بدافع الحب.. لاجئ بإيطاليا يتبرع بأعضائه ويمنح الحياة لغيره
٣١ يناير ٢٠٢٤
هاجر الشاب كيبيس سيكا من غامبيا إلى إيطاليا في عام 2016. وبعد وقت قصير من حصوله على الإقامة، قام بتسجيل اسمه في قائمة الراغبين في التبرع بأعضائهم. وعندما توفي في ديسمبر/كانون الأول، منحت أعضاؤه الحياة للآخرين.
إعلان
وصل كيبيس سيكا، المعروف لدى أصدقائه باسم كيبا، مع ابن عمه إبريما إلى ميناء بوزالو في صقلية في 25 يونيو/حزيران 2016 قادماً من غامبيا عبر ليبيا والبحر الأبيض المتوسط.
بمجرد حصوله على تصريح للإقامة في إيطاليا وعلى بطاقة هويته في مدينة فيتوريا بالقرب من راغوزا، قرر سيكا تسجيل اسمه في قائمة الرغبين في التبرع بأعضائهم ويكون وحدا منهم.
لكن للأسف جاءت وفاته في وقت أقرب بكثير مما توقعه أي شخص. كان سيكا يبلغ من العمر 23 عامًا فقط عندما توفي نتيجة حادث دراجة نارية في 6 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي. كان كيبا قد استعار الدراجة من صديق له وعائداً إلى منزله في "كيارامونتي غلفي" عندما صدمته سيارة.
بقي الشاب يصارع الموت قرابة أسبوع في المستشفى في كانيزارو، لكنه توفي في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2023.
عشق كرة القدم ومساعدة الأخرين
كيث عبد الحفيظ، إمام محلي من ميناء كاتانيا الصقلي، جاء إلى المستشفى للصلاة على سيكا. وفقًا للإمام، كان سيكا أول متبرع بالأعضاء من اللاجئين في إيطاليا. قال الإمام: يقول الله في القرآن "وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً".
قبل وفاته، عمل سيكا كوسيط ثقافي مع جمعية Fo.co التعاونية في كيارامونتي غلفي. يتذكر ابن عمه إبريما أنه كان يحب كرة القدم ولعب مع فريق فيتوريا Vittoria FC. وقال إبريما في نهاية جنازة سيكا: "كان لقبه لامبارد، نسبة إلى لاعب خط الوسط الإنجليزي المعروف فرانك لامبارد".
مساعدة المهاجرين الذين اتبعوا طرقًا مشابهة لطريق الهجرة الذي سلكه قبل سنوات، كانت جزء من عمل سيكا. تعلم اللغة الإيطالية وكان محبوبا بين أقرانه. ويبدو أن هذه الرغبة في المساعدة كانت قوية في حياته.
وقال أليساندرو برولو، أحد زملائه من تعاونية Fo.co، إن سيكا كان مصمماً على أن تساعد أعضاؤه الآخرين حتى بعد وفاته: "خلال الوقت الذي قضيناه معًا، أخبرني عن وصيته، وبدا سعيدًا للغاية بقراره (التوقيع على استمارة التبرع بالأعضاء)".
"عمل بدافع الحب"
عندما توفي سيكا، تم إبلاغ سافينو بوراتشينو، رئيس قسم التخدير والعناية المركزة في مستشفى كانيزارو، بقراره. يقول بوراتشينو: "لقد كان عملاً من أعمال الحب".
ساعدت لفتة سيكا الإنسانية في إنقاذ العديد من الأرواح في إيطاليا. تم التبرع بكبده لامرأة حامل تعاني من مرض كبدي قد يكون مميتًا، وذهبت معدته إلى مريض في شمال إيطاليا، في منطقة بيدمونت الجبلية، بينما ساعد قلبه في إنقاذ شاب في عاصمة صقلية باليرمو. كما ساعدت كليتا سيكا مريضًا في صقلية أيضاً، وذهبت قرنيته إلى مؤسسة بنك العيون الوطني في المنطقة الشمالية الشرقية من فينيتو.
مساعدة عائلته ومواطنيه
بعد وفاته، قرر زملاء سيكا في جمعية Fo.Co التعاونية جمع الأموال للمساعدة في إعادة جثمانه إلى غامبيا. وقالت دوناتا ستراكواديني، رئيسة التعاونية: "كان هدفنا الوصول إلى 5500 يورو، لكن التبرعات من الناس كانت أكبر مما توقعنا". وأضافت: "الناس في راغوزا، وكذلك الناس من جميع أنحاء إيطاليا يعرفون سيكا. سنستخدم باقي المبلغ لدعم عائلته".
قبل وفاته، كان سيكا يرسل الأموال بانتظام إلى والدته في بانغول. وأوضح صديقه أليساندرو برولو أنه كان يساعد شقيقيه الصغيرين، وخاصة أخته البالغة من العمر 17 عامًا، والتي تحلم بأن تصبح مهندسة.
في الصيف الماضي، وبعد سنوات من الغياب، تمكن سيكا من العودة إلى بانغول كجزء من عمله مع التعاونية. وقال برولو الذي التقى أيضا بأسرة سيكا في العاصمة الغامبية "لقد كانت لحظة لا تنسى".
عمل سيكا مع المؤسسة التعاونية لإنشاء مشروع اقتصادي يسمى "Ragazzi in Gambia" (الشباب في غامبيا) يهدف إلى المساعدة في خلق المزيد من فرص العمل في وطنه، وتقديم بديل لأولئك الذين يرغبون في الهجرة بحثًا عن عمل وحياة أفضل.
وقال إبريما، ابن عم سيكا: "لم يكن كيبا ابن عمي فحسب، بل كان أعز أصدقائي وكان هو الشخص الذي أنقذني عندما سافرنا من ليبيا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، كما أمضينا بعض اللحظات الرهيبة معًا في السجون الليبية".
الطقوس الأخيرة
ساعد إبريما وصديق آخر، الإمام كيث عبد الحفيظ، في غسل جسد الشاب كجزء من الطقوس الإسلامية قبل جنازته.
وقال الإمام عبد الحفيظ إنه تأثر بشكل خاص بتصميم سيكا على التبرع بأعضائه: "لقد تأثرت بهذه اللفتة بشكل خاص لأنه كان صغيرًا جدًا عندما اتخذ هذا القرار المهم. ثقافة العطاء مهمة جدًا في الإسلام وهذا شيء مشترك بيننا وبين الكاثوليك. إن التبرع ومساعدة الناس والأعمال الخيرية هي نقطة ارتكاز لكل دين "إن التبرع بالأعضاء هو عمل إنساني نابع من الحب."
قال عبد الحفيظ إنه والعديد من الأشخاص الآخرين ركزوا في المجتمع الإسلامي على شرح أهمية الاشتراك في برامج مثل التبرع بالأعضاء والدم.
وبصرف النظر عن المساعدة المقدمة للإنسانية، يأمل الإمام أن يوجه رسالة إلى السياسيين الإيطاليين والمجتمع الأوسع أيضًا. وقال عبد الحفيظ: "إن العمل النابع من الحب الذي قام به سيكا هو أيضًا رسالة للسياسيين الإيطاليين الذين قد يرغبون في استغلال المهاجرين لتحقيق أهدافهم السياسية الخاصة".
وبينما كان الإمام يصلي على الجنازة، أدى بعض زملاء سيكا الإيطاليين صلواتهم المسيحية. وفي الغرفة ترددت أصوات الصلاة الإسلامية فيما تواجد تمثال صغير للسيدة مريم العذراء.
مع انتهاء صلاة الجنازة ظهر شعاع متلألئ من ضوء الشمس يداعب جثمان سيكا عبر النافذة. من هناك، تم نقل جثمان سيكا إلى المطار في رحلته الأخيرة للعودة إلى غامبيا.
ومن مطار فونتاناروسا عند سفح جبل إتنا، وليس بعيداً عن المكان الذي عاش وعمل فيه سيكا، تم نقل الشاب جواً إلى روما ثم إلى العاصمة الغامبية بانغول لتحقيق الرغبة الأخيرة له ولعائلته وهي أن يدفن في أرض بلاده.
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو