بتبني سرديتهم.. دعم ماسك لشعبويي ألمانيا في انتخابات كولونيا
٢ سبتمبر ٢٠٢٥
جدد ملياردير التكنولوجيا الأمريكي إيلون ماسك تدخله في السياسة الداخلية الألمانية من خلال دعمه العلني لحزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي، وجاء أحدث دعم منه للحزب اليميني - المتطرف ببعض أجزائه - أثناء حملة الانتخابات المحلية لمدينة كولونيا في غرب ألمانيا، وذلك بتبني سرديات يمينية متطرفة في موضوع الهجرة.
وكان ماسك منشورا قد نشر نهاية الأسبوع الماضي على منصته إكس قال فيه بلهجة تصعيدية: "إما أن تصوت ألمانيا لحزب البديل من أجل ألمانيا أو إنها نهاية ألمانيا". وجاء هذا التصريح بعد ثمانية شهور من منشور سابق له في ديسمبر/ كانون الأول 2024 دعم فيه الحزب ذاته بالقول: "فقط حزب البديل هو وحده القادر على إنقاذ ألمانيا".
سردية يمينية متطرفة: "قمع حرية التعبير عن موضوع الهجرة"
وأرفق ماسك منشوره يوم الأحد برابط من حساب آخر على إكس يتضمن عنواناً لمقال في موقع إخباري يميني مجري شعبوي يتحدث بالإنكليزية عن موقف حزب البديل الألماني من الهجرة في الانتخابات المحلية بمدينة كولونيا في غرب ألمانيا، زعم فيه الموقع المجري -واسمه باللغة الإنكليزية "المحافظ الأوروبي"- أن حزب البديل هو الحزب الوحيد "الحر في الحديث عن الهجرة".
وزعم الموقع المجري في مقاله وجود قيود على حرية التعبير في انتخابات كولونيامشيرا إلى أن هذه القيود بسبب "اتفاق النزاهة الانتخابية"، الذي وقعته جميع الأحزاب الألمانية المشاركة في الانتخابات المحلية باستثناء حزب البديل لم يوقعه.
ويتضمن "اتفاق النزاهة الانتخابية" في كولونيا بنودا تنص على عدم استخدام قضايا المهاجرين بشكل سلبي في الحملات الانتخابية وعدم التحريض أو نشر الأحكام المسبقة تجاه اللاجئين والمهاجرين، علما بأن الاتفاق ليس جديدا بل يتم توقيعه منذ عام 1998 من قبل جميع الأحزاب في كولونيا. صحيح أنه لم يُطلب من حزب البديل التوقيع هذا العام 2025 لكن الحزب صرح لاحقا بأنه لن يوقعه حتى لو طُلب منه ذلك، وفق ما نقل موقع دبليو دي آر الألماني الإعلامي.
"نعم للانتقاد الموضوعي لمشاكل الهجرة ولا للتحريض العنصري"
ورفض الحزب المسيحي الديمقراطي فكرة أن يكون هذا الاتفاق تقييدا للنقاش العام، مشيرا إلى أن الاتفاق لا يمنع الانتقاد الموضوعي أو الحديث عن مشاكل الهجرة، بل يمنع التحريض العنصري ضد المهاجرين.
واستدل الحزب المسيحي الديمقراطي على ذلك بمنشور نشره هذه الحزب ذاته يعارض إقامة مركز للاجئين في حي بمدينة كولونيا غير بعيد عن كنيسة كولونيا (كاتدرائية كولونيا)، مؤكدا أنه رغم الإبلاغ عنه قررت لجنة النزاهة أن هذا المنشور لا يخالف اتفاق النزاهة الانتخابية.
ويحذر خبراء من أن إثارة هذا الجدل قد تصب في مصلحة حزب البديل الشعبوي لأنه قد يستغل ذلك ليقدم نفسه كـ"ضحية للرقابة"، مما قد يزيد من شعبيته.
تأثير على مزاج ألمانيا الانتخابي لصالح اليمين المتطرف؟
يشار إلى أن الملياردير إيلون ماسك كان قبل ثمانية شهور قد نشر تعليق رأي له في صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية، جدد فيه دعوته إلى التصويت لحزب البديل من أجل ألمانيا في الانتخابات التشريعية التالية لذلك الوقت، مما جر انتقادات على دار نشر "أكسل شبرينغر" مالكة الصحيفة، وجاء في تعليق ماسك: "حزب البديل من أجل ألمانيا بإمكانه أن ينقذ ألمانيا من أن تصبح ظلا لما كانت عليه في السابق. (...) لقد حان الوقت من أجل تغييرات جريئة، وحزب البديل من أجل ألمانيا هو الحزب الوحيد الذي يفتح هذا الطريق".
وأضاف ماسك أن حزب البديل من أجل ألمانيا هو "آخر بارقة أمل لهذا البلد"، الذي يترنح على شفا "انهياره الاقتصادي والثقافي"، وهو الحزب الوحيد القادر على إحياء الاقتصاد الألماني ومنع فقدان الهوية من خلال "سياسة هجرة تخضع للسيطرة". واختتم ماسك مقاله بقوله: "أقول للذين يدينون حزب البديل من أجل ألمانيا باعتباره حزبا متطرفا: لا تنخدعوا بالوصف الملصق به"، وأشار إلى زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل، التي لديها شريكة حياة من سريلانكا. وتساءل: "هل يبدو لكم هذه مثل هتلر؟ أرجوكم!".
وبذلك يستخدم إيلون ماسك منصته إكس والمنصات الإعلامية الأخرى في سعي منه للتأثير في السياسة الألمانية الداخلية من خلال دعمه لحزب شعبوي يُعتبر في بعض أجزائه يمينيا متطرفا، من خلال تبني سرديات يمينية متطرفة حول وجود "قمع لحرية التعبير" بألمانيا فيما يتعلق بموضوع الهجرة. ورغم ذلك يعكس الواقع السياسي في مدينة كولونيا وجود نقاش مفتوح حول الهجرة حتى بين الأحزاب التي وقعت اتفاق النزاهة. فهل تؤدي التدخلات الخارجية مثل تدخل ماسك إلى التأثير على المزاج الانتخابي في ألمانيا لصالح القوى اليمينية المتطرفة؟
تحرير: عماد غانم