التركيز على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والمنصوص عليها في اتفاقية باريس، أصبح من أولويات العديد من الدول. الآن هناك طريقة واعدة يتم بحثها قرب بركان بالي قد تفتح الباب أمام العلماء لتقليل ارتفاع حرارة الأرض.
إعلان
يتابع علماء المناخ ثورة بركان في جزيرة بالي السياحية الإندونيسية للوصول إلى أفكار تمكنهم من الحد من ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم، وذلك عن طريق ضخ كيماويات تقلل من حدة أشعة الشمس على ارتفاع كبير عن سطح الأرض. وبدأت البراكين تلعب دور المختبرات الطبيعية في "الهندسة الجغرافية"، المتمثلة في إمكانية قيام الحكومات بصنع "قبة" من غاز ثاني أكسيد الكبريت على ارتفاع كبير فوق سطح الكوكب، لتتصرف كواق طبيعي من أشعة الشمس وتسهم في كبح ارتفاع درجة الحرارة بسبب النشاط الإنساني.
محاكاة البركان لخفض درجة حرارة الأرض
الرماد والدخان الذي نفثه بركان "أوجونج" منذ أيام ليس كبيراً بدرجة كافية ولم يرتفع في الغلاف الجوي بالدرجة الكافية لتهدئة درجة الحرارة على مستوى العالم. لكن العلماء يقولون إنهم يدرسون ما يمكن أن يحدث إذا ثار مجدداً بنفس قوة ثورانه عام 1963. وقال جيم هيوود، أستاذ علوم الغلاف الجوي في جامعة إكستر، إن عمليات محاكاة على (بركان) بالي أجريت بالتعاون مع هيئة الأرصاد البريطانية وتضمنت "سيناريوهات محتملة" وبعض نماذج المحاكاة المرتبطة بالهندسة الجغرافية.
البراكين: جبال من الحمم المتفجرة
قبل أربع سنوات، كانت آيسلندا على كف عفريت بسبب ثوران بركان إيافيالايوكل. واليوم، عاود أحد أكبر البراكين في الجزيرة نشاطه. فماذا يحدث بالضبط في أعماق الأرض قبيل انفجار البركان؟
صورة من: picture-alliance/dpa
أنشط البراكين
يعتبر بركان كيلوا في جزيرة هاواي الأمريكية أكثر براكين الأرض نشاطاً. ويتميز هذا البركان بقذف كثيف للحمم البركانية، إلا أنه ليس بركانا انفجارياً، بل تنساب الحمم المنصهرة عن طريق سيول كثيفة. وليس غريباً، إذاً، أن يعني اسمه بلغة سكان الجزيرة الأصليين "القاذف". ولا يزال بركان كيلوا في حالة ثوران منذ الثالث من يناير/ كانون الثاني 1983 حتى اليوم.
صورة من: picture alliance/dpa
بركان يكسوه الجليد
رفعت السلطات الآيسلندية من حالة التأهب خوفاً من ثوران بركان بردربونغا، وقد تمكنت هيئات الرصد الجوي في الأيام الأخيرة من رصد حوالي 2500 هزة أرضية وثوران تحت طبقة الجليد البالغ سمكها من 150 إلى 400 متر.
صورة من: Reuters
شبح بركان إيافيالايوكل
تسببت سحابة رماد ناتجة عن ثوران بركان إيافيالايوكل قبل أربع سنوات في إغلاق المجال الجوي الأوروبي لمدة ستة أيام وتعطيل رحلات أكثر من عشرة ملايين مسافر. وبلغت خسائر الدول المتضررة حوالي 1.7 مليار دولار. لكن يتوقع أن يكون بركان بردربونغا أقوى بكثير وأن يتسبب في تطاير حمم بركانية عديدة.
صورة من: AP
ظاهرة طبيعية أم كارثة؟
يوجد في العالم 600 بركان، ينشط منها سنوياً حوالي 50 بركاناً. ويعتبر الثوران البركاني من الناحية العلمية ظاهرة طبيعية فريدة، لكن عندما تغطي الحمم المنصهرة مدناً بأسرها وتصبح حياة الناس في خطر، يتحول الأمر إلى كارثة.
صورة من: picture-alliance/Sebastian Widmann
من حمم منصهرة إلى أرض خصبة
تعود الحياة إلى طبيعتها بعد أن تخمد ثورة البركان، فيعاد بناء ما دمره البركان ويعود الناس إلى سالف أعمالهم رغم إدراكهم لخطورة الوضع. لكن رماد الحمم يجعل من الأرض تربة خصبة غنية بالفسفور والكالسيوم والبوتاسيوم، فتنمو النباتات وتتزين الحدائق مجدداً.
صورة من: Fotolia/Daniel Strauch
كيف يبدو الثوران البركاني من الداخل؟
تتسبب الحرارة البالغة 5000 درجة في أعماق الأرض في ذوبان الصهارة البركانية، أو الماغما. وبسبب الضغط العالي تندفع الصخور المنصهرة بقوة إلى فوهة البركان عن طريق التشققات. وعند وصولها إلى سطح الأرض، تتحول هذه الصخور إلى حمم بركانية، وهكذا يثور البركان.
أكبر جزيرة بركانية في العالم
تبلغ مساحة آيسلندا حوالي 103 آلاف كيلومتر مربع ويوجد بها حوالي 30 بركاناً نشطاً، ما يجعلها أكبر جزيرة بركانية في العالم. ويعتبر بركان إيافيالايوكل سنة 2010 وغريمسفوتن سنة 2011 من أشهر البراكين التي ثارت في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
أكبر بركان في العالم
يوجد أكبر بركان حول العالم في جزيرة هاواي أيضاً، وهو العملاق مونا لوا أي "الجبل الطويل". يبلغ ارتفاع هذا البركان حوالي 4169 متراً ويعتبر بين أكثر الجبال ارتفاعاً في العالم. كما يصل عمقه تحت سطح البحر إلى حوالي عشرة كيلومترات. ثار بركان مونا لوا آخر مرة في الخامس والعشرين من مارس/ آذار 1984، وهو حالياً خامد.
يعتبر بركان أيزو أوشيما في اليابان انفجارياً بامتياز، إذ بلغ ارتفاع نافورة البركان أثناء ثورانه سنة 1986 حوالي 1600 متر، وهذا ما يجعلها أطول نافورة حمم بين براكين الأرض على الإطلاق.
صورة من: picture-alliance/dpa
9 صورة1 | 9
وأضاف هيوود أن بركان "أوجونج" نفث ثمانية ملايين طن من ثاني أكسيد الكبريت في الطبقة العليا من الغلاف الجوي في عام 1963، على ارتفاع يتراوح بين 10 و15 كيلومتراً فوق سطح الأرض، موضحاً أنها كانت كمية كافية لخفض درجة حرارة الأرض لعدة أشهر. وكان ذلك الثوران البركاني قد أسفر وقتها عن مقتل ألف شخص في بالي.
هل ستفتح البراكين الباب أمام العلماء لتقليل ارتفاع حرارة الأرض
بلغت القياسات التي تجرى بالأقمار الصناعية لثوران البراكين من الدقة درجة تكفي لاستغلالها كنماذج في الهندسة الجغرافية. كان ذلك مستحيلاً عندما ثار بركان "ماونت بيناتوبو" في الفلبين عام 1991، الذي نفث نحو 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي، ليصبح ثاني أكبر ثوران في القرن العشرين بعد ثورة بركان آخر في ألاسكا عام 1912. كان لثورة بركان "ماونت بيناتوبو" أثر في خفض درجة حرارة الأرض بسبب الكبريت الذي قلل من حدة أشعة الشمس في أنحاء كثيرة من العالم.
وأوضح ماثيو واتسون، الباحث في جامعة بريستول، أنه منذ بركان "ماونت بيناتوبو تحسنت لدينا (أدوات) كثيرة"، مشيراً إلى أن بركان "أوجونج" قذف نحو عشرة آلاف طن فقط من ثاني أكسيد الكبريت في ثورانه الأخير، وأن المواد المقذوفة لم ترتفع إلى الطبقة العليا من الغلاف الجوي.
يشار إلى أن دول العالم اتفقت على ضرورة التركيز على خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري المنصوص عليها في اتفاقية باريس للمناخ المبرمة عام 2015، بدلاً من البحث عن طرق مختصرة "أشبه بالخيال العلمي" بهدف تقليل الحرارة.