انقطاع وسائل الاتصال في مصر قبيل "جمعة الغضب"
٢٨ يناير ٢٠١١تفيد التقارير الواردة من مصر بأن شبكة الإنترنت معطلة حاليا في شتى أنحاء البلاد وذلك في محاولة من السلطات الأمنية لتعطيل إمكانية تواصل شباب المتظاهرين مع بعضهم البعض قبل بداية ما يعرف بـ"جمعة الغضب "، وذلك بعد الانتهاء من صلاة الجمعة في البلاد. كما تشير بعض المعلومات الواردة إلى أن شبكات الاتصال الأرضية والمحمولة قد تم التشويش عليها أو إسقاطها.
وقد قام ناشطون مصريون بتوجيه رسالة إلكترونية إلى وسائل الإعلام العالمية،من ضمنها موقع دويتشه فيله، ذاكرين فيها أن "الشعب المصري واقع تحت حصار حكومي" وأن"مبارك وأعوانه يعيقون كل القنوات التي يمكنها أن تحكي للعالم ما يحدث داخل البلاد".
تأتي كل هذه الأحداث في الوقت الذي قرر فيه الدكتور محمد البرادعي – بعد طول غياب - المشاركة في "جمعة الغضب". وقد وصل البرادعي أمس إلى البلاد وسط استقبال محدود من أنصاره في مطار القاهرة قادما من فيينا، وحاشد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية، في الوقت الذي رأى فيه البعض أن عودته في الوقت الحالي للمشاركة في التظاهرات قد جاء متأخرا، فيما يرى البعض الآخر أنه أحسن التوقيت.
انحسرت شعبيته نتيجة الغياب المتكرر
ولم يحظ البرادعي بالاستقبال الشعبي الحافل الذي حظي به من مؤيديه الشباب وقيادات المعارضة لحظة وصوله أول مرة في فبراير 2010، بعد انتهاء عمله كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية ، بل على النقيض. فقد استقبلته بعض الصحف بالتهكم، وقال مجدي الجلاد، رئيس تحرير صحيفة "المصري اليوم" : "كل مواطن من الآلاف الذين رابطوا في ميدان التحرير أحق بالقيادة منك".
ومن "الجمعية الوطنية للتغيير"، علق الناشط السياسي جورج إسحق، على غياب البرادعى عن الاحتجاجات في مصر قائلا "لا نريد معرفة أي شيء عنه!". وكانت المجموعة الإلكترونية "البرادعي رئيسا -2011" على شبكة الإنترنت، قد شهدت انسحابا جماعيا للكثير من أعضائها، على خلفية انتقادات أثيرت بين المشتركين لسياسات البرادعي وغيابه المتكرر عن مصر في تلك الفترة الحرجة التي تمر بها.
أما البرادعي نفسه فقد برر غيابه عن المظاهرات، التي أوقعت - حتى الآن – حوالي سبعة قتلى وأدت إلى اعتقال ما لا يقل عن ألف شخص، بأنه لا يريد "سرقة الأضواء من الشباب". وأشاد في حديثه مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية، قبل يومين ، بخروج المصريين إلى الشارع وقال "المصريون لأول مرة في تاريخهم الحديث، يصبحون على استعداد للنزول إلى الشوارع بشكل حقيقي".
وبالفعل، ففي وقت توارت فيه المعارضة، وسكتت الأحزاب، تكلم رجل الشارع، مطالبا لأول مرة بإسقاط نظام الحكم في مصر، كاسرا "حاجز الخوف"، الذي دعا البرادعي قبل عام من الآن الشباب إلى تجاوزه، بينما كانت أوساط النشطاء السياسيين تضغط عليه لتشكيل حزب جديد يمارس العمل السياسي من خلاله.
أول من دعى لكسر حاجز الخوف
وفي وقت يتهكم فيه البعض على عودة البرادعي "متأخرا" للمشاركة في المظاهرات، معتبرين أنها جاءت على طريقة "فهمتكو" وكأنه يقولها على شاكلة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، تمسك البعض، لاسيما من العامة، بموقفهم المناصر له. وظهر ذلك على صفحات المواقع الإخبارية التفاعلية، إذ علقت "أم هاني" على الانتقادات اللاذعة الموجهة للبرادعي في مصر قائلة "لماذا التهكم بهذا الشكل على رجل محترم.. يكفى انه حرك الناس ليطالبوا بحقهم فى التغيير.. مصر بها 80 مليون برادعي ولكن برادعي واحد كسر الخوف، يجب ألا ننكر ذلك".
كما قال مواطن آخر فضل الاكتفاء بتعريف نفسه بحرف "G" إن الانتقادات الموجهة للبرادعي ما هي إلا "حملة اغتيال فكر رجل جاء ليؤدى دوراً أفضل من أجل مصر. رجل ترك النخبة والأحزاب، وكان رهانه على الشباب الذي يتحاور على الإنترنت".
وكان البرادعي قد ركز على دور الشارع ، لاسيما الشباب، في إحداث التغيير، محددا مطالبه من النظام القائم بإجراء إصلاحات تسمح بتداول سلمي للسلطة، في حين طالبه البعض بلعب دور أكبر من خلال ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة 2011، وهو ما لا يتسنى له دستوريا إلا بتشكيل حزب سياسي، ويرفضه البرادعي باعتبار أنها خطوة شكلية غير مجدية في عملية الإصلاح، على حد وصفه.
أميرة محمد
مراجعة: هبة الله إسماعيل