في أول جولة خارجية له أستهلها بزيارة بريطانيا أتفق الرئيس الأمريكي جون بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على "ميثاق الأطلسي" بنسخة جديدة، لكن يبدو أن ملف إيرلندا الشمالية ظل مخيما على أول لقاء بين الزعيمين.
إعلان
اتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اليوم الخميس (العاشر من يونيو/حزيران 2021) على "ميثاق الأطلسي" بنسخة جديدة قائمة على ميثاق 1941 الذي وقعه رئيس الحكومة البريطاني الأسبق وينستون تشرشل والرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت، وحدد نظام العالم الجديد ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وينص هذا الميثاق الجديد حسب بيان الحكومة البريطانية على أنه "إذا تغير العالم منذ 1941، فإن القيم تبقى هي نفسها" في الدفاع عن الديموقراطية والأمن الجماعي والتجارة الدولية.
وقال بيان للحكومة البريطانية إن الوثيقة "ستعترف بتحديات أحدث مثل الحاجة إلى معالجة التهديد الذي تمثله الهجمات الإلكترونية والعمل بشكل عاجل لمكافحة تغيّر المناخ وحماية التنوع الحيوي، وبالتأكيد لمساعدة العالم على وضع حد لوباء كوفيد-19 والتعافي منه".
وكان الرئيس الأمريكي قد شدد بعد وصوله مباشرة على الحاجة إلى نهج متعدد الأطراف للتعامل مع قضايا عالمية في كل من محطات جولته التي تستمر أسبوعا، وسيسعى إلى إرضاء حلفاء واشنطن الذين همّشهم نهج سلفه دونالد ترامب . وأكد البيت الأبيض على الحاجة إلى إعادة إحياء الالتزامات بـ"المبادئ الديموقراطية في وجه تحديات حقيقية ومنافسة استبدادية" في عالم اليوم.
وقال جونسون إن الميثاق الجديد "يشمل العلوم والتكنولوجيا والتجارة" و"يؤكد على التزامنا المشترك بحلف شمال الأطلسي".
وأفاد مكتب جونسون أنهما تعهّدا العمل على "توسيع التجارة والتقدّم باتّجاه التوصل إلى اتفاق مستقبلي للتجارة الحرة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة". كما اتفقا على تأسيس فريق عمل جديد للنظر في استئناف السفر بين بلديهما بعد نجاح عمليات التطعيم ضد كورونا.
وبينما سعى بايدن، الذي يزور بريطانيا للمشاركة في أعمال قمة مجموعة السبع في المملكة المتحدة، للتأكيد على مدى قوة "العلاقة الخاصة" التي تجمع البلدين، فإنّ تقارير إعلامية ذكرت بأنه أمر الدبلوماسيين الأمريكيين بتوبيخ جونسون على خلفية طريقة إدارته ملف بريكست وتداعيات ذلك على السلام في إيرلندا الشمالية.
وحرص جونسون عقب عقده أول لقاء مباشر مع بايدن على وجود "أرضية مشتركة" بين لندن وواشنطن وبروكسل فيما يتعلّق بحماية السلام في إيرلندا الشمالية في ظل التوتر بعد بريكست، مؤكدا بعد الاجتماع المغلق إن جميع الأطراف وافقت على "ضمان المحافظة على توازن عملية السلام".
ويتركّز الخلاف على الترتيبات التجارية الجديدة بالنسبة لإيرلندا الشمالية التي بدأ تطبيقها في كانون الثاني/يناير بعدما غادرت المملكة المتحدة السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي، بعد نحو أربع سنوات من استفتاء بريكست. وبموجب هذه الترتيبات، تجري عمليات تفتيش على البضائع المتجهة إلى إيرلندا الشمالية والقادمة من البر البريطاني الرئيسي لمنع البضائع من الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة عبر إيرلندا المجاورة (العضو في الاتحاد الأوروبي).
ع.ج.م/أ.ح (أ ف ب)
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.