خلص باحثون إلى أن الأخطبوطات تشعر بالألم وتتذكر مصدره لمدة طويلة مثلما يفعل الإنسان، كما تقوم بإصدار ردود أفعال تعبر عن عواطفها حتى تجاه البشر، لكن كيف تعبر عن ذلك؟
إعلان
تشعر الأخطبوطات كباقي الكائنات الحية بالألم، لكنها تستطيع أيضا تخزينه في ذاكرتها كما يحدث لدى الإنسان. وتصدر الأخطبوطات ردود أفعال عاطفية تجاه محيطتها، وتعد مشاعرها العميقة لغزا يثير فضول العلماء. أحد الأمثلة على ذلك الأخطبوط أوكتافيا. كانت هذه الأخطبوط تعيش في أكواريوم في بوسطن الأمريكية، حيث كانت كبيرة في السن وتحتضر. وتم نقلها إلى مكان أكثر هدوءا ومظلمًا، وهو المكان الذي توضع فيه الحيوانات في البرية عندما تقترب من نهاية حياتها، بعيدا عن أعين الزائرين.
تعرف عالمة الطبيعة ساي مونتغمري الأخطبوط أوكتافيا منذ سنوات، حيث كانت تطعمها الأسماك ولعبت معها عدة مرات. وخصصت الباحثة فصلا في كتابها الذي صدر عام 2015 بعنون "روح الأخطبوط" للأخطبوط وكتافيا. وسردت الكاتبة مونتغمري في كتابها ملاحظاتها حول الذكاء الخارق للأخطبوطات.
وتقول الباحثة ساي مونتغمري في حديث مع DW ؛ إنها لما زارت الأخطبوط أوكتافيا لتوديعها: "فتحت الخزان وطفت إلى الأعلى لرؤيتي. أعطيتها سمكة وأخذتها ووضعتها جانبًا. لقد بذلت جهدًا للصعود من قاع ذلك الخزان ونظرت إليّ ولمستي. لقد نظرت إلي في وجهي وأمسكتني لدقائق". وأوضحت الباحثة أن اللقاء حدث بعدما قضت الأخطبوط أوكافيا 10 أشهر لمفردها، لم تر فيها أحدا. وتضيف مونتغمري بأنه بالنسبة للحيوان الذي لا يعيش سوى من ثلاث إلى خمس سنوات، فإن "عشرة أشهر هي بمثابة عقود من الزمن".
وخلصت الباحثة إلى أن لحظات الوداع هي من بين المؤشرات التي جعلتها تتأكد من أن الأخطبوطات لديها مشاعر. لكن مونتغمري ليست الوحيدة التي توصلت إلى هذه القناعة. وهناك بين الباحثين من يرى أن الأخطبوط كائنات واعية ويمكنها الشعور بالألم ومحاولة تجنبه بنشاط. ويرجح الباحثان كريستين أندروز وفرانس دي وال؛ أن العديد من الحيوانات بما في ذلك رأسيات الأرجل كالأخطبوطات، تشعر بالألم. لكنها لا تتفاعل فقط مع الألم كطفل يسحب يده بعيدًا عن النار، بل إن الأخطبوطات تظهر ردود أفعال تتجاوز ذلك بكثير، يضيف الباحثان.
وأظهرت الأبحاث أن الأخطبوطات تتفادى الذهاب إلى الأماكن التي عانت فيها من قبل، حتى لو كانت خالية من مصدر الألم في تلك اللحظة بالذات. وبالنسبة للباحثين أندروز ودي وال فإن ذلك يعد دليلا على أن الأخطبوطات تتذكر الألم ومصدره، حيث يتم تسجيله في الذاكرة كشيء تريد تجنبه.
من أعماق البحر... أخطبوط فريد يُذهل العلماء
00:50
ويميز الباحثون بين العواطف والمشاعر لدى الأخطبوطات. فالعواطف حسب الباحثين أندروز ودي وال ، هي "حالات فسيولوجية و / أو عصبية قابلة للقياس تنعكس غالبًا في السلوك". ويتضمن ذلك زيادة درجة حرارة الجسم، وزيادة نشاط الناقل العصبي والهرمونات، أو تجنب الأخطبوط الذهاب إلى مكان قام فيه العلماء بوخزة بعصا. أما المشاعر فهي على مستوى أعمق من العواطف.
وعلى العكس من البشر الذين يستطيعون التعبير عن مشاعرهم لفظيًا (سواء كانوا سعداِء أو غاضبين)، فإن الحيوانات لا تستطيع الوصول إلى هذا المستوى من التعبير. لذلك من المستحيل بالنسبة للبشر أن يعرفوا بالضبط ما تشعر به الحيوانات. لكن هذا لا يعني أنها لا تشعر بأي شيء. وفي حديث لـ DW قال الباحث أندروز في جامعة يورك في تورنتو الكندية: "يجب على العلماء أن يتقبلوا جانب المشاعر لدى الحيوانات تمامًا كما نفعل مع البشر"، مضيفا بأنه: "لا يمكننا قياس ذلك في الحيوانات، وأيضا لدى البشر أيضا".
وبدورها ترى مونتغومري أنه من المؤكد أنها لا تعرف نوع المشاعر التي تتملك الأخطبوط لما تطفو إلى سطح الماء. وتوضح ذلك بالقول: "لا أعرف ما يشعر به الأخطبوط، لكنني أيضًا لا أعرف ما يشعر به زوجي، أو ما إذا كان شعور السعادة بالنسبة له هي نفس الشعور بالسعادة بالنسبة لي".
وقامت المملكة المتحدة بخطوة نحو الاعتراف بالأخطبوطات وأقاربها على أنها كائنات واعية بمشاعرها وذكرياتها فيما يخص الألم. وتم إدراج رخويات رأسيات الأرجل كالأخطبوطات والقشريات العشارية الأرجل كسرطان البحر وجراد البحر ضمن قانون رعاية الحيوان الجديد، الذي يناقشه البرلمان البريطاني حاليا. وقاد الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد جوناثان بيرش، فريقًا فحص أكثر من 300 دراسة قبل تقديم المشورة للحكومة البريطانية بشأن القانون. وفي هذا الصدد قال بيرش: "لقد أوصينا بإدراج كل هذه الحيوانات في نطاق قانون الرفق بالحيوان. لكن الأدلة كانت قوية بشكل خاص بالنسبة للأخطبوطات".
وأوضح بيرش إنه من الصعب على الإنسان التعاطف مع حيوانات مثل جراد البحر أو الأخطبوط، "لأنها تبدو مختلفة جدًا عنا وتبدو غريبة جدًا." وأضاف بأن هذا "لا يعني أنه لا يوجد شيء هناك للتعاطف معه، فهذا لا يعني أنه ليس لديها مشاعر".
كلارا بلايكر ع.ع (DW)
في صور.. كائنات غريبة غيّرت فهمنا لمملكة الحيوان
رغم نجاح العلم في سبر أغوار الكثير من المجالات إلا أن كوكبنا الأزرق ما يزال يعج بالكثير من الكائنات الحية التي تنتظر اكتشافها. فيما يلي جولة مصورة في أحدث الاكتشافات المثيرة التي غيّرت فهمنا لمملكتي الحيوان والنبات.
صورة من: Alexis Rockman
سمكة شمس المحيط
أثار شكل إحدى الأسماك دهشة أحد المتنزهين على شواطئ كاليفورنيا بعد أن جرفتها الأمواج، فقد كانت على شكل قرص يبلغ قطره نحو مترين. وتعد أسماك "شمس المحيط" من الكائنات النادرة، إذ لم يتمكن العلماء من وصفها بشكل رسمي إلا في عام 2017، بعد أن تم رصدها لمرات قليلة في نصف الكرة الجنوبي بالقرب من أستراليا ونيوزلندا.
صورة من: Reuters/T. Turner
وحش الدجاج مقطوعة الرأس
قد يبدو الإسم غريباً من خلال الربط بين الوحوش والدجاج، لكن هذا الكائن الغريب من فصيلة خيار البحر تم تصويره في أعماق البحر قبالة الساحل الشرقي للقارة القطبية الجنوبية. في السابق، لم يتم رصد هذا الكائن إلا في خليج المكسيك. تعيش معظم خياريات البحر في قاع البحر، لكن بعض الأنواع تبحث عن طعامها هناك وتسبح معظمها في المياه المفتوحة.
صورة من: picture alliance/Australian Antarctic Division/AAP/dpa
نحلة "والاس" العملاقة
هذه ليست نحلة عسل عادية. بعد مرور 38 عاماً على مشاهدتها للمرة الأخيرة أعاد الباحثون اكتشاف هذه النحلة العملاقة التي يبلغ طولها 3.8 سم في أحراش إندونيسيا. كانت الحشرة على قائمة الأنواع الـ 25 "الأكثر طلبًا" للمحمية العالمية للحياة البرية. على الرغم من فكها الذي يبدو مخيفاً، إلا أن هذه الحشرة تفضل الرحيق وحبوب اللقاح - وكذلك أقاربه الأصغر حجماً.
صورة من: Clay Bolt
الحبار العملاق
كائن الأعماق الضخم هذا أقرب ما يكون إلى الأخطبوط الأسطوري العملاق الذي أثار مخاوف البحارة في الكثير من الحكايات القديمة. وقد فشل العلماء طوال عقود طويلة من الزمن في تصويره. ولم يتمكنوا في تصوير حبار عملاق حي إلا في 2004. للمرة الأولى تظهر الصورة هذا الكائن في بيئته الطبيعية. حتى اليوم لا يعرف العلماء على وجه الدقة الحجم الذي يمكن أن يصل إليه، إلا أن الرقم القياسي المسجل حتى الآن يصل إلى 13 متراً.
صورة من: Reuters
الفأر ذو الأنف الكبير
في عام 2015 اكتشف الباحثون على جزيرة سولاوسي الإندونيسية هذا الفأر الصغير الذي يبدو بأسنانه البارزة من مصاصي الدماء وأطلقوا عليه "Hyorhinomys stuempkei". لكن مهلاً! فهذا الفأر في حقيقته ليس من مصاصي الدماء، إذ يعتاش في المقام الأول على ديدان الأرض ويرقات الخنافس. ولم يتوصل العلماء إلى سبب امتلاك الحيوان إلى هذا الأنف الضخم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Museum Victoria
فراشة ترامب
تم اكتشاف فراشة "Neopalpa donaldtrumpi" الصغيرة لأول مرة في جنوب كاليفورنيا عام 2017. لكنها سرعان ما تلقت المزيد من الاهتمام بسبب رأسها المائل إلى اللون البرتقالي، إذ يذكر بتصفيفة شعر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تدين له هذه العثة الفراشية باسمها. ما قد لا يعجب ترامب نفسه ربما أن موطن هذه الحشرة يمتد إلى ولاية باها كاليفورنيا المكسيكية.
صورة من: picture-alliance/dpa/V.Nazari
ضفدع البحر
لا يوجد أي مكان آخر على وجه الأرض يخفي العديد من الكائنات الغريبة مثل أعماق البحار. تم اكتشاف هذا الضفدع البحري النادر في عام 2009 خلال رحلة استكشافية في أعماق البحار إلى الحاجز المرجاني العظيم قبالة أستراليا. تنتمي أسماك القاع هذه المسماة كذلك بـ"أسماك النعش" إلى عائلة أسماك الضفدع التي تعيش في أعماق البحار. وهي معروفة بعضو يبعث الضوء. ويتلوى هذا العضو أمام فمها ليكون طعماً يجذب فرائسها.
صورة من: picture-alliance/dpa/MARUM Universität Bremen/LMU München
نبتة تخلت عن التمثيل الضوئي
وفي مملكة النبات أثار اكتشاف العلماء لهذه النبتة غير العادية في اليابان عام 2017 ضجة كبيرة في العالم. تعد هذه النبتة واحدة من عدد قليل جداً من الأنواع النباتية التي تخلت عن عملية التمثيل الضوئي. بدلاً من ذلك، تتغذى على جذور الفطر التي تنمو عليها. وأطلق العلماء على هذه النبتة المنتشرة في اليابان تسمية لاتينية هي " Sciaphila sugimotoi".
صورة من: picture-alliance/ESF International Institute for Species Exploration/Takaomi Sugimoto
خنفسة الكهوف العمياء
اكتشف هذا النوع الجديد من الخنافس في عام 2018 في أحد الكهوف بمقاطعة قوانغشي الصينية. ويبدو شكلها غريباً للغاية بجسمها الطويل المضغوط وأرجلها الرفيعة. وحقيقة إنه ليس لدى هذا النوع من الخنافس عيون أو أجنحة تجعلها ملائمة جداً للعيش في ظلام دامس. وأطلق عليها العلماء تسمية " Xuedytes bellus".
صورة من: picture-alliance/Sunbin Huang/Mingyi Tian/ESF International Institute for Species Exploration/dpa
دب الماء - التارديغرادا
منذ عام 1777يعرف العلم هذه الكائنات المجهرية التي تختلف تسمياتها بين "بطيء الخطو" و"بطيء المشية" و"دب الماء"، رغم أن اسمها العلمي هو " التارديغرادا". ولكن لم يكتشف هذا النوع الجديد منها إلا عام 2018 في أحد متنزهات اليابان، حين انتزع باحث قطعة من طحلب الخرسانة وأخذها للتحليل في المختبر. يُذكر أنه من المستحيل تقريباً القضاء على هذه الكائنات الدقيقة.