بالإجماع.. مجلس الأمن يطالب بعودة حكومة مدنية في السودان
٢٨ أكتوبر ٢٠٢١
طالب مجلس الأمن الدولي العسكريين في السودان "بعودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون"، مبديا "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة"، وذلك في بيان صدر بإجماع أعضائه.
وفي بيان تم التوافق عليه بالإجماع، حث مجلس الأمن المكون من 15 عضوا جميع الأطراف على التحلي بضبط النفس والدخول في حوار دون أي شروط مسبقة. ودعا المجلس أيضا إلى الإفراج الفوري عن جميع الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطات العسكرية.
فبعد مباحثات شاقة استمرت أياما، طالب مجلس الأمن، في بيان أعدته بريطانيا وعمدت روسيا الى التخفيف من وطأة مضمونه، باستئناف الحوار السياسي في السودان "من دون شروط مسبقة" و"الإفراج فورا" عن المعتقلين واحترام "حق التجمع السلمي".
وأورد دبلوماسي أنه بناء على إلحاح الصين، أخذ بيان المجلس في الاعتبار عودة رئيس الوزراء إلى منزله مساء الثلاثاء رغم أنه لا يزال محروما من حرية التحرك، وفق الأمم المتحدة.
وجرت المفاوضات بين أعضاء المجلس والتي بدأت بعيد الانقلاب الاثنين على خلفية تجاذب حول السودان بين الغربيين وروسيا. وكانت مسودة بيان أول في بداية الأسبوع تضمنت "إدانة بأشد العبارات" لانقلاب العسكريين، قبل أن يتم شطب هذه العبارة من المسودة.
وفي الصيغة التي أقرت، طالب المجلس بـ"الإفراج فورا عن جميع من اعتقلتهم السلطات العسكرية"، داعيا "أيضا جميع الأطراف إلى التزام أكبر قدر من ضبط النفس والامتناع عن توسل العنف". وشدد على "أهمية الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وبينها حق التجمع السلمي وحرية التعبير".
البرهان تجاهل تحذيرا أمريكيا
وقال دبلوماسيون إنه قبل ساعات من الانقلاب الذي شهده السودان وسيطر فيه الجيش على البلاد وحل الحكومة، حذر مبعوث أمريكي كبير أرفع قادة الجيش السوداني من أي خطوات ضد الإدارة المدنية التي تشرف على عملية الانتقال الديمقراطي.
فقد توجه جيفري فيلتمان، مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن الخاص لمنطقة القرن الأفريقي، إلى الخرطوم قبل يومين فحسب من الانقلاب، في وقت تزايدت فيه المخاوف من اصطدام الانتقال الديمقراطي بعقبات بسبب التوتر المتزايد بين قيادات الجيش والمدنيين.
وبدلا من الالتفات للتحذير كان ما نفذه الجيش هو العكس تماما إذ طبق خطة للسيطرة على السلطة قال دبلوماسيون ومصادر رسمية سودانية إن رسمها حدث على مدار الأسابيع السابقة.
وأدى الانقلاب إلى توقف مفاجئ لعملية الانتقال السياسي التي بدأت بعد انتفاضة شعبية أسفرت عن الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019 وكان من المقرر أن تفضي إلى انتخابات في أواخر 2023. وبعد سفر فيلتمان قام جنود بالزي العسكري باحتجاز أعضاء مجلس الوزراء المدني في مداهمات قبل الفجر وذلك قبل أن يعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان حل الحكومة.
وقال دبلوماسيون واثنان من مساعدي رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إن الجيش كان يأمل حتى اللحظة الأخيرة في إقناع حمدوك بعزل أعضاء مجلس الوزراء حتى يمكنه تشديد قبضته على عملية الانتقال دون استخدام القوة وفي الوقت نفسه الإبقاء عليه في منصبه. ورفض حمدوك التعاون مع الجيش.
وعكس قرار تجاهل التحذيرات الأمريكية والمضي قدما فيما وصفها دبلوماسي ومصادر سودانية مطلعة بالخطة البديلة دون مشاركة حمدوك المخاطر التي يراها الجيش.
ف.ي/أ.ح (د.ب.ا، ا.ف.ب، رويترز)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب