اهتمامات الألمان في 2021: التغلب على كورونا ومن سيخلف ميركل
١٠ يناير ٢٠٢١
لا شيء يشغل بال الألمان حاليا أكثر من مواجهة فيروس كورونا واللقاحات وتداعيات الجائحة. بيد أن مسألة أخرى تشغل حيزا كبيرا من اهتمامات الألمان. انسحاب المستشارة ميركل من الحلبة السياسية، ومن سيكون خليفتها في هذا المنصب.
إعلان
72 بالمائة من الألمان راضون عن أداء أنغيلا ميركل. الأمر ليس بالغريب ولا بالجديد؛ إذ أن "ماما ميركل" حافظت طوال فترة توليها منصبها كمستشارة على المركز الأول متقدمة على باقي السياسيين وبفارق كبير. بيد أن دوام الحال من المحال: ميركل لن تترشح مرة أخرى في الانتخابات التشريعية المقبلة في الخريف المقبل. بعدها سيلمع نجم ساسة جدد.
معهد Infratest Dimap للاستطلاع أجرى استطلاعه الشهري بتكليف من القناة الأولى في التلفزيون الألماني ARD وصحف أخرى وقام بسؤال الألمان عن شعورهم عن تلك اللحظة التاريخية التي ستعتزل ميركل فيها الحياة السياسية: 51 بالمائة من الألماني ينظرون لانسحاب ميركل من الحلبة السياسية بعين ناقدة، في حين يراها 42 بأنها خطوة إيجابية.
لكن من هو الخليفة المحتمل لميركل؟ الجواب سيكون في يومي 15 و16 من شهر كانون الثاني/يناير الجاري عندما يعقد الحزب المسيحي الديمقراطي مؤتمراً افتراضياً لانتخاب رئيسا له. والمرشحون هم نوربرت روتغن وفريدريتش ميرتس وآرمِن لاشيت.
حسب نتائج استطلاع الرأي حلّ فريدريتش ميرتس في المقدمة، حتى بين أعضاء حزب التحالف المسيحي، الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي (البافاري). حافظ ميرتس على ثقة أعضاء التحالف منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ومنحه استطلاع الرأي 29 بالمائة من أصوات أعضاء الحزب المسيحي الديمقراطي.
وحاز كل من رئيس حكومة ولاية شمال الراين-ويستفاليا، آرمن لاشيت، ووزير البيئة الأسبق الذي أقالته ميركل من حكومة سابقة لها، نوربرت روتغن، على 25 بالمئة من أصوات أعضاء الحزب لكل منهما.
المزاج العام لمندوبي الحزب المسيحي الديمقراطي الذين سيشاركون بانتخاب الرئيس القادم غير واضح. ولكن يرجح مراقبون أن يكون السباق محتدماً والمنافسة شديدة.
ولكن حتى بعد معرفة اسم الرئيس المستقبلي للحزب، لن يكون ذلك كافياً لحسم هوية المرشح لمنصب المستشارية، الذي سينافس مرشحي الأحزاب الأخرى على منصب المستشار. وطبعا يعتبرالحزب المسيحي الديمقراطي في الوقت الحاضر أكبر الأحزاب في البلاد ويحظى بشعبية بفارق جيد عن بقية الأحزاب ويستطيع طرح منافس على المنصب، والذي عادة ما يكون رئيس الحزب، لكن لا بد
شخص رابع قد يكون هو المرشح المحتمل لمنصب المستشارية، إنه رئيس حكومة ولاية بافاريا، ماركوس زودر. خلال أزمة كورونا نجح زودر بتكوين صورة إيجابية عنه في أوساط الرأي العام الألماني، تنم عن قدرته على تحمل المسؤولية. ويؤكد استطلاع الرأي الشهري الأنف الذكر أنه ومنذ شهور هو المرشح المفضل لمنصب المستشار وخاصة بين أعضاء التحالف المسيحي. بيد أنه وحتى لحظة إعداد هذا التقرير لم يعلن زودر عن نيته صراحة لخوض السباق على منصب المستشار. وعادة ما يتفق التحالف المسحي (الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي) على مرشح واحد لمنصب المستشار.
وتبقى جائحة كورونا هي المحور الذي تدور حوله اهتمامات الألمان هذه الأيام. وقد عبر أكثر من نصف المستطلعة آرائهم عن تأييدهم لاستمرار الإغلاق، وفضل حوالي الثلث تشديد الإجراءات، بينما لم يؤيد إلا السدس تخفيف إجراءات احتواء الفيروس.
واحتل ملف التلقيح ضد فيروس كورونا حيزاً من الاستطلاع. صحيح أن العملية قد انطلقت منذ نهاية العام الماضي، إلا أن الجرعات المتوفرة للقاح قليلة. وقد قيل وكتب الكثير من الكلام عن ذلك في وسائل الإعلام الألمانية وعمن قد يكون مسؤولاً عن ذلك، وهل أن الاتحاد الأوروبي هو من تفاوض مع الشركات المنتجة، أم كل دولة لوحدها؟
وقد انصب جانب كبير من النقد على رأس وزير الصحة الألماني ينس شبان. وقد تجلى ذلك في نتائج الاستطلاع: لقد تراجع شبان في ترتيب الساسة الألمان من المركز الثاني إلى الثالث. وقد قال نصف المستطلعة آرئهم إن سرعة ووتيرة التلقيح بطيئة جداً. ولكن وجد 70 بالمائة من الألمان أن النهج الأوروبي الموحد في التفاوض مع الشركات "صحيح".
قال 54 من الألمان أنهم سيأخذون اللقاح على أي حال، وهذا أكثر مما كانت عليه النسبة في تشرين الثاني/نوفمبر. وقال 21 بالمائة أنهم "على الأرجح" سيأخذون اللقاح. كلا المجموعتين تكفيان لتحقيق ما يطلق عليه "مناعة القطيع"، والتي نسبتهم في حال كوفيد-19 بين 60 و70 بالمائة. وهذا سيكون كافياً لاحتواء الجائحة.
ولكن الطريق لتحقيق تلك الغاية لا يزال طويلاً. وبشكل عام يأمل نصف المستطلعة آرئهم بالعودة إلى الحياة الطبيعية بحلول نهاية العام كحد أقصى، في حين أن النصف الثاني أقل تفاؤلاً.
تدور نقاشات من الآن حول إعطاء حقوق وامتيازات لمن تلقى اللقاح على غيره، على سبيل المثال السماح لهم بارتياد دور السينما والمسارح بعد فتح أبوابها من جديد. وعبر 73 من الذين شاركوا في الاستطلاع عن رفضهم لمثل هذه الفكرة. وجاءت الأغلبية الرافضة من كل فئات المجتمع الألماني، سواء تلك المستعدة لأخذ اللقاح أو الرافضة له.
كاي-ألكسندر شولتز/خ.س
15 عاماً على دفة القيادة ـ محطات في مسيرة المستشارة ميركل
كأول امرأة في تاريخ بلادها تشغل أنغيلا ميركل منصب مستشارة ألمانيا منذ عام 2005. قادت أربع حكومات، وأدارت أزمات صعبة بحنكة سياسية وجدارة أبهرت العالم، وهي اليوم أشهر قادة العالم. محطات في مسيرة ميركل السياسية.
"تلميذة كول"
كان المستشار الألماني الأسبق، هيلموت كول، يطلق على أنغيلا ميركل، لقب "تلميذة". لم تخرج ميركل من عباءته إلا بعد فترة طويلة في عام 2001، عندما كان الحزب المسيحي الديمقراطي CDU في المعارضة، وكانت ميركل زعيمة الحزب، غير أن فرصتها الكبيرة لم تأت إلا عام 2005.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Altwein
بداية متعثرة
بفارق ضئيل فاز الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU على الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD بقيادة المستشار غيرهارد شرودر في انتخابات عام 2005. سجل الحزب المسيحي الديمقراطي بقيادة المرشحة لمنصب المستشارة، أنغيلا ميركل أسوأ نتيجة له منذ عام 1949. هذه الظروف كانت لا تبدو جيدة في بداية مشوار أي مستشار جديد، لكن ميركل سرعان ما ثبتت أقدامها بين كبار الساسة.
صورة من: dpa
أول مستشارة في تاريخ ألمانيا
في نهاية المطاف، أتفق التحالف الاتحاد المسيحي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي تشكيل تحالف كبير. شرودر هنأ المستشارة الجديدة أنغيلا ميركل، التي تم انتخابها في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2005 من قبل البرلمان الألماني كأول مستشارة امرأة في تاريخ ألمانيا، وأصغر سياسية، والأولى من ألمانيا الشرقية سابقا، وأول عالمة فزياء في هذا المنصب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/F. Reiss
الهيمنة على المشهد السياسي
تمكنت ميركل من الهيمنة على الساحة السياسة بسرعة. في قمة مجموعة الثماني في عام 2007، استقبلت رؤساء دول وحكومات أهم سبع دول صناعية وروسيا في منتجع هيليغيندام على بحر البلطيق، ومازحت الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش (إلى اليسار) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من الناحية الجيوسياسية، فقد كانت أجواء عالم السياسية في هذه الفترة أفضل بكثير مما هي عليه اليوم.
صورة من: AP
لعبة الألوان والسياسة
مظهر وأزياء المستشارة، ملفتة للنظر أيضاً، فهي دائما ما تطل بسترات ذات ألون معينة وعادة ما يظل لون البناطيل التي ترتديها غامق اللون، وما يتغير هو لون السترة فقط. بسبب تغير الألوان هذا، يعتقد الخبراء أنهم يستطيعون معرفة الحالة المزاجية للمستشارة أو الرسالة التي تحاول نقلها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schreiber
الأكثر شعبية داخل الاتحاد الأوروبي
في بداية الأزمة المالية، صعدت شعبية ميركل بسرعة وتحولت إلى رقم واحد بلا منازع في الاتحاد الأوروبي. هنا في خريف عام 2008، تظهر ميركل بابتسامة لطيفة أمام اثنين من مفتولي العضلات على المسرح الأوروبي، الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي (في المقدمة) ورئيس الوزراء الإيطالي في ذلك الحين، سيلفيو برلسكوني.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Cerles
التعامل مع الأزمة المالية
عندما ازدادت ديون العديد من الدول الأوروبية، وأصبحت العملة الموحدة في خطر، وافقت ميركل على مساعدات مكثفة، لكنها في المقابل طالبت بإجراءات تقشفية في البلدان المعنية، ما أثار نقمة على ميركل هناك أعاد الذكريات المرة، خاصة في اليونان، حيث قارنت الصحف اليونانية تعاملها بالاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Panagiotou
منبر الشعب
هي متحدثة متمكنة، حب الظهور لا يعنيها كثيراً، غالباً ما تبدو صلبة، وحازمة في سياستها، لكن أسلوبها الرصين والواقعي والمتواضع يروق للكثيرين، وإلا لما كانت ستستطيع أن تدير الأمور في بلادها كل هذه السنوات.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Gentsch
"ماما ميركل"
في مرحلة ما اطلق عليها لقب "ماما ميركل". وطبعا ليس المقصود الأم بل أم الأمة، إنه نوع من السخرية أو المحبة وهو تقليد قديم. إذ لم يعد هذا الوصف يستخدم من قبل الصغار اليوم. الأم تعطي الاهتمام والعناية، ما يبدد الخوف. أما الجانب السلبي لهذا الوصف، هو أن الأطفال يبقون دائماً أطفالًا ولا يحب الجميع هذا.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Anspach
"يمكننا فعل ذلك"
أكثر ما اشتهرت به أنغيلا ميركل، هو جملتها الشهيرة "يمكننا فعل ذلك"، التي قالتها إبان موجة اللاجئين.، عندما أبقت الحدود مفتوحة أمام اللاجئين والمهاجرين في عامي 2015 و2016. لذلك اعتبرها البعض بمثابة قديسة لكن البعض الآخر أنتقدها بشدة. الانقسام في تقييم سياستها تجاه اللاجئين ما يزال قائما حتى اليوم.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
"شخصية العام" 2015
في عام 2015 ، أطلقت مجلة "تايم" على ميركل لقب "شخصية العام" وحتى "مستشارة العالم الحر"، بسبب قدرتها على الإدارة في المواقف الصعبة، بدءاً من تعاملها مع الأزمة المالية العالمية ومروراً بأزمة اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Time Magazine
ملهمة النساء
ميركل هي أول امرأة في المستشارية، لكنها لم تجعل من ذلك قضية سياسية كبرى لها، غير أنه بفضل دعمها كان لبعض النساء مسيرة مهنية بارزة في الحكومة الألمانية. من أبزر الأسماء النسائية البارزة في المشهد السياسي الحالي: أنغريت كرامب كارينباور (رئيسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي ووزيرة الدفاع)، و أورزولا فون دير لاين (رئيسة المفوضية الأوروبية)، وجوليا كلوكنر (وزيرة الزراعة).
صورة من: picture-alliance/M. Schreiber
المصلحة الوطنية
ميركل متحفظة ولا تظهر آراءها السياسية أو الشخصية بشأن رؤساء الدول والحكومات، وفي أغلب الأحيان تعبر عن آراء غامضة للغاية. هي تحرص في تعاملها على ما تقتضيه المصلحة الوطنية.
صورة من: picture-alliance/C. Hartmann
الغرور ليس من صفاتها
تعلم كم يبلغ ثمن لتر من الحليب!. حتى بعد سنوات من توليها منصب المستشارة، لم يغر ذلك شيئاً من أنغيلا ميركل. هنا في عام 2014 زارت أحد المحلات التجارية في برلين مع ضيفها المسؤول الصيني لي كه تشيانغ. لكنها شوهدت أيضا وهي تتسوق وحدها، كربة منزل.
صورة من: picture alliance/dpa/L.Schulze
سر حركة اليد المقبوضة
اشتهرت ميركل بحركة اليد المقبوضة، ولا أحد يعلم ما الذي تخفيه تلك الحركة. هي نفسها تقول إن الحركة تساعدها في الحفاظ على الجزء العلوي من جسمها مستقيماً ولا توجد رسالة أخرى من وراءها. على أي حال، استخدم الحزب المسيحي الديمقراطي حركة اليد على هذا الملصق الضخم خلال الحملة الانتخابية الألمانية لعام 2013 للتعبير عن الثقة والهدوء.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Simon
حياة ميركل الخاصة
لا يُعرف سوى القليل عن حياة ميركل الخاصة. إنها لا تكشف الكثير عنها، وربما لا يهتم الناس بذلك. نعلم، على سبيل المثال، أن ميركل وزوجها يواخيم زاور، العالم الفيزيائي أيضاً (في الصورة) يقضيان كل سنة إجازة عيد الفصح في جزيرة إيشيا الإيطالية، لكن هذا لم يكن ممكنا هذا العام بسبب الجائحة.
صورة من: picture-alliance/ANSA/R. Olimpio
إدارة أزمة كورونا
لقد غير الوباء الكثير في ألمانيا، ليس فقط طقوس إجازة المستشارة. ولطالما تعرضت سياسة ميركل الجادة والموضوعية للانتقادات، لكن تعاملها مع الوباء قد سجل أيضاً أرقاماً قياسية جديدة في شعبيتها.
صورة من: Johanna Geron/Reuters
قرب الوداع
أعلنت ميركل قبل عامين عن عدم رغبتها الترشح لولاية خامسة في انتخابات خريف عام 2021، لكنها حتى ذلك الحين تريد البقاء في المنصب. في حالة استمرارها في المنصب، كانت ميركل ستقترب من الحكم لما يقرب من 16 عاماً وبمدة أقصر بقليل من هيلموت كول، صاحب الرقم القياسي السابق في المستشارية.