"بابليون"..إشراقه ثقافية جديدة في ليل "داعشي" حالك
٦ نوفمبر ٢٠١٤صدر العدد الأول من مجلة "بابليون" الإلكترونية، ومن يتصفحه يلفت انتباهه أولا الإخراج الإلكتروني الجميل للمجلة وغلافها الذي تتوسطه صورة المهندسة المعمارية العراقية ـ البريطانية الشهيرة زها حديد، التي قابلتها المجلة في حوار حصري. وعند قراءة الصفحة الأولى من المجلة يفاجئ القارئ بالكم الكبير من الشعراء والكتاب الذين يشرفون على المجلة ويكتبون فيها.
في 612 صفحة من العدد الأول تسلط مجلة "بابليون" الضوء على الجديد في عالم الثقافة والأدب والجمال والفن والحضارة في أقسام عدة. وكل قسم في هذا العدد هو بمثابة مجلة مصغرة مستقلة عن الأقسام الأخرى، وله محتوى وغلاف مختلف. لكن ما يميز المجلة عن باقي المجلات الإلكترونية الأخرى هو التصفح السينمائي ثلاثي الأبعاد مع إمكانية الاستماع للموسيقى أثناء تصفح المجلة ومشاهدة ملفات فيديو في بعض مقالاتها. وبكبسة زر يمكن للقارئ أيضا أن يذهب إلى مواقع مرتبطة بالمقال تعرف بالموضوع أو بكاتب المقال أو بخبراء التجميل والرشاقة والأطباء المنشورة مواضيعهم فيها للتواصل معهم مباشرة.
"مجلة جديدة بجهود شخصية"
فكرة إصدار المجلة كانت "لسد ثغرة جوهرية في الساحة الثقافية العربية، ولتكون سباقة في مجالها"، كما أوضحت همسة الهواز رئيسة تحرير المجلة في حوار مع DW. والهواز شاعرة وفنانة تشكيلية عراقية مقيمة في ألمانيا منذ نحو 16 عاما، قررت ترك دراسة طب الأسنان والاتجاه إلى عالم الأدب والشعر والصحافة. وأصدرت الهواز عدة مجلات الكترونية سابقا، كمجلة الفوتوغرافيين المحترفين. ومن ثم قررت إصدار مجلة "بابليون" وبجهود شخصية، كما تقول. وعن بدايات فكرتها مع المجلة الجديدة تضيف قائلة : "البواكير الأولى لمجلة بابليون كانت قبل سنتين، وبدأت بكتابة بعض تفاصيل المجلة وأقسامها على الورق، وأردت أن تكون أسماء الأقسام في المجلة عصرية وتشير إلى حضارة العراق، لذلك اخترت اسم "بابليون". ومن ثم طلبت من مجموعة من الأصدقاء مساعدتي في المجلة وكل حسب اختصاصه، واستطعنا إصدار المجلة بشكلها الحالي".
مجلة بابليون هي "مولتيميديا"
المجلة غير حكومية وغير ربحية ويشارك فيها، بالإضافة إلى رئيسة التحرير، فريق عمل يضم أربعة محررين، فيما يشرف على الإخراج الفني اور البصري. وبالإضافة إلى هيئة التحرير هناك عدد كبير من الكتاب والمصورين والمراسلين للمجلة. وتصدر المجلة من أستوديو شركة بابليون للإنتاج الفني والإعلامي المرئي والمسموع.
تسويق المجلة بطابعها وتوجهاتها الثقافية قد لا يكون بالأمر الهين، لكن ما قد يساعد على انتشارها هو عرضها الالكتروني الجميل وإمكانية تصفحها المجاني على شبكة الانترنت، بالإضافة إلى إمكانية الاستماع ومشاهدة ملفات فيديو مرتبطة بصفحة المجلة على موقع "يوتيوب"، حسب ما أشارت إليه بسمة العزاوي مديرة العلاقات العامة للمجلة. العزاوي ولدت في بغداد ودرست هندسة الحاسبات في السويد وهي مصورة فوتوغرافية وعملت في تطوير الأجهزة الإلكترونية. وفي حوارها مع DW أوضحت بأن محتوى المجلة غير التقليدي والكتابة عنها في الصحف والمجلات ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ساعد على جذب الجمهور إليها وضمن للمجلة فرص انتشار أكثر.
نجاح العدد الأول هو البداية فقط
المجلة استطاعت وبفترة قصيرة أن تستقطب أقلام شعراء وكتاب وفنانين معروفين ومن مختلف أنحاء العالم العربي. وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة شعراء عراقيون كبار، كعبد الرزاق عبد الواحد ولمعية عباس عمارة وكريم العراقي.
الشاعر كريم العراقي له فضل كبير في تطوير الغناء العراقي المعاصر وكتب كلمات الأغاني لعدد كبير من المطربين العراقيين، قد يكون أبرزهم كاظم الساهر. وأشار كريم العراقي وفي لقاء مع DW، إلى أن سبب اختياره للعمل مع المجلة هو اهتمامها بالثقافة والأصالة، وخاصة الأدب والفن العراقيين، بالإضافة إلى أن المجلة ستكون إضافة جميلة في مسيرة حياته الفنية الطويلة، كما يقول.
العدد الأول من المجلة نجح في إيصال فكرة جديدة عصرية عن المجلات الثقافية ولاقى استحسانا من قبل قرائها، كما تقول رئيسة التحرير. لكن إنجاح العدد الأول لم يكن هو الهدف الوحيد للمشرفين عليها، فرئيسة التحرير وصاحبة فكرة "بابليون" همسة الهواز تذهب بأحلامها أبعد من نجاح العدد الأول وتريد لمجلتها الجديدة أن تأخذ على عاتقها "المساهمة في الترويج للحداثة الفكرية ونهضة الفكر العربي في شتّى مجالات الإبداع والفكر، والإطلالة على الإنتاجين العربي والعالمي، والإسهام في ارتقاء بالمستوى الفكري والذائقة الجمالية والفنية من خلال تعريف القارئ العربي والغربي بمختلف الفنون".
وتطمح الهواز إلى أن تكون الأعداد القادمة متنوعة وجميلة، كما العدد الأول، وأن تتضمن المجلة مستقبلا مقالات بعدة لغات، بالإضافة إلى العربية.
في وقت ترتفع فيه أصوات القتل والعنف في العراق وخاصة بعد سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على مناطق كبيرة من البلد، والذي يعمل على طمس ثقافة بلاد الرافدين ومواجهة التعليم العصري ويسعي إلى استعباد المرأة، تنشط هنا في ألمانيا وبعيدا عن منطقة الصراع امرأة من أصول عراقية لإحياء ما تبقى من ثقافة وتراث بلدها، وتصدر مجلة الكترونية ذات طابع عصري.
ورغم ابتعاد المجلة عن المواضيع السياسية إلا أنها أوصلت رسالة سياسية لقرائها بأن الثقافة لا يمكن أن تموت رغم الصعاب التي تواجها من قبل قوى الشر والظلام، وأن المرأة العراقية بإمكانها تقديم انجازات ثقافية فيما إذا أتيحت لها الفرصة المناسبة.