1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

براءة أطفال الجزائر بين فكَي شبكات الاستغلال والفراغ القانوني

نور الحياة الكبير - الجزائر ٢١ يونيو ٢٠١٣

يقتحم أزيد من مليوني طفل في الجزائر سوق العمل مبكرا أملا في انتشال أسرهم من براثن الفقر. رحلة البحث عن لقمة العيش تتخللها ضروب من المعاناة ومخاطر استغلال جنسي وتجاري، في ظل غياب قانون يعاقب جنائيا الذين يستغلون الأطفال.

Main title:Child labor in Algeria Photo title:Child sells cigarettes in the seashore Place and date: In Mtaras Beach tourist state of Tipaza Copyright/photographer: Deutsche Welle correspondent in algeria El Kebir Nour El Hayet
صورة من: DW/El Kebir

الحصول على القليل من المال يدفع مقابله مئات الآلاف(بعض المصادر تشير إلى مليونين) دخلوا عالم الشغل في الجزائر، عرقا طفوليا ممزوجا بآلام. ولان الشارع لا يرحم والحياة كذلك فإن آلاف اليافعين يكونون ضحية للاستغلال ويقعون في شراك عصابات المافيا التي تستدرجهم لإبعاد الشبهات عن نشاطاتها في ظل غياب نص قانوني واضح يجرم "عمالة الأطفال".

"سليمة "إحدى البراعم التي لا يتجاوز عمرها 13 سنة ، لم تسلم من عناء الوقوف طوال النهار في حرارة الطقس أو غزارة الأمطار للحصول على بعض الدنانير ، خرجت إلى الشارع لتبيع الخبز المصنوع في المنزل والذي يطلق عليه في الجزائر اسم "المطلوع"، تعجنه والدتها لإعانة الأسرة في قضاء حاجياتها بدل التوجه إلى المدرسة لتتلقى التعليم مثل سائر الأطفال.
اقتربنا منها بعد أن رفضت في العديد من المرات التحدث إلينا عن حياتها ، وقالت " أبيع الخبز لاجني قوت يومي و أساعد عائلتي الفقيرة، و أقوم أيضا بمساعدة أمي  في أشغال البيت، و في بعض الأحيان أعد الخبز لأبيعه مقابل 20دينارا جزائريا للخبرة الواحدة، وفي اليوم اجني بين 200 و 250 دج( اليورو الواحد يعادل حوالي 105 دينار جزائري)، والمال الذي أتحصل عليه في الغالب لا يكفي لشراء كيس واحد من ".

لم تكن صاحبة اليدين الناعمتين هي الوحيدة المتمدرسة وأُلقي بها مبكرا في عالم الشغل، وإنما تكتظ الجزائر بهم وهم يعيشون طفولة غير عادية فـ"سليمة "أجبرت على العيش في واقع مر، فهي ضمن من يطلق عليهم بعمالة الأطفال، تستقبل يومها بساعات متواصلة من العمل قبل أن تتمكن من تناول فطورها المقتصر على كأس، فافي الوقت الذي تقوم فيه الوالدة بتحضير الخبز،  تكون فيه سليمة وشقيقها الذي لا يكبرها بأكثر من سنة، مستعدان لتسليم بضاعة الوالدة لباعة الحي.

طفل يحمل منتوجات وألعاب أطفال يبتاعها على شاطئ الجزائرصورة من: DW/El Kebir

عمل محفوف بالمعاناة

المثير، أن مهمة سليمة لا تتوقف بمجرد تسليم الخبز وهو ساخن، إذ تؤكد أنه في كثير من الأحيان لا تكون المحلات قد فتحت ،غير أنها تترك البضاعة عند صاحب المقهى أو عند حارس الرواق التجاري الذي يأخذ نصف البضاعة المتمثلة في حوالي 50 رغيف خبز. علما أن عملها يستمر بعد ساعات الدراسة، حيث أنها مطالبة باسترجاع أغراض والدتها من عند الباعة والأهم من تلك المناديل القماشية التي تلف فيها الخبز، وأن تجلب المال، فالصفقة مع الباعة تقوم على أساس تقاسم الفائدة، وواقع الحال أن ''سليمة'' تواصل جمع المال بشكل دوري في هذا المشوار الذي يدوم إلى غاية السابعة مساء، ولا يترك مجالا للطفولة لاستكمال ما تبقى من واجبات دراسية في المنزل بعد يوم من الإجهاد.

وأشارت الفتاة اليافعة، إلى أن العمل في الأيام العادية لا يرهقها بقدر ما يرهقها في الأيام الاستثنائية، على غرار أيام الجمعة والمناسبات ومواسم الأعياد، حيث يكثر الطلب على هذا النوع من المأكولات، مع العلم أن كل جمعة تتخذ لها مكانا في سوق ''كلوزيل"، حيث تقضي الصبيحة في تسويق منتوجات والدتها من كل أنواع الخبز.
هذه اليوميات تتقاسمها سليمة مع كثير من الأطفال الذين أجبروا على دخول عالم الشغل بالرغم من صغر سنهم، في الوقت الذي تؤكد فيه السلطات المعنية على أن الجزائر غير معنية بظاهرة ''عمالة الأطفال''، مثلما أكده وزير العمل الجزائري طيب لوح في العديد من المناسبات، مؤكدا أن مفتشيات العمل لم ترصد مثل هذه الظاهرة بشكل ملفت للنظر، سوى بنسبة 17 في المائه منذ ثلاث سنوات، غير أن هذه الأرقام الرسمية لا تأخذ بعين الاعتبار تلك الأرقام المتوفرة لدى الجمعيات الناشطة في مجال حماية الطفولة والتي تؤكد انتشار الظاهرة بشكل متزايد في الفترة الأخيرة في سوق العمل الموازي.

أرقام مذهلة عن عمالة الأطفال


و تشير الإحصائيات التي أعدتها  "جمعية الطفولة المسعفة" و قدمت نسخة منها لـDW ،أنه يوجد مليونا طفل يُستغلون في  شتى الأعمال، سيما الهامشية منها ، مع الإشارة إلى أنها لا تخضع لأي رقابة، و الشريحة المعنية من الأطفال تقل أعمارهم عن 14 سنة، بينهم 56 % من الإناث، العاملات في مختلف المهن بدء من البيع على قارعة الطرقات، وفيما يخص الصبية، فإن أكثر ما يشد الانتباه حسب القائمين على الجمعية تدهور الظروف المهنية التي ينشط فيها هؤلاء والمؤثرة سلبا على صحتهم، كفرز القمامة من المفرغات الكبرى، أو الميكانيك، غسيل السيارات، وبيع السجائر.
يحدث هذا في الوقت الذي تستمر فيه السلطات العمومية في التغاضي عن تفشي الظاهرة بحجة أنها غير واردة في الإحصائيات الرسمية وأن الأمر يتعلق بسوق العمل الموازي.
البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية(النهوض) الصحة والبحث العلمي كشف لـ DW، أن هناك 20 ألف طفل يتم استغلالهم في الأعمال الشاقة والتسول عبر مختلف ربوع الجزائر. مشيرا إلى أن هذه الظاهرة الخطيرة تعرف انتشارا في الآونة الأخيرة، وأنه على الحكومة أن تعمل على اجتثاثها، مضيفا ''أن معظم الأطفال المستخدمين في التسول في الجزائر هم الأطفال المتواجدون في الشوارع".

طفل يبيغ خبزا في شارع بالجزائرصورة من: DW/El Kebir
هيئات من المجتمع المدني تدعو لسنت قانون يحمي الأطفالصورة من: picture-alliance

دعوات لسن قانون يعاقب استغلال الأطفال

وتوجه هيئات من المجتمع المدني والمؤسسات التربوية ورعاية الطفولة، نداءات من أجل انقاذ الأطفال من مظاهر الاستغلال، عبر سن قانون يعاقب جنائيا الذين يستغلون الأطفال سواء لأغراض تجارية أو جنسية. وقال البروفيسور الخياطي إن هيئته قد طالبت السلطات المعنية، منذ سنوات، بسن قانون يجرم(يعاقب جنائيا) الأشخاص الذين يستغلون الأطفال في العمل إلا انه إلى غاية اليوم لم يتم إدراجه.

و قال وزير التضامن والأسرة  الجزائري سعيد بركات في رده على سؤال DW بخصوص الحلول لعمالة الأطفال في الجزائر،  أن وزارته تعكف حاليا على إعداد نص قانوني يجرم استغلال الأطفال الصغار في التسول والأعمال الشاقة ويعرض مرتكبي هذا الفعل لعقوبة الحبس. مؤكدا في هذا المجال أن وزارته ستعمل على اجتثاث هذه الظاهرة الآخذة في الانتشار، وخصوصا بالمدن الكبرى:

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW