، فجّرغضب لبنانيين لمسوا قبل أسابيع مؤشرات أزمة اقتصادية حادة، أبرز ملامحها كان انهيار سعر الليرة وأزمة الخبز فنزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم القرار ورغبتهم في إسقاط النظام. من هنا انطلقت شرارة الإحتجاجات مع توالي الأزمات على اللبنانيين، أسوؤها انفجار مرفأ بيروت.
صورة من: Marwan Bou Haidar/Zuma/picture alliance
استقالة حكومة الحريري
على الرغم من تراجع حكومة سعد الحريري عن فرض الرسم المالي، استمرت الاحتجاجات الشعبية. وخلال أيام بلغ الحراك الشعبي ذروته مع تظاهر مئات الآلاف في كل أنحاء البلاد مطالبين برحيل الطبقة الحاكمة التي لم يمسها تغيير جوهري منذ عقود والمتهمة بالفساد وبعدم الكفاءة. على وقع غضب الشارع، استقالت حكومة سعد الحريري في 2019.
صورة من: Imago-Images/ITAR-TASS
أزمة كورونا
في فبراير/ شباط 2020، سجل لبنان أول إصابة بفيروس كورونا. وتراكمت الأعباء تدريجياً على القطاع الصحي الذي أنهكه الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد. وفي طل غياب الخطط الحكومية للتعامل مع الفيروس وتوالي الأزمات الاقتصادية والسياسية بدأ الوضع الوبائي للبلاد يتخذ منحنى أكثر سوءاً مع تفشي المتحور دلتا.
صورة من: Emma Freiha/Reuters
فشل حكومة دياب
في السابع من مارس/ آذار 2020 أعلنت الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب عن خطة إنعاش اقتصادي في لبنان وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي. بعد نحو أسبوعين انطلقت المفاوضات بين الطرفين، إلا أنها توقفت في صيف 2020 بعد عدة جلسات جراء خلافات بين الفرقاء اللبنانيين أنفسهم.
صورة من: Getty Images/AFP
انفجار مرفأ بيروت
في الرابع من أغسطس / آب 2020، دوى انفجار ضخم في بيروت دمر أحياء فيها وقتل أكثر من مئتي شخص. بعد ساعات قليلة على وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى كميات ضخمة من مادة نترات الأمونيوم مخزنة في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت منذ عام 2014. ألحق الانفجار، الذي يعد أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، دماراً ضخماً في المرفأ والأحياء القريبة منه، وأسفر عن مقتل 214 شخصاً وإصابة 6500 آخرين.
صورة من: Ahmad Terro/picture alliance
الانفجار يفاقم مآسي لبنان!
شكل الانفجار صدمة غير مسبوقة لللبنانيين، الذين أنهكتهم الأزمات المتتالية. بدأ سكان بيروت في اليوم التالي يبحثون عن المفقودين ويتفقدون منازلهم وأبنيتهم المتضررة، فيما انهمك عمال الإغاثة بالبحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض. ووصف محافظ بيروت مروان عبود وقتها الوقع بأنه "كارثي". وأعلنت حالة الطوارئ وبدأت المساعدة الدولية تتدفق إلى البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naamani
ماكرون يمدّ يد الإنقاذ
في السادس من أغسطس/ آب زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت حيث تفقد المرفأ والأحياء المتضررة وسط حشد من اللبنانيين الغاضبين على طبقة سياسية متهمة بالفساد وسوء الإدارة. في ختام زيارته، دعا إلى "تغيير" في النظام. ثم رعى مؤتمراً دولياً لدعم لبنان، تعهد خلاله المجتمع الدولي بتقديم مساعدة طارئة بقيمة نحو 300 مليون دولار، على ألا تمر عبر مؤسسات الدولة.
صورة من: Reuters/G. Fuentes
استقالة حكومة دياب
في الثامن من أغسطس/ آب، تظاهر آلاف اللبنانيين ضد المسؤولين السياسيين الذين حمّلوهم مسؤولية مأساة انفجار مرفأ بيروت. وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي. وأعلن عدة وزراء تباعاً استقالتهم، إلى أن أعلن رئيس الحكومة حسان دياب في العاشر من آب/أغسطس استقالة حكومته.
صورة من: Reuters/H. Mckay
أزمة تليها أخرى!
على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع، بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. كما فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء، فيما ارتفعت أسعار المواد والبضائع كافة، حتى أن أسعار مواد غذائية أساسية ارتفعت بأكثر من 70 في المئة خلال عامين. كما تشهد البلاد منذ أسابيع أزمة وقود وشحاً في الدواء وتقنيناً شديداً في الكهرباء يصل الى 22 ساعة.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
إجهاض تشكيل حكومة جديدة
بعد تسعة اشهر من تكليفه، اعتذر سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة وتم تكليف نجيب ميقاتي الذي ترأس حكومتين في 2005 و2011، بتشكيل حكومة جديدة. عادة ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية. لكن الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمراً ملحاً.
صورة من: Dalati Nohra/Lebanese Official Government/AP Photo/picture alliance
الدعم مقابل الاستقرار السياسي
منذ عام كامل، لم يعلن القضاء اللبناني عن تحقيق أي تقدّم في التحقيق بشأن انفجار مئات الأطنان من مادة نترات الأمونيوم المخزنة منذ سنوات في مرفأ بيروت من دون أي إجراءات وقاية. كما لا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، فيما يشترط المجتمع الدولي تسريع تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان.
صورة من: Aziz Taher/REUTERS
لبنان في ذكرى أسوأ أزماته
في الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت، ينظم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا دوليا من أجل مساعدة لبنان، وهو الثالث بالتعاون مع الأمم المتحدة. تسعى باريس من خلال هذا المؤتمر إلى جمع مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 350 مليون دولار من أجل شعب لبنان، الغارق في أزماته الاقتصادية والأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، كما صنفها البنك الدولي. فهل تندمل جراح لبنان قريباً؟ إعداد: إيمان ملوك