بايرن ميونيخ وحديث لا ينقطع عن الأزمة حتى عند الفوز
عباس الخشالي
٢٠ أكتوبر ٢٠١٦
كعادتها خرجت عناوين الصحف الرياضية الألمانية لتربط بين بايرن ميونيخ ومصطلح "أزمة". هذه المرة أخرجت تلك الصحف النادي البافاري من "أزمته" بعد فوزه على أيندهوفن الهولندي برباعية. فما هي قصة بايرن والأزمة وخروجه منها؟
إعلان
عندما يحقق بايرن ميونيخ نتائج معتادة، وهذا يعني عادة الفوز المستمر دون انقطاع، سواء على المستوى المحلي أو الأوروبي، يتحدث نقاد عن وجود مشاكل داخلية في الفريق. أما إذا خسر مباراة واحدة أو تعادل في أخرى فتخرج وسائل الإعلام الألمانية لتصب جام غضبها على الفريق البافاري وتتحدث عن "أزمة" تعصف به.
وهذا ما حدث مؤخراً مثلا عندما تحدثت وسائل الإعلام عن أزمة في بايرن، بعد خسارته مباراة وحيدة أمام اتليتيكو مدريد، لتعود الصحف المتخصصة بالشؤون الرياضية بعد فوز بايرن أمس الأربعاء على نادي أيندهوفن الهولندي بأربعة أهداف لهدف ضمن لقاءات دوري الأبطال، وتكتب أن بايرن قد تغلب على أزمته.
وفي الحقيقة فإن بايرن كأي ناد كبير في أوروبا يمكن أن يعيش مرحلة تألق طويلة، ثم تقع له كبوة. وهذه ليست المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن "أزمة" في الفريق البافاري، فبعد انطلاقة كل موسم كروي تقريبا تظهر هذه "الأزمة" في عناوين الصحف.
لقاء بايرن مع أيندهوفن لم يكن اختبارا حقيقيا له على مستوى دوري الأبطال، وإنما كان أشبه بحصة تدريب للفريق البافاري؛ فالفريق الهولندي يحتل المركز الرابع في ترتيب الدوري في بلاده. ولم يقدم أي مستوى من التحدي الحقيقي خلال اللقاء. ولم يشكل مهاجموه خطرا حقيقيا على مرمى مانويل نوير إلا في مرات قليلة. وفوز بايرن بالأمس لم يخرجه من "أزمته" إن كان أساسا يعيش أزمة.
بايرن ينطلق مع كل موسم بنتائج كبيرة أمام فرق مختلفة المستوى محليا وأوروبيا، ولا يصل إلى مستوى ثابت إلا بعد اكتمال تشكيلته عند منتصف مرحلة الذهاب في الموسم. وأحياناً يخلق أزمته بنفسه عندما لا يواجه تحديا محليا يقترب من مستواه، وكأنه فريق يلعب في "ليغا" مختلفة عن الدوري الألماني.
أزمة القرار في بيع كروس
الأزمة تخلقها أحيانا قرارات إدارة النادي في سياسة بيع وشراء خدمات اللاعبين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك واحد من القرارات غير المنطقية اتخذته إدارة النادي قبل أكثر من عامين، وظهرت نتائجه على النادي اليوم إلى حد ما، ألا وهو قرار بيع لاعب الوسط توني كروس إلى ريال مدريد الإسباني، وفي المقابل شراء خدمات الإسباني تشابي ألونسو، حين كان بايرن تحت قيادة المدرب الإسباني بيب غوارديولا. آنذاك كان كروس في الرابعة والعشرين من عمره وألونسو في الثانية والثلاثين. وواجه هذا القرار آنذاك استغرابا وانتقادً من قبل خبراء كرة ألمان.
ومن بين آخر تلك الانتقادات ما كتبه قائد بايرن ومنتخب ألمانيا الأسبق لوتار ماتيوس في مقال له في مجلة "بيلد شبورت"، قال فيه إن هذا القرار هو خطأ فادح، اتخذه النادي خلال الفترة الماضية. وحينها كان السبب الذي دفع بايرن لبيع خدمات كروس هو عدم رغبة النادي في رفع راتبه، مقارنة برواتب لاعبين آخرين مثل توماس مولر وفيليب لام. واليوم بات راتب كروس المتألق تحت قيادة زين الدين زيدان في ريال مدريد، حوالي 20 مليون يورو سنوياً، وهو مبلغ لم يكن يحلم توني به مع النادي البافاري.
ماتيوس كتب أيضا أن رئيس النادي آنذاك أولي هونيس كان يؤكد مرارا وتكرارا أهمية إبقاء لاعبي المنتخب الألماني ضمن الفريق البافاري، لكن ما حدث مع كروس هو أكبر مثال على تناقض ما يقوله هونيس، حسبما كتب ماتيوس. وبكل تأكيد لم يشكل رحيل كروس عن النادي البافاري أزمة في صفوفه خاصة وأنه يعج بعدد من النجوم الكبار. لكن النادي البافاري والمنتخب الألماني يكملان بعضهما بعضاً، فحين يفوز بايرن بدوري الأبطال ينعكس مستواه على المنتخب، وحين يتألق المنتخب الألماني تجد أن محركيه الأساسيين من صناعة بافارية.
بايرن لا يعيش في أزمة، ولم يكن يعاني من أزمة، أزمته الحقيقية في دوره وحجمه الكبيرين. وخسارته السابقة أمام اتليتيكو ليست أزمة وفوزه الكبير أمس في لقاء أيندهوفن لم يخرجه أيضا من أزمة.
بايرن يفوز بالدوري ويكتب تاريخا جديدا في سجله الحافل
فاز بايرن ميونيخ بالدوري الألماني للمرة السادسة والعشرين بتاريخه والرابعة على التوالي، في إنجاز جديد. وحسم اللقب رسميا هذا الموسم (2015 / 2016) في الجولة الـ 33 تاركا المركز الثاني لمنافسه التقليدي بروسيا دورتموند.
صورة من: picture alliance/Perenyi
الجيل الحالي لبايرن ميونيخ بقيادة فيليب لام (32 عاما) ومعه الحارس مانويل نوير (30 عاما) وتوماس مولر (26 عاما) فعلوا ما لم يفعله الأولون وفازوا بالدوري الألماني للمرة الرابعة على التوالي بعد أعوام 2013، و2014، و2015، والآن 2016.
صورة من: Reuters/M.Rehle
الفوز باللقب أربع مرات متتالية إنجاز تاريخي غير مسبوق في الدوري الألماني. فحتى الجيل الذهبي في السبعينيات -بقيادة المدرب الأسطوري أودو لاتيك وفي وجود القيصر بيكنباور- كان أكبر إنجاز له هو الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية في أعوام 1972، و1973، و 1974.
صورة من: picture-alliance/ASA/Werek
ومرة أخرى عاود المدرب أودو لاتيك الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية لكن بجيل جديد في بايرن في أعوام 1985، و1986، و1987. ومن أبرز لاعبي هذا الجيل الحارس البلجيكي بفاف والمدافع الألماني أوغستالر وعميد لاعبي العالم لوتار ماتيوس، وميشائيل رومينيغه.
صورة من: Imago/Werek
وفي عصر المدرب القدير أوتمار هيتسفيلد، الملقب بالجنرال استطاع بايرن أن يفوز بلقب الدوري ثلاث مرات متتالية أيضا في أعوام 1999، و2000، و2001. وكان الفريق آنذاك مرصعا بالنجوم وعلى رأسهم أوليفر كان، وجيوفاني إلبر وسامي كوفور، وفازوا أيضا عام 2001 بدوري أبطال أوروبا.
صورة من: picture-alliance/ULMER
ومنذ انطلاق البوندسليغا في موسم 1963/1964 لم يحقق أي فريق آخر فيما عدا بايرن ميونيخ وبوروسيا مونشغلادباخ الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية. وكان مونشنغلادباخ في جيله الذهبي في السبعينيات بقيادة النجم الأسطوري غونتر نتيستر قد فاز بالبطولة في أعوام 1975، و1976، و1977، وفي مرتين منهما كان المدرب هو أودو لاتيك.
صورة من: picture-alliance/dpa
ويقف وراء الإنجاز الكبير للجيل الحالي في بايرن ميونيخ المدرب الإسباني العملاق بيب غوارديولا (45 عاما)، الذي استلم تدريب الفريق من العملاق يوب هاينكس عام 2013. ونجح غوارديولا في الفوز مع الفريق بالدوري ثلاث مرات متتالية وفاز بالكأس مرة واحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Hassenstein
ورغم إنجازاته في ميونيخ لم يتمكن المدرب الكاتالوني من الفوز مع الفريق باللقب المنشود، دوري أبطال أوروبا. وكان قريبا من الصعود إلى المباراة النهائية هذا العام لكنه خرج من دور قبل النهائي أمام أتليتكو مدريد رغم فوزه في مباراة العود 2-1، حيث أن بايرن كان قد خسر مباراة الذهاب بصفر مقابل هدف.
صورة من: Reuters/S. Perez
وفشل الجيل الحالي مع غوارديولا في تحقيق الثلاثية، التي حققوها مع سلفه يوب هاينكس عام 2013. لكن الفرصة لازالت أمامهم لتحقيق الثنائية، إذا ما فازوا على دورتموند في نهائي الكأس في الملعب الأولمبي في برلين يوم 21 أيار/ مايو، ليكون ختاما جيدا لغوارديولا مع الفريق قبل انتقاله هذا الصيف لتدريب مانشستر سيتي الإنجليزي.
صورة من: Reuters
وإضافة إلى المدرب القدير فإن إنجاز بايرن في الفوز بالدوري للمرة الرابعة على التوالي يعود أيضا لماكينة الأهداف البولندي روبرت ليفاندوفسكي، الذي سجل للفريق حتى الآن هذا الموسم 29 هدفا ليتربع على عرش هدافي الدوري متقدما على الغابوني بيير إمريك أوباميانغ هداف دورتموند.
صورة من: Imago/photoarena/Eisenhuth
كما أن الحارس العملاق مانويل نوير كان حافظا أمينا ووحيدا لعرين بايرن ميونيخ خلال المواسم الأربعة، التي فاز فيها الفريق بالدوري الألماني، علما بأنه انتقل إلى بايرن عام 2011 قادما من شالكه. ومدد عقده مؤخرا مع الفريق حتى عام 2021.
صورة من: Getty Images/Bongarts/L. Baron
الوافدون الجدد على بايرن ميونيخ أرتورو فيدال ودوغلاس كوستا وكذلك كينغسلي كومان أثبتوا جدارتهم من أول موسم يلعبونه مع الفريق، حيث سدوا ثغرة في خط الوسط تسببت فيها إصابة أرين روبين وفرانك ريبيري، ونجحوا في تحقيق الإنجاز التاريخي.